المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الرابع 140 - عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كِتْابُ الْجَنَائِز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كِتْابُ الزَّكَاة

- ‌ باب:

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كِتْابُ الصِّيِامِ

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب الصوم في السفر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب ليلة القدر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كِتْابُ الْحَجِّ

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الفدية

- ‌باب حرمة مكة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يجوز قتله

الفصل: ‌ ‌الحديث الرابع 140 - عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى

‌الحديث الرابع

140 -

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْعِيدِ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ، وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ (1)، وَذَكَّرَهُنَّ، وَقَالَ:"تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ"، فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الخَدَّيْنِ، فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ"، قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ مِنْ أَقْرَاطِهِنَّ وَخَوَاتِيمِهِنَّ (2).

(1) في "ت": "ووعظهن".

(2)

* تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (915، 918)، كتاب: العيدين، باب: المشي والركوب إلى العيد، والصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، و (935)، باب: موعظة الإمام النساء يوم العيد، ومسلم (4/ 885)، واللفظ له، و (885/ 3)، في أول كتاب: صلاة العيدين، وأبو داود (1141)، كتاب: الصلاة، باب: الخطبة يوم العيد، والنسائي (1562)، كتاب: صلاة العيدين، باب: ترك الأذان للعيدين، و (1575)، باب: قيام الإمام في =

ص: 55

* الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: قوله: (شهدتُ)، معناه: حضرتُ، والمفعولُ محذوف؛ أي: شهدتُ الصلاةَ يومَ العيد، فـ (يومَ) (1): ظرفٌ، لا مفعولٌ به.

الثاني: قوله: (فبدأ): هو بالهمز (2)؛ لأنه بمعنى: ابتدأ (3)، وأما بدا، بمعنى: ظهر، فغيرُ مهموز.

الثالث: الخُطبةُ هنا: بالضم، وأما خطبت (4) المرأة خِطْبَةً، فبالكسر.

الرابع: قوله: "بلا أذان ولا إقامة": ع: (5) لا خلاف بين فقهاء

= الخطبة متوكئًا على إنسان.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 293)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 531)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 175)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 129)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 705)، و"فتح الباري" لابن رجب (6/ 93، 147)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 143)، و"التوضيح" لابن الملقن (8/ 89)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 467)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 281)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 202)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 375).

(1)

في "ق": "فيوم العيد".

(2)

في "ت": "بالهمزة".

(3)

في "ت": "المبتدأ".

(4)

في "ت": "خطب".

(5)

في "ت" زيادة: "و".

ص: 56

الأمصار في ذلك: أنه لا أذانَ، ولا إقامةَ للعيدين، وإنما أحدث الأذانَ معاويةُ، وقيل: زيادٌ، وفعلَه آخرَ إمارته (1) ابنُ الزبير، والناسُ على خلاف ذلك، وعملُ أهل المدينة ونقلُهم (2) المتفقُ عليه يردُّ (3) ما أحدث (4).

ق: وكأَن سببه (5): تخصيصُ الفرائضِ بالأذانِ (6)؛ تمييزًا (7) لها بذلكَ عن النوافلِ، وإظهارًا لشرَفها (8)، وأشار بعضُهم إلى معنى آخر، وهو: أنه لو دعا النبي صلى الله عليه وسلم إليها (9)، لوجبت الإجابةُ، وذلك منافٍ لعدم وجوبها، قال: وهذا حسنٌ (10) بالنسبة إلى مَنْ يرى أن صلاة الجماعة فرضٌ على الأعيان (11).

ح: ويُستحب أن يقال فيها: الصلاