الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجعله ثلاث أثلاث: ثلث أعيده إلى الأرض، وثلث أنفقه على نفسي وعيالي، والثلث الثالث أتصدق به على جيراني وإخواني، قال له: هو هذا، فانظر كيف ربنا سخر السماء لعبد يعمل في الأرض مش في باله أن ربنا سيكرمه الكرامة هذه يخص السحاب بأرضه، هذا مصداق قوله تعالى {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3].
(الهدى والنور / 5/ 27: .. : .. )
حكم التدخين
مداخلة: يا شيخنا بالنسبة كثر الجدل وخاصة في وسط العوام من ناحية حكم الدخان هل هو حرام أم مكروه، وحكم زراعته وحكم بيعه؟
الشيخ: أي نعم، هذه مسألة يجب معرفة الحكم فيها، فالشرع لا يفرق بين زراعة الدخان وزراعة الحشيش المخدر، لكن الناس منتبهين لضرر الحشيش أكثر من انتباههم لضرر الدخان، وإلا هما في حكم واحد، بل ربما فاق الدخان في ضرره الحشيش.
أولاً: أصبح معلوماً لدى كل الناس حتى عامة الناس بسبب تيسير طرق العلم وهو الوسائل من الإذاعة والتلفاز ونحو ذلك والمجلات والجرائد حيث صار معلوماً أن من أقوى أسباب المرض الخبيث السرطان هو الدخان، والإسلام كما نعلم ما ترك شيئاً إلا وبينه تبياناً لكل شيء، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«لا ضرر ولا ضرار» هذا الحديث من جوامع كلم الرسول عليه السلام، كلمتين: لا ضرر ولا ضرار.
ما معنى: لا ضرر وما معنى لا ضرار، لا ضرر أي: لا يجوز أن تتعاطى شيئاً تضر به في نفسك، ولا ضرار لا يجوز لك أن تتعاطى شيئاً تضر به في غيرك، الضرر في النفس والإضرار في الغير، الدخان جمع الضررين، الدخان جمع ضررين، وهو
من هذه الحيثية قد يكون ضرره أشد من الخمر، لماذا؟ لأنه السكير لما يشرب الخمر بلا شك يضر حاله يكفيه أنه عصى الله عز وجل، وكما قال عليه الصلاة والسلام:«مدمن الخمر كعابد وثن» لكن لما يشرب الشارب ما يصل شيء من أذاه إلى زوجته إلى ابنه إلى صديقه إلى جليسه .. إلخ، بعكس الدخان، شارب الخمر لما يشرب الخمر جاره ما يتضرر بشربه للخمر، ما يتضرر بالخمر الذي شربه، لكن لما يشرب الدخان يضر جيرانه بالدخان.
قلنا: أن الرسول قال: لا ضرر ولا ضرار، وضرر الدخان في شاربه هذا لا أحد ينكره حتى المبتلين به يعرفوا ضرره أكثر من الآخرين، لكن كونه هذا الشارب للدخان يضر غيره هذا ما عرف طبياً إلا في الأيام الأخيرة، لماذا؟
لأنه الآن فيه خبر هذا الدخان الذي ينفثه شارب الدخان ويملأ الجو فيه مادة النيكوتين التي يتشبع الهواء الذي كل إنسان حي يريد يستنشقه ويدخل في جوف الذي ما يشربوا دخان يتضرروا بهذا الدخان هذا، فإذاً: العدوى الضررية انتقلت من الشارب الذي أدخل الدخان إلى جوفه من جهة وأخرج منه إلى الجو العام وانتقل هذا الدخان إلى الآخرين يتضرر هؤلاء بالدخان في رئتهم، هذا ضرر طبي اكتشف حديثاً، ولكن من لا ينكر أن الذين لا يشربون الدخان لا يتضررون من رائحته بدون ما يعرفوا أن هذا يضرهم داخلياً، ما فيه واحد ربنا عافاه من شرب الدخان إلا يتضايق لما يشرب، بل يتضايق إذا جلس جنبه شارب الدخان، نحن ندخل المساجد الله أكبر يأتينا واحد نكاد ننفجر ونحن نصلي من رائحته، فبدنه كله ريحة دخان الخبيثة هذه.
