الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يريدون الشام في تجارة حتى إذا نزل منزلاً فيه سدرة قعد في ظلها ومضى أبو بكر إلى بحيرا يسأله عن شيء فقال له: من هذا الرجل الذي في ظل السدرة؟ فقال: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. فقال: هذا والله نبي، ما استظل تحتها بعد عيسى إلا محمد، ووقع في قلب أبي بكر، فلما بُعث نبي الله صلى الله عليه وسلم اتبعه.
وأصرح من هذا ما في "شرف المصطفى" لأبي سعد النيسابوري أنه صلى الله عليه وسلم مر ببحيرا أيضًا لما خرج في تجارة خديجة رضي الله عنها ومعه ميسرة وأن بحيرا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: قد عرفت العلامات فيك كلها، إلا خاتم النبوة فاكشف لي عن ظهرك وأنه كشف له عن ظهره فرآه فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، النبي الأمي الذي بشر به عيسى بن مريم.
وبالجملة فقد قال شيخنا رحمه الله: ما أدري أدرك البعثة أم لا، بل جزم في موضع آخر بأنه لم يدركها وهو ممكن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، ولكن هل ينطبق عليه تعريف الصحابي؟ فيه احتمال إن قلنا يكفي كونه مؤمنًا به أنه سيبعث فنعم وإن قلنا: إنه لابد من رؤيته له بعد البعثة والإيمان به، فلا. والله الموفق.
236 - سئلت عن حديث "ما عُزِلَ مَن ولي ابنه
".
فقلت: إنه لا أصل له، ولكن حديث ابن عمر رضي الله عنهما في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه مختبرًا لهم عن تعيين الشجرة التي لا يسقط ورقها وهي مثل المسلم، وأن ابن عمر وقع في نفسه أنها النخلة، ولكنه ترك الجواب استحياء ممن هو أكبر منه، ثم تبين مطابقة ذلك الواقع لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"هي النخلة". وقول أبيه عمر بن الخطاب لما أعلمه ابنه رضي الله عنه بذلك: لأن يكون قلتها أحب إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا أحسبه قال: حمر النعم. في دلالة لمحبة ظهور فضيلة الولد في الفهم من صغره، وحذقه لا سيما وهو بذلك يزداد حظوة من العلم بحيث يجرى شموله بدعائه له بالبركة، والزيادة في الفهم، والانتفاء بذلك لجريان كل ما يصدر عنه من خير، في حسناته إذ الولد كما صح من كسب
أبيه. وربما يكون باعثًا لذكره بالخير حيًا وميتًا.
وقد روينا عن مالك رحمه الله في قوله عز وجل: (وإن لذكر لك ولقومك) قال: هو قول الرجل: حدثني أبي عن جدي.
ومن ثم أثنى شيخ الإسلام التقي السبكي على دروس ولده الشيخ بهاء الدين أبي حامد أحمد بقوله:
دروس أحمد خير من دروس علي
…
وذاك عند علي غاية الأملي
بل ودون عنه من مباحثه وإنشائه.
وكذا كان شيخ الإسلام السراج البلقيني ينوه بذكر ولده القاضي جلال الدين في المجالس، ويستحسن جميع ما يرد منه، ويحرض الطلبة على الاشتغال عليه، ويكتب تحت خطه في الأجائز والفتاوى وغيرها، وروى عنه فقال: سمعت ولدي أبا الفضل جلالالدين ينشد لما جئنا نعزي الملك الظاهر بولده محمد مخاطبًا بقوله:
أنت المظفر حقًا
…
وللمعالي ترقى
وأجر من مات تلقى
…
تعيش أنت وتبقى
قال الوالي العراقي وهو حاكيها: فقلت للسراج: أروي هذا عنك عن ولدك؟ فقال: نعم.
والولي هذا ممن أثنى والده شيخ الإسلام الزين العراقي على دروسه أيضًا فقال مقتفيًا من تقدم:
فدروس أحمد خير من دروس أبه
…
وذاك عند أبيه منتهى إربه
وروى عنه أيضًا، فقال لنا شيخنا رحمه الله مما سمعته منه غير مرة: سمعت من شيخنا الزين العراقي يقول: سمعت ابني أبازرعة يقول: لا أعلم حديثًا أشمل للثواب أصح من حديث: "من بكر وابتكر، وغسل واغتسل، ودنا وأنصت، كان له بكل خطوة يمشيها كفارة سنة ..
الحديث".
وكان قاضي القضاة شمس الدين ابن الدبري يقول: كما سمعته من الثقة عنه: ابني سعد أفقه مني وذلك من كلهم للوثوق بأبنائهم في عدم الزهو بذلك، والرغبة في الازدياد من الخير، وأعلى من هذا محبة غير واحد من الأكابر تلبس أبنائهم بالوظائف الدينية في حياتهم، والولايات في المعنى إنما هي للآباء لما أمر به المرء من المشاورة التي الأولى فيما الأب إذا كان تام العقل والخبرة بالأحوال والرجال بالتجارب وغيره وحينئذٍ فقد اجتمع رأي الولد والوالد ونشأ عن ذلك المصالح، فقال التقي السبكي في سنة اثنتين وخمسين: خلع علي ابني أحمد تشريف صالحي لكونه مفتي دار العدل، ولما ولي القاضي جلال الدين البلقيني القضاء الأكبر، وكان ذلك في حياة والده سر الأب بذلك كثيرًا وقال: إنه ساع له البذل فيه لكونه تعين عليه، واتفق ولايته قبل ذلك تدريس الشافعي وولاية ابنه بدر الدين قضاء العسكر وولاية ابنه الآخر جلال الدين توقيع الدست في