الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
215 - الحمد لله وسأل السيد أيضًا: هل ورد في لبس النبي صلى الله عليه وسلم السراويل شيء
؟
فقلت: قد ورد في حديث عند أبي يعلي الموصلي في مسنده بسند ضعيف جدًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت يومًا السوق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى البزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم، وكان لأهل السوق وزان يزين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اتزن وأرجح" فقال الوزان: إن هذه لكلمة ما سمعتها من أحد، فقال أبو هريرة: فقلت له: كفى بك من الرهق والجفاء، في دينك أن لا تعرف نبيك، فطرح الميزان ووثب إلى يد رسول الله يريد أن يقبلها، فجذب رسول الله صلى الله عليه وسلم يده منه، فقال:"يا هذا! إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها ولست بملك، إنما أنا رجل منكم فوزن أرجح" وأخذ رسول الله السراويل، قال أبو هريرة: فذهبت لأحمله عنه، فقال:"صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله إلا أن يكون ضعيفًا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم" قال: قلت يا رسول الله: إنك لتلبس السراويل؟ قال: "اجل، في السفر والحضر، وبالليل، والنهار، فإني أمرت بالستر فلم أجد شيئاً أستر منه".
وكذا أخرجه ابن حبان في الضعفاء عن أبي يعلي، ورواه الطبراني في الأوسط والدارقطني في الأفراد والعقيلي في الضعفاء ومداره على يوسف بن زياد الواسطي، ولذا قال الدارقطني: الحمل فيه عليه، ولم يروه عن الأفريقي غيره، وأعله ابن حبان بالأفريقي وأورده القاضي عياض في الشفا من غير عزو باختصار، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، واقتصر شيخنا في فتح الباري على ضعف راويه، ولشدة وهائه جزم بعض العلماء بأنه صلى الله عليه وسلم لم يلبس السراويل.
ويستأنس له بما جزم به النووي في ترجمة عثمان بن عفان رضي الله عنه من تهذيبه أنه لم يلبس السراويل في جاهلية ولا إسلام إلا يوم قتله.
قلت: وهذا في أواخر مسند عثمان من مسند أحمد: أنه أعتق
عشرين مملوكًا، ودعا بسراويل فشدها عليه، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام، وأبا بكر، وعمر، وذكر الحديث. انتهى.
فإنهم رضي الله عنهم كانوا أحرص شيء على اتباعه صلى الله عليه وسلم، وأيضًا فأكثر لباس أهل مكة الأزر.
ولهذا الحديث شاهد من حديث سويد بن غفلة رضي الله عنه قال:
جلبت أنا ومخرفة العبدي بزا من هجر فجاءنا النبي صلى الله عليه وسلم فساومنا سراويل فبعناه، وعنده وزان يزن بالوزن فقال النبي صلى الله عليه وسلم للوزان:"زن وأرجح".
أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وقال الترمذي: إنه حسن صحيح، وصححه ابن حبان من حديث. انتهى.
وقد اختلف فيه على راويه سماك بن حرب فقيل عنه عن سويد هكذا وقيل عنه عن أبي صفوان بن عميرة وقيل: عنه عن مالك بن عميرة الأسدي وقيل عنه، عن مخرمة العبدي وقيل غير ذلك مما لا
نطيل بإيراده، وعزوه، والأول أرجح، ولأجل هذا الاختلاف يتوهم ورود الحديث عن جماعة من الصحابة.
وبالجملة، فقد صح شراء النبي صلى الله عليه وسلم له. وقال ابن القيم ي الهدي: والظاهر أ، هـ صلى الله عليه وسلم إنما اشتراه ليلبسه ثم قال: وروي في حديث أنه لبس السراويل وكانوا يلبسونه في زمانه وبإذنه، وقال شيخنا: قال بعض أهل العلم: الظاهر من هذا الحديث أنه لبسه قال: ويحتمل أنه اشتراه لغيره، وفيه بعد. انتهى.
وما قاله ابن القيم ثم شيخنا، هو الظاهر، خصوصًا وقد أورده البيهقي في باب ما كان يلبسه النبي صلى الله عليه وسلم من الثياب وما كان يختار لبسه، ويرغب فيه من شعب الإيمان له: فهو ظاهر في أنه كان يلبسه، وإن كان أبو سعد النيسابوري ذكر الحديث في تجارته صلى الله عليه وسلم من كتاب "شرف المصطفى" فالله أعلم.
وقد ترجم البخاري في اللباس ي صحيحه: باب السراويل، وأورد فيه حديث المحرم لكونه لم يرد فيه حديث على شرطه.
واختلف في ثمنه فقيل كما تقدم، أربعة دراهم، وقيل كما في الإحياء: ثلاثة، قال شيخنا في فتح الباري: وما تقدم أنه أربعة أولى، وكذا اختلف في لفظه، فقيل: سراويل، وفي بعضها رجل سراويل، وهما
بمعنى. فقوله: رجل سراويل كما يقال: اشترى زوج خف وزوج نعل وإنما هو زوجان، يريد سراويل، لأن السراويل من لباس الرجلين، وبعضهم يسمى السراويل رجلاً.
إذا عُلم هذا فيروى أن أول من لبس السراويل إبراهيم عليه السلام.
أخرجه أبو نعيم من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، به مرفوعًا.
ومن أجل هذا فيما قيل: كانت الحكمة في أنه أول من يكسى يوم القيامة كما ثبت في الصحيحين من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما وقيل: غير ذلك.
وورد من حديث أبي هريرة وعلي رضي الله عنهما مرفوعًا:
"رحم الله المتسرولات من أمتي".
وفي أول ثانيهما قصة، وهو أن امرأة سقطت عن حمارها في يوم مطير فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها بوجهه فقيل: يا رسول الله إنها متسرولة، بل ورد كما عند الديلمي في مسنده من حديث الأصبغ بن نباتة عن علي قال: كنت قاعدًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مطير، فمرت امرأة على حمار ومعها مكاري فهوت يد الحمار في هوة من الأرض فسقطت المرأة فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه فقيل: إنها متسرولة فقال: "يا أيها الناس اتخذوا السراويلات فإنها من أستر ثيابكم، وحصنوا بها نساءكم إذا خرجن".
وجاء ذكر السراويل في حديث: "من لم يجد إزازًا فليلبس السراويل" وبه تمسك الشافعية رحمهم الله، والجمهور في لبسه
للمحرم، بدون فتق.
وكذا جاء ذكره في قول عمر في ستر العورة من البخاري: إذا وسع الله فأوسعوا، جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تبان وقباء، في تبان وقميص، قال الراوي: