الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوب الأضحية على القادر
[قال الإمام]: قد صح الأمر بالأضحية في الصحيحين، وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل ثبت عنه أنه قال:«ومن وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا» فلعلهم [أي من قالوا بالاستحباب] لم يبلغهم ذلك أو بلغهم، ولكنهم تأولوا الأمر على الاستحباب، ولكن الحديث الأخير لا يساعد على ذلك، فتأمل.
(إصلاح المساجد ص 21)
النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام منسوخ
«كُلوا مِنْهَا ثُلُثَاً - يَعْنِي الضَّحَايَا - «. مُنْكَرٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ «مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» «ص 611» قالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثنَا بِشْرٌ عنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول
…
فَذَكَرَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ رِجَالُ الْبُخَارِيِّ، غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ ابْنُ جَابِرٍ الْحِمْصِيُّ، كَمَا فِي حَدِيثٍ سَابِقٍ لَهُ عِنْدَهُ، وَلَمْ أَجِدْ لَهُ تَرْجَمَةً، وَهُوَ عِلَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ مُنْكَرٌ لِمَا يَأْتِي. وَبِشْرٌ: هُوَ ابْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ. وَالْحَدِيثُ هَكَذَا ضُبِطَ بِالأَصْلِ «ثُلُثَاً» ، وَهُوَ خَطَأٌ لا نَدْرِي: أَهُوَ مِنْ بَعْضِ نَاسِخِي الْكِتَابِ، أم هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ الْحِمْصِيُّ الْمَذْكُورُ؟ ! . وَسَوَاءً كَانَ هَذَا أَوْ ذَاكَ، فَهُوَ مُنْكَرٌ، لأَنَّ الْحَدِيثَ جَاءَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ طُرُقٍ بِلَفْظِ «ثَلاثَاً»: أَيْ ثَلاثَ لَيَالٍ، وَلَيْسَ ثُلُثَ الأُضْحِيَّةِ، وَلا بَأْسَ مِنْ أنْ أَسُوقَ بَعْضَهَا:[أوَّلاً]: قَالَ أبُو عَوَانَةَ فِي «صَحِيحِهِ» «5/ 234» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ قَالا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ .... «قُلْتُ: فَسَاقَهُ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنْ عَلِيَّ رضي الله عنه مَرْفُوعَاً نَحْوَ الآتِي، ثُمَّ قَالَ: » قالَ: وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ بِإِسْنَادِهِ الأَوَّلِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُوا مِنْهَا ثَلاثَاً» .
قُلْتُ: كَذَا وَقَعَ
فِيهِ «وَأَبُو الْحَسَنِ» ، والْمَذْكُورُ فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ «وَأَبُو الْحُسَيْنِ» ، ثُمَّ وَقَعَ فيه «قَالَ: وَحَدَّثَنَا»، فَلَعَلَّ الصَّوابَ «قَالا» ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، أَيْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو الْحُسَيْنِ - وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَيْضَاً -، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَعْنِىَّ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا، فَهُوَ ثِقَةٌ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى خَطَأ مَنْ نَسَبَ إِلَى بِشْرِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ أنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ «ثُلُثَاً» ، وَيُؤَكِّدُهُ مَا يَأتِي:[ثَانِيَاً] قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: «كُلُوا مِنْهَا ثَلاثَاً. يَعْنِي لُحُومَ الأَضَاحِي» . أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمَعَانِي» «2/ 306_307» تَحْتَ: بَابِ أَكْلِ لُحُومِ الأَضَاحِي بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، لَكِنْ وَقَعَ فِيهِ «ثلثاً» بِإِسْقَاطِ أَلَفِ اللامِ كِتَابَةً لا لَفْظَاً، كِكِتَابَةِ الْعَلَمِينَ فِي الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ. فَعَلَى هَذَا يُرَجَّحُ أَنَّ مَا فِي الأَصْلِ كُتِبَ كَذَلِكَ، لَكَنْ أَخْطَأَ مَنْ ضَبَطَهُ بِضَمِّ الثَّاءِ وَاللامِ. وَاللهُ أَعْلمُ. [ثَالثَاً] رَوَاهُ ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ بهِ بِلَفْظِ:«كُلُوا مِنَ الأَضَاحِي ثَلاثَاً» . فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْكُلُ حَتَّى يَنْفِرَ مِنْ مِنَيً مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِي. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ «5574» ، وَمُسْلِمٌ «6/ 79 - 80» ، وَأبُو عَوَانَةَ «5/ 232». وَأَخْرَجَهُ أحْمَدُ «2/ 9» مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ:«لا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَتِهِ فوقَ ثَلاثٍ» . وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأحْمَدُ «2/ 34» . وَتابَعَهُ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهِ، وَزَادَ:
«وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ لا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأحْمَدُ «2/ 81» . وَهَكَذَا رَوَاهُ جَمْعٌ آخَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، اسْتَوْعَبَ الْكَثِيْرَ مِنْهَا الطَّحَاوِيُّ، فسَاقَهَا بِأَسَانِيدِهِ، وَبَعْضُهَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» ، وَكُلُّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى النَّهْي عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ إِلا فِي ثَلاثَةِ أيَّامٍ، مِمَّا يُؤَكِّدُ خَطَأَ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ بِالضَّبْطِ الَّذِي سَبَقَ بَيَانَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّهْي قَدْ صَحَّتْ أَحَادِيثٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِزَمَنٍ مُعِينٍ، ثُمَّ نُسِخَ، مِنْهَا: حَدِيثُ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعَاً: «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي «الإِرْوَاءِ» ، مَعَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ برقم «1155» . وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