الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قليلةٌ ويُضيِّع عليك ما هُوَ أهمّ يَنبغي لك تجَنُّبُهُ، وهَذَا لَيْتَنَا نَسيرُ عليه فِي حياتنا كلِّها حَتَّى نستوعبَ الوقتَ بما فِيهِ الفائدةُ، لكِن ما أكثرَ الأوقاتَ الَّتِي تَضيعُ علينا، وما أكثرَ الأقوالَ الَّتِي تُقال ونُضِيعُ الوقتَ فيها.
الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ:
الإشارة إِلَى الخلاف بينَ بني إسرائيلَ؛ لِقَوْلِهِ: {أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} والاختلاف شرٌّ وليس رحمةً، وَأَمَّا (اختلافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ) فموضوعٌ لا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الله يَقُول:{وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118، 119]، لكِن لو صحَّ هَذَا الحديثُ مثلًا، أو قاله بعض أهل العلمِ من قولِه، فالمَعْنى: أن هَذَا الاختلافَ داخل فِي رحمة الله وَفي سَعَتِهِ بالنِّسْبَة للمختلِفينَ، أي أَنَّهُم لا يُعَذَّبُون.
وَلَيْسَ المَعْنى أن إيقاعَ الخلافِ بينهم من رحمةِ اللهِ، بل هُوَ من حكمةِ اللهِ، ولكِن رحمة الله وسِعَتْهُم، فلا يُقَال مثلًا: إنَّهُم معذَّبون بهَذَا الخلافِ، أو إن الواحدَ المصيب منهم له أجرٌ، والباقينَ مَحْرُومُونَ، أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما حكم من يَقُول: إذا كَانَ اختلاف العُلَماء رحمةً فلي أن آخذَ ما يناسبني من هَذِهِ الأقوالِ؟
فالجواب: بعض النَّاس يتَّخذ من هَذَا المَعْنى وسيلةً إِلَى جواز الترخُّص، هُوَ يَقُول: اختلافهم رحمةٌ بمعنى أنّ لي أنْ آخذَ بأحدِ الأقوالِ الَّتِي تناسبني، ولكِن لَيْسَ هَكَذَا، فإذا صدرَ من قولِ أهلِ العلمِ فَإِنَّهُ لا يَصِحّ إِلَّا عَلَى الوجهِ الَّذِي قلتُ، إنَّ المَعْنى أن هَذَا الاختلاف داخل تحتَ رحمةِ اللهِ، فلا يُعَذَّبُ أحدٌ عليه.
الْفَائِدَة الخَامِسَةُ:
أن الاختلاف لَيْسَ بمحمودٍ.
لَوْ قَالَ قَائِل: منذ ظهور الإِسْلامِ إِلَى الْآنَ وظاهرةُ الاختلافِ موجودةٌ،
هل يمكِن أن يَكُون وجودها عَلَى خلافِ المصلحةِ؟
فالجواب: الحِكْمَةُ اقتضتْه؛ لِأَنَّ الصراع بين هَذِهِ الأقوالِ يَتبَيَّن به الْحَقَّ أكثر، ولذلك تجد الْإِنْسَان عندما يمرّ به قول لا خلافَ فِيهِ لا يتكلَّف الأدلَّة ولا يمرِّن نفسه عليها، فالصراعُ بين المختلفين فِيهِ حكمةٌ، وإلّا لو كانوا عَلَى قولٍ واحدٍ لكانَ أسلمَ بلَا شَكّ، والآية صريحةٌ فِي هَذَا.
* * *