الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلامية، سواءً في الرجال أو في النساء، نعرف نحن مستشفيات، نعرف دوائر، يوجد فيها ناس ملتحين، بيهددوهم بالطرد من الوظيفة وإلا بيحلقوا، لا، هون الحمد لله، هنا مو هيك في الوظيفة، بالعكس يعني الِّلي يمثل المستشفى الإسلامي هو اللي بيربي لحيته، فنرجو الله لكما أن يوفقكما لطاعة الله ورسوله.
علي حسن: تجدهم الناس في كلياتهم بلحية، وتقول لهم يجب عليكم أن تطلقوا اللحية لأنه فيه أمر مخالفا لأمر نبيك وكذا، قال: يا أخي لا تُشَدّدوا علينا، قلت: سبحان الله من اللّي يتشدد صاحبها وراعيها والا كل يوم تجيب الصابون، وتحط، وتجيب الشفرة، وتحط، وتجيب الكلونيا ومش عارف شو، أيهما الذي يُشَدِّد أكثر؟
الألباني: الله أكبر! قلب الحقائق عجيبة!
(الهدى والنور / 222/ 04: 01: 00)
هل يأثم من اعتاد حلق لحيته مرة واحدة أم يأثم كلما حلقها
السؤال: حلق اللحية، نعلم بأنها سنة واجبة، هل يأثم كلما حلقها الإنسان، أم يأثم مرة واحدة -مثلاً-، أرجو إيضاح هذا جزاك الله خيراً؟
الشيخ: يا ليت مرة واحدة، إنما يأثم كلما قام الرجل المسلم بحلق لحيته ..
فلا يجوز للمسلم أن يعصي رَبَّه ليلاً نهاراً؛ لمخالفته لفطرته التي فطره الله عليها.
الحق والحق أقول: ما ابتلي المسلمون بمصيبة من المصائب التي تلازم جماهيرهم في رأيي وفي تقديري، بمثل مصيبتين اثنتين:
المصيبة الأولى: أن يحلقوا اللحية التي مَيَّزهم الله بها على الجنس الآخر، الذي يسمونه في آخر الزمان بالجنس اللطيف، فهم يتشبهون بهذا الجنس اللطيف، بماذا؟
لا يمكن أن يعقل هذا التشبه، إلا أنه زُيّن لهم سوء عملهم، يعني: الرجل حينما
يقف أمام المرآة فيرى أن لحيته قد طالت قليلاً، ومن السنة أن يقول المسلم، وليس أمام المرآة فقط، وإن كان في ذلك حديث لا يصح، وإنما بصورة عامة أن يقول كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:«اللهم كما حسنت خَلْقِي فَحَسّن خُلُقِي» .
هذا الأمر يستوي فيه الرجال مع النساء، والنساء مع الرجال، يعني كما أن الرجل ينبغي أن يقول:«اللهم كما حسنت خَلْقِي، فحسن خُلُقِي» .
المرأة بدورها أيضاً وهي كوسجة لا لحية لها، تقول:«اللهم كما حَسَّنت خَلْقِي -يعني بدون لحية- فَحَسِّن خُلُقِي» .
لا فرق عندي بتاتاً بين الرجل الذي يخالف خلق الله، وفطرة الله التي لا تبديل لها بنص كتاب الله، حينما يطيح بلحيته ويرميها أرضاً ولا يبالي، وبين امرأة تتخذ لحيةً مستعارةً على طريقة اللوردات الإنجليز.
فقد كنت قرأت في قديم الزمان أن من عادة هؤلاء البريطان، أنهم حينما يدخلون البرلمان يتخذون لحى مستعارة.
وهذا من تمام ضلالهم وكفرهم، ربنا خلقهم رجالاً، فلماذا يحلقون لحاهم ثم يتخذون لحى مستعارة؟
هذا تقليد من تقاليد آبائهم وأجدادهم؛ لأنه كان من عادات هؤلاء الآباء والأجداد أنهم يُرَبُّون لحاهم.
