الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأخذ من اللحية
مداخلة: بالنسبة، أنا سمعت أمس من يذكر عنكم الفتوى، التي تقول بجواز الأخذ من اللحية من غير حج أو عمرة، هل هذا صحيح؟
الشيخ: مائة صحيح.
مداخلة: مائة صحيح، طيب. ما الحجة في ذلك؟
الشيخ: فعل الصحابة.
مداخلة: ممكن تذكر لنا أمثلة ممن تذكرت من فعل الصحابة.
الشيخ: فعل ابن عمر، أنه ثبت عنه الأخذ مُقَيَّداً بالحج والعمرة، وبغير قيد للحج والعمرة، وكذلك ورد عن بعض الصحابة والتابعين كأبي هريرة ومجاهد وغيرهما، هذا الذي نستحضره الآن.
مداخلة: لكن بعض من يقولون بغير هذا الرأي: قال: إن فعل الصحابة ليس بحجة، لا سيما إن خولف فيه، وهو ذكر بسند صحيح إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كانت لحيته تصل إلى سُرَّته، وتملأ ما بين العارضين فيقول: والظاهر: من بقية الصحابة أنهم ما كانوا يعهدون الأخذ من اللحية؛ لأن هذا ضد قوله صلى الله عليه وسلم: «وَفِّروا» ، فالأخذ هو ضد التوفير، فلنا ظاهر النص، لا نتزيد عليه.
الشيخ: نعم. أولاً: هذا الأثر بالسند الصحيح، مَن رواه؟
مداخلة: أنا ما أدري، أنا ناقل.
الشيخ: طيب، مَن ذكره؟
مداخلة: أنا ما أدري -أيضاً-، لكن إن صح؟
الشيخ: إن صح يكون المسألة فيها خلاف بين الصحابة، وهذا يعني صحابي من جملة الصحابة، فحينئذٍ تكون المسألة من موارد الاجتهاد والنزاع، لكن أنا ما
أرى التوسع في الموضوع قبل التَّحَقُّق من صحة هذا الأثر، أنت تثق بالذي ذكر هذا الأثر وصحح إسناده؟
مداخلة: يعني: أثق بنقله هو لا يجتهد من عنده، إنما هو ناقل، يقول: أنا قرأت كذا وكذا، فنقله أثق به.
الشيخ: ولكن هو -بارك الله فيك- ليست القضية قضية نقل فقط، من الذي قال إسناده صحيح أهو أم الذي نقل عنه؟
مداخلة: الذي نقل عنه.
الشيخ: هو المنقول عنه، من هو؟ هو من أئمة الحديث من المُصَحِّحين والمُضَعِّفين؟
مداخلة: ما أدري.
الشيخ: إذاً: هو ينقل عن مجهول؟
مداخلة: لا، هو نقل عن كتاب، أنا نسيته.
الشيخ: نعم.
مداخلة: أنا نسيت الكتاب الذي نقل عنه.
الشيخ: طيب. مَن الناقل؟
مداخلة: أخ لنا في مصر، أُسَمِّيه والا لا حاجة؟
الشيخ: نعم أقول: إذا كان في ذلك غيبةً فلا تسميه.
مداخلة: لا، ليس غيبة.
الشيخ: إذاً: سَمِّه.
مداخلة: الأخ أبو عبد الرحمن إبراهيم بن عبد الله، هذا من المشتغلين
بالحديث.
الشيخ: طيب. إبراهيم بن عبد الله، له آثار؟
مداخلة: هذا الأخ؟
الشيخ: طبعاً هو، مَن غيره؟
مداخلة: ككتاب، أو نحو ذلك.
الشيخ: نعم رسالة -مثلاً-، كتاب.
مداخلة: نعم، له كتاب المعاني والمباني بين الغزالي والألباني، يناقش قول الشيخ الغزالي في مقدمة فقه السيرة: أنا آخذ بروح الحديث ولا آخذ بنصه، فهو يناقش معنى الحديث ومبناه، في ضوء هذه المسألة .. ، وله كتاب إرواء الظمي.
الشيخ: ينتهي، بماذا؟
مداخلة: نعم، ينتهي إلى ضرورة الوقوف على المبنى، يعني: إن كان المبنى يساعد على المعنى أهلاً، لكن لا أتَجَوَّز وأتوسع وأرفض الأحاديث الصحيحة، بدعوى أن المعنى غير مطابق، ونحو ذلك.
الشيخ: نعم، وله أيضاً؟
مداخلة: وله كتاب «إرواء الظمي بتخريج سنن الدارمي» .
الشيخ: مطبوعة هذه الأشياء، وإلا ما تزال في عالم المخطوط؟
مداخلة: لا، هو ما زالت في عالم المخطوط.
الشيخ: هو أنت قرأت الذي نقلته عنه في كتاب له، أم هو قال لك؟
مداخلة: سمعت.
الشيخ: سمعت؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: أيضاً: نقلاً عنه.
مداخلة: نقلاً عنه.
الشيخ: فهذه الرواية، إذاً منقطعة، الوسيط هذا، تثق به؟
مداخلة: أنا لا أذكر.
الشيخ: هذا هو على كل حال، نحن نتوقف الآن؛ لأنه نستبعد جداً صحة مثل هذا الخبر.
