الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالسؤال: هل يثبت شرعية مسح الوجه بالكفين بعد الدعاء، إذا ثبت ذلك عن الصحابيين، وأعني هل ثبت ذلك، فهذا ما لا أستحضره الآن.
(الهدى والنور /385/ 25: 02: 00)
مسح الوجه بعد الدعاء هل هو مشروع
؟
مداخلة: بالنسبة يا شيخ لمسح الوجه بعد الدعاء، يعني: مشروعية هذا نتحدث عنه أهو بدعة أو [ثابت]؟
الشيخ: لا يشرع إلا على حكاية الدكتور: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، هذه حكاية نحن [رددناها].
الحديث الضعيف لا يعمل به لا في فضائل الأعمال ولا في الأحكام، كل ما يمكن أن يقال شيء من البيان الدقيق الذي يعجز عن بيانه ربما بعض أهل العلم، فضلًا عن طلاب العلم، وهو الحديث الضعيف جملتان: ابتدائية وخبرية، الحديث الضعيف: مبتدأ، خبره: يعمل به هذه الجملة .. يعمل به في فضائل الأعمال، هل معنى في فضائل الأعمال الثابتة قبل العمل بالحديث الضعيف، أم فضائل الأعمال التي ثبتت فضيلتها بالحديث الضعيف؟ إن كان المقصود المعنى الأول وهذا معنى صحيح، فحينئذ لا يكون العمل بالحديث الضعيف وإنما يكون العمل بما أثبت كون هذه الأعمال من فضائل الأعمال، فهذه في اعتقادي بالنسبة لبعض الناس يشبه لما فيه من الدقة، فيفهمه بعض الناس ولا يفهمه الآخرون، فالمخرج: لسنا بحاجة إلى شيء اسمه حديث ضعيف، وبخاصة أن الذين يجيزون العمل بالحديث الضعيف على الإطلاق يقعون في مخالفة شرعية أشار إليه آنفًا الدكتور يحيى وهي: إنهم بدعوى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال يروون الحديث الضعيف ويكتمون ضعفها ولا يبينون ذلك الضعف تعليمًا للناس وبيانًا، وحينئذ يقعون في مشكلة علمية خطيرة جدًا وهي قوله عليه السلام:«من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» ، وقوله عليه السلام:«كفى المرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» كلما
سمع بعض الناس حديثًا أو قرؤوه في كتاب قالوا: قال رسول الله، لا شك أنهم بهذا التساهل في الرواية فقد وقعوا في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بداهة لا يمكن أن يكون كل حديث قرؤوه أو سمعوه أن يكون ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الخطأ الذي يروي هؤلاء ويوقعهم في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم أسبابه تلك القاعدة المزعومة: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.
فلذلك فقد جاء في هذه القاعدة ثلاثة أقوال للأئمة:
القول الأول وهو الصحيح: لا يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ لأنه لا يجوز رواية الحديث إلا ببيان ضعفه، فكيف يجوز العمل به مع كتمان ضعفه؟ ! لا شك أن رواية الحديث بالنسبة للعمل به يجري مجرى الوسيلة مع الغاية .. يجري مجرى الوضوء مع الصلاة، فما فائدة إنسان يتوضأ ولا يصلي؟ ! لا فائدة من ذلك، لكنه إذا توضأ وجب عليه أن يصلي المفروض على الأقل، كذلك نقول: رواية الحديث مع العمل به يجري مجرى الوسيلة مع الغاية، الوسيلة: رواية الحديث .. الوسيلة: التحديث بالحديث .. الوسيلة: قراءة قرآن، الغاية: العمل بالقرآن، وهكذا، فإذا لا يجوز رواية الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه، فكيف يجوز العمل به دون بيان ضعفه؟ ! هذه حقيقة لا شك فيها اثنان أوتيا عقلًا ولبًا وفهمًا.
وإذا كان الأمر كذلك فقد يقول قائل: نحن نروي الحديث الضعيف ونبين ضعفه ونعمل به في فضائل الأعمال، جاء هنا أمران اثنان: الأمر الأول: أن فضائل الأعمال لا تثبت بالأحاديث الضعيفة.
الشيء الثاني: مجرد أن يقول العالم وبخاصة على رؤوس المنابر: هذا حديث ضعيف يجوز العمل به في فضائل الأعمال، فوجدت الناس كلهم لا يعملون به وسيكون لسان حالهم كلسان قال غيرهم من أمثالنا، ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه غنية وفيه كفاية كما ذكرنا في المحاضرة بعد صلاة المغرب: أنه ما صح عن النبي
- صلى الله عليه وسلم مما سَنَّهُ للناس لا يستطيع أعبد الناس أن يحيط به عملًا فحسبنا ما صح عن الرسول عليه السلام ويكفينا منه الذي نحن نستطيع أن نقوم به والباقي يقوم به بعض الناس الآخرين، أما أن نزيد على الناس سننًا وآدابًا وأورادًا وأذكارًا نثقل حمل الإسلام على الناس وهو ميسر، فهذا في الحقيقة من مفاسد نشر الأحاديث الضعيفة وبخاصة مقرونة مع هذه القاعدة المهلهلة الهزيلة.
مداخلة: يضيفون على هذا، يقولون: نحن نعمل بالحديث الضعيف؛ لأنه قاعدة كقول الله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] وهذا الحديث يدعو إلى خير، مع ما فيه من ضعف؟
الشيخ: هذا كلام مردود، وبيانه سبق لكن يحتاج فيما يبدو تفصيلًا: أنا أضرب مثلًا لبيان خطأ هذا الكلام: لقد ثبت في السنة أن الميت حينما يوضع في قبره ويهال عليه التراب، من السنة أن يحثوا من كان هناك ثلاث حثيات، بعضهم صنف هذه الحثيات وضبطها بقوله تعالى في الحثية الأولى:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] قيل لهم: هذا حديث ضعيف لم يصح، قال: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، الآن نقول: من أين لك أن من فضائل الأعمال أنك في الحثية الأولى تقول: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] في الثانية: {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] والثالثة: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] .. من أين لكم أن هذا من فضائل الأعمال؟ الحق والحق أقول: إنكم تثبتون فضائل أعمال بالأحاديث الضعيفة، فهذا لا يجوز في الإسلام.
(فتاوى جدة - 6/ 00: 33: 12)