الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الاحتفال بعيد المعلم
(1)
مداخلة: هل يجوز حضور احتفال عيد المعلم الذي تقام في المدارس، وهل يجوز للمدرسة قبول الهدية التي تهدي لها المدرسة؟
الشيخ: الجواب: أن هذه المشكلة هي مشكلة نابعة من تقليدنا لنظم الكفار ولا يمكن القضاء على مثلها إلا بتغيير المناهج الدراسية وإلا فستسمعون أنه لا يجوز لا يجوز لا يجوز، لكن مع لا يجوز فنحن مرغمون على الوقوع فيها لفساد المنهاج، لعلكم تعلمون جميعًا أنه لا يوجد في الإسلام أعياد سوى ثلاثة: عيدان سنويان عيد الفطر وعيد الأضحى، وعيد أسبوعي وهو يوم الجمعة، ليس ثمة أعياد إلا هذه، لقد كنا نشكو ولا نزال نشكوا من عيد واحد طرأ على المسلمين منذ سنين طويلة منذ قرون، ألا وهو عيد المولد النبوي، وكنا نقول: إن هذا أولًا بدعة لا أصل لها في السنة، وثانيًا هو أيضًا نابع من تقليد المسلمين القدامى للنصارى فيقول قائلهم .. قائل المبتدعة هؤلاء: يا أخي! النصارى يحتفلون بميلاد نبيهم فكيف لا نحتفل نحن بميلاد نبينا صلوات الله وسلامه عليه؟ !
لقد غفل المسلمون غفلة عنيفة جدًا عن دينهم، فمعنى هذا الكلام أن النصارى قدوة لنا، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم ما حذرنا عن اتباعهم وتقليدهم في الحديث الذي في البخاري مثلًا من رواية أبي سيعد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر، وذرعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى، قال: فمن الناس؟ ! » فهو عليه السلام يحذرنا من أن نقلد هؤلاء الكفار؛ لأنهم انحرفوا عن سبيل الله عز وجل أولًا بتحريفهم للكتاب .. للتوراة والأنجيل، وثانيًا: بسبب كفرهم بالإسلام وبنبينا
(1) تنظر مسائل الأعياد في جامع المنهج.
عليه الصلاة والسلام الذي نسخ الله به وبكتابه سائر الأديان.
ولا بأس بهذه المناسبة أن أذكر بشيء ربما يجهله بعض الناس: لقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما تقول في صوم يوم الاثنين، كان جوابه على طريقة أسلوب حكيم، ما قال له: هذا مستحب .. هذا أمر فاضل ونحو ذلك، وإنما قال له ما هو أبلغ من ذلك، قال:«ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علي الوحي فيه» ما معنى هذا الجواب؟ كأنه يقول: عليكم أن تصوموا يوم الاثنين شكرًا لله عز وجل على ما أنعم به عليكم من ولادتي فيه وبعثتي فيه، ينبغي أن تشكروا الله على ذلك بأن تصوموا هذا اليوم؛ لأنه يوم فضيل ولد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن سنن الأمم قبلنا من أهل الكتاب أن يشكروا الله عز وجل على نعمة أنعم الله تبارك وتعالى بها عليهم، فقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المدينة مهاجرًا وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم عن السبب، فقالوا: هذا يوم نجا الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنده، فقال عليه الصلاة والسلام:«نحن أحق بموسى منكم فصامه، وأمر بصيامه» فإذا كان أولًا اليهود صاموا يوم عاشوراء شكرًا لله وأقرهم على ذلك نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام، ثم جاء الإقرار من نبينا خاتم الأنبياء وقال لهم:«نحن أحق بموسى منكم» فصامه وأمر بصيامه، فنحن إذًا علينا [أن نشكر] بهذه النعمة التي لا نعمة بعدها إلا الإسلام أن نصوم كل يوم اثنين.
نحن نعلم أن كثيرًا من المسلمين والحمد لله لا يزالون يتابعون يومين على الأقل في الأسبوع، يوم الاثنين ويوم الخميس، هذا مما جاءت فيه الأحاديث الفعلية والقولية، ولكن كثيرًا من الصائمين هؤلاء يصومون يوم الاثنين؛ لأنه يشرع فيه الصيام لكن أقل من القليل من يصوم يوم الاثنين وهو يستحضر في نفسه أنه حض عليه كشكر لربه أن خلق وأولد النبي صلى الله عليه وسلم وبعثه في هذا اليوم، هذا المعنى قليل جدًا من هؤلاء الصائمين من يستحضره في نفسه في يوم صومه، فماذا نقول عن الذين لا
يصومونه؟ هم أبعد ما يكونون عن أن يستحضروا هذا الحكم الشرعي المعلل بهذه العلة التي تستوجب شكر الله بالصيام.
فماذا أصاب المسلمين؟ لقد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فإنك تجد عامة الذين يحتفلون بما يسمونه بعيد المولد النبوي لا يصومون يوم الاثنين أكثر هؤلاء لا يصومون يوم الاثنين، إذا قيل لهم: بم تحتفلون؟ يقولون: نحن نحتفل تعظيمًا للرسول عليه السلام وذكرى للرسول عليه السلام، لكن الرسول قد شرع لكم بأمر الله ما هو خير لكم من هذا الاحتفال الذي هو أولًا محدث لا أصل له في الإسلام، وثانيًا: هو تشبه بالكفار بالنصارى يحتفلون بمولد عيسى فنحن أولى أن نحتفل بمولد نبينا صلى الله عليه وسلم.
وثالثًا وأخيرًا: أنتم تحتفلون هذا الاحتفال غير المشروع في العام مرة، ورسولكم سن لكم أن تحتفلوا في كل أسبوع، فأي الاحتفالين أعظم لو كنتم تعلمون!
إذًا: لا يجوز أن نحتفل بعيد من الأعياد وما أكثر هذه الأعياد، عيد المعلم وعيد الأم وعيد الشجرة، فأصبحت الأيام كلها أعيادًا وليتها كانت فعلًا أعيادًا؛ لأن طبيعة الأعياد أن الناس يعيشون فيها بفرح وسرور وحبور، لكن الناس اليوم يعيدون في ضنك من العيش والحياة، مع ذلك كثرت الأعياد التي يحتفلون بها، وهي في الواقع يصدق عليها قول الله عز وجل:{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 23].
فإذا كان الأمر كما ذكرنا أنه لا أعياد في الإسلام إلا تلك الأعياد الثلاثة، فإذًا: الاحتفال بعيد المعلم ككل احتفال في الأعياد الأخرى لا تشرع في دين الإسلام.
مداخلة: والهدية يا شيخ.
الشيخ: الهدية تابعة للأصل، الأصل فاسد، فما بني على فاسد فهو فاسد.
(أسئلة وفتاوى الإمارات - 9/ 00: 46: 20)