الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين احتاجوا إلى استعمال السبحة ما هو إلا لأنهم اخترعوا قبل استعمالهم السبحة أعداد ضخمة جداً فعلاً لا يمكن إحصاؤها بالأنامل .. الأذكار نعم، في شيء يسمونه ألفية وأربعة آلاف .. وقل هو الله أحد كذا .. هذا كيف سيحصيه إلا بالحصى أو بالسبحة التي تنوب عنها، لكن الشرع لا يوجد فيه مثل هذا العدد الضخم ..
(الهدى والنور / 78/ 40: 9.: .. )
حكم استعمال السبحة
السائل: هل التسبيح بالمسبحة يعتبر من البدع، إذا اعتقد المسبح أن ليس فيها زيادة أجر وثواب وهل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية القول بأنها ليست بدعة؟
الشيخ: ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن السبحة ليست بدعة لكننا لا نقول بقوله في هذه المسألة وحسبنا أننا نتابعه في أكثر آرائه واجتهاداته، ولكننا لا نوافقه في كل ما ذهب إليه لأنه ليس نبيا معصوما يجب علينا اتباعه في كل كبير وصغير ثم نحن لسنا تيميين، ولو أردنا أن ننتسب إلى رجل غير معصوم لبقي كل فرد منا على مذهبه القديم، أنا شخصيا كنت حنفيا لبقيت حنفيا، وزيد كان شافعيا لبقي شافعيا لأن هؤلاء الأئمة مشهود لهم بالإمامة وبالعلم والصلاح والتقوى إلى آخره .. فلو كنا نريد أن نظل متبعين لإمام لوحده لبقينا لما كنا عليه متبعين في ذلك آباءنا وأجدادنا ولكن قد هدانا الله عز وجل إلى اتباع السنة وإلى عدم إيثار شيء يخالف هذه السنة، ابن تيمية رحمه الله ككثير ممن يذهب إلى أن السبحة ليست بدعة، إنما لاحظ شيئا واحدا وهو أنه وسيلة للعد، وسيلة وليس غاية ولكنه رحمه الله قد فاته شيء بل أشياء، طالما ذكرتها ونبهت عليها في بعض مؤلفاتي أو تعليقاتي.
أول ذلك:
مع الاعتراف من الجميع من ابن تيمية ومن تقدمه ومن تأخر عنه أن السبحة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما كنت حققته في «المجلد الأول من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة» تحت حديث: «نعم المذكر السبحة» .
ووسعت ذلك بيانا في ردي على الشيخ عبد الله الحبشي، فقد ذكرت أن السبحة لم تكن معروفة في عهد الصحابة بل لم تكن معروفة في لغة العرب لأن السبحة في لغة العرب هي: النافلة أما إطلاق هذا اللفظ على هذا النظام على هذه السلسلة من الحبات المختلفة الأشكال والألوان، فهذا اصطلاح حادث لغة، كما أن السبحة نفسها أمر حادث ديانة لقد خفي على بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما تركت لكم شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه» فإذا كان نظرة ابن تيمية وغيره إلى السبحة من زاوية أنها وسيلة للعد ..
تُرى ألم يأت الرسول عليه السلام إلى الناس ولم يسن لهم سنة بالعد للأذكار التي أمر أمته أو رغب أمته على إحصائها وعلى عدها؟
لاشك أنه قد جاء ذلك بطريقتين اثنتين:
بقوله عليه السلام وبفعله.
أما قوله: فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم ببعض النسوة فألوى إليهن بيده إلى السلام وقال: «يا نساء المسلمات اذكرن الله ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات يوم القيامة» إذن هذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم لعقد الذكر وعده وإحصائه بالأنامل ولم يكتف أنه بين لهم هذا الحكم الشرعي بل قرن مع البيان الحكمة ولا نستطيع أن نقول العلة في الأمر بعقد الذكر والتسبيح بالأنامل قال عليه السلام: «فإنهن مسؤولات ومستنطقات يوم القيامة» يشير عليه السلام بذلك إلى قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .
فهذه الأنامل تكون شاهدة على صاحبها يوم القيامة بأنها ذكرت الله وسبحت الله وَوَ إلى آخره ..
