المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السادس 134 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كِتْابُ الْجَنَائِز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كِتْابُ الزَّكَاة

- ‌ باب:

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كِتْابُ الصِّيِامِ

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب الصوم في السفر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب ليلة القدر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كِتْابُ الْحَجِّ

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الفدية

- ‌باب حرمة مكة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يجوز قتله

الفصل: ‌ ‌الحديث السادس 134 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ

‌الحديث السادس

134 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، ثُمَّ رَاحَ في السَّاعَةِ الأُولَى، فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ، حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ"(1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (841)، كتاب: الجمعة، باب: فضل الجمعة، و (887)، باب: الاستماع إلى الخطبة، و (3039)، كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة، ومسلم (850)، كتاب: الجمعة، باب: الطيب والسواك يوم الجمعة، وأبو داود (351)، كتاب: الطهارة، باب: في الغسل يوم الجمعة، والنسائي (1385 - 1387)، كتاب: الجمعة، باب: التبكير إلى الجمعة، و (1388)، باب: وقت الجمعة، والترمذي (499)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التبكير إلى الجمعة، وابن ماجة (1092)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في التهجير إلى الجمعة. =

ص: 8

* الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: ظاهرُ هذا الحديث أن التبكير للجمعة أفضلُ من التَّهْجير، وهو اختيار الشافعي؛ أخذًا بظاهر هذا الحديث (1).

والذي اختاره مالكٌ: التهجير دونَ التبكير، وحملَ الحديثَ على أن المراد به: بعدَ الزوال؛ تعلقًا بأن الرواح لا يكون في أول النهار، وإنما يكون بعد الزوال.

قال الإمام المازري: وخالفه بعضُ الأصحاب (2)، ورأى أن المراد (3): أولُ النهار، تعلقًا بذكر الساعات الأولى والثانية إلى ما ذكر، وذلك لا يكون إِلا من أولِ النهار، فتمسك مالكٌ رحمه الله بحقيقة الرواح،

= * مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" اللخطابي (1/ 109)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 6)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (2/ 281)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 238)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 484)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 135)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 115)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 684)، و"فتح الباري" لابن رجب (5/ 349)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 137)، و"طرح التثريب" للعراقي (3/ 169)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 366)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 170)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 164)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 292).

(1)

"الحديث" ليس في "ت".

(2)

في "ق": "أصحابه".

(3)

في "ت": "الرواح".

ص: 9

وتَجَوَّزَ في تسمية الساعة، ويؤكده عنده (1) -أيضًا-: قوله عليه الصلاة والسلام في بعض طرق الحديث: "مَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً"(2)، والتهجيرُ لا يكون أولَ النهار، وتمسَّك بعضُ أصحابه بحقيقة لفظ الساعة، وتجوَّزَ بلفظ الرواح (3).

قلت: أما الرواح، فاختلف فيه اللغويون، فظاهرُ كلام الجوهري، أو نصُّ كلامه: أنه لا يكون إِلَّا بعدَ الزَّوال (4)؛ كما قاله مالك رحمه الله، وغيره.

وأما الأزهري، فأنكر ذلك، وغلَّطَ قائلَه، فقال في "شرح ألفاظ المختصر": معنى راح: مضى إلى المسجد، ويتوهم كثيرٌ من النَّاس أن الرواحَ لا يكون إِلَّا في آخر النهار، وليس ذلك بشيء؛ لأن الرواحَ والغُدُوَّ عند العرب مستعملان في السير أيَّ وقتٍ كانَ من ليلٍ أو نهار، يقال: راح في أولِ النهار وآخرِه، يروح، وغدا بمعناه (5). هذا لفظ الأزهري.

وذكر غيرُه نحوَه (6) أيضًا.

(1)"عنده" ليس في "ق".

(2)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (887)، ومسلم برقم (850).

(3)

انظر: "المعلم" للمازري (1/ 471).

(4)

انظر: "الصحاح" للجوهري (1/ 398)، (مادة: روح).

(5)

انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: 64).

(6)

في "ت": "نحوه غيره".

