الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم: 10]، فإن هَذِهِ الخيانة ليستْ خيانةَ فَرْج وعِرْض، وإنما هِيَ خيانة كُفْر؛ لأنهما أظهرتا أنهما مؤمنتانِ وهما ليستا كذلك، فبهَذَا صارتا خائنتينِ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: بَيَان أن الله تَعَالَى كاملُ العدلِ، حَيْثُ أنْجى لوطًا وأهلَه.
الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: أَنَّ مَن أتَى بأَسْبابِ الهلاكِ هَلَكَ، وإنْ كَانَ بين قوم صالحينَ؛ لِقَوْلِهِ:{فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا} .
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: بَيَان سَبْقِ التَّقْدير للحوادثِ، وأن تقدير الله تَعَالَى سابق عَلَى أفعالِه، لِقَوْلِهِ:{قَدَّرْنَاهَا} ، لِأَنَّ معنى {قَدَّرْنَاهَا} أي: جعلناها بتقديرنا السابق.
الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: أن المرءَ يُعْذَر بما لا يَعلم، فإنّ لُوطًا كَانَ لا يعلمُ عنِ امرأتِهِ شيئًا أَنَّهَا كافرة، والدَّلِيل عَلَى أدهُ لا يعلمُ قولُه تَعَالَى فِي سورة التحريم:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم: 10]، وإلّا ما كَانَ لنبيٍّ أنْ يَبقَى تحته امرأة كافرة، إِلَّا أَنَّهُ إذا كَانَ لا يعلم فَهُوَ معذور.
الْفَائِدَة الخَامِسَةُ: أَنَّهُ لا يُنَجِّي من عذاب الله الاتصالُ بأهلِ الصلاحِ، فلا يَقُول الْإِنْسَان مثلًا: أنا أخي صالح أو وليٌّ أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهُوَ يَعصِمني من عذابِ اللهِ، فهَذِهِ امرأةُ لُوطٍ لم يَنْفَعْهَا أَنَّهَا امرأة نبيّ، ولهَذَا قَالَ الله تَعَالَى:{فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [التحريم: 10].
ونوح عليه الصلاة والسلام له ابن كافر قَالَ: إنَّهُ من أهلي، فقَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَيْسَ
مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46]، والنَّبِيّ عليه الصلاة والسلام قَالَ لابنته فاطمةَ:"يَا فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، لَا أُغْني عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا"
(1)
.
فالمهم في هَذِهِ الفائدة ألّا يَغْتَرَّ الْإِنْسَان بِقُربه من أهلِ الخيرِ والصلاحِ فيقول: إنني سأنجو بهَذَا القُرب، لِأَنَّ الله تبارك وتعالى لا يُحابي أحدًا، قَالَ تَعَالَى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46].
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما الفرق بين هَذِهِ الفائدة والْفَائِدَة السابقة: أن مَن أتى بأَسْباب الهلاك هَلَكَ ولو كَانَ مَعَ قوم صالحين؟
فالجواب: الفرق أن الفائدة هنا من كان له قُرْبٌ خاصّ، والسابقة يُقصد بها من كَانَ معهم يعني بمجرد الاجتماع والمصاحبة، وامرأة لوط جامعة بين الأَمْرينِ.
(1)
رواه البخاري، كتاب التفسير، باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} حديث رقم (4493)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، حديث رقم (206)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.