لذلك الآن نرى صورَ كثيرٍ من المشهورين من هؤلاء الرجال الأوروبيين وغيرهم، لهم لحىً كثيفة؛ فهم بسبب جمودهم على تقليدهم لآبائهم، يدخلون البرلمان كما كان آباؤهم يدخلون لكن بلحىً مستعارة.
قرأت مَرَّة في بعض الجرائد تصدر هناك في دمشق، بأن بريطانيا جاءتهم في فصل من فصول الصيف عندهم موجةُ حَرٍّ شديدة، فَصَعُبَ عليهم أن يدخلوا
البرلمان بلحاهم المستعارة، فأذن لهم المسؤول في البرلمان، رئيس الوزراء أو غيره
…
أذن لهم أن يدخلوا البرلمان بدون لحى مستعارة. هذا من عجائب ما يقع عند أولئك الناس.
لكن ما بال الناس المسلمين اليوم، إنهم يخالفون فطرة الله، ويُبْتَلون بحلق اللحى، المرة بعد المرة، ففي كل مرة هو يعصي الله تبارك وتعالى وليس مرةً واحدة؛ لأنه لو حلقها ثم لم تنبت يمكن نقول: هذه مرة واحدة
…
لكن قد تكون معصية تُضَاعَف مضاعفات كثيرة، لكن لو فرضنا أن الأمر هكذا نقول: والله عصى الله مرة واحدة.
لكن هؤلاء المُبْتَلون كما نعلم جميعاً، هذا الذي يختصر الطريق ويقف أمام المرآة ويحلقها كل يوم صباحاً أو كل يومين، والشيء بالشيء يذكر، مما يترتب وراء هذه المفسدة، مفاسد لا يتنبه لها المبتلون بهذه المفسدة.
أحدهم يحج إلى بيت الله الحرام، وهو في هيئته العامة حليق، لكن عندما يذهب إلى الحج لا بد أن يعفي لحيته، ويعفي عن لحيته بعدد الأيام التي أحرم فيها، لكن ما يكاد يوم النحر يدخل بيحلق اللحية.
وصورة ثانية: وهذه أكثر بلاءً وانتشاراً، الذي ما حج إلى بيت الله الحرام، وإنما بقي هنا في شهر الحج أو في عيد الفطر، يستفتحون صباح عيدهم بحلق لحيتهم؛ لأنه عادةً حِلِّيق
…
، ليس جميلاً، أن يترك لحيته طالعة ربع سنتيمتر أو ميل أو ميلين لا أدري كم، لذلك يستفتح هذا العيد الذي مفروض أنه يذهب إلى المصلى ليشارك إخوانه المسلمين في طاعة الله عز وجل في هذه الصلاة، التي تفرض في السنة مرتين عيد الفطر وعيد الأضحى، فيفتتحون ذلك بمعصية الله عز وجل.
هذه أمور صارت عند الناس أموراً عاديةً لا يتنبهون لما تحتها من معاصي متعددة.
وعلى العكس من ذلك الواحد منهم عندما يموت له شخص عزيز، ويكون
حِلِّيق اللحية يعفي عن لحيته، إيش صارت هذه اللحية؟ علامة حزن.
الله أكبر! هذه علامة الرجولة، وهو من تمام الفحولة، أن المسلم يعفي عن لحيته.
مع الزمن، دار الزمن دورته، صار الكمال والجمال بحلق اللحية، وإعفاء اللحية علامة الحزن.
كل هذه المصائب جاءت من استعمار الكفار للبلاد الإسلامية، لم يكن معروفاً في القرون هذه الطويلة، لم يكن معروفاً في المسلمين مسلم يحلق لحيته، لكن قد تُحْلَق لحيته من باب التعزير والتأنيب والتربية، هذا نكال، بينما اليوم الناس يعملونه نكايةً بأنفسهم.