ص: 10

وقال الخطابي في شرح هذا الحديث: معنى راح: قصدَ الجمعةَ، وتوجَّه إليها مبكِّرًا قبلَ الزوال.

قال: وإنما تأولناه هكذا؛ لأنه لا يبقى بعدَ الزوال خمس ساعات في وقت الجمعة، وهذا سائغ (1) في الكلام، تقول راح فلان: بمعنى: قصد، وإن كان حقيقة الرواح بمعنى الزوال (2).

قلت: قولُه (3): لا يبقى (4) خمسُ ساعات بعد الزوال، إنما يثبت هذا الإشكال إذا حملنا الساعات على الأجزاء الزمانية التي يقسم النهار فيها إلى اثني عشر جزءًا، وأما إذا حملناها على ما تأوله مالك رحمه الله؛ من تقسيم الساعة السادسة إلى ستة أجزاء على ما سيأتي، فلا يثبت إشكالًا، مع أنه قد سلم أن حقيقة الرواح بمعنى الزوال (5) في (6) قوله: عليه الصلاة والسلام: "مَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً"، والتهجيرُ عند الأكثرين: السيرُ وقتَ الهاجرة.

وما أبعدَ تأويلَ من تأوله من الشافعية بأن معناه: هجرَ منزله وتركه!

(1) في "ت": "مانع".

(2)

انظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 109).

(3)

"قوله" ليس في "ت".

(4)

في "ت": "لا تبقى".

(5)

في "ت" زيادة: "فمالك إذًا تمسك بالحقيقة، ومن تمسك بالحقيقة لا ينازع؛ مع أنه يتأيد بما تقدم".

(6)

في "ت": "من".

ص: 11

ع: وأقوى معتمد مذهب (1) مالك في (2) المسألة، وكراهة البكور فيها (3) -خلاف ما قاله الشافعي، وأكثر العلماء، وابن حبيب من أصحابنا: عملُ أهل المدينة المتصلُ بتركِ ذلك، وسعيُهم إليها قربَ صلاتها، وهو نقلٌ معلومٌ غيرُ منكَرٍ عندهم، ولا معمولٍ بغيره، وما كان أهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ بعدهم ممن يترك الأفضلَ إلى غيره، ويتمالؤون على العمل بأقل الدرجات.

ومما يؤيد تأويلَه -أيضًا-: أنه لو كان كما تأوله غيرُه في سائر ساعات النهار، كان حكمُ الساعات كلِّها في الفضل واحدًا.

قلت: يريد: كأنه (4) يلزمُ منه أن يكون كلُّ مَنْ جاء في الساعة الأولى -مثلًا- في الفضل واحدًا.

وكذلك الثانية، إلى آخر الساعات، ومعلومٌ أن السابق له فضلٌ على اللاحق، فلا تتساوى مراتبُ النَّاس في كل ساعة، وقد جاء في (5) الحديث:"ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ"، وجاء في الحديث أيضًا:"يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ"، وهو بمعنى (6) الذي قبله.

(1) في "ت": "قول" بدل "مذهب".

(2)

في "ت" زيادة: "هذه".

(3)

"فيها" ليس في "ت".

(4)

في "ق" و"ت": "أنه كان" مكان "كأنه".

(5)

"في": ليس في "خ".

(6)

في "خ" و"ت": "معنى".

ص: 12

ثم قال: و (1) أيضًا: فإن الزوال إنما هو في آخر الساعة السادسة (2)، وقد: انقضت -على قولهم- الفضائلُ في الخامسة، وإنما انقطعت في الحديث بخروج (3) الإمام، فلم يبق على قولهم للسادسة إلى خروج الإمام فضلٌ، وهو (4) خلاف الحديث (5).

ق: وهذا الإشكال إنما ينشأ إذا جعلنا الساعةَ هي الزمانيةَ، أما إذا جعلنا ذلك عبارةً عن ترتيب منازل السابقين، فلا يلزم (6) هذا الإشكال، واللَّه أعلم (7).