إذاً: ضرره متعدي إلى الآخرين فشمله الحديث بقسميه: لا ضرر في نفسه ولا ضرر في غيره، ضر نفسه وضر غيره.
هنا عبرة لمن يعتبر، الثوم والبصل في أحد ما يأكله؟ كلنا، لماذا؟ لأن الله أحله، بل طبياً الآن، معروف أن الثوم والبصل يستخلص منهما مادة تستعمل كعلاج لبعض الأمراض في برشامات، فلذلك ربنا عز وجل أحله، لكن رائحة الثوم
والبصل كريهة، مع فائدتهم البدنية ورائحتهما الكريهة ماذا قال عليه السلام: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» البصل والثوم، انظر الفرق البصل والثوم الذي فيهما الخير والفائدة ولا ينجو لا صالح ولا طالح من أكله، لأنه حلال، بمجرد الرائحة الكريهة الرسول عليه السلام يقول: إياك أن تأكل الثوم والبصل قبل حضور الصلاة؛ لأنك إذا حضرت المسجد وأنت آكل الثوم والبصل ليس فقط تضر بني جنسك، ستضر أيضاً الملائكة الذين يشاركون الحضور في المسجد، من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» هذا الثوم والبصل، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل يوماً المسجد مسجد الرسول في المدينة فشم من واحد رائحة الثوم والبصل، فأمر بإخراجه إلى البقيع إلى المقبرة، أمر بإخراجه ليس إلى الطريق إلى المقبرة، كأنه عليه الصلاة والسلام يشير عملياً أن هذا المسلم الذي يحضر المسجد وقد أكل هذه البقلة ذات الرائحة الكريهة لا يليق به أن يعيش بين الأحياء، أخرجوه إلى المقابر، وهذا نرجع ونقول: الثوم والبصل النافعين، فلو الرسول عليه السلام كان في زماننا، أو كان الدخان في زمانه هو ماذا سيقول؟ كان يقول أكثر مما قال بالنسبة للثوم والبصل، لأن الثوم والبصل فيه خير طعام وأكل وعصر وما شابه ذلك، واستخراج بعض الأدوية، أما الدخان فخبيث جداً، منه الداء الخبيث هذا السرطان، فإذاً: الذي يشرب الدخان يضر نفسه ويضر غيره، بعدين ضرره في نفسه ليس واقف فقط في صحته، وأيضاً في ماله، لأنه لو أن مسلماً مهما كان غنياً عنده مذاق خاص عنده يعني نوع
من الذوق يعني: يخالف البشر كله، مليونير افرضه الذوق تبعه يكيف كيف، يأخذ هذه الخمس الليرات ويشعل الكبريت يسمكها هكذا يكيف، كيف محشش مكيف، على ماذا مكيف؟ هذا يكيف على المنظر هذا، ماذا يضره هذا، صندوقه مليان بالملايين من الخمسات هؤلاء، يجوز هذا العمل، ما أحد يقول: يجوز.
انظروا إلى الذي يشرب سيجارة ماذا يعمل، نحن قلنا لو أخذ الليرة أو الدينار
الأردني الواحد أو النصف دينار وأشعله هكذا ما أصابه أذى أبداً، لكن أضاع المال، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» فهذا يكيف أنه يحرق هذا النصف الدينار أو الدينار أو أكثر من ذلك، فالذي يشرب دخان لا يحرقها هكذا يلفها مثل السجارة ويشربها يا ترى أيهما شر هذا الذي حرقها هكذا وكيف أم حرقها ومصها أيهما شر؟ قلي أنت يا أستاذ أبو ماذا أنت؟
مداخلة: أبو أحمد.
