الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
184 - سئلت: عما اعتيد من كثير من الناس فعله من قراءة الفاتحة عقب الصلوات وإهداء ثوابها للمسلمين الأحياء والأموات
.
أجبت: لم يرد فيه على هذه الكيفية شيء بل هو مما أحدث والله المستعان.
185 - مسألة:
الحمد لله وقع كما بلغني في ليلة العشرين من رمضان المعظم قدره بين يدي المقر الزيني ابن مزهر دفع الله عنه كل مكروه وحفظ عليه دينه ودنياه استشكال الجمع بين حديث مسلم الصحيح: "أفضل الصيام بعد رمضان المحرم" وحديث الترمذي ـ يعني على تقدير صحته ـ قيل: يا رسول الله أي الصوم أفضل؟ قال: "صوم شعبان تعظيمًا لرمضان" وأنه أجاب بديهة بتقييد الأفضلية في المحرم
بالأشهر الحرم وإبقائها على عمومها في شعبان وهو جواب حسن، خصوصًا وفي كلام الحافظ الزين ابن رجب رحمه الله ما يشير غليه فإنه قال: التطوع بالصيام نوعان، أحدهما: التطوع المطلق بالصوم فهذا أفضله المحرم كما أن أفضل التطوع المطلق بالصلاة قيام الليل.
ثانيهما: ما صيامه يتبع لصيام رمضان، قبله أو بعده، فهذا ليس من التطوع المطلق بل صيامه تبع لصيام رمضان وهو يلتحق بصيام رمضان، ولهذا قيل: إن صيام الست من شوال يلتحق بصيام رمضان ويكتب لمن صامها مع رمضان صيام الدهر فرضًا وقد أخرج ابن ماجه بسند فيه إرسال أن أسامة بن زيد رضي الله عنهما كان يصوم أشهر الحرم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صم شوال" فترك أشهر الحرم، ثم لم يزل يصوم شوال حتى مات.
قلت: وكذا أخرجه العذبي ومن طريقه أورده الضياء في المختارة فهو محتج به عنده، قال: فهذا النوع من الصيام يلتحق برمضان، وصيامه أفضل التطوع مطلقًا. فأما التطوع المطلق فأفضله صيام الأشهر الحرم، وأفضل صيام الأشهر الحرم صيان شهر الله المحرم قال: ويشهد لهذا قوله في حديث المحرم نفسه: "وأفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل" ومراده بعد المكتوبة لواحقها من سننها الرواتب، فإن الرواتب قبل
الفرائض وبعدها أفضل من قيام الليل عند جمهور العلماء لالتحاقها بالفرائض في الفصل، وإن خالف في ذلك بعض الشافعية، فكذلك الصيام قبل رمضان وبعده ملتحق برمضان، وصيامه وأفضل من صيام الأشهر الحرم، فأفضل التطوع المطلق بالصيام صيام المحرم، انتهى. على أن سعيد بن جبير وغيره ذهبوا إلى كون ذي الحجة أفضل الاشهر الحرم، بل قيل: إنه أضل الشهور مطلقًا منأجل يوم عرفة، وأيام العشر، فإذا كان كذلك احتمل أن يقال: يجوز أن يراد به أفضل شهر تطوع بصيام جميعه بعد رمضان فلا ينافي حينئذ أن يكون التطوع ببعض أيام كصيام يوم عرفة أو عشر ذي الحجة أو ست شوال أفضل من التطوع ببعض أيامه، اشار إليه ابن رجب أيضًا قال: وقد أجيب عن استشكال كونه صلى الله عليه وسلم كان يخص شهر شعبان بصيام التطوع فيه مع قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم" بأجوبة غير قوية، لاعتقادهم أن صيام المحرم والأشهر الحرم أفضل من صيام شعبان كما صرح به الشافعية وغيرهم، قال: والأظهر خلاف ذلك يعني كا تقدم. وأجاب بنحو هذا الحافظ الزين العراقي فإنه قال: حديث شعبان قيد بقوله "لتعظيم رمضان" والمعنى: أن يقصد بصوم شعبان تعظيم رمضان تقدمه بين يديه كما تقدم رواتب الفرائض بين يديها، ليحصل له بالتلبس بالنوافل التضرفع عما يشغله عن الصلاة، ولما يحصل بالنوافل من محبة الله عز وجل للعبد كما ثبت في الصحيح حكاية عن الله عز وجل:"ولا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه"، فيدخل في الفريضة وقد دخل بالنوافل في جملة من أحبه الله
فيكون أقرب إلى القبول، ولما ورد في جبر الفرائض بالنوافل فكذلك الصوم، قال: وقد صرح أصحابنا بأن أصل النوافل التي لم تشرع فيها الراتب فيكون صوم شعبان كأنه مقدمة لرمضان، للتمرين على الصوم والتخلق به وإنما نهى عن تقديم رمضان بيوم أو يومين لمن يفعله على نية الاحتياط لرمضان ولذلك ورد في بقية الحديث:"إلا رجلاً كان يصوم صومًا فليصمه" فإذا اعتاد صيام شعبان ووقع ذلك بنية التعظيم لرمضان احتمل تفضيله على المحرم وانضم إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن في شهر من الشهور أكثر صيامًا منه في شعبان حتى يصله برمضان. وفي رواية: "كان يصوم شعبان كله" وتبعه تلميذه شيخنا رحمهما الله حيث
قال: أفضلية المحرم على إطلاقها وفضيلة شعبان مقيدة بقصد تعظيم رمضان كما في الخبر قال: وكان المراد بالتعظيم المذكور أن يدمن على الصايم فيصوم رمضان وهو نشيط، وليس المراد الاحتياط لرمضان لثبوت النهي عن تقدمه بصيام. انتهى.
وأجاب العراقي رحمة الله بجواب آخر فقال معقبًا لجوابه السابق: ويحتمل أن يكون قوله: "لتعظيم رمضان" ليس له تعلق بقصده وإنما هو تعليل لأفضيلة شعبان لمجاورته لرمضان كما ندب إلى صوم الست من شوال وإتباعها برمضان المجاورته وربما حصل الشرف بالمجاورة في المشاهد ومنه مجاورة بيت الله.
قلت: والحديث الذي أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" حمله ناصر السنة البيهقي وغيره على تقدير صحته على ما يضعفه الصوم، وإن لم يضعفه فلا. والله المستعان.