الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجلها»، فأجملوا أي: أحسنوا في طلب الرزق في موافقة الشرع.
فالخلاصة: أن كثيراً من الناس يعتبرون أنفسهم مضطرين وليسوا مضطرين؛ ولذلك فليتق الله مسلم، ولا يوجد لنفسه تأولاً بعيداً ليستحل ما حرم الله عز وجل بأدنى الحيل، فإن الله عز وجل يعلم السر وأخفى.
(الهدى والنور /634/ 00: 33: 00)
هل حلق اللحية من الكبائر
؟
مداخلة: [هل حلق اللحية من الكبائر]؟
الشيخ: حلق اللحية بلا شك من الكبائر، وليس من المحرمات فقط؛ وذلك لأنها تشتمل على مخالفات لنصوص عدة، أولها: قوله عليه الصلاة والسلام: «حفوا الشارب وأعفوا اللحى، وخالفوا اليهود والنصارى» والأمر الصادر من النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز مخالفته بنص قول الله تبارك وتعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] هذا أولًا.
وثانيًا: كما جاء في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عباس قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، فلا شك أن التشبه تشبه كل من الجنسين بالآخر إنما هو فيما يبدو في الظاهر فمن أجل ذلك يحرم على الرجل أن يتشبه بالمرأة سواء في اللباس أو في غير اللباس كما يحرم على المرأة أن تتشبه أيضًا بالرجل في اللباس أو في غيره.
موضوع حلق اللحية: فلا شك أن الله عز وجل حينما فاوت في خلقه بين الرجال والنساء وأشار إلى ذلك في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] فربنا لما ذكر في هذه الآية ما ذكر ذلك عبثًا وإنا ليلفت النظر أن من آياته أن خلق الذكر والأنثى، فهو فاوت بأشياء منها ظاهرة ومنها باطنة، فمن الأشياء الظاهرة: أن الله ميز الرجل باللحى وميز النساء بدونها، ولا يشك كل ذي عقل
ولب أن المرأة لو اتخذت لحية مستعارة ألصقتها بخديها فكل من يراها لا يتردد في أن يقول: إنها تشبهت بالرجال، علمًا أنها لم تصنع إلا أنها أخذت شيئًا مثل الباروكة.
هذه اللحية المستعارة مشهور بها البريطانيون الإنجليز، طبقة منهم يسمونهم باللوردات هؤلاء كان من تقاليدهم وربما لا يزالون كذلك، إذا دخلوا البرلمان وهم حليقين فيضعون هذه اللحى المستعارة، فالمرأة التي تضع لحية مستعارة لا يشك أي إنسان بأنها تشبهت بالرجل، فيا ترى! أليس العكس أقرب إلى التشبه فيما إذا جاء الرجل إلى لحيته التي فرضها الله عليه فرضًا وجبره عليها جبرًا لأنه خلقه ذكرًا فجعله ذكرًا ذا لحية فحينما يأتي هذا الذكر ويطيح بلحيته ويرميها أرضًا أليس قد تشبه بالمرأة التي ليس لها لحية؟ لا شك أن هذا أمر متحقق واقع، فإذًا: شمله اللعن مباشرًة الذي في صحيح البخاري: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال» .
ثم يأتي ثالثًا: ربنا عز وجل ذكر في القرآن الكريم في قصة لعنه إبليس إلى يوم الدين؛ بسبب وسوسته لآدم عليه السلام، فلما وقع إبليس في الطرد من رحمة الله أراد أن يثبت أصله، ويؤكد معصيته لله عز وجل، فقال:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119] فإذًا: الذي يحلق لحيته فهو يطيع الشيطان ويعصي الرحمن؛ لأن الشيطان قال: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119] فإذًا: هو خالف أيضًا الآية الكريمة التي فيها إعلان بأن وظيفة إبليس الرجيم مع عدوه الإنسان أن يأمره بتغيير خلق الله.
من أجل ذلك جاء أخيرًا قوله عليه الصلاة والسلام: «لعن الله النامصات والمتنمصات، والواشمات والمستوشمات، والواصلات والمستوصلات، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن» المغيرات لخلق الله للحسن، فنحن هنا نأخذ من هذا الحديث ما يتعلق بالآية السابقة:{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]: فالرسول لعن هذه الأصناف من النساء بتعليل: المغيرات لخلق الله للحسن، فإذًا:
هن في تغييرهن لخلق الله أطعن الشيطان وعصين الرحمن.
قد يقول قائل هنا: ليس للرجال علاقة بالحديث، نقول: بلى لهم علاقة كل العلاقة، وذلك للبيان التالي، وهو: كلنا يعلم أن الله عز وجل لحكمته البالغة لما غاير بين النساء والرجال، جعل للنساء بعض الأحكام تختص بهن، غير الحكم الكوني حيث جعلها بدون لحية، فأباح لهن مثلًا الحرير، وأباح لهن نوعًا من الذهب، بينما حرم هذا وذاك على الرجال، ومع هذا التمييز لجنس النساء على الرجال بإباحته تعالى لهن ما هو حرام عليهم فإذا حرم عليهن شيئًا وبعلة تغيير خلق الله فلا شك أن هذا الشيء المحرم عليهن لنفس العلة يكون محرمًا على الرجال من باب أولى.
فالآن: نعود إلى الحديث: «لعن الله النامصات» أي: الناتفات، النتف هنا نسمع من كثيرين من أهل العلم والفضل يختلفون، بعضهم يخصون النمص بالحاجبين فقط، وبعضهم يزيد على الحاجبين الخدين، ثم لا شيء وراء ذلك، والصواب: أن الأمر أوسع من ذلك كل التوسعة بحيث يشمل النتف في أي مكان يقع من بدن المرأة إلا ما استثناه الشارع كنتف الإبط مثلًا فإنه من سنن الفطرة.
وهذا كلام نذكره الآن بالمناسبة ولا نقف عنده كثيرًا، لكن الشاهد: إذا كان الشارع الحكيم حرم على المرأة أن تأخذ من حاجبيها ترى! ألا يحرم ذلك على الرجال من باب أولى؟ الجواب: نعم؛ لما ذكرته آنفًا: أن هذا تغيير لخلق الله، والحديث التقى مع الآية: المغيرات لخلق الله، فإذا كان الله عز وجل حرم عليهن أن يغيرن تغييرًا بسيطًا من حواجبهن؛ لأنه تغيير لخلق الله، فالرجل من باب أولى أنه لا يجوز له أن يأخذ من حاجبيه؛ لأنه أيضًا تغيير لخلق الله.
زد على ذلك: أن الشارع أباح للنساء ما لم يبح للرجال، فإذا حرم عليهن هذا فمن باب أولى أن نحرمه على الرجال كما ذكرنا.
فكل هذه الأصناف التي ذكرت في الحديث تغيير لخلق الله، البشرة مثلًا تكون المرأة ذراعها أبيض فلا يعجبها بياض ربها فتأخذ الوشم وتشم البشرة، هذا هو