الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذلك: فلا خلاص للمسلمين أبداً، إلا بأن يعودوا أولاً: علماً وفقهاً وثقافة إلى الكتاب والسنة، ثم: أن يُرَبُّوا أنفسهم على هذه الثقافة الصحيحة، التي لم تتأثر بالوافدات التي تفد إلينا ولا تزال حتى اليوم من الغرب الكافر، وهذه ذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين، إن شاء الله تعالى.
على كل حال الظاهر عنوان الباطن، وليس الأمر كما يقول بعض الناس من الشباب التائه إنه العبرة بما في القلب، صحيح العبرة بما في القلب، ولكن الأمر كما قيل: وكل إناء بما فيه ينضح، وهذا المعنى مأخوذ من قوله عليه السلام:«ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله» .
إذاً: القضية المعنوية الروحية كما يقولون اليوم: هي كالقضية المادية البدنية، لا يمكن أن تجد جسماً سليماً في الظاهر والقلب مريض، لابد ما يظهر أثر هذا المرض على ظاهر الجسد، وكذلك بالنسبة للناحية الإيمانية، فإذا كان الإيمان هو المستقر في قلب هذا الإنسان، فلابد من أن يظهر على بدن هذا الإنسان، وهذا صريح في الحديث السابق:«ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» فنسأل الله عز وجل أن يصلحنا ظاهراً وباطناً.
(الهدى والنور /488/ 40: 00: 00)
حكم قص اللحية
مداخلة: نرى بعض إخواننا يطلق لحيته قليلاً، فإذا زادت يعني أخذ منها وقَصَّها، فهي لا طويلة كما قال صلى الله عليه وسلم:«اعفوا اللحى» ولا حَلَقها بالموس، فما حكم ذلك؟
الشيخ: لا شك أن الأمر هنا له صورتان، يمكن جمعها في قول القائل:
حنانيك بعض الشر أهون من بعض؛ اللحية الشرعية هي التي تكون موافقةً لما كان عليه الرسول عليه السلام، وهي أنها لا تكون أقل من القبضة، ما زاد عن القبضة يجوز قصها، أما ما دون القبضة فلا يجوز؛ لأنه يخالف الإعفاء من حيث إطلاقه «
…
انقطاع
…
» يرويه رجل ثقة عن شعبة أنه كان يُعْنَى بنظافة ثوبه، وأنه كان يأخذ من هذا وهذا، قال: ويشير إلى عارضيه.
هذا يفيدنا في الموضوع من يتشدد في تطبيق أمر الإعفاء بصورة مطلقة، مهما طالت اللحية فتترك، نحن نقول: لا، هذا خطأ، وخير الأمور الوسط، وحُبّ التناهي غلط، فالذي يأخذ ما فوق القبضة هذا وإن كان خيراً من المبتلى بحلقها، وذلك لأنه لا يتشبه بالنساء بهذه الحالة، فخرج من هذا المحظور، لكن هو خالف، أولاً: الإطلاق في الإعفاء، والمقيد بما ذكره ابن عمر أنه كان يأخذ من لحيته ما دون القبضة، وعلى ذلك جاءت بعض الآثار عن السلف الصالح دون أيّ خلاف بينهم.
إذاً: حلق اللحية معصية كبرى، إعفاؤها قصيرة على حد قول السوريين عندنا خير الذقون إشارة تكون؛ لأنه هذه من باب أيش، أنصاف الحلول يسموها أيضاً، أنصاف الحلول، هذا ما بِده يتشبه بالمشائخ المتشددين، فما يتركها طويلة؟ وذاك ما بِده يتشبه بالمرأة يطيح بها ويرميها أرضاً كما ذكرنا.
إذاً: خير الذقون إشارة تكون، هذا من وسوسة الشيطان بطبيعة الحال.
المهم يا إخواننا: أن المسلم يجب أن يحيا حياته كلها، ويضع نصب عينيه دائماً أبداً قوله تبارك وتعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: 21]، من المسلم الذي يجعل نصب عينيه قدوته هو الرسول عليه السلام وليس سواه لا من المشائخ ولا من العلماء، ولا من الجهلة، فضلاً عن الكفار والفساق إلى آخره، من هو؟ هو الرسول عليه السلام، ومن الذي يجعل الرسول قدوته، {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} .