والناس غافلون أو معرضون عن هذه السنة هذا بيان رقم واحد من الرسول بالقول. وبالفعل أيضا: حيث روى أبو داود بإسناده الصحيح: »
عن عبد الله ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أو عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص -الشك مني الآن ولعل الثاني هو الأقرب إلى الصواب-: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه» أو قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه»
فإذن إذا نظرنا إلى السبحة من جانب أنها وسيلة للعقد ولإحصاء العدد فهذا قد جاء الرسول عليه السلام بخير منها تشهد هذه الوسيلة لصاحبها يوم القيامة شهادة زاكية طيبة.
فالإعراض عن هذه السنة التي ثبتت بقوله عليه السلام وبفعله مع بيان الحكمة بتلك الشهادة الإعراض عن هذا وهذا بأن السبحة مع الاعتراف بأنها لم تكن في عهد الرسول فهي وسيلة، نقول الوسائل كالغايات إذا كانت الوسائل وُجد المقتضي للعمل بها، ثم لم يُعمل بها فهل كان السلف بعد أن وُجدت السبحة كانوا يضعون تسابحهم في جيوبهم، فإذا ما انتهت الصلاة أخرجوها وجلسوا يعدون الذكر المشروع تعداده بالسبحة؟ أم كانوا يعقدون التسبيح بأيمانهم؟
لا شك أنهم هكذا كانوا يفعلون.
والسبحة هي من بدعة الصوفية وكفى ..
فمع مخالفة هذه البدعة للسنة لا نرى صواب قول ابن تيمية بجواز استعمالها وكذلك من وافقه على هذا القول فإن لنا غُنية عن استعمالها بما بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الوسيلة الطيبة من العقد باليمنى قولا وفعلا.
إلى الآن نرى مظاهر هذه السبحة أنها تقليد من بعض المسلمين قديما
للنصارى فالسبحة أصلها من النصارى تسربت إلى المسلمين النصارى أخذوها من البوذيين فهي بدعة قديمة من بعض أصحاب الأديان السابقة قبل الإسلام تسربت إلى النصارى وابتدعوها كما ابتدعوا الرهبانية وغيرها ثم تسربت من النصارى إلى المسلمين.
فلا نرى نحن جواز العقد بالسبحة لأنها معارضة للسنة الصحيحة.
بالإضافة إلى ما سبق: إن السبحة تجر إلى أصحابها انحرافات سلوكية فنحن نجد كثيرا من المتظاهرين بالزهد وبالصلاح والتقوى يعلقونها على أعناقهم، نجد بعض القراء المصريين بخاصة يلف السبحة في معصمه ويرفع يده هكذا يقرأ القرآن تجده يفعل هكذا مرة وهكذا مرة ويُلوح بها هكذا أشكال وألوان مما يدخل في الرياء، وأنا أعرف بعض المشايخ في دمشق الشام كان يتظاهر بأنه ورع وتقي ومن ذلك أنه يُدخل يده في جيب جبته والسبحة بيده، والسبحة في يده لا يظهرها بل قد أخفاها بالجبة، فإذا مر به المار وسلم عليه وإذا به يعمل هكذا وعليكم السلام راحت السبحة في الهواء ما كان خافيا صار ظاهرا هذا ورع بارد وتكلف أبرد لماذا هذا كله؟
ذلك من تسويد الشيطان لبني الإنسان ومصداق ذلك قوله عليه السلام «خير الهدى هدى محمد» .
هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بالسبحة؟ إن من ضلال العامة أنهم يقولون: إن الرسول عليه السلام خلف كذا وكذا ومن جملة ما خلف السبحة.
هذا من ضلالهم فكل هذه المفاسد تترتب من وراء الإعراض عن السنة والتمسك بالبدعة باختصار أقول: إن النظر إلى السبحة كوسيلة فقط مع معارضة ذلك للوسيلة المشروعة وهي العقد بالأنامل فإنه يترتب من وراء استعمال السبحة مفاسد سلوكية كثيرة تفسد النوايا السليمة ولذلك فلا نرى جواز استعمال السبحة.
(فتاوى جدة-موقع أهل الحديث والأثر- 14)