الشيخ: أبو أحمد، الحمد لله، هو أبو أحمد أيضاً، أيهما شر الذي حرقها، أم الذي حرقها ومص دخانها. الذي مصها، فإذاً: هذا يضيع لا يضر بنفسه بالدخان، أيضاً يضر في ماله ولو كان غنياً أقول لك: غني، فما بالك فيه ناس يصرفوا كل يوم دينار وربما أكثر، وعنده عيال واطفال مثلما أنت قلت، إذاً: ليس الضرر بمحصور بالنفس، محصور أيضاً في المال، غير إيذاء الناس الآخرين، الدخان خبيث أخبث من شرب الخمر، وأخبث من شرب الحشيش، لذلك أحدهم قديماً قبل ما يكتشف ضرر الدخان ماذا قال؟
قال: هذا كلام فقهاء طلبة العلم يفهموا وأنت إن شاء الله منهم، قال:
الأصل فيه شرعاً الإباحة
…
والنهي عنه مطلقاً قباحة
وجاء خلاف عنهم طويل
…
والمعتمد التفصيل
إن كان يؤذيه بعقل أو بدن
…
أو كان ذا ضرر إلى الثمن
فيحرم استعماله وإلا
…
فجائز في شرعنا وحل
ولكن الإكثار منه ملهي
…
وريحه الكريه عنه منهي
جهادهم فيه جهاد في الهوى
…
سكوتهم ونهيهم عنه سوى
بل ربما أغرى فتاً مشغوفاً
…
بشربه واستهون المصروف
وغاية الكلام فيه أنه
…
من النبات وهو حل كله
إلا الذي يضر بالأبدان
…
أو النهى فذاك شيء ثاني
قد أخبر الله -هنا العبرة-
قد أخبر الله ثم المصطفى
…
عن العسل بأنه شفا
مع أنه يضر بالمحموم
…
وحرمة المؤذي من المعلوم
إذا واحد مشتدة الحرارة معه، وأتيت وأعطيته عسل زدت حرارة على حرارة تضره، مع أنه عسل فيه شفاء للناس، فما بالك هذا الخبيث الذي يضر بالناس فهو حرام بدون إشكال.
أنا أراقب شاربي الدخان لا يمكن أن يذكروا الله عز وجل، لا يمكن أبداً، لأنه الوقت الفراغ بماذا يضيعه؟ بالدخان ما عنده وقت، النوكيتين هذا صار شيء أساسي في بدنه، ولذلك لا تجد هؤلاء المبتلين بشرب الدخان يصدق عليهم قوله تعالى في القرآن:{وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: 35] لا تجد، هذا من آثار شرب الدخان، فضرر واحد من هذه الأضرار يكفي في تحريم الدخان، فما بالك وقد جمع الأضرار كلها، الآن هات الذي عندك، الآن أنا خلصت.
مداخلة: تعلم الناس عليه.
الشيخ: هذا ما غير الشيطان، هو الشيطان ما غيره، ما غير الشيطان أبداً، إن الشيطان للإنسان عدو مبين.
مداخلة: أريد أعرف مين زرعه.
الشيخ: يا أبو أحمد الله يرضى عليك معرفتك بمن زرعه وجهلك سواء، بل لعل جهلك أحسن من علمك به، ما يفيدك أن تعرف، واحد شيطان من شياطين الإنس أو الجن المهم أنك تعرف أن هذا حرام زرعه حصده تيبيسه تهيئته سجائر .. إلخ، بعدين شربه كل هذه مقدمات محرمة على المسلمين.
مداخلة: سؤال له فرعين:
يقولون: ما فيه دليل من القرآن في تحريم الدخان، هذه واحدة، الثاني: الذي يزرع الدخان من فترة طويلة ويُعَيِّش أولاده من أين يأكل .. ؟
الشيخ: مسكين، مسكين، هذا مسلم يقول هكذا.
مداخلة: هكذا يقولون.
