الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (54)
* * *
* قَالَ اللهُ عز وجل: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [النمل: 54].
* * *
قَالَ المُفَسِّر: [{وَلُوطًا} منصوب بـ (اذْكُرْ) مُقَدّرًا قبلَه]، يعني: واذكرْ يا مُحَمَّد لُوطًا، وإنما ذُكِرَ بَعْد صالحٍ وَهُوَ دائمًا يُذْكَر بعدَ صالحٍ، لِأَنَّ مدائنَ صالحٍ وقُرَى قومِ لُوطٍ لَيْسَ بَعْضُها بعيدًا من بعضٍ، وليستْ مجهولةً للناسِ فِي عهد النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ المُفَسِّر رحمه الله:[{وَلُوطًا} منصوبٌ بـ (اذْكُرْ) مقدَّرًا قبله ويبدل منه {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ}]، لِأَنَّ (إذ قال) بدل من لُوطٍ، فكَأنَّ التَّقْدير:(واذكر إذ قَالَ لوطٌ لقومِه).
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} أي: اللُّوَاط]، الهمزة هنا للاسْتِفْهامِ الاستنكاريِّ أو الاستعلاميِّ؟
للتوبيخِ والإنكارِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَم، وإنْ شئتَ زِدْ عَلَى ذلك التعجُّب أو التعجيب، يعني كيف أنكم تأتون الفاحشةَ، فهي للتوبيخِ والإنكارِ والتعجُّبِ.
وقوله: {الفَاحِشَةَ} : (أل) لاستغراقِ الجنسِ من حيْثُ المَعْنى، لا من حَيْثُ الأفرادِ، لكِن المَعْنى: أن هَذِهِ أعظمُ فاحشةً من نوعها، وهي أعظم من الزنا، لِأَنَّ الله قَالَ:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: 32]، فاحشة من الفواحش،
(فاحشة) في هذه الآيَة نكِرة، وهنا قَالَ:{الْفَاحِشَةَ} ، وهي أيضًا أعظمُ من نكاحِ ذواتِ المحارِمِ؛ لِأَنَّ الله قَالَ:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: 22]، ونِكاحُ ذواتِ المحارِمِ أعظمُ مِنَ الزِّنا؛ لِأَنَّ اللهَ وَصَفَهُ بثلاثِ صفاتٍ: فاحشة ومَقْت وسُوء سَبيل، والزنا وَصَفَه بوصفينِ؛ فاحشة وسوء السبيل:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} .
ولهَذَا فالصَّحيح أن مَن زَنَا بِمَحَارِمهِ يُقتل، وإنْ لم يكنْ مُحْصَنًا، لِأَنَّ هَذَا أعظمُ - والعياذُ باللهِ - مِنَ الزنا، كذلك اللّوَاط الصَّحيحُ أنَّ فاعِلَه يُقتَل ما دام بالغًا عاقلًا وإنْ لم يكنْ مُحْصَنًا.
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} أي: اللواط {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} أي: يُبْصر بعضُكم بعضًا انهِماكًا فِي المعصية]، يَعْنِي: أخبث من الحَمِير والعياذُ باللهِ، فيرى بعضُهم بعضًا وهم يفعلون ذلك، ولذلك قَالَ:{وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العنكبوت: 29]، إذا اجتمعوا - والعياذُ بالله - صارَ يَرْكَب بعضُهم بعضًا كالحمِير، نسألُ اللهَ السلامةَ.
قوله: {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} مِنَ البصرِ ما يُبْصَر بالعينِ، وَقِيلَ: إن الإبصارَ بالقلبِ، يعني وأنتم تبصرون خُبْثَها وتَعقِلونه، وكل إِنْسَان له فِطرة سليمة يكره هَذَا الشَّيْء؛ لِأنَّهُ سوف يركب مثله نفس هَذَا المركوب، سيركب غدًا واحدًا، ثُمَّ إن المكانَ هَذَا أيضًا لَيْسَ محلًّا لهَذِهِ الشَّهْوةِ؛ لِا. لهُ مكان متلوِّث بالأنجاس، وَلَيْسَ محلًّا للشهوة، فَهُوَ خبيثٌ بالفطرةِ وبالحِسّ أيضًا.
ولَكِنَّنَا نَقُول: لو أننا فسَّرنا الإبصارَ هنا بالإبصارِ الحِسّيّ بالعين والإبصار المعنويّ بالقلب لكان ذلك جائزًا، وَفِي الحقيقةِ أنّ بَشاعةَ هَذَا الشَّيْء بالقلبِ أمرٌ