سبحان الله! اختلف الزمن اليوم عن الزمن الأول في ابتعاد المسلمين عن دينهم، وهذا هو السبب الذي لا يتنبه له جماهير المسلمين، حتى بعض الدعاة منهم لا يتنبهون، الذي نشترك في الشكوى منه جميعاً، وهو أن المسلمين أصبحوا أذلاء في عقر دارهم، في كل بلاد الإسلام أصبحوا أذلاء، وهذه مشكلة بيت المقدس، ليست بعيدة عنها، ما هو السبب؟
أخللنا بشرط إلهي حينما قال في كتابه: {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7].
قد يقول بعض الناس، وسمعنا هذا مراراً وتكراراً: يا أخي هذه المسألة من توافه الأمور.
مسألة حلق اللحية من توافه الأمور؟ ! هذه مصيبة عندنا؛ لأن أمراً يصدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية فيقول: «حفوا الشارب وأعفوا اللحى، وخالفوا المجوس» . وفي رواية: «خالفوا اليهود والنصارى» .
هذا الأمر نسميه نحن في آخر الزمان: «أمر تافه ليس له قيمة» ! !
هذا لو افترضنا مفتياً متمسكاً بالمذهب الحنفي حرفياً، ومتمسكاً بأحكام
المذهب الحنفي حرفياً، لَكَفَّر هذا المسلم الذي يقول إن مسألة إعفاء اللحية من توافه الأمور، لماذا يُكَفِّره؟
لأنه لسان حاله يعني: أن الرسول لماذا أمرنا بهذا الأمر، هذه مسألة تافهة.
رسول الله يأمر المسلمين عامة بأمر تافه ليس له قيمة؟ ! حاشا لله.
كيف وهو أَمَرَ المسلمين بإعفاء اللحية، حتى لا يكونوا من طائعي الشيطان الرجيم، حينما حكى الله في القرآن الكريم حال لسان إبليس الرجيم، قال إبليس:{وَلَآمُرَنَّهُمْ} يعني: بني آدم.
{فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119].
فرسول الله يأمرنا بإعفاء اللحية هذا أمر تافه؟ !
يأمرنا بأن لا نكون مطيعين للشيطان حينما قال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]، يأمرنا بأن نكون مطيعين للرحمن.
ثم هنا مسألة فيها دقة هامة جداً من ناحية الحكم، وليس من ناحية الاستنباط؛ لأنه واضح.
نحن كما ذكرنا آنفاً خلق الله النساء بدون لحى، لحكمة لا شك ولا ريب في ذلك، وعلى العكس من ذلك خلق الرجال بلحى، ثم كان من تمام حكمة الله عز وجل في خلقه التكويني أنه شرع لهن من الأحكام، ما خصهن بها دون الرجال، فأباح لهن -مثلاً- الحرير، بينما حَرَّمه على الرجال، وأباح لهن الذهب في حدود معروفة عند أهل العلم، وحرم الذهب على الرجال مطلقاً.
لكن الشاهد أنه حرم عليهن نوعاً من الزينة، لماذا؟ وهن موضع للزينة، ولذلك أباح لهن ما أشرنا إليه -آنفاً-، حَرَّم عليهن نوعاً من الزينة؛ لأن تلك الزينة التي قد يتعاطها بعض النسوة فيه تغيير لخلق الله عز وجل.
ترى إذا هذا التغيير وقع فيه الرجال الذين لم يُبِح لهم ربنا عز وجل ما أباح
للنساء من الزينة، ألا يكون ذلك حراماً عليهم من باب أولى؟
الجواب: هو كذلك.
ما هو الذي حَرّمه الله على أهل الزينة وهم النساء؟
قال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن» .
الفاعل والمفعول.
الآن تجد النساء تتفنَّن كل يوم بنوع من تغيير خلق الله عز وجل، قديماً كنا نعلم ونحن في سوريا، لا أدري إذا كانت هذه الموضة قضي عليها، وأقيم مقامها موضة أخرى هنا على الأقل.
