الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
179 - الحمد لله وسئلت عن خالد بن سنان الذي أدركت ابنته النبي صلى الله عليه وسلم وآمنت به أكان نبيًا أم لا؟ وهل كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم نبي أم لا
؟
فقلت: اختلف في ذلك، وحجة المثبتين حديث ليسه بحجة، لأنه يدور على راوٍ كان رديء الحفظ، وكان له ابن يدخل في أحاديثه ما ليس منها، ورواه شخص من الحفاظ الأثبات فأرسله بحذف ابن عباس، ولفظ الحديث المشار إليه: جاءت ابنة خالد بن سنان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها ثوبه وقال: "إنه نبي ضيعه قومه".
على أنه جاء عن ابن عباس من قوله بسند ضعيف أيضًا: كان خالد
بن سنان بعث مبشرًا بمحمد صلى الله عليه وسلم فلما حضرته الوفاة قال: "إذا أنا مت فادفنوني في حقف من هذه الأحقاف" وهذا مع ضعفه ليس صريحًا في المراد.
وكذا ما روي عن ابن عباس أيضًا رفعه: "إن الله عز وجل خلق طائرًا في الزمن الأول يقال له العنقاء فكثر نسله ببلاد الحجاز فكانت تخطف الصبيان فشكوا ذلك لخالد بن سنان وهو نبي ظهر بعد عيسى بني عبس فدعا علهيا أن يقطع نسلها".
ولو صح هذا طرقه احتمال الإدراج في قوله: "وهونبي". وقال أبو يونس سماك بن حرب: سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ذاك نبي ضيعه قومه".
أخرجه الحاكم في صحيحه، وهو موقوف ومع ذلك فسنده ضعيف ايضًا ومثله في الضعف بل أشد ما روي عن سباع بن زيد أنهم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له قصة خالد فقال:"ذاك نبي ضيعه قومه"
ولأجل ذلك كله قال شيخي رحمه الله: إن أصح ما وقفت عليه
في ذلك الرواية المرسلة ـ يعني التي صدرت بها ـ وكذا سبقه للإشارة إلى إنكار ذلك ابو حمزة السكري فروى الحاكم في تاريخ نيسابور من طريق الفضل بين موسى أنه دخل عليه فحدثه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: "دخلت ابنة خالد بن سنان على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مرحبًا" فذكره. فقال أبو حمزة: أستغفر الله أستعفر الله.
وممن جزم بإثباتها متمسكًا بما أسلفته أبو عبيدة معمر بن المثنى فقال: إنه لم يكن في بني إسماعيل نبي غيره قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما القاضي عياض، فإنه أورده في الشفا بصيغة التمريض، وذلك أنه قال في سياق من اختلف في نبوته، وخالد بن سنان المذكور يقال:"إنه نبي أهل الرس".
وقال العماد بن كثير عقب إيراد بعض الموقوفات في ذلك: فهذا السياق موقوف، وليس فيه أنه كان نبيًا، والمرسلات التي فيها أنه كان نبيًا لا يحتج بها ههنا والأشبه أنه كان رجلاً صالحًا له أحوال وكرامات فإنه إن كان في زمن الفترة فقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم، إنه ليس بيني وبينه نبي" وإن كان قبلها فلا يمكن أن يكون نبيًا لأن الله تعالى قال: (لتنذر قومًا ما أتاهم من
نذير من قبلك) وقال غير واحد من العلماء: إن الله تعالى لم يبعث بعد إسماعيل نبيًا في العرب إلا محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء الذي دعا به إبراهيم الخليل، باني الكعبة المكية جعلها الله عز وجل قبلة لأهل الأرض شرعًا، وبشرت به الأنبياء قومهم حتى كان آخر من بشر به عيسى ابن مريم عليه السلام وبهذا المسلك بعينه يرد ما ذكره السهيلي وغيره من إرسال نبي من العرب يقال له: شعيب بن ذي مهذم غير شعيب صاحب مدين، وبعث إلى العرب أيضًا حنظلة بن صفوان فكذبوهما فسلط الله على العرب بخت نصر فنال منهم من التقل والسبي نحو ما نال من بني إسرائيل وذلك في زمن معد بن عدنان، والظاهر أن هؤلاء كانوا قومًا صالحين يدعون إلى الخير وبالله التوفيق. وكان يمكن بسط ذلك في كراسة لكن قد حصل فوق الغرض إن شاء الله.