الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكبائر فتمحى الصغائر، وإنما بطبيعة الحال الإنسان لابد أن تقع منه هذه الصغائر، أما واحد يرتكب الصغائر ويتعمدها بحجة أن هذه كبائر تمحوها، هذا قلب للمقصود من الآية الكريمة فلا يجوز، على أنه على ما اعتقد أنه أي إنسان يقول مثل هذا الكلام الذي يدل على شيء من الإيمان هو ليس مقتنع تماماً بأن شرب الدخان حرام، حرام لأنه يضر صحته، حرام لأنه يضر بزوجته، حرام لأنه يضر في أولاده، حرام لأنه يضر بأصدقائه وإخوانه الذين يجالسهم، حرام أنه يضر في ماله .. إلخ، لما تجتمع هذه المجموعة كلها من الأضرار يقول لك: الله يغفرها لأنها من الصغائر، واحد يهلك حاله بيده على أساس أنها من الصغائر، لا، لو اعتقد هذا يقيناً ما قال هذه الكلمة ولا احتج بهذه الحجة.
(الهدى والنور / 141/ 30: 12: 00)
أهمية الوازع الديني إلى جانب الوازع الطبي للامتناع عن التدخين
الشيخ مخاطباً أحد الأطباء: أقول وأعني ما أقول أنك تنظر إلى الدخان فقط من الزاوية الطبية، فتعتقد أنت بصفتك طبيب أن فيه ضرر، لكن الأطباء بصورة عامة إذا غضضنا النظر عن كونه مؤمن أو غير مؤمن مسلم أو كافر إلى آخره لا يكون عنده وازع شخصي أنه يبعد نفسه عن ارتكاب ما يضره بدليل أن كثير من الأطباء الأوروبيين والأمريكيين يشربوا الخمر وهم يعتقدون أنها مضرة أيضاً يمكن مثل الدخان أو أكثر من الدخان.
مداخلة: نعم.
الشيخ: لكن الاعتقاد الطبي بأن الشيء الفلاني مضر بصاحبه لا يكون عنده وازع أن يمتنع منه، وهنا يظهر الوازع الديني وتأثيره على تربية النفوس البشرية، لذلك أنا أريد أن ألفت نظرك بصفتك لست طبيباً فقط بل طبيب ومسلم.
مداخلة: نعم.
الشيخ: أتفهم علي جيداً؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: نعم، فيجب أن يكون عندك وازع ديني ينهاك عن شرب الدخان، هذا الوازع الديني لا يأتيك فقط من الناحية الطبية وإنما من ناحية العلم بالشريعة الإسلامية، فشرب الدخان لو لم يثبت طبياً الآن وفي هذا الزمان بأنه يضر بالأبدان فهو حرام، انتبهت لهذا التحفظ لو لم يثبت أن شرب الدخان مضر في هذا الزمان لأنك تعرف العلم كل يوم يتقدم عن يوم، فلو لم يثبت ضرر الدخان فإسلامياً شربه محرم، لماذا؟
لأن التحريم له أسباب كثيرة يعني قد يكون التحريم لشيء لا يضر بصاحبه لكن يضر بغيره، مثاله: أكل الثوم والبصل، أكل الثوم والبصل لا شرعاً ولا طبعاً منهي عنه بل نحن نعلم من قراءتنا لبعض المجلات العلمية وأنت بذلك أعلم باعتبارك طبيب أن الثوم والبصل مفيد من الناحية الصحية، صح وإلا لا؟
مداخلة: نعم، صحيح.
الشيخ: حتى نؤكد معلوماتنا القديمة.
مداخلة: مزبوط.
الشيخ: نعم، فمع ذلك يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» .
مداخلة: الخبيثة المقصود بها الثوم والبصل؟
الشيخ: الثوم والبصل، أترى؟ نهى عنها لخباثتها من حيث الرائحة، وهذا فعلاً شيء يشعر به كل إنسان لا يكون قد أكل من هذا الطعام، يعني لا أنت ولا أنا لما يجلس واحد حديث أكل بالثوم والبصل نتقزز منه لأنه رائحة كريهة أترى؟ ولما
كان من الواجب على كل مسلم أنه يؤدي الصلوات الخمس في مساجد المسلمين مع الجماعة ويكون قد أكل ثوم وبصل باكراً فالرائحة بعدما زالت من فمه يقول الرسول: إياك أن تأتي المساجد، لماذا؟ فتؤذي المسلمين وتؤذي الملائكة المقربين الذين يحضروا صلاة المسلمين في مساجدهم، فأنت تلاحظ معي هنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى المسلم الذي أكل الثوم والبصل وهما حلال نهاه أن يحضر جماعة المسلمين لما يلحقهم من الضرر فما بالك الدخان لما أنت وعدم المؤاخذة أو غيرك يشربوا تصير رائحته جزء لا يتجزأ من بدنه، بدليل أن واحد مثلنا ممن عافاه الله من شرب الدخان، بس يدخل الداخل إلى الغرفة خاصة إذا كانت ضيقة وصغيرة ومحصورة رأساً يشعر أن هذا يشرب الدخان.
فإذاً هو يضر الآخرين ولو كان لا يضره شرب الدخان أو بالمعنى الأول: لو كان ما ثبت ضرر شرب الدخان لكن يضر الآخرين برائحته الكريهة كما يضر المسلمين في مساجدهم برائحة الثوم والبصل الذي هو حلال باتفاق المسلمين، لذلك قال عليه الصلاة والسلام حديثاً رائعاً جداً وهو يعتبر من بلاغة الرسول عليه الصلاة والسلام وفصاحته وجوامع كلمه الذي عبر عنه بقوله عليه الصلاة والسلام:«ألا إني أوتيت جوامع الكلم» .
جوامع الكلم ألفاظ قليلة ومعاني كثيرة، فقال عليه الصلاة والسلام:«لا ضرر ولا ضرار» ، ما معنى لا ضرر ولا ضرار؟ لا يجوز شرعاً أن تضر بنفسك ولا يجوز أن تضر غيرك، فلو فرضنا أن إنسان يعمل شيء لا يضر نفسه لكن فيه ضرر لغيره لا يجوز يتعاطى هذا الشيء الذي لا يضر نفسه به لأنه سيضر في غيره، علماء الإسلام وفقهاء الدين وصل بهم الأمر التدقيق في هذه النقطة بالذات إلى درجة أنه .. لا تشرب يا أخي بيدك الشمال بارك الله فيك، الأيمن فالأيمن، اليمين أمرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بأن نأكل باليمين ونشرب باليمين ونعطي باليمين ونأخذ باليمين هذه أوامر شرعية أصبح المسلمون اليوم في جهل عميق بها.
الشاهد: ماذا قال الفقهاء؟ إذا كنت في المسجد وأردت أن تقرأ القرآن هل في قراءة القرآن ضرر؟
مداخلة:
…
الشيخ: يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول: الم حرف بل ألف حرف لام حرف ميم حرف» ، طيب مجرد ما تقرأ «الم» تسجل لك عند رب العالمين أوتوماتيكياً كما يقولون في هذا الزمان ثلاثين حسنة، فما بالك لو تقرأ الفاتحة وغيرها من السور.
قال الفقهاء: إذا جلست في المسجد تقرأ القرآن وهناك رجل نائم آخذ راحته لا يجوز ترفع صوتك في قراءة القرآن.
مداخلة: من أجل لا يزعج.
الشيخ: نعم، فما بالك إذا رفعت صوتك وفي ناس يصلوا، ليسوا نائمين، ويصلوا ماذا يصلي في الوقت يصلي يعني يصلي تحية المسجد إلى آخره، وقد يكون هناك قراء مثله فيشوش عليهم، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:«يا أيها الناس كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة فتؤذوا المؤمنين» .
تؤذوا المؤمنين بالقراءة جهراً، الله أكبر، إذا كان بالقراءة فيها إيذاء للمؤمن لا يجوز فلا يجوز الواحد يشرب الدخان لو ما في شرب الدخان ضرر وحرمة في نفسه فما بالك وقد اجتمعت في شرب الدخان مصيبتان: الضرر ..
مداخلة: والحرام.
الشيخ: والضرار، أقصد الضرر والإضرار بالغير يعني، لكن شرب الدخان كما تعلم أنت أحسن مني مضر صحة وبدناً ورائحته الخبيثة مثل الثوم وأخبث من الثوم، لأن الثوم ولو بعض الناس لا يأكلوه لكن لا يوجد إنسان إلا ويأكل الثوم والبصل يكون معتاد عليه بعض الشيء لأن كثير من الأطعمة بداخلها الثوم والبصل، نعم.
ولذلك يجتمع في شرب الدخان يا حضرة الدكتور عدة مصائب: المصيبة الأولى الضرر بالأبدان، المصيبة الثانية: الضرر بالإخوان، المصيبة الثالثة: الإضرار بالأموال، لأن هذا إسراف وتبذير وإضاعة للمال في شيء يضر ولا ينفع.
قديماً سئل أحد المشايخ قبل أن تصبح حقيقة علمية أن الدخان مضر وقد يترتب منه المرض الخبيث هذا السرطان كما تعلم، وهذا بلا شك في الآونة الأخيرة انتشر بين الناس أما من قبل ما كان معروف، فسئل أحد العلماء الفقهاء عن شرب الدخان يومئذ وهو كان فيه شك بضرره في الأبدان لكنه فقيه، فاسترسل في الحكم فأجاب بأرجوزة جميلة يقول:
الأصل فيه شرعاً الإباحة
لأنه نبت من الأرض {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].
الأصل فيه شرعاً الإباحة
…
والنهي عنه مطلقاً قباحة
مطلقاً يعني بدون تفصيل، هو بقى بيفصل فيقول: إن، إن للتشكيك لأنه لا يعرف.
إن كان يؤذيه بعقل أو بدن
…
أو كان ذا ضرر إلى الثمن
فيحرم استعماله وإلا
…
فجائز في شرعنا وحل
ولكن الإكثار منه ملهي
…
وريحه الكريه عنه منهي
جهادهم فيه جهاد في الهوى
…
سكوتهم ونهيهم عنه سوى
بل ربما أغرى فتاً مشغوفاً
…
بشربه واستهون المصروف
وغاية الكلام فيه أنه
…
من النبات وهو حل كله
إلا الذي يضر بالأبدان
…
أو النهى فذاك شيء ثاني
قد أخبر الله ثم المصطفى
…
عن عسل النحل لأنه شفاء
مع أنه يضر بالمحموم
…
وحرمة المؤذي من المعلوم