ابتليت بعض النساء هناك من المفتونات بالموضات الغربية، كانت الواحدة منهن تحلق حاجبيها بالكلية، ثم تصبغها على حسب عقلها المنحرف، تارة خيط دقيق كالهلال، تارة أغلظ قليلاً وعلى حسب غلاظة عقلها .. إلى آخره.
لا أدري هذا موجود اليوم أو لا؟
مداخلة: موجود.
الشيخ: أنا الذي أعرفه تدقيق الحاجب.
مداخلة: حلق لا.
الشيخ: الذي أعرفه أن بعض النساء -مثلاً- يكون حاجبها لا يعجبها؛ لأنه كثيف فهي تُرَقِّقه وتُدَقِّقه وترجعه كما قلنا كالهلال، أو لها حاجبان مقرونان متصل أحدهما بالآخر -أيضاً- لا يعجبها، فتنتف أو تحلق ما بين حاجبيها، هذا محرم بنص الحديث السابق:«لعن الله النامصات والمتنمصات .. » إلى آخر الحديث.
لو سأل سائل: لماذا؟
الجواب: في آخر الحديث: «المُغَيِّرات لخلق الله للحُسن» .
يا سبحان الله! إذا كانت المرأة حلقت أو نتفت ما بين حاجبيها، وهي موضع للزينة كما قلنا، مع ذلك استحقت اللعن من الله، أنا أقول الآن شيئاً نُذَكِّر الملتحين، وليس فقط الحالقين؛ لأن الحالقين أخذوا نصيبهم من الكلام، بقي علينا أن نُذَكِّر الملتحين: إذا كانت المرأة تأخذ ما بين حاجبيها فهي ملعونة بنص الحديث الصحيح؛ لأنها تُغَيِّر خلق الله، فما حكم الملتحي الذي يحلق خَدّيه أو ينتف خديه؟
حكمه حكمها، ولا فرق -أبداً-، بل هذا بالطرد من رحمة الله أولى، لما سبق بيانه أن تلك المرأة التي هي موضع للزينة، لمجرد أنها تأخذ من حاجبيها قليلاً فوق أو تحت أو بين الحاجبين، غَيَّرت خلق الله؛ فهذا الرجل الذي أطاح بلحيته انتهينا منه، لكن هذا الرجل الذي يُعْفِي لحيته لكن ينتفها من خدوده، هذا أيضاً، لا يجوز هذا الفعل، هذا حرام.
وكثير من إخواننا الملتحين يقعون في هذه المخالفة؛ لأنه ليس هناك من يُذَكِّر، ليس هناك من يُعَلِّم الناس شريعة الله، وبخاصة هذه الشريعة التي تستند فقط إلى كتاب الله، وإلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس إلى قيل وقال، كما أشار إلى ذلك الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله في شعره العلمي، حين يقول:
العلم قال الله قال رسوله
…
قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلافة سفاهة
…
بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها
…
حذراً من التعطيل والتشبيه
الآن حينما يثار هذا البحث، كثيراً ما نُقَابَل بالقول: الشيخ الفلاني يقول: إعفاء اللحية سنة، وحَلْقها مكروه كراهةً تنزيهية، وأنت متشدد في هذا التشديد البالغ.
نقول: أن هذا من السفاهة بمكان، أنك تنصب قول ليس إماماً من أئمة المسلمين، ولكن شيخ فريخ مثلنا يعني، يقول لك: هذا مكروه كراهة تنزيهية.
الأئمة الأربعة، الذين يزعم جماهير أهل السنة والجماعة اليوم كما يقولون، أنهم
أتباع للأئمة الأربعة، كلهم متفقون على أن حلق اللحية حرام، والذي يحلق لحيته فاسق لا تُقْبَل شهادته، فما قيمة هذه الفريخ الذي مثل حكايتنا نقول: ذلك، يقول: أن هذا مكروه تنزيهاً، ونحن نقول: قال الله .. قال رسول الله.
