الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس
184 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فَمِنَّا الصَّائِمُ، وَمِنَّا المُفْطِرُ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ، وَأَكْثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الكِسَاءَ، فَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ، قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ، وَقَامَ المُفْطِرُونَ، فَضَربُوا الأَبْنِيَةَ، وَسَقَوُا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2733)، كتاب: الجهاد والسير، باب فضل الخدمة في الغزو، ومسلم (1119/ 100) واللفظ له، و (1119/ 101)، كتاب: الصيام، باب: أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، والنسائي (2283)، كتاب: الصيام، باب: فضل الإفطار في السفر على الصيام.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 71)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 182)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 236)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 226)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 872)، و"فتح الباري" لابن حجر (6/ 84)، و"عمدة القاري" للعيني (14/ 174)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (5/ 88)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 550).
قوله: "فمنَّا الصائم، ومنَّا المفطر": فيه (1): دليل على ما تقدَّمَ من جواز الصوم في السفر، وانعقادِه فيه، لتقريره عليه الصلاة والسلام ذلك، وعدمِ إنكاره؛ خلافًا لمن قال: لا ينعقد من أهل الظاهر وغيرِهم، على ما تقدم.
وقوله: "وأكثرنا ظِلًا صاحبُ الكساء"؛ أي: إن أكثرهم ظلًّا مَنْ له كساء يُلقيه على رأسه اتقاءً لحرِّ الشمس.
فيه: دلالةٌ على عدم احتفالهم بآلات السفر؛ كالخيم، والفساطيط، ونحو ذلك؛ بحيث إنهم لم يكن معهم ما يتقون به حرَّ الشمس، وإن أكثرهم ظلًّا من له كساء، بل كان جُلُّ احتفالهم رضي الله عنهم بآلات الحروب، وما يُعنى (2) من ذلك، ويُحتاج إليه على سبيل الضرورة، بخلاف حال أهل زماننا على ما يُرى.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "ذهبَ المفطرونَ اليومَ بالأجر"، أي: بأجرٍ يزيدُ على أجر الصائمين، فإن عملَهم كان متعدِّيًا، وعمل الصائمين كان قاصرًا.
ق: ويحتمل أن يكون أجرُهم قد بلغ في الكثرة بالنسبة إلى أجر الصوم مبلغًا ينغمر فيه أجرُ الصوم، فتحصلُ المبالغة بسبب ذلك، ويجعل (3)
(1)"فيه" ليس في "ت".
(2)
في "ت": "وما يُغني".
(3)
في "ت": "وجعله".
كأن الأجر كلَّه للمفطر (1)، واللَّه أعلم، انتهى.
وفيه: أنه إذا تعارضت المصالح، قُدِّمَ منها الأولى، والأقوى؛ فإن الصوم مصلحة، والفطر أيضًا -والحالة هذه- مصلحةٌ، ولكن مصلحة الفطر حينئذ أَوْلى؛ لتعدِّيها، وقصورِ مصلحةِ الصيام، كما تقدم.
* * *
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 226).