الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حقق الإمام الرافعي رحمه الله بقوله: ويجزئ الخصي والموجوء، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين. انتهى.
وحينئذ فلا يلزم من جواز التضحية بالمرضوض جوازها بالخصي، لأن في الخصي نقصان عضو مستطاب، بخلاف المرضوض، نعم، في رواية شريك الماضية التصريح بالخصي لكن فيها إشكال من جهة أنه وصف الموجوء بالخصي وهما مما لا يجتمعان. انتهى.
وممن قال بإجزاء الخصي، الحسن، وعطاء، والشعبي، والنخعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور وأصحاب الرأي قال ابن قدامة: ولا نعلم فيه مخالفًا. والله الموفق.
211 - الحمد لله وسئلت: عن قولهم: تارك الصلاة بغير عذر شرعي لا يقبل الله توحيده، وقولهم: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تقبل من تارك الصلاة، أهما حديثان أم لا
؟
فقلت: أما الأول، فقد ورد في عدة أحاديث إطلاق الكفر على تارك الصلاة بغير عذر كحديث جابر الثابت في صحيح مسلم مرفوعًا: "بين
الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".
وفي لفظ لغيره: "ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة" وكحديث بريدة، الذي صححه غير واحد من الأئمة مرفوعًا أيضًا:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" وكحديث أنس رفعه: "من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر جهارًا" إلى غيرها من الأحاديث التي أورد الحافظ الزكي المنذري كثيرًا منها في كتابه الترغيب والترهيب
وحكى القول بذلك عن جماعة من الصحابة بل سبقه عبد الله بن شقيق العقيلي أحد التابعين حيث جاء عنه بالسند الصحيح أنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحدًا لوجوبها، مع كونه ممن نشأ بين المسلمين، لأنه حينئذ يكون كافرًا مرتدًا بإجماع المسلمين، فإن رجع إلى الإسلام قبل منه، وإلا قتل.
وأما من تركها بلا عذر بل تكاسلاً مع اعتقاد وجوبها، فإنه لكون الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر، وأنه على الصحيح أيضًا بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري كأ، هـ يترك الظهر مثلاً حتى تغرب الشمس، أو المغرب حتى يطلع الفجر، يستتاب كما يستتاب المرتد، ثم يقتل إن لم يتب، ويغسل، ويصلي عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، مع إجراء سائر أحكاما لمسلمين عليه، يؤول بأن إطلاق الكفر عليه، لكونه شارك الكفار في بعض أحكامه، وهو وجوب القتل جمعًا بين هذه النصوص وبين ما صح أيضًا من أنه صلى الله عليه وسلم قال:"خمس صلوات افترضهن الله، من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه" وقال أيضًا: "من مات وهو
يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة" إلى غير ذلك ولذلك لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة، ويورثونه، ولو كان كافرًا لم يغفر له، ولم يرث ولم يورث، وأما الثاني، فليس له أصل أصلاً. والله الموفق.