الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الأجبان التي تصنع من مادة مستخلصة من معدة الضأن
السؤال: الأجبان [التي] تصنع باستخدام مادة مستخلصة من معدة الضأن، -هذا الكلام في أوروبا وليس هنا-، وإن كانت هذه الكمية صغيرة جداً، تكاد تكون أقل من نصف بالمائة من الحليب، الذي تصنع الأجبان منه، فما الحكم؟
الشيخ: أن هذه المادة التي يفترض أنها نجسة؛ لأنها استخرجت من حيوان لم يذبح ذبحاً شرعياً، ولو كان في الأصل حلال الأكل، لكن إذا لم يذبح هذا الحيوان الذي أصله حلال، فيصبح كالميتة، والميتة نجسة، كما يفترض أن تكون على علم بذلك، فهذه المادة التي تصنع منها الأجبان لها حالة من حالتين:
إما أن يتغير عينها بسبب التفاعل الكيماوي بينها وبين مادة الحليب الذي يتحول إلى جبن، وإما أن تبقى محتفظة بشخصيتها وعينيتها، فإن كانت الحالة: هي الصورة الأولى، أي أنها تحولت، فالتحول من المطهرات الشرعية، ومن الدليل على ذلك تحول الخمر إلى خل، فالخل يصبح طاهراً حلال، مع أن أصله كان حراماً، وهذا نص لكن بعض العلماء يأتون بأمثلة أخرى، ينظرون فيها إلى واقع النجاسة المحرمة، والتي تحولت إلى شخصية ونوعية أخرى، فمن الأمثلة على أن تحول العين النجسة أو المحرمة إلى حقيقة أخرى، أن هذا التحول من المطهرات، الحيوان الميت الفطيسة، قد تتحول بسبب العوامل الطبيعية، كالرياح والأمطار والشمس ونحو ذلك، إلى ملح، مع الزمن، هذه الميتة النجسة تتحول مع الزمن إلى ملح، فهل ينظر شرعاً إلى واقع هذا الذي تحول، وهو الملح أم ينظر إلى أصله؟ الجواب: لا، لا نعود إلى الأصل، وإنما نحن ننظر إلى هذا الواقع، هذا الواقع حساً ولمساً وذوقاً هو ملح، فليس هو الفطيس التي تعافه النفس رؤيةً، فضلاً عن أنها تعافها لمساً، فضلاً عن أنها تعافها أكثر وأكثر أكلاً، فهذا النجس في الأصل والمحرم بسبب تلك العوامل، لما تحول إلى طبيعة أخرى، هو الملح، صار هذا الملح حلالاً.
على هذا إن كانت هذه المادة النجسة التي تصنع منها الألبان، قد تحولت بسبب التفاعل الكيماوي إلى عيون أخرى، بحيث لو فحص، لكان جواب الفاحص هذا ليس هو ذاك الدهن أو تلك المادة النجسة، أما إذا افترضنا أن هذه المادة لا تزال محتفظة بشخصيتها وعينيتها وهي النجاسة والحرمة، فحينئذٍ ينظر إلى المسألة على التفصيل الآتي:
إن كانت هذه النجاسة التي احتفظت بشخصيتها، وعينيتها في ذاك المركب الذي هو الحليب مثلاً أو دواء، فحينئذٍ ننظر إلى نسبة هذه النجاسة مع الحليب، أو أي سائل آخر كالدواء، فإن كانت هذه النجاسة تغلبت على طهارة الذي دخل فيه، أو دخلت فيه هذه النجاسة، فقد تنجس كل ذلك، وإن بقي الممزوج به محتفظاً بشخصيته الحليب طعمه معروف، الدواء المركب من أجزاء كثيرة وكثيرة جداً أيضاً معروف.
فإذا تحول بسبب هذه المخالطة إلى عينية أخرى، الممزوج به هو الحليب والدواء فهو نجس، وإلا فهو طاهر وإن كان فيه نجاسة؛ لأن الحكم الشرعي المقطوع به، أنه ليس كل سائل وقع فيه نجاسة تنجس وحرم استعماله، ومن الأمثلة الواقعية الحساسة في الموضوع، تنكة زيت، تقع فيها فأرة، أو سمن في صيف سائل يقع فيه فأر، هل يجوز أولاً بيع هذا الزيت، أو ذاك السمن، ثم هل يجوز أكله واستعماله؟
الجواب: على التفصيل السابق، إن كانت هذه النجاسة والتي هي هنا الفأرة، غيرت من شخصية الزيت أو السمن الذي وقعت فيه وذلك بأن يتغير أحد أوصافه الثلاثة: الطعم، أو اللون، أو الريح، فتغير أحد هذه الأوصاف الثلاثة، يعني أن هذا السائل الذي هو الزيت أو السمن قد خرج عن حقيقته الأصيلة، وخالطته النجاسة بحيث تغلبت عليه وجعلته سائلاً آخر، وحين ذاك يكون نجساً، لا يجوز بيعه، ولا أكله، ولا استعماله بأي طريقة من الطرق لأنه نجس ويجب إرقاته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم،
فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه».
فهذا الزيت أو ذاك السمن إذا تنجس بنجاسة ما، بمثالنا نحن الفأر الميت، حينئذٍ أصبح نجساً فلا يجوز بيعه؛ لأن الله حرم أكله، وبالتالي أكل ثمنه، كما سمعتم الحديث السابق:«لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم، فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه» .
الشحم: هو طيب، وهو تابع للحم في شريعتنا القاهرة المهيمنة المسيطرة على كل الشرائع إلى يوم القيامة، أما في شريعة اليهود، فقد كان الله عز وجل حرم عليهم شحوم الدواب، الحلال أكل لحومها، وقد صرح في القرآن بسبب هذا التحريم الذي قد يتساءل عنه بعض الجالسين فيقول: لماذا حرم الله على اليهود الشحوم؟
الجواب: في نفس القرآن الكريم، {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160]، فالشحوم من الطيبات التي حرمها الله عليهم، وإن حرمها الله عليهم، فلازم ذلك تحريم البيع والشراء، لكن اليهود الغلف القلوب بنص التوراة عندهم لم يصبروا على هذا الحكم الشرعي، بل احتالوا عليه، وذلك بأنهم أخذوا الشحوم ووضعوها في القدور، وأوقدوا النار من تحتها فسالت وأخذت شكلاً مستوي السطح كما يقال: بظنهم أو كما سولت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء، أن هذا الشحم صار حقيقةً أخرى، ليس ذلك إلا باختلاف الشكل، أما الدهن فهو لا يزال دهناً، فلذلك يستعمله الناس، فلعنهم الله عز وجل كما أخبر الرسول عليه السلام في الحديث السابق:«لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم» ، لا تنسوا الآية:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160]، «حرمت عليهم الشحوم فجملوها» أيش معنى جملوها؟ ذوبوها، «ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه» ، على ذلك التنكة الزيت أو السمنة، إذا وقعت فيها نجاسة، ثم تغير أحد أوصافها الثلاثة فلا يجوز بيع ذلك، وبالطبع لا يجوز أكله، ولا استعماله بأي طريق من الطرق، ويجب أن يراق؛