الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثبوت النهي عن الخضاب بالسواد
[قال الإمام]: ثبت النهي عن الخضاب بالسواد في غير ما حديث.
السلسلة الضعيفة (6/ 543).
النهي عن الخضاب بالسواد مطلق
«قال الزهري: كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه جديداً، فلما نغض الوجه والأسنان تركناه، رواه ابن أبي عاصم في «كتاب الخضاب» كما قال في الفتح، ص 80× ص 91 [90].
قلت: هذا مقطوع، فلا حجة فيه أصلاً، [والمؤلف] استشهد به على أن الأمر في الحديث السابق:«وجنبوه السواد» خاص بالشيخ الكبير الذي عم الشيب رأسه ولحيته، فقال عقبه:«وأما من لم يكن في مثل حال أبي قحافة وسنه فلا إثم عليه إذا صبغ بالسواد، وفي هذا قال الزهري .... » فذكره.
وهذا مع كونه لا يصلح للاحتجاج به لما ذكرنا، فإنه لا دلالة فيه على التفصيل الذي ذهب إليه المؤلف، وأن الزهري كان يرى تحريم السواد على الشائب، فإنه مجرد خبر منه عن فعل وترك، وذاك لا يدل على التحريم، بل الظاهر أن الزهري لم يكن عنده حديث بالتحريم أصلاً، فكان يأخذ الأمر بذوقه يخضب إذا كان الوجه جديداً ويتركه بعد ذلك، على أن معمراً -وهو من أصحاب الزهري- قال:«وكان الزهري يخضب بالسواد» ، فأطلق ولم يخص ولم يفصل، أخرجه الإمام احمد «2/ 309» بإسناد صحيح عنه، فلا أدري إذا كان إسناد ابن أبي عاصم إلى الزهري بذلك صحيحاً أم لا؟ .
وعلى كل حال فلا حجة في فعل أحد أو قوله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث المتقدم حجة على الزهري وغيره ممن ذهب إلى التفصيل المذكور؛ لأن قوله:
«وجنبوه السواد» لا يتبادر منه ذاك التفصيل لا سيما وهناك حديثان آخران هما أدل على العموم من هذا:
الأول: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة» .
أخرجه أبو داود والنسائي، وأحمد والضياء المقدسي في «المختارة» «ق 234 - 235» وغيرهم كثير ممن لا مجال لذكرهم الآن بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
الثاني: عن أبي الدرداء مرفوعاً: «من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة» .
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» وعنه الحافظ عبد الغني المقدسي في «السنن» «ق 182/ 2» وابن عدي في «الكامل» «ق 149/ 2» بإسناد لين كما قال الحافظ «10/ 300» وعزاه الطبراني وابن أبي عاصم، وقال ابن أبي حاتم «2/ 299» عن أبيه:«حديث موضوع» .
وثمة حديث ثالث، ولكنه واه جداً، أخرجه أبو الحسن الإخميمي في حديثه «2/ 11/1» من طريق عمر بن قيس عن رجاء بن أبي حارث عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً بلفظ:«يكون في آخر الزمان رجال من أمتي يغيرون السواد (1) لا ينظر الله إليهم يوم القيامة» .
وعمر بن قيس هذا، هو أبو جعفر المعروف بـ «سندل» وهو متروك كما في «التقريب» .
وما ذهب إليه المصنف من التفصيل السابق، وإن كان لم يتفرد به، فإنه غير قوي من حيث الدليل لمخالفته لظاهر حديثي أبي قحافة وابن عباس في الصحيحين.
وقد تأول الأول منها ابن أبي عاصم بأنه في حق من صار شيب رأسه مستبشعاً،
(1) كذا في الأصل الذي عندنا من الشيخ ناصر، ولعل الصواب:«بالسواد» .