الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:
أن سبيلَ اللهِ سبحانه وتعالى واحدٌ؛ لِقَوْلِهِ: {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} [النمل: 24]، وسُبُل الشرعِ مُتَعَدِّدَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]، ولهَذَا قَالَ العُلَماءُ: الإِسْلامُ مِلَّة والكفرُ مِلَل، الكفر: يهودية، نَصرانيَّة، وَثَنِيَّة، مَجُوسِيَّة
…
إِلَى آخِرِهِ، مِلَل لِأَنَّهَا سُبُل مُتَعَدِّدة، وَأَمَّا الْحَقّ فسَبِيلُه واحدٌ.
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: كيفَ تقولونَ ذلكَ وقد قَالَ الله تَعَالَى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16]، فكيف الجمع؟
قُلْنَا: إذا قَيَّدْتَ فهي عَلَى حسَب ما قيّدت به، يعني يصحّ أن تقول:(سُبُل الخير)، وَيكُون المُراد بذلك الفروع الموصلة إِلَى الخير، فالإِسْلام كما أَنَّهُ كله سبيلٌ واحدةٌ فَهُوَ كذلك -أيضًا- ذو شُعَب، وقد ثبتَ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً"
(1)
، فَهُوَ ذو شُعَب، فهَذَا معنى قوله:{سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16].
ثُمَّ إنَّهُ مما يُزيل الإشكالَ أَنَّهَا أُضيفت إِلَى السلامِ، ولم يقل:(السبل)، فعُلِمَ أن المُرادَ بذلك فُروعُ الخيرِ.
الفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:
إذا زُيِّنَ للإِنْسَانِ سُوءُ عَمَلِه فصدَّ بذلك عنِ السبيلِ -والعياذ بالله سبحانه وتعالى فَإِنَّهُ لا يَهتدِي؛ لِقَوْلِهِ: {فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} [النمل: 24].
وهَذَا هُوَ البلاءُ أنَّ الْإِنْسَان يرى القبيحَ حَسَنًا، فهَذَا لا يكادُ يُقْلِع، لكِن مَن كَانَ يرى القبيحَ قَبيحاً فَإِنَّهُ يمكنه أن يُقْلِع، ولذلك تجدون الْآنَ مثلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتعاملون بالحِيَل: الحيل الربويَّة وغير الربويَّة ومن المحرَّمات، لا يكادون يُقْلِعُونَ
(1)
رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان
…
، حديث رقم (9)؛ مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وفضلها وأدناها
…
، حديث رقم (35)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
عنها؛ لِأَنَّهُم يَرَوْنَ أَنَّهُم عَلَى حقٍّ، ولذلك لا يُقْلِعُون، لكِنْ مَن فَعَلَ القبيحَ وَهُوَ يَعْتَقِدُهُ قَبيحًا، فَإِنَّهُ يُوشِكُ أن يُقْلِعَ عنه، ولهَذَا قَالَ:{فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} [النمل: 24]، عَلَى تفسير المُفَسِّر رحمه الله يَجِب أن يوصل قوله:{أَلَّا يَسْجُدُوا} [النمل: 25]، بِقَوْلِهِ:{لَا يَهْتَدُونَ} [النمل: 24]؛ لِأَنَّهُ متعلّق به، والتَّقْدير: فهم لا يهتدون إِلَى أن يسجدوا.
* * *