ماذا قال الله يا إخواننا لا تنسوا ..
قال الله على لسان إبليس: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119].
وقال رسول الله: «حُفُّوا الشوارب وأعفوا اللحى» يعني: أعفوها من الحلق، واتركوها كما خلقها الله عز وجل، ولا تشبهوا باليهود والنصارى.
ويأتينا هنا اعتراض يقول: اليهود الآن مربين لحاهم، وهذول الهيبيين، هذه منظمة من كم سنة يمكن راحت، كمان مع الزمان.
أنه صارت الموضة عندهم يرجعوا للطبيعة، هم لا يؤمنون بالله ولا بكتبه ولا برسله، لكن بالطبيعة، الطبيعة رؤوا فعلاً بأم أعينهم المرأة غير الرجل، والرجل غير المرأة، إذاً: لازم نرجع للطبيعة، فعادوا للطبيعة.
فيأتي هنا شبهة من بعض الناس: يا أخي هؤلاء اليهود .. هؤلاء الهيبيين، هؤلاء الكفار، كثير منهم مربين لحيتهم.
هذه شبهة يعني كما يقول الفقهاء: يكفي حكايتها عن رَدِّها، وهي أوهى من بيت العنكبوت، لماذا؟
أولاً: نقول إن هذا الإعفاء من هؤلاء الكفار مثل شعرة سوداء في جسم ثور أبيض، يعني نسبة قليلة جداً في الكفار الذين يُرَبُّون لحاهم.
ثانياً: هنا أحد شيئين: إما أن يتشبه المسلم بالكافر، أو أن يتشبه الكافر بالمسلم، فأيُّ الأمرين أقوى لديننا ولإسلامنا ولعاداتنا ولتقاليدنا الإسلامية: أن نتشبه نحن بالكفار، أم أن يتشبه الكفار بنا؟
لا شك أنه من الثابت في فلسفة التاريخ، كما يقولون في هذا الزمان، أن من طبيعة الأمة الضعيفة أن تُقَلِّد الأمة القوية، ولا عكس، الأمة القوية لا تُقَلِّد الأمة الضعيفة؛ لأن هذه الأمة ليس لها وزن عندها، وبالعكس الأمة الضعيفة التي تشعر بضعفها في كل نواحي الحياة، وتنظر بعين الإجلال والإكبار لأمة أخرى، تحاول أن تقلد هذه الأمة الكبرى.
وقلت -آنفاً- مذكراً: لا أحد يشرب بيده اليسرى؛ لأن هذا منهي عنه شرعاً، لقوله عليه الصلاة والسلام:«كُل باليمين، واشرب باليمين، ولا تأكل بالشمال ولا تشرب بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال ويشرب بالشمال» .
فشيء مؤسف جداً، المسلمون اليوم مظهر إسلام، أما فعل الفعل مخالف لشريعة الإسلام في عشرات الجزئيات الكثيرة، لا أعني المستحبات والسنن المؤكدات، لا أعني المحرمات، ونحن الآن نتكلم في المحرمات، ولا نتكلم بالسنن والمستحبات.
فحرام أن يأكل الإنسان أو يشرب بيده اليسرى؛ لأن هذا من عمل الشيطان، يجب عليه أن يأكل باليمين ويشرب باليمين، وليس هذا فقط، واليوم كنا مع الأخ عند بقال، فيأخذ الفلوس بيده الشمال، ويعطي بيده الشمال، وهو مثلي قد بلغ من الكبر عِتِيّاً، لكن هو ستر كِبَره بحلق لحيته، هذا هو الفرق.
