الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأَسْكَنْتُك وزَوَّجْتُكَ ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فيعاقَب عَلَى هَذِهِ النعمةِ لِأَنَّهَا تحتاج إِلَى شكرٍ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى:
أنَّ المَدارَ فِي العقابِ عَلَى السيئاتِ هُوَ المجيءُ بها يوم القيامة، لا مجرَّد العَمَل، قد يعمل الْإِنْسَان السيِّئة وتُكفَّر أو يتوب مِنْهَا، ولكِنَّ العبرةَ بالمجيءِ.
الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ:
إثباتُ عذابِ النَّار، لِقَوْلِهِ:{فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} والعياذ باللهِ.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ:
بَيَان شدَّة العقوبةِ -والعِيَاذُ باللهِ- لهؤُلَاءِ، حَيْثُ يُكَبُّون عَلَى وُجُوهِهِم فِي النَّارِ، والوجهُ أشرفُ الأعضاءِ، وإهانته أعظمُ من إهانةِ غيرِه، فلو أنَّ أحدًا صَفَعَكَ عَلَى خدِّك أو ضَرَبَك فِي رِجْلِك أيُّهما أشدُّ إهانةً؟
الوجهُ أشدُّ، ولهذَا كَانَ إكبابهم عَلَى وجوههم فِي النَّار -والعياذُ بالله- أشدَّ وأبلغَ فِي الإهانةِ وفي العذابِ.
الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ:
كمال عدل الله عز وجل، لِقَوْلِهِ:{هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ويعني ما ظَلَمْنَاكم، بل أنتم الَّذِينَ ظلمتُم أنفسَكم، فعَمِلْتُم ما استحققتم به هَذَا العذابَ.
الْفَائِدَة الخَامِسَةُ:
أن عذابَ أهلِ النَّارِ -والعياذُ باللهِ- عذابٌ نفسيّ وبدنيّ، بَدَنِيّ حَيْثُ تُكَبّ وُجوهُهم فِي النَّارِ، نَفْسِيّ حَيْثُ يُوَبَّخُون ويُقْرَعُون {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .
فما ظنُّك بِمَن يُقَال له مثل هَذَا؟ ! تجده يَمتلِئ خَجَلًا، ويمتلئ أيضًا ندمًا،
يَقُول: لَيْتَنِي ما عمِلتُ، ليتَ وليتَ، ولكِن {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سبأ: 52]، فإذن يُجْمَع لهم -والعياذ بالله- بين العذاب البدنيّ والعذاب النفسيّ.
وقد ذكر اللهُ تَعَالَى فِي سورةِ المؤمنونَ أَنَّهُم يَقُولُونَ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]، وهم لو أُخْرِجُوا مِنْهَا لعادوا لِظُلْمِهِم، لَيْسَ فِيهِ إشكال، كما قَالَ الله تَعَالَى:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28]، لكِن يَقُولُونَ هَذَا من شِدَّة ما يجدون، فكَانَ الجواب -والعياذ بالله- أعظمَ جوابٍ فِي الإهانةِ:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108]، والعياذ باللهِ هَذَا الجوابُ فِي غايةِ الإهانةِ والصَّغار والذُّلّ، وقد ذُكر أن الله تَعَالَى لا يُكَلِّمُهُم إِلَّا بَعْد مدةٍ طويلةٍ، يكلِّمهم بهَذَا الكَلام الَّذِي لا خيرَ فِيهِ لهم، بل هُوَ تَيْئيس من كُلّ خيرٍ ومن كُلّ فرجٍ، نسألُ اللهَ العافية:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} يعني اندحروا وذِلُّوا وتَلْحَقُكُمُ المهانةُ والإهانةُ، ومع ذلك لا تُكَلِّمُوني، فلستم أهلًا لِأَنْ تكلموني، نسأل الله العافية.
فإِذَنْ: يُجمَع لأهل النارِ بين العذابينِ: البدنيّ والنفسيّ.
.• * •.