فالمسلم الذي يحيا في هذه الحياة الدنيا العاجلة الفانية، ليس عنده هدف، وهو
أن يحيا بقدر ما يستطيع على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا يعيش اسمه أنه مسلم.
أما المسلم الحق فهو الذي يحاول دائماً وأبداً، أن يفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، طبعاً أنا أعني أن يفعل فيما يتعلق بدائرة العبادات.
أما دائرة العادات هذه للمسلم فيها منتهى الخيرة، يتصرف في العادات كما يشاء بشرط واحد أن لا يخالف نصاً من أقواله عليه السلام تدل على أن هذا الأمر أمراً تعبدياً وليس أمراً عادياً، هذه النقطة يجب الفصل بينها وبين تلك، أي قدوتنا عليه السلام في أمور الدين وليس في أمور الدنيا.
ولذلك يخطئ أشد الخطأ بعض الجهلة الذين لا يفرقون بين سنة العادة وبين سنة العبادة، سنة العبادة لا تقبل الزيادة، وهنا يقول الرسول عليه السلام:«كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» سنة العادة تقبل الزيادة وتقبل النقص وتقبل كل شيء؛ لأنه عادي.
أضرب لكم مثلاً واحداً من سنن عادة الرسول عليه السلام، دخل مكة وله أربع غدائر، ما تقولون أنتم ظفائر؟
مداخلة: ظفائر.
الشيخ: ظفائر غدائر، دخل مكة فاتحاً لمكة يوم نصره الله على أهل مكة، وله أربع غدائر، هذه سنة العرب إلى اليوم، توجد هذه السنة في بعض الشباب من البدو، أنا رأيتهم بعيني في الصحراء، إلى اليوم موجودة هذه العادة، أنت حر فيها، إن رأيتها مناسبة لك فعلت، وإن ما رأيت تركت، ولا تخالف في ذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لأنه هذه سنة عادة، وليست سنة عبادة.
هذا التفريق من تمام الفهم والفقه في الدين، حيث يجهله كثير من المبتلين بالتعالم، وهم ليسوا علماء، مبتلين بدعوة العلم وليسوا بعلماء، كان عندنا رجل شيخ
أديب كَيِّس ذكي كان يقول العلماء قسمين:
قسم عالم عامل، وقسم عامل عالم.
مداخلة: يعني عامل حاله عالم.
الشيخ: أهل العلم قسمان.
مداخلة: عامل عالم.
الشيخ: عالم عامل يعني: يعمل به، وقسم ثاني عامل عالم يعني: هو ليس بعالم، لكن عامل حاله عالم، هذا الجنس لا يُفَرِّق بين سنة العبادة وبين سنة العادة، قلنا: سنة العبادة لا تقبل الزيادة مطلقاً، لماذا؟ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا} [المائدة: 3]، ولِمَ؟ «وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ، أما الدنيا قال عليه السلام:«أنتم أعلم بأمور دنياكم» ، هذا التفريق أمر ضروري جداً، وإلا اختلط الحابل بالنابل، كذاك الجنس، قلنا: عامل ماذا؟ عامل عالم، لماذا؟ نقول: يا أخي هذه شاذة لا تفعلها؛ لأن الرسول عليه السلام ما فعلها هذه بدعة، بيقول لك: تركب سيارة، ركوبك السيارة بدعة، أنت لابس -مثلاً- ساعة، هذه الساعة ما كانت أيام الرسول، هذا بدعة، هذا هو الجهل بسبب عدم التفريق بين سنة العبادة وبين سنة العادة، يا أخي الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«من أحدث في أمرنا هذا» أي: في ديننا هذا «ما ليس منه فهو رد» مضروب به وجهه، ما قال: من أحدث مطلقاً، في الدين أو الدنيا؛ لأنه ما جاء عليه السلام ليكمل لنا دنياناً.
وأنا سأقول كلمة، ولعلها ليست خطيرة عند أهل الفقه والعلم، الأوروبيين،
لا أقول: شيئاً غريباً إذا سألناكم: من أشطر اليوم في أمور الدنيا آلكفار أم المسلمون؟
مداخلة: الكفار.