الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم رأيت في «الموطأ» «1/ 353 - 354» : عن مالك: أنه بلغه عن سالم بن عبد الله؛ كان إذا أراد أن يحرم؛ دعا بـ «الجَلْمَيْن» ، فقص شاربه، وأخذ من لحيته قبل أن يركب، وقبل أن يهل محرماً.
السلسلة الضعيفة (13/ 1/ 438 - 443).
حكم تهذيب اللحية؟ وحكم أخذ ما زاد عن القبضة
؟
مداخلة: [بعضهم] أجاز تهذيب اللحية وقد استدل بدليلين: الدليل الأول: اللغوي أن اللحية ما نبت على العارضين، الدليل الثاني: عن ابن عمر أنه كان يأخذ من لحيته.
الشيخ: أنت تقصد تزيين اللحية؟
مداخلة: تهذيب اللحية.
الشيخ: تهذيب اللحية واستدل أن اللحية هو ما نبت على العارضين، ما وجه هذا الدليل؟ حديث ابن عمر يأتي فيما بعد، فإذا كانت اللحية النابتة على الخدين .. على العارضين، فالتزيين من أين جاء؟ هذا ليس له علاقة وليس فيه حجة، أما الاستدلال بحديث ابن عمر فهذا له وجه ونحن لا نخالفه، لكن القول الأول لا وجه له إطلاقًا، ابن عمر كان يأخذ ما دون القبضة فهل الذين أنت تنقل إليهم يقفون عند ما فعل ابن عمر أم يزيدون على ذلك؟ التزيين نفهمه بأنه يجعل لحية المزين - على مذهب العامة عندنا في سوريا: خير الذقون إشارة تكون! - يعني: كالحف الذي يقول به بعض العلماء بالنسبة للشارب، حتى تظهر البشرة، فبعض الناس من باب تزيين اللحية يأخذ منها حتى تظهر البشرة، هذا لا يثبته حديث ابن عمر أبدًا، حديث ابن عمر كان يقبض فيقص ما دون القبضة هذه الزيادة، فمن فعل فعل ابن عمر هذا فلا نحرج عليه إطلاقًا، لا سيما ولم يتفرد به بل جاء ذلك عن أبي هريرة وعن مجاهد وغيره من السلف دون أن نعرف لهم مخالفًا.
هذا جوابي عما سألت.
مداخلة: بالنسبة للأخذ من اللحية هل يعتبر قول الصحابي حجة، أم هناك فرق بين فعل الصحابي وفعل السلف؟
…
الشيخ: قول الصحابي حجة أم لا؟ هذه المسألة نتركها الآن جانبًا، إنما فعل ابن عمر له علاقة بمسألة أخرى وهي: الراوي أدرى بمرويه من غيره، أم غيره أدرى بالمروي من روايه؟ هناك أقوال عديدة وقد يلتبس الأمر بعضها ببعض، منها مثلًا هذه قاعدة ثالثة: هل العبرة برواية الراوي أم برأيه؟ صار عندنا ثلاثة أمور:
عندنا هل يحتج بقول الصحابي أم لا؟ هذا قول.
هل يحتج بفعل الصحابي الراوي لحديثه أم لا؟
هل يحتج بفعل الصحابي إذا خالف حديثه؟ هذه مسألة ثالثة.
المسألة الثالثة هذه لا شك أن الحق فيها العبرة بروايته وليس برأيه، لكن المسألة الثانية وهي الوسطى، عكس هذه تمامًا .. هل العبرة برأي الراوي وفهمه أم بفهم غيره لروايته؟ ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حفو الشوارب وأعفوا اللحى» هو روى
…
وأعفوا اللحى، هنا يرد السؤال هذا نص عام: هل هو نص عام مطلق بحيث لا يأخذ المسلم من لحيته ولو طالت ووصلت إلى ما دون سرته؟ إذا أخذنا الحديث هكذا على إطلاقه يكون المعنى هكذا .. لا يأخذ منها؛ لأن الإعفاء مطلق.
هنا يأتي البحث بالنسبة للسؤال السابق: ابن عمر رضي الله عنه الذي روى هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن نلاحظ الآن الحقيقة التالية، أو الحقيقتين التاليتين:
الحقيقة الأولى: أنه رأى الرسول وسمع منه ورأى لحيته، فهو يعلم يقينًا هل كان يأخذ منها أم لا يأخذ منها؟ بمعنى: هو يعلم يقينًا هل الرسول طبق هذا
الحديث على إطلاقه ولم يأخذ من لحيته شيئًا أم أخذ منها شيئًا دون تحديد الآن؟ هذه الحقيقة الأولى: وهي ابن عمر سمع هذا الحديث ورأى الرسول الذي تحدث بهذا الحديث.
الحقيقة الثانية: هي أن ابن عمر رضي الله عنه كان أشد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قاطبًة وأحرصهم جميعًا على اتباع الرسول عليه السلام .. اتباعه في سنته إلى درجة فوق ما يقول أهل العلم إنه من السنة، إي: إن أهل العلم يقسمون سنة الرسول عليه السلام إلى سنة عبادة وسنة عادة، سنة العبادة هي التي نحن مأمورون بالاقتداء بالرسول عليه السلام فيها ونثاب على هذه القدوة، أما سنة العادة فهي عادة لا يترتب من وراء فعلها أو تركها شيء إطلاقًا.
ابن عمر الحريص على اتباع الرسول عليه السلام كان يتبعه حتى في سنن العادة، ولعلكم تعلمون بعض الأمثلة التي تروى عنه في كتاب الترغيب للمنذري ومجمع الزوائد للهيثمي وغيرهما.
الآن: إعفاء اللحية هل هو من سنن العبادة أم من سنن العادة؟ لا شك أنها من سنن العبادة، لماذا؟ لما سبق ذكره من الحديث أولًا، وبخاصة أنه جاء في بعض الروايات الصحيحة:«وخالفوا اليهود والنصارى» في رواية: «وخالفوا المجوس» والحديث الآخر في صحيح مسلم: «عشر من الفطرة - ذكر منها - قص الشارب وإعفاء اللحية» فإذًا: إعفاء اللحية سنة عبادة وليس سنة عادة.
الآن نعود لنقول: ترى! ابن عمر رضي الله عنهما المعروف مغالاته في اتباع الرسول عليه السلام حتى في سنن العادة، هل يعقل أن يرى الرسول عليه السلام لم يأخذ من لحيته ولا قيد شعرة كما يقال، ثم هو يأخذ منها ما دون القبضة؟ ! أنا أعتبر القول: بأن نعم هذا يمكن هذا قريب من المستحيل، إلا أن ننسب ابن عمر إلى أنه كان لا يهتم باتباع سنة الرسول عليه السلام وهذا خلاف مقطوع به عند جميع علماء المسلمين.