ثم قال ع: ومعنى الساعة الأولى والثانية والثالثة على هذا: وقتُ رواحِه على طريق التقريب؛ كما يقال: اقعد بنا ساعةً، ولم يرد ساعة الزمان المعهودة (8).

قلت: وممن اختار ما ذهب إليه مالك رضي الله عنه في هذا التأويل من الشافعية؛ إمامُ الحرمين، والقاضي حسين، وغيرُهما (9) من الخراسانيين

(1) الواو ليست في "ت".

(2)

"السادسة" ليست في "خ".

(3)

في "خ": "لخروج".

(4)

في "ت": "وإنما".

(5)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 239 - 240).

(6)

في "ت" زيادة: "هذا".

(7)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 116).

(8)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 240).

(9)

في "ت": "وغيرهم".

ص: 13

على ما نقله ح (1) في "شرح المهذب"(2).

الثاني: قوله-عليه الصلاة والسلام: "فكأنما قَرَّبَ بدنةً": اختُلف في البدنة هل تختص بالإبل، أو تقع -أيضًا- على البقر، والغنم؟ بعد الاتفاق على أنها تقع على الذكر والأنثى من الإبل.

قالوا: وسميت بدنة؛ لأنها تُبَدَّنُ، والبدانة السِّمَنُ، وفيه عندي نظر، فإن (3) السِّمَن غيرُ مختص بالإبل، والفيلُ أعظمُ منها بَدانة وسِمَنًا، ولا يسمَّى بدنة، وأما الجزور، فلا تكون إِلَّا من الإبل.

ع (4): وقد يحتج: بهذا الشافعي، وأبو حنيفة، في تفضيل البُدْن في الضحايا على الغنم، وأنها أفضل، ثم البقر، ثم الغنم، وسَوَّوا بين الهدايا والضحايا (5) وسائر النسك.

ومالك وأصحابُه يقولون: أما في الضَّحايا، فالضأن أفضلُ من المعز، ثم البقر، ثم الإبل، ومن أصحابنا من قدَّمَ الإبلَ على البقر، ووافقوا في الهدايا، وحجتُهم: قوله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107]، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحَّى بالضأن، وما كان ليتركَ الأفضلَ، كما لم يتركه في الهدايا، ولأن الغرض في الضحايا استطابةُ

(1) في "ت": "ع".

(2)

انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (4/ 460).

(3)

في "ت": "لأن".

(4)

"ع" ليس في "ت".

(5)

في "ت": "الضحايا والهدايا".

ص: 14

اللحم، وفي الهدايا كثرتُه، وقوله عليه الصلاة والسلام:"بَدَنَة، ثم بَقَرَة" يحتج به (1) عطاءٌ في أن البُدْنَ لا تكون إِلَّا من الإبل وحدَها، ومالكٌ يرى البقرَ من البُدْن.

وفائدة هذا فيمن نذرَ بدنة، ويكون ببلد لا يوجد فيه (2) إِلَّا البقر (3)، وذلك عند عدم الإبل، أو قصر النفقة (4).

تنبيه: ظاهرُ هذا الحديث أو نصُّه، يقتضي أن هذا التقريب المذكور لا يحصل إِلا لمن اغتسل، ثم راح؛ لتصديره عليه الصلاة والسلام الشرطَ به، وهو كلمة (مَنْ)، وعطف الرواح عليه، بثُمَّ المرتِّبَة، نعم، من راح في الساعة الأولى -مثلًا- من غير اغتسال، كان له فضلٌ على من (5) راحَ بعدَه، ولكن لا يحصل له أجرُ التقريبِ المذكورِ المشروطِ بالاغتسال، فمن ادَّعى عدمَ اعتباره، فعليه الدليل.

الثالث: قوله عليه الصلاة والسلام: "كأنما قَرَّبَ دجاجة" و"كأنما قرب بيضةً"، وفي الرواية الأخرى في كتاب "مسلم":"أَهْدَى دَجَاجَةً (6)، وَأَهْدَى بَيْضَةً"، وليس هذان مما يطلق عليهما اسمُ هَدْي،

(1) في "ت": "فيه".

(2)

في "ت": "في بلد لا يكون فيها".

