الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (52)
* * *
* قَالَ اللهُ عز وجل: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل: 52].
* * *
قوله: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} لما قَالَ: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ} [النمل: 51]، فهَذَا عامٌّ مُبْهَمٌ، وهنا نَصَّ عَلَى شيءٍ معيَّن؛ وهو أنَّ بيوتَهم خاويةٌ، ومعنى خاوية إمَّا خالية وَإمَّا مُتَهَدِّمة مدمَّرة.
قَالَ المُفَسِّر: [{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} أي: خالية، ونَصْبُهُ عَلَى الحالِ، والعاملُ فيها معنى الإشارةِ].
قوله: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ} المشار إليه معلومٌ ومحسوسٌ؛ لِأَنَّ بيوتَ ثمودَ موجودةٌ الْآنَ ومشاهَدة، لَكِنَّها كما قَالَ الله تَعَالَى:{خَاوِيَةً} ، بمعنى أَنَّهَا خالية عَلَى رأيِ المُفَسِّر، وَقِيلَ:{خَاوِيَةً} متهدِّمة كما قَالَ الله تَعَالَى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259]، أي: مُتَهَدِّمة، وهَذَا المَعْنى أبلغ، يعني تفسير الخاوي بالمتهدِّم الَّذِي لَيْسَ بقائمٍ أَوْلَى وأشدّ؛ لِأَنَّ البيوتَ قد تخلو مَعَ العمار، ولكِن إذا خَوِيَتْ بمعنى دُمِّرَتْ وانهدمتْ فهي خالية، فإذن يَلْزَم من دَمارها خُلُوّها، ولا يَلْزَم من خُلُوّها دَمَارها، والواقع أَنَّهَا دُمِّرَتْ لِأَنَّ هَذِهِ الرَّجفة العظيمةَ لَا بُدَّ أنْ تُدَمِّرَهُمْ.
ثمَّ إنَّ المُفَسِّر رحمه الله قَالَ: [نَصْبُهُ عَلَى الحال] نصب (خاوية) عَلَى الحال، حال من البيوت: بيوتهم حال كونها خاويةً.
لكِن أين العامل فِي الحال؛ لِأَنَّ العامل لَا بُدَّ من أن يَكُون إمَّا فعلًا أو اسمًا بمعنى الفِعْل؟ قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [والعامل فيها معنى الإشارة]، لِأَنَّ (تلك) بمعنى أسير، فاسم الإشارة متضمِّن لحرفٍ معنويّ وفعل، أي: أسير إذا بيوت خاوية.
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{بِمَا ظَلَمُوا} بظلمهم]، الباء للسببيَّة و (ما) مصدريّة، والمُفَسِّر رحمه الله حَوَّلَ الفِعْل إِلَى مصدر، إشارة إِلَى أن (ما) مَصْدَرِيَّة، أي: تحول ما بعدها إِلَى مصدر، أي: بسبب ظُلْمِهِم، لا أننا ظالمون لهم، بل هم الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم.
ثم فسَّر المُفَسِّر هَذَا الظلمَ بالكفرِ، فقال:[أي كفرهم]؛ لِأَنَّ كُلّ كفرٍ ظلم وَلَيْسَ كُلّ ظلمٍ كفرًا، ولهَذَا قَالَ العُلَماء: إِنَّمَا نحمدُ اللهَ تَعَالَى أن قَالَ: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254]، ولم يقلِ: والظالمونَ هم الكافرونَ، لو قَالَ: والظالمون هم الكافرون كَانَ كُلُّ ظالمٍ فَهُوَ كافرٌ، ولكِن قَالَ:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} فإن كُلّ كافرٍ فَهُوَ ظالمٌ، قَالَ تَعَالَى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].
وتفسير المُفَسّر رحمه الله للظُّلم بالكفر هَل عليه دليل؟
نعم عليه دليل؛ لِأَنَّ فِعْلَهم وتكذيبهم لرسولهِم كفرٌ، فهنا تفسيرُ الظلمِ بما هُوَ أخفّ له دليلٌ.
قولُه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} : {إِنَّ فِي ذَلِكَ} المشار إليه كُلّ القصة عَلَى الصَّحيحِ، وَلَيْسَ المشار إليه مجرَّد الإهلاك.