الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن القاسم، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: الكفور قال: "الكفور الذي ينزل وحده ويمنع رفده ويجلد عبده".
209 - الحمد لله سئلت عن من زعم انتسابه إلى الزبير بن العوام وميز نفسه بشظفة خضراء كآل النبي صلى الله عليه وسلم، أيمنع أم لا
؟
فالجواب: أما الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى أخي عبد مناف ابني قصي الذي يجتمع هو ورسوله الله صلى الله عليه وسلم فيه، مع كونه ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن أمه هي صفية أخت حمزة والعباس بني عبد المطلب رضي الله عنهم، فمن صحت نسبته إليه رضي الله عنه بالطريق المعتبر فله بذلك فخر، لأنه حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم، وينتفع المنتسب بذلك إن صحبه القيام بأمر الدين ولم يكن فيه من المتهاونين، قال الله تعالى:(إن أكرمكم عن الله أتقاكم) ويقال للمنتسب كذلك: زبيري وقرشي، ولكن التميز بالشظفة الخضراء إنما اختص عرفًا بذرية السبطين ريحانتي النبي صلى الله عليه وسلم أعني الحسن والحسين ابني فاطمة الزهراء رضي الله عنهم حتى إن من كان منسوبًا لأختها زينب ابنة فاطمة أيضًا، مع كونها سبطة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يميز بذلك فضلاً عن غيره، لكونهما ـ أعني الحسن والحسين ـ أفضل من زينب بلا شك لامتيازهما بكثير من الخصوصيات، وإذا ثبت العرف بذل انضاف إليه اختصاصهم بالأوقاف المرصدة للأشراف فلا يحسن التعدي بالشظفة
لغيرهم ممن انتسب إلى الزبير، ولا إلى غيره، ممن هو أقرب منه نسبًا كالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه، الذي ولده البحر عبد الله ترجمان القرآن هو جد الخلفاء مع وصف ذريته رضي الله عنه بالشرف لكونهم من بني هاشم، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله تعالى اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى هاشمًا من قريش واصطفاني من بني هاشم".
وقال صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل عليه السلام: "قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد بني أب خيرًا من بني هاشم" وما أحسن قول الإمام العلامة أبي عبد الله بن جابر الأندلسي الأعمى نزيل حلب:
جعلوا لأبناء الرسول علامة
…
إن العلامة شأن من لم يشهر
نور النبوة ي كريم وجوههم
…
يغني الشريف عن الطراز الأخضر
وحينئذ فيمنع من أشرف نفسه معهم في هذه الخصوصية لتضمنه إيهام الاشتراك، وربما يتمادى الزمان تحصل المزاحمة لهم في الأوقاف وغير ذلك مما هم المقصودون به، ويثاب القائم بالسعي في ذلك.
هذا كله إن صحت النسبة المشار إليها، ولم تكن نسبة للزبيرية قرية من قرى المحلة، فقد انتسب إليها جماعة وحصل الاشتباه بذلك فظن أن بعض من نسب إليها من ذرية الزبير بن العوام.
أما حيث لم تصح، فهو أطم فقد قال صلى الله عليه وسلم:"إنمن أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه" وقال أيضًا: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قومًا ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار". وقال أيضًا: "من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
وقال أيضًا: "من ادعى نسبًا لا يعرف كفر بالله وانتفاء من نسب وإن دق كفر بالله". إلى غير ذلك من الأحاديث التي حملها على ظاهرها
يحتاج إلى تأويل ذلك بالمستحيل له، أو بأن المراد كفر النعمة، وإن لم تحمل على ظاهرها، فيكون ورود ذلك على سبيل التغليظ لزجر فاعله أوالمراد بإطلاق الكفر أن فاعله فعل فعلاً شبيهًا بفعل أهل الكفر.
وقد روى أبو مصعب عن مالك بن أنس رحمه الله قال: من انتسب إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم يعني بالباطل ـ يضرب ضربًا وجيعًا، ويشهر، ويحبس طويلاً حتى تظهر توبته، لأنه استخفاف بحق الرسول صلى الله عليه وسلم.
قلت: ورحم الله مالكًا كيف لو أدرك من يتسارع إلى ثبوت ما يغلب على الظن التوقف في صحته من ذلك بدون تثبت، غير ملاحظ ما يترتب عليه من الأحكام، غافلاً عن هذا الوعيد الذي كان معينًا على الوقوع فيه إما بثبوته أو بالإعذار فيه طمعًا في الشيء التافه الحقير قائلاً:"الناس مؤتمنون على أنسابهم" وهذا لعمري توسع غير مرضي، ومن هنا توقف كثير مما أدركناه من قضاء العدل عن التعرض لذلك ثبوتًا ونفيًا للرهبة مما قدمته.
ويقال: إن السب في كون الشظفة خضراء أن المأمون رحمه الله أراد أن يجعل الخلافة في بني فاطمة فاتخذ لهم شعارًا أخضر ألبسهم ثيابًا خضرًا لكون السواد شعار العباسيين، والبياض شعار سائر الناس في جمعهم ونحوهم، والأحمر مختلف في كراهته، والأصفر ورد أن الملائكة
عليهم السلام خرجوا يوم بدر بعمائم صفر، ثم انثنى عزم المأمون عن جعل الخلافة في بني فاطمة ورد الخلافة إلى بني العباس فبقي ذلك شعارًا للاشراف العلويين من الزهراء وخصت ذرية الحسن والحسين بذلك لكنهم اختضروا الثياب إلى قطعة من ثوب أخضر توضع على عمائمهم شعارًا لهم، ثم انقطع ذلك إلى أواخر القرن الثامن فأمر الأشراف شعبان بن حسين ابن الناصر محمد بن قلاون بفعل ذلك في مصر والشام وغيرهما، وأنشد بعض الأدباء إذ ذاك قوله:
أطراف تيجان أتت من سندس
…
خضر بأعلام على الأشراف
والأشرف السلطان خصهم بها
…
شرفًا ليفرقهم من الأطراف
وقد جمعت للأشرا كتابًا سميته: "استجلاب الغرف بجب أقرباء الرسول وذوي الشرف" كتب عني ولله الحمد، وانتشرت نسخة، وكذا كتبت من سنين حيث سئلت من ذرية جعفر بن أبي طالب أخي علي رضي الله عنهما ألتحق بالأشراف الحسنية أو الحسينية في الشرف والشظفة الخضراء جوابًا انتشر سميته "الإسعاف بالجواب عن مسألة الأشراف" وكتبه عني بعض المفتين والله الموفق.