مع أنه بلغ هذا السن، ما زال يعطي بالشمال، ويأخذ بالشمال، والله هذا الإنسان معذور يا جماعة، معذورين أنتم كلكم إلا ما شاء الله، ممن قامت عليه الحجة من قبل، معذورين؛ لأنه أغلقت المساجد لم يبق فيها مدرس، وزارة الأوقاف المحترمة قررت هذا، وهذا القرار مع الأسف الشديد ناسب الناس، لأنه قبل أن يضعوا مثل هذا القرار، لم تكن تجد ناساً متطوعين، متبرعين، هذا يعطي درس في التفسير، هذا يعطي درس في الحديث، هذا يعطي درس في الفقه، في النحو، في الصرف، في التجويد .. إلى آخره، لم تعد تر مثل هذه الدروس أبداً في المساجد.
أنا أدركت في سن شبابي في المسجد الأموي هناك في دمشق، أدركت حلقات كثيرة جداً في المسجد، ومن جُمْلَتها حلقات الذكر الذي نشكو منها، الذي يصير فيها صياح وزعاق، ومن يَدَّعي أنه أخذه الحال، فيقع مثل الثور في الأرض ليخور ويصيح .. إلى آخره .. كل هذا كنا نراه، ففيه الخير وفيه الشر.
أما الآن: فالناس بقوا على جهلهم؛ لأنه لم يبق من يعطيهم العلم، من يسقيهم هذا العلم النافع في المساجد كما كان الأمر من قبل، ولذلك عاش الناس هكذا كما يقال لغة: سبهللا، يعني: فلتانين يأكل كيفما اتفق، ويشرب كيفما اتفق، ليس هناك منهج حياة، لأنه جاهل، ليس هناك من هو رجل عالم، يذكره هذا المنهج، ولو المَرَّة بعد المرة، والكَرَّة بعد الكرة، فَعَمَّ الجهل عامة المسلمين، إلا من شاء الله، وقليل ما هم.
فتلك الشبهة: أنه أصبح الكفار يربوا لحيتهم!
الجواب: نعم، لكن هذا قليل من كثير، الغالب عليهم الحلق.
ثانياً: هؤلاء يتشبهون بنا، فخير لنا أن يتشبه الكفار بنا من أن نتشبه نحن بهم؛ لأن المريض الضعيف هو الذي يتشبه بالقوي، أما القوي لا يتشبه بالضعيف.
هذه نكتة تاريخية فلسفية .. يقلدوا نفس الكفار هؤلاء، لذلك فأشرف لنا قبل أن يكون أشفع لنا، أن الكفار يتشبهون بنا، ولا نتشبه بهم نحن، فلا ينخدعن أحد منكم بما يقوله بعض الناس المنحرفين علماً أو خلقاً: الكفار الآن يعفون لحاهم.
طيب، نحن نتشبه بالرسول عليه السلام؛ لأنه كان له لحية تملأ صدره عليه السلام، وأمر بذلك فصار أمره واجباً، لو بقي الأمر فقط إلى شيء فعله الرسول عليه السلام يكون سنة مؤكدة؛ لأنه استمر عليها الرسول عليه السلام، فكيف وقد انضم إلى ذلك أمره، انضم إلى ذلك مخالفة الشيطان الذي أَمَرَ بني الإنسان بأن يُغَيِّروا خلق الله، انضم إلى ذلك ثالثاً: بأن نخالف النساء ولا نتشبه بهن، ورابعاً: وأخيراً لا نتشبه بالكفار.
أربعة مبررات لجعل هذا الفعل النبوي، أمراً مفروضاً على كل مسلم.
وهذه كما قلنا آنفاً في غير هذه المناسبة ذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين، والحمد
لله رب العالمين.
مداخلة: جزاك الله خيراً يا شيخ.