(3)

في "ق": "لا توجد فيه البقر".

(4)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 240).

(5)

في "خ": "فضل من".

(6)

"كأنما قرب بيضة"، وفي الرواية الأخرى في كتاب "مسلم": "أهدى =

ص: 15

واعتذر عن رواية "أهدى": بأنه لما عطفه على ما قبلَه من الهدايا، وجاء به بعده، لزمه حكمُه في اللفظ، وحُمل عليه؛ كقوله:

مُتَقَلّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا

أي: وحاملًا رمحًا، وكذلك هنا؛ كأَنه (1) كالمتقرب بالصدقة بدجاجة، أو بيضة، وأطلق على ذلك اسم الهدي؛ لتقدمه، وتحسين الكلام به.

وأما (2) رواية: "فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَذَا"، فاعتذر عنه -أيضًا (3) - بأنه ضربٌ من التمثيل للأجور ومقاديرها، لا على تمثيل الأجور وتشبيهها، حتى يكونَ أجرُها كأجر هذا، وتكون الدجاجة في التمثيل والتدريج، والبيضة بقدر أجرهما (4) من أجر البدنة، لو كان هذا مما يُهدى.

ع (5): واختُلف في الغنم، هل هي من الهدي، أم لا؟ وفائدةُ الخلاف فيمن قال: عليَّ هديٌ (6)، هل تجزئه (7) شاةٌ أم لا؟ وأجاز ذلك

= دجاجة") ليس في "ت".

(1)

في "ت": "ها هنا؛ لأنه" بدل "هنا، كأنه".

(2)

في "ت" زيادة: "على".

(3)

"أيضًا" ليس في "ت".

(4)

في "خ" و"ق": "إحداهما".

(5)

"ع" ليس في "ت".

(6)

في "خ" و"ت": "الهدي".

(7)

في "ت": "أتجزئه".

ص: 16

مرةً مالكٌ، ومرة لم يُجزها إِلا من قصر النفقة، على تضعيف منه فيها.

الرابع: قوله عليه الصلاة والسلام: "فإذا خرجَ الإمامُ، حضرتِ الملائكةُ يستمعونَ الذِّكْر"، وفي رواية البخاري:"طَوَوْا صُحُفَهُمْ".

ع (1): قالوا: هذا يدل على أنهم غيرُ الحفظة (2).

وقال بعض المتأخرين من أصحابنا: لا دليل فيه.

(3)

قال ابن بزيزة: وأما طيُّ الصحف، فعبارة عن أنهم لا يكتبون، فهل هو تنبيه على فضيلة البكور؛ بحيث إنه إن لم يبكر، لا يكتب له مثلُ ما يُكتب للمبكر؟ أو نفي الكَتْبِ مطلقًا في حق غير المبكر؟ وهو ظاهر اللفظ.

وفي "مسند الحارث (4) بن أبي أسامة": "إِنَّ المَلَائِكَةَ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ: جَاءَ فُلَانٌ مِنْ سَاعَةِ كَذَا، جَاءَ فُلَانٌ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، جَاءَ فُلَانٌ وَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ، جَاءَ فُلَان وَلَمْ يُدْرِكِ الجُمُعَةَ، إِذَا (5) لَمْ يُدْرِكِ الخُطْبَةَ"(6)، فهذا يدلُّ على أن كَتْبهم لا ينقطع بجلوس الإمام على المنبر.

(1)"ع" ليست في "ت".

(2)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 240).

(3)

في "ت" زيادة: "و".

(4)

في "ت": "حديث" بدل "مسند الحارث".

(5)

في "ق": "إذ".

(6)

رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(199).

ص: 17

وفي بعض طرق هذا الحديث: "ثُمَّ كَمِثْلِ مَنْ يُهْدِي عُصْفُورًا"(1)، ذكره بين الدجاجة والبيضة، وهو مناسبٌ من طريق المعنى، واللَّه أعلم.

* * *

(1) تقدم تخريجه عند النسائي برقم (1387) إِلا أنه قال فيه: ". . . وكرجل قدم عصفورًا".

ص: 18