الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأسلم.
[الحمد لله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت].
153 - سألت: أيدك الله تعالى: هل يكره تسمية الرجل عبده بخير الله وسعدًا وسعيدًا ومسعودًا أم لا
؟
والجواب: إنه قد ثبت في صحيح مسلم من حديث الربيع بن عُميلة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسمى رقيقنا أربعة أسماء: أفلح، ورباحًا، ويسارًا، ونافعًا، وفي لفظ له:"لا تسم غلامك رباحًا وذكرها" وفي لفظ له آخر: "لا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح، فإنك تقلو: أثم هو؟ فلا يكون فيقول: لا، إنما هن أربع فلا تزيدن علي" وهو باللفظ الأول والأخير عند أبي داود.
وروي مسلم أيضًا من حديث أبي الزبير أنه سمع جابرًا رضي الله عنه يقول: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي أن يسمى بيعلى وببركة، وبأفلح وبيسار وبنافع، وبنحو ذلك. ثم رأيته سكت بعد، فلم يقل شيئًا. ثم قبض صلى الله عليه وسلم
ولم ينه عن ذلك، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك، ثم تركه. وهو كذلك، لكن إلى قوله:«شيئًا» فقط عند البخاري في «الأدب المفرد» ، وعلقه أبو داود لكنه قال: إنه لم يذكر بركة، وعندهما معًا ـ أعني البخاري في «الأدب المفرد» وأباداود ـ من حديث أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن عشت إن شاء الله أن أنهى أمتي أن يسموا نافعًا وأفلح وبركه» قال الأعمش: لا أدري ذكر نافعًا أم لا، فإن الرجل يقول: إذا جاء: أثمَّ بركة فيقولون: لا.
قال النووي رحمه الله:
قال أصحابنا: يكره التسمية بهذه الأسماء المذكورة في الحديث، وما في معناها، ولا تختص الكراهة بها وحدها، وهي كراهة تنزيه لا تحريم، والعلة في الكراهة ما بينه صلى الله عليه وسلم في قول:«فإنك تقول: أثم هو؟ فيقول: لا» فكره لبشاعة الجواب، وربما أوقع بعض الناس في شيء من
الطيرة، وأما قوله: أراد صلى الله عليه وسلم أن ينهي عن هذه الأسماء فمعناه: أن ينهي عنها نهي تحريم فلم ينه. وأما النهي الذي هو لكراهة التنزيه، فقد نهى عنه في الأحاديث الباقية.
وقوله: "فلا تزيدن علي" ومعناه الذي سمعته أربع كلمات، وكذا رويتهن لكم فلا تزيدن علي في الرواية ولا تنقلوا عني غير الأربع، وليس فيه منع القياس على الأربع، وأن يلحق بها ما في معناها. انتهى كلام النووي وقال الخطابي في معالم السنن: قد بين النبي صلى الله عليه وسلم المعنى في ذلك، وذكر العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، وذلك أن القوم إنما كانوا يقصدون بهذه الاسماء وما في معناها، إما التبرك بهذا أو التفاؤل بحسن ألفاظها ومعانيها فحذرهم أن يفعلوه لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد وذلك إذا سالوا فقالوا، أثم يسار. أثم رباح؟ فإذا قيل: لا تطيروا بذلك وتشآءموا به وأضمروا على الإياس من اليسر والرباح فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله تعالى، ويورثهم الإياس من خيره. انتهى.
وقال المنذري في الحاشية: قيل: النهي مخصوص فيها، وقيل: إنه عام في كل ما كان من معناها، وقيل: إن منسوخ، وقيل: النهي كان بقصدهم التفاؤل، ومن لم يقصد فذلك جائز.
وكتبت في الجواب ما نصه: في الموالي جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم اسم كل منهم سعد، وكذا فيهم من اسمه سعيد أيضًا، ولم يرد
في ذلك بخصوصه عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي، والذي صح نهيه عنه تسمية الرقيق بأفلح ورباح ويسار ونافع ونجيح، وعلل في الخبر النهي بكونه يقال: أثم هو؟ ولا يكون، فيقول: لا، فيكون في الجواب بشاعة لما يتضمن من نفي ما يتفاءل بحسن لفظه ومعناه.
وحمل العلماء النهي في ذلك على كراهة التنزيه لا التحريم، لوقوع أكثر هذه الأسماء في موالي النبي صلى الله عليه وسلم كأفلح، ورباح، ويسار، ونافع، فدل على الجواز ولم يخصوا الأسماء الواردة بالكراهة، بل ألحقوا بها ما في معناها، هذا هو المعتمد، وقصر بعضهم النهي على الوارد فقط دون ما في معناه، وبعضهم بمن لم يتطير بذلك، وادعى بعضهم أن النهي منسوخ بحديث آخر صحيح أيضًا قال فيه صلى الله عليه وسلم:"إن عشت إن شاء الله أنهى أمتي أن يسموا نافعًا وأفلح وبركة" ثم لم يفعل، وذلك لما رأى من تعود القوم بهذه الأسماء فنسخه لهم لكن المعتمد أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن ينهي عنها نهي تحريم لكون نهيه السابق كما قدمناه للتنزيه. فلم ينه وحينئذٍ فلا نسخ، والله الموفق.