مداخلة: لكن يا شيخَنا لو ثبت، وتعارض فعل الصحابة، أليس الرجوع إلى ظاهر النص أولى؟
الشيخ: لا، هنا شيء أذكره لك: المسألة تختلف تماماً عن بعض المسائل التي يخالف فيها بعض السلف ظاهر النص.
الشيخ ابن باز -طبعاً- يدندن حول وجود تمسك بظاهر النص هذا، ويقول في تعليقه على رسالة الكاندهلوي رأيتها لا بد؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: بأنه لا يعتد بمخالفة الصحابة، هذا كلام في زعمي أنا خطير جداً، لو تَشَكَّك في صحة ذلك، في نسبة ذلك للصحابة، كان يعني مقبولاً أكثر، فكيف نحن نتصور هؤلاء الصحابة وعلى رأسهم ابن عمر، أن نقول فيه: إنه إما لعدم فهمه لعموم النص أو إطلاقه، وإما مع فهمه خالف سنة الرسول عليه السلام، مع أنه من بين الصحابة، هو الصحابي الفريد الوحيد الذي عرفنا عنه غُلّوه وتشدّده في اتباعه أفعال الرسول عليه السلام حتى ما كان منها جِبِلِّية، ولم تكن من السنن التعبدية، فما يمكن أن يقال: بأن مثل ابن عمر هذا الحريص على اتباع الرسول عليه السلام، وقد
صاحبه ما شاء الله من سنين، يرى الرسول عليه السلام يطابق قولَه فعلُه، وفعله قولُه ثم يأتي هو ويخالف القول والفعل معاً، فهذا أبعد ما يكون عن مثل هذا الصحابي.
يمكن أن يُفْتَرض مثل هذه المخالفة بالنسبة للصحابة من الأعراب -مثلاً- من البدو الذي جاء إلى الرسول عليه السلام وآمن به، وسمع منه بعض النصائح أو بعض المسائل، ثم رجع إلى غنمه إلى إبله إلى باديته، أما ابن عمر الذي صحب الرسول عليه السلام وحَرِصَ ذلك الحرص الغريب الشديد في اتباعه عليه السلام، حتى فيما يرى الآخرون أن هذا ليس من الاتباع في شيء، وإنما حُبُّه أودى به إلى الغلو في اتباع الرسول عليه السلام فيما ليس به سنة، هذا الرجل من الصعب جداً أن نتصور أنه يأتي إلى شيء يرى الرسول عليه السلام يفعله، ويؤكد بذلك قوله:«وأعفوا اللحى» ثم هو لا يعفو، فيخالف ما رآه في الرسول وما سمعه من الرسول.
وفي اعتقادي: لا يشك كل ذي لب وعقل، أن هذا الخطاب الذي يسمعه الصحابي بصورة عامة، وابن عمر بصورة خاصة، مباشرةً من فم الرسول عليه السلام إلى أذنه، سيكون هو أفهم له من أيِّ رجل آخر يأتي في آخر الزمان أو في قديم الزمان، لكنه لم يسمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة.
مداخلة: لكن ابن عمر قَيَّد يا شيخ بالحج أو العمرة فقط؟
الشيخ: نعم أنا قلت لك آنفاً ثبت عنه هذا وذاك، ثم هذه مسألة ممكن يصير بيننا وبينك مثلاً، أنت ترى الأخذ بفعل ابن عمر في الحج والعمرة للسَّبب الذي ذكرته، لكن الشيخ ابن باز وأمثاله لا يُفَرِّقون أنه فعل ابن عمر، فالموضوع ليس الآن موضوع القيد والإطلاق، في الحج والعمرة أو مطلقاً.
الموضوع الآن: أنه سواءً كان الأخذ في الحج والعمرة، أو كان الأخذ في غيرهما أيضاً، فهو في وجهة نظر ابن باز وغيره من أهل العلم، لا فرق في هذا وهذا، كل ذلك يخالف النص في مفهومهم.
مداخلة: نعم.
الشيخ: لذلك نحن ما ندخل الآن في التفاصيل، على أني أجبتك بأنه ثبت عنه الإطلاق، فالقيد هذا ليس قيداً، وإنما هو جزء من أجزاء النص العام.
مداخلة: نعم.
الشيخ: فهذا وجهة نظري في الموضوع.
مداخلة: لكن يا شيخنا: بالنسبة لفتواك، يستغلها بعض الناس لدرجة أن لحاهم تكون هكذا، لا تكاد تظهر.
الشيخ: مثلما قال الكاندهلوي، كحبات الرز؟
مداخلة: نعم هو كذلك فلا يبدوا سيمة المسلم بتوفير اللحية، وأنها تكون سابغة ونحو ذلك.
الشيخ: أي نعم، لكن نحن لا نزال نقول بالتوفير ونضع له حَدَّاً لا يتجاوزه مسلم، وهو ما ثبت عن ابن عمر؟
مداخلة: الذي هو القبضة؟
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: يعني: إذاً: كأن مجمل الفتوى أنه بعد القبضة لا يأخذ؟
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: فإذاً: رجعنا إلى القيد.
الشيخ: القيد، أيَّ قيد؟
مداخلة: الذي هو قيد كان إذا حج أو اعتمر.
الشيخ: لا، لا، لا -بارك الله فيك- في عندنا قيدين الآن: قيد زمني، وقيد