الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ} [النمل: 28]، والقصَّة فِي الحقيقة عظيمةٌ جدًّا فيها فوائدُ كثيرةٌ.
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ} بالصرفِ وتَرْكِهِ
(1)
]، بالصرف (من سَبإٍ)، وتركه (مِن سَبَأَ) جُرَّ بالفتحةِ لِأَنَّهُ اسْم لا يَنْصَرِف، و {مِنْ سَبَإٍ} جُرَّ بالكسرةِ لِأَنَّهُ اسْم يَنصرفُ، فعَلَى أيِّ اعتبارٍ جَعَلْنَاهُ إمَّا مصروفًا أو عدمه؟ قَالَ المُفَسِّر رحمه الله:[قبيلة باليمنِ سُمِّيَتْ باسمِ جَدٍّ لهم باعتبارِهِ صُرِفَ].
من فوائد الآية الكريمة:
الفَائِدَة الْأُوْلَى:
سُرعة رجوعِ الهدهدِ إِلَى سُلَيْمَان، مِمَّا يَدُلّ عَلَى أنَّ جنودَ سُلَيْمَان يَهْتَمُّونَ بِشُؤونهم ولا يَتَأَخَّرون عن أعمالهِم؛ لِقَوْلِهِ:{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} .
الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:
أن سُلَيْمَان وإنْ كَانَ قد أُعْطِيَ مُلكًا عظيمًا لم يُعْطَهُ أحدٌ فَإِنَّهُ لا يُحيطُ بكلِّ شيءٍ، فَهُوَ عَلَى سَعَةِ مُلْكِهِ وقوَّته لا يحيط بكلِّ شيءٍ، فغيرُه من باب أَولى.
الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: ضعفُ إدراكِ الْإِنْسَان مَهْمَا بلغَ مِنَ المُلْكِ ومن الْقُوَّة، ويدلُّ لهَذَا قولُ اللهِ تَعَالَى:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النِّسَاء: 28]، فإن هَذَا يُبَيِّن ضعفَ الْإِنْسَان، فَهُوَ ضعيف فِي كُلّ شيءٍ؛ فِي القُوَى العقليَّة والقوى الجِسْمِيَّة وكلِّ ما يمكن أن يُوصَف بالْقُوَّة والضعفِ، فإنَّ حال الْإِنْسَان فِيهِ الضعفُ.
الفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:
أَنَّهُ يجوزُ أنْ يُخَاطَب الرئيس بمثلِ هَذَا الخطابِ، فيقال مثلًا: عَلِمْتُ ما لم تعلمْ، أو فعلتُ ما لم تفعلْ، ومثله قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه:{إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ} [مريم: 43].
(1)
الحجة في القراءات السبع (ص: 270).