مداخلة: شيخنا، تتمة للموضوع، قد يُلَبِّس الشيطان على البعض، فيلطف من عبارة «أن هذا من الأشياء التافهة» وما شابه ذلك، فيقول:«هذه قشور» ، و «إنما يهمنا اللباب» وما شابه ذلك، وهذه كثيراً ما نسمعها، ولعلها تلقى في بعض النفوس، خاصةً أن كلامكم كان عن قضية من قضايا الشخصية الإسلامية، فحبذا لو تُوَضِّح هذه القاعدة؟
الشيخ: الحقيقة أن هذه الكلمة التي ذكرها الأخ، نسمعها أيضاً -أحياناً-، لكن كل الدروب على الطاحون، سواء قيل: هذا من توافه الأمور، أو هذه من القشور، فكل من اللفظتين من إحدى الكِبَر؛ لأنه لا يصح لنا -أيضاً- كما قلنا بالنسبة لمن يقول من توافه الأمور، هذا أمر تافه، كذلك لا يصح لنا أن نقول بعد أن عرفنا ما تعلق من الأحكام، ومن الأحاديث، بموضوع إعفاء اللحية، ما ينبغي أن يقال هذه من القشور.
ولكن إذا قيل بهذا اللفظ دون اللفظ الآخر، انفتح أمامنا أمر آخر لتعزيز هذه الكلمة، لو صح النطق بها، هم يعنون بلا شك حينما يقولون بأن هذه المسألة أو تلك من القشور، بقولهم: دعونا من القشور وخَلّينا نهتم باللباب، يعنون بذلك الأمور التي يجوز للمسلم أن يتركها، لكن إن عنوا ذلك فقد أخطؤوا مرتين:
الخطأ الأول: أنهم أعطوا حكم السنة، أنه يجوز للمسلم أن يتركها ولا إثم عليه في ذلك، أعطوا هذا الحكم حكم السنة لما هو فرض لازم.
الخطأ الثاني: هب أن الأمر سنة، ولكن التعبير -أيضاً- عن السنة بلفظة قشر -أيضاً- هذا خطأ؛ لأنهم حينما يتلفظون بهذه الكلمة، يعنون ألَاّ نبالي بهذه السنن على
افتراض - ونقول هذا جدلاً - على افتراض أنهم يعنون السنن فقط.
أيضاً: لا يجوز أن نطلق لفظة القشور على السنن التي فعلها الرسول عليه السلام، وتقرب بها إلى الله زلفى، لماذا لا يجوز؟
لسببين اثنين: السبب الأول: أن هذه السنن هي لها وزن في الشريعة، لكنهم لا يعلمون، وزنها في الشريعة أنها في كثير من الأحيان تكون سبباً لتدارك ما فات من النقص في الفرائض، وهذا صريح في قوله عليه السلام:«أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن تمت فقد أفلح وأنجح، وإن نقص فقد خسر» .
في حديث آخر: «وإن نقصت، قال الله عز وجل لملائكته: انظروا هل لعبدي من تطوع فتتموا له به فريضته» تطوع يعني: سنة، يعني غير اوجب.
فهذا الحديث يصرح بأن السنن تتم بها الفرائض، فكيف يباح للمسلم ألَاّ يحض المسلمين عليها، بل هو يبعدهم عنها بكلمة مُنَفِّرة، هذه قشور لا قيمة لها.
هذا خطأ مزدوج، أولاً: من حيث المعنى؛ لأنه لها قيمة كما ذكرنا مثالاً مثل: « .. فأتموا له فريضته» .
ثانياً: من حيث أنهم يطلقون كلمة قشور كالتوافه من الأمور، يطلقونها على ما شرع الرسول عليه السلام، ولو بطريق الاستحباب، وحينذاك نحن نقول: من أين أخذوا كلمة القشور؟
أخذوها من بعض الثمار التي لها قشور، فيؤكل لبُّها ويُرمَى قِشْرُها.
حسناً: هذا الاستعمال أُخِذَ من قياس الأحكام الشرعية على القشور التي خلقها الله في بعض الثمار، نعود هنا لنقول: هل خَلْقُ الله لهذا القشر المحافظ المحيط للب هو عبث؟ لولا هذا القشر ما سلم اللب، وهذا يا جماعة واضح في هذا المثال المادي، يعني في الثمار.
هذه القشور ما خُلِقت عبثاً، وإنما فائدتها معروفة حتى عند أصحاب كلمة