الشيخ: هذا الحقيقة مريض يجب أن يعالج، أما قول من يقول أنه ما فيه نص في القرآن الكريم في تحريم الدخان فهذا جهل ينبغي أن يعلم وإذا ما قبل يتعلم ينبغي أن يؤدب، وإذا ما فيه من يؤدب فحسابه عند الله عز وجل، لماذا؟
لأنه الإسلام ليس قرآناً فقط، الإسلام قرآن وسنة، فمن آمن بالقرآن ولم يؤمن بالسنة فليس مسلماً، لأن الله عز وجل يقول:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] ويقول: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] ويقول ويقول، ومن ذلك قوله عليه السلام:«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ليس واحد اثنين، كتاب الله وسنتي» ليس في القرآن يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فهذا بجهله يفتح عليه باب لا قبل له بسده، لما يقول لك: هذا ليس محرم بالقرآن، هذا يذكرني بقصة وقعت لامرأة عجوز في زمن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، جاءت إليه مهتمة بما بلغها عنه، قالت له: أنت الذي تقول: لعن الله النامصات والمتنمصات .. إلخ الحديث؟ قال: نعم، قالت: من أين لك هذا، أنا قرأت كتاب الله فلم أجد فيه هذا الذي تقوله؟
قال لها بكل نفس رضية، قال لها: إن كنت قرأتيه لوجدتيه، قالت: قد قرأته فما وجدته، قال لها: ألم تقرأي قول الله تبارك وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]؟ قالت: أما هذا فقد قرأته، قال: فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لعن الله النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والواصلات والمستوصلات، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن» فإذاً: ليس
كل شيء موجود في الإسلام ضروري يكون موجود في القرآن، لأن القرآن فسره النبي عليه السلام، الآن نحن نصلي في اليوم خمس صلوات، صلاة الفجر ركعتين، الظهر والعصر والعشاء أربعاً أربعاً، المغرب شذت عن أربعة أوقات ثلاثة، بعدين في سر فيه جهر، أين التفاصيل موجودة في القرآن؟ ليست موجودة في القرآن، لذلك هذا جاهل الذي يقول: أن هذا الدخان ليس مذكور في القرآن.
أما الناحية الثانية وهي: أن يا أخي هذا ورث الزراعة من أبوه وجده، ويعيش عياله أطفاله وأولاده .. إلخ، فهذا أيضاً جاهل مثل الأول أو أشد، لأن هذا لا يعلم قوله تعالى، ذلك عذره أنه ما رأى نص في القرآن، أما هذا في القرآن موجود:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه» فأنا أعتقد أن المسلمين اليوم بحاجة إلى تجديد إيمانهم بالله ورسوله أولاً، وإذا كان فيه هناك إيمان فهم بحاجة إلى تقويته ثانياً، وتقويته تكون بطاعة الله والابتعاد عن معاصي الله، ومن معاصي الله أن يزرع شيئاً يضر الناس به، لأن الوسيلة لها حكم الغاية، والرسول عليه السلام قال: لعن الله في الخمرة عشرة: أولهم شاربها، وبعدين ساقيها ومستقيها وعاصرها ومعتصرها، رجل عنده عرائش الأعناب، ولا أقول كما تقولون أنتم: الفلاحين عنده كروم، ما يجوز تقولوا كروم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:«لا يسمين أحدكم العنب كرماً، فإنما الكرم قلب الرجل المؤمن، ولكن ليقل: الحبلة الحبلة أو عرائش الأعناب» ، فرجل عنده عرائش الأعناب ولا أقول الكرم، جاء اليهودي أو النصراني الخنزير يريد يشتري من عنده كل ما أنتجه من العنب، وبثمن باهض، فإذا عرف صاحب العرائش هذه أن هذا زبون يريد يأخذ العنب ويعصره هو ملعون مثله، لماذا؟ لأنه قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] وبهذا القدر كفاية. والحمد لله رب العالمين.
(الهدى والنور / 497/ 24: 07: 00)