الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: وأنا أقول، كمان أنت صدقت، لكن ما الذي تفعله أنت وأنا، أن نعود إلى الآية.
مداخلة: إن شاء الله ما شاء الله بإذن الله.
الشيخ: نعم.
(الهدى والنور /229/ 53: 47: 00)
حكم ذكر الله بترديد لفظ الجلالة وحده
مداخلة: حديث صحيح مسلم: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله» تستدلون به على جواز ذكر الله بالاسم المفرد.
الشيخ: نعم، هذا كنا تعرضنا له في المحاضرة التي ألقيناها في المدينة المنورة قبل المجيء إلى هنا، ما يسمونه بالرابطة، وبالتعبير الكردي الأعجمي: رابطة شريفة، هذه الرابطة عند النقشبندية خاصة من بين كل الطرق هي يأمرون المريد إذا جلس لذكر الله تبارك وتعالى أن يغمض عينيه وأن يستحضر صورة الشيخ بين يديه، وبهذه الطريقة زعموا بأن المريد يصل إلى الله، ودون هذه الطريقة وهذه الواسطة فلن يصل إلى الله تبارك وتعالى، فأردنا أن نسمع منه وأن نرد عليه إذا كان الخبر صحيحًا، فذهبنا إليه لما جلسنا دخل هو وكان خارج المجلس، فقلنا له: عندنا سؤال، قال: تفضل، قلنا: هذه الرابطة ما حجتكم فيها؟ قال: ما علمك فيها؟ ذكرت له هذا الذي سمعت، قال: لا، هذا غير صحيح، وهو حين يقول هذا نعلم أنه يماري ويداري، لكن ما نستطيع نحن أن نقول للناس: تكذب، لكن نحاسبه على ما يقول ليس إلا، قال: هذا غير ممكن، الإنسان بالتعبير السوري: يمكن أنه يمسك بطيختين بيد واحدة! طبعًا غير ممكن، يعني: يمكن أن يراقب الله ويراقب عبد الله في آن واحد! هذا لا يمكن، إذا كان الأمر كذلك فلا اعتراض،
…
الموضوع وهذا الشاهد، قلنا له: ما حجتكم في ذكر المفرد؟ فأتى بهذا الحديث.
هذا الحديث صحيح، قال عليه السلام:«لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول: الله الله» .
قلت: هذا لا يعني أن المسلم يجلس لذكر الله بالاسم المفرد فيقول مائة مرة: الله الله الله الله كما يفعلون في كثير من الطرق، قال: إذًا؟ قلت: تفسيره في رواية الإمام أحمد في المسند: «لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول: لا إله إلا الله» فإذًا اللفظ مفرد في الرواية الأولى كناية عن التوحيد، ومعنى ذلك: أنه لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يعبد الله، وهذا قد جاء صريحًا في حديث ابن سمعان في صحيح مسلم الطويل، وفيه:«أن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يقيم الساعة أرسل ريحًا طيبة فقبضت روح كل مؤمن فلا يبقى على وجه الأرض إلا شرار الخلق فعليهم تقوم الساعة» قلت له: هذا كله يفسر لنا معنى الرواية التي تحتجون بها على ذكر الله بالاسم المفرد.
ثم ناقشته منطقيًا، قلت له: ذكر الله بلفظ: الله الله، هل هو فرض؟ قال: لا، ولا يسعه إلا أن يقول هكذا، قلت: هل هو واجب؟ قال: لا، قال: يعني هل هو أكثر من أنه مستحب إن كان مستحبًا؟ قال: هو كذلك، قلت: فهل لا تقوم الساعة إلا على من ترك المستحب، يعني: إذا استمر المسلمون يقومون بكل واجباتهم، لكنهم أخلوا بهذا الأمر المستحب فعليهم تقوم الساعة؟ فبهت الرجل
…
فمن أوهام الصوفية قاطبة استغلالهم هذا الحديث الصحيح لبدعتهم في الذكر، وأنا تنازلت مع الشيخ حينما قلت: أحسن أحوال هذا الذكر أن يكون مستحبًا، لكن الرسول عليه السلام يقول:«أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» وحديث آخر: «أفضل كلام بعد القرآن أربع كلمات لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» فكيف يمكن أن يقال: أن الذكر باللفظ المفرد هو الأفضل؟ ! لا هو أحسن أحواله أن يقال: أنه جائز لكن من حيث الأفضلية هو
مفضول، لكنه حتى الجواز منفي عن هذا الذكر؛ لأسباب كثيرة بعضها شرعية، وبعضها لغوية، أما الشرعية فواضح جدًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصح عنه لا من قوله وتعليمه ولا من فعله وعمله أنه ذكر الله بلفظ: الله الله الله.
أما من جهة اللغة: فاللغة تقول: أن الكلام المفيد مركب من جملة تامة، مبتدأ وخبر مثلًا، فعل وفاعل، إذا قال: الفاعل: أكل .. هه! هنا ينتبه السامع لشيء، يقول المتكلم: أكل .. وماذا بعده؟ من الآكل .. من المأكول؟ إذًا: هذه جملة ناقصة غير تامة، إذًا: إذا قيل: أكل زيد، طيب! الآن أكل زيد جيد، لكن ماذا أكل؟ أكل زيد خبزًا إلى آخره، فحينما يقول الذاكر لله عز وجل، وهذا من أعظم الأمور: الله، وليتهم يقولون هكذا، الله الله ..... تجدهم يتسارعون بهذه اللفظة حتى لا تكاد تسمع منهم إلا أه أه أه أه! فكانت اللفظة الصريحة في اسم الجلالة، ثم أصبحت ألف وهاء لا معنى لها.
ولتسليك ضلالتهم هذه ركنوا إلى حديث ضعيف مذكور في الجامع الصغير، وأنا ذكرته في ضعيف الجامع الصغير:«أن الرسول عليه السلام عاد مريضًا فسمعه يقول: أه أه أه، فأنكر ذلك عليه بعضهم، فقال: دعوه فإنه يذكر اسمًا من أسماء الله» إذًا: حينما حولوا لفظة الجلالة: الله إلى: أه، فهم أيضًا لا يزالون في اسم من أسماء الله، لكن الحديث غير صحيح.
الشاهد: فالله حينما يقول الإنسان: الله، هذا مبتدأ، أين خبره؟ لا خبر، إذا قال قائل: زيد زيد زيد زيد عمر عمر عمر عمر، لا معنى له، لكن ما به زيد؟ والله زيد عالم، وعمر؟ فاضل، تم الكلام، الله! إما أن تقول: الله جليل .. الله عظيم .. الله عليم .. هذه جملة ثانية، مع ذلك: لو كملوها وجعلوها جملة تامة فسنظل عند قولنا السابق: إن هذا الذكر غير جائز؛ لأنه غير وارد من جهة، ومن جهة أخرى: يخالف ما علمنا الرسول عليه السلام من الأذكار الطيبة التي ذكرنا آنفًا بعضها.
(فتاوى جدة (6) /00: 57: 48)