الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لغيره أو جله من غير عزو إليه.
وبالجملة فقد كانت وفاة أبي إسحاق في شعبان سنة تسع وستين وخمسمائة بعد شيخه القاضي عياض بأكثر من خمس وعشرين عامًا فإن القاضي مات في جمادي الآخرة، سنة أربع وأربعين وخمسمائة رحمهما الله.
198 - الحمد لله سئلت عن حديث: "أحب الناس إليّ أسامة ما حاشا فاطمة
".
قلت: لا أعرف ذلك مرفوعًا، ولكن ثبت في الصحيح من حديث مالك وسليمان كلاهما عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثًا وأمر عليهم أسامة بن زيد رضي الله عنهما فطعن الناس في إمارته فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، ،ايم الله إن كان لخليقًا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليّ وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده".
وهو في مسند أبي يعلي من جهة فضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه بلفظ: "وإنه ـ يعني أسامة ـ لأحب الناس إليّ" ـ بدون تبعيض ـ وفيه قال: فما استثنى فاطمة ولا غيرها.
وبعضه في مسند الطيالسي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أسامة أحب الناس إليّ" ولم يستثن فاطمة ولا غيرها.
ونحوه عند أحمد في مسنده قال: حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد به بلفظ: "ما حاشا فاطمة ولا غيرها" كذا هو في مسند ابن عمر لأبي أمية الطرسوسي قال: حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا حماد به. لكنه وقع في النسخة عن نافع بدل سالم وهو غلط، والحديث أيضًا في أحبية زيد واسامة عند أبي يعلي في مسنده من حدث وهيب عن موسى بن عقبة بسنده ولم يقل فيه: فما استثنى إلى آخره، لكنه قال بدله: قال اسلم: ما سمعت عبد الله ـ يعني اباه ـ يحدث هذا الحديث قط إلا قال: "حاشا فاطمة" وكذا هو عند ابن سعد في الطبقات من حديث وهيب أيضًا وعبد العزيز بن المختار به. ونحوه عند أحمد في مسنده: حدثنا عفان، حدثنا وهيب ولفظه: إلا قال: "ما حاشا فاطمة" وبمجموع الطرق التي مادرها على موسى بن عقبة تبين أن استثناء فاطمة من قول ابن عمر، خصوصًا وقد صرح بقوله: فما استثنى ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة ولا غيرها. وقد روي البغوي في معجم الصحابة من طريق عمر بن أبي
سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ـ والأكثرون على تضعيفه عن أبيه ـ أخبرني أسامة بن زيد أن عليًا قال: يا رسول الله أي أهلك أحب إليك؟ قال: "فاطمة" قال: إنما أسألك عن الرال: قال: "من أنعم الله عليه وأنعمت عليه أسامة بن زيد" قال: ثم من؟ قال: "ثم أنت".
وروى أبو أحمد العسكري في الصحابة من حديث عبد الله بن عطاء الطائفي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ومن الرجال علي. انتهى. وهو موقوف، لكنه موافق للمرفوع في فاطمة، ولقول ابن عمر أيضًا، ومخالف لما صح عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة" قلت: فمن الرجال؟ قال: "أبوها" قلت: ثم من؟ قال: "عمر" فعد رجالاً. قال عمرو: سألت رجاء أن يجعلني في آخرهم، وهذا مع قول بريدة أيضًا مخالف لما تقدم في زيد الذي روى ابن سعد أيضًا
بإسناد حسن عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة: "يا زيد أنت مولاي ومني وإلي، وأحب الناس إلي" وهو عند أحمد مطول. ونحوه ما يثبت من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخاطبًا لابنه عبد الله رضي الله عنهما، وقد فرض منك، وأن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك. لكن يشهد لقول النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: استأذن أبو بكر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت عائشة رضي الله عنهما عاليًا وهي تقول: والله لقد علمت أن عليًا رضي الله عنه أحب إليك من أبي. ويؤيد الأول ما رواه الترمذي وصححه أن عبد الله بن شقيق قال لعائشة رضي الله عنها: أي اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب الناس إليه؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قالت: عمر قلت: ثم من؟ قالت: أبو عبيدة قلت: ثم من؟ فسكتت.
وثبت قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار: "إنهم أحب الناس إليّ".
فهذه أحاديث مفتقرة للجمع بينها على تقدير ثبوتها.
فأقول: أما أسامة، فيمكن أن يقال: إن الأحبية في حقه وحق أبيه بالنسبة لجهة مخصوصة كالموالي مثلاً، لكونها منهم، أو تكون الأحبية بالنسبة لمن طعن في إمارته ردًا لهم وزجرًا، أو أحب إليه في التوجه فيما ندب إليه خاصة، ولا ينافيه أحبية غيره المطلقة كما قد قيل: إنه لا يلزم من كون أن يكون أفضل من أبي بكر ونحو ذلك، وحينئذٍ فيكون حب أبي بكر على عمومه، وحب غيره مخصوصًا كما يمكن أن يقال في حق علي بالنسبة إلى بقية الأقارب.
وأما قوله في زيد، فلعله قاله تواضعًا، وقول من قال: أحبية أبي بكر ثبتت من قوله صلى الله عليه وسلم، وأحبية على من قول عائشة الذي أقره صلى الله عليه وسلم، والقول مقدم، ليس بمرضي، إذ ليس في القصة التصريح بالتقرير والنعمان حاكي كلامهما، يحتمل أن يكون مع أبي بكر ظاهر الباب، فلم يطلعه أهل