الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بني إسرائيل أربعين سنة، وهذه توفي لي عشرين". وهو منقطع. والله أعلم.
196 - سئلت عن الحديث الوارد في حبس التهمة
فقلت: هذا الحديث له طرق: أشهرها ما أخرجه أبو داود في القضاء من سننه واترمذي في الديات من جامعه، والنسائي في القطع من سننه كلهم من حديث معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ـ هو معاوية بن حيدة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة". زاد عند ابن الجارود وغيره "ساعة"، وزاد عند الترمذي "ثم خلى عنه"، وكذا زادها النسائي لكن بلفظ:"ثم خلى سبيله".
وفي لفظ آخر عنده: "حبس ناسًا" بدل "رجلاً" وكذا أخرجها أحمد في المسند وغيره بزيادة ولظفه: "أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناسًا من قومي في تهمة، فحبسهم فجاء رجل من قومي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال: يا محمد على ما تحبس جيراني؟ فصمت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ناسًا يقولون: إنك تنهى عن الشر وذكر شيئًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تقول؟ " فجعلت أعترض بينهما بالكلام مخافة أن يسمعها فيدعو على قومي دعوة لا يفلحون بعدما أبدًا، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم به حتى فهمها فقال: "قد قالوها أو
قائلها منهم، والله لو فعلت لكان علي وما كان عليهم خلوا عن جيرانه".
وقال الترمذي: إنه حديث حسن. وأخرجه الحاكم في صحيحه المستدرك وقال: إن صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قلت: وإنماصححه الحاكم لما له من الشواهد وإلا فقد قال: إن بهزًا كان من الثقات ممن يجمع حديثه وإنما أسقط من اصحيح روايته عن أبيه عن جده لأنها شاذة لا متابع له علهيا، وقد ذكر الحافظ أبو عمرو ابن الصلاح في علومه في نوع التعليق: إن التعاليق التي بصيغة الجزم يحكم لها بالصحة بالسنبة لمن علقت عنه، ثم ينظر فيمن أبرز من رجال السند فإن كان فيهم من لا يحتج به كان ضعيفًا وإلا فلا، ومثل للشق الأول بقول البخاري: وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أحق أن يستحيى منه".
وقال: فهذا ليس من شرطه قطعًا يعني لكون البخاري قال: صحيفة بهز ضعيفة، لكنه صح عنده أن بهزًا قال هذا، وممن ضعف هذه الترجمة شعبة، فإنه لم يحدث عن بهز وقال له: من أنت؟ ومن أبوك؟ لكن قال أبو جعفر البستي: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده صحيح، وبالجلمة فلهذا الحديث شواهد.
منها: ما رواه الحاكم في صحيحه المستدرك من حيث عراك بن مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة يومًا
وليلة استظهارًا واحتياطًا، وكذا أخرجه البزار في مسنده وابن عدي فيكامله وفي لفظ لأحدهم: أخذ منهم كفيلاً تثبيتًا واحتياطًا، وفي سند الجميع إبراهيم بن خثيم وهو ضعيف.
ورواه بعضهم من حديث عراك بن مالك مرسلاً ولفظه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً من بني غفار في بعرين اتهم بهما بعض بني غطفان بعض بني غفار فلم يك إلا يسيرًا حتى أحضر الغفاري الآخر البعيرين فقال للمحبوس: استغفر لي قال: غفر الله لك يا رسول الله قال: "ولك" قال: فقتل باليمامة".
ومنها ما أخرجه أبو داود في الحدود من حديث أزهر بن عبد الله أن قومًأ من الكلاعيين سرق لهم متاع فاتهما ناسًا من الحاكة فأتوا النعمان بن بشير رضي الله عنهما صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فحبسهم أيامًا ثم خلى سبيلهم. فأتوا النعمان فقالوا: خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان فقال
النعمان: ما شئتم؟ إن شئتم أن أضربهم فإن خرج متاعكم وإلا أخذت من ظهوركم مثل ما أخذت من ظهورهم، فقالوا: هذا حكمك؟ فقال: هذا حكم الله وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو داود عقبه: إنما أرهبهم ـ يعني النعمان ـ بهذا القول إذ لا يجب الضرب إلا بعد الاعتراف.
ومنها عن أنس ونبشة وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم استغنينا عن إيرادها بما أسلفنا.
قال الخطابي: الحبس على ضربين: حبس عقوبة، وحبس استظهار، فالعقوبة لا تكون إلا في واجب فأما ما كان في تهمة، فإنما يستظهر بذلك ليستكشف به عمل وراءه. انتهى.
وهل يتقيد ذلك بمقدار لا يجوز مجاوزته، أم هو إلى رأي الحاكم،
يفصل، فإن كان للتعزيز فقط أطلق الرافعي جعله لرأي الحاكم، فقال: إن جنس التعزيز من الحبس أو الضرب جلدًا أو ضعفًا إلى رأي الإمام، ثم قال: وأما قدره، فيتعلق باجتهاده أيضًا إن خالف جنس الحد كالحبس. انتهى.
وتابعه عليه في الروضة ومقتضاه: أنه يجوز زيادة في الحبس على السنة، لكن قد حكى إمام الحرمين أن بعض الفقهاء منع تبليغ مدة الحبس سنة، نظرًا إلى مدة التغريب في الزنا قال: وهذا عندي فاسد وليس التغريب حدًا كاملاً وإنما هو جزء من حد وقال: ولست أرى للسلطان اتساع التعزيز إلا في إطاعة الحبس، قال: وليس الحد ثابتًا في حد حتى يحط التعزيز عنه ـ انتبه.
وكل هذا منهم رحمهم الله مخالف للنص، فإن الشافعي رحمه الله قال في الأم: فإذا قتل المؤمن الكافر عزر ولا يبلغ بتعزيزه في قتل ولا غيره حدًا ولا يبلغ بحبسه سنة، ولكن حبس يرتدع به وهو ضرب من التعزيز. انتهى.
قال بعض شيوخ شيوخنا: والظاهر أن الإمام، والرافعي لم يقفا على هذا النص، وحكى ابن الرفعة في الكفاية عن الزبيري أنه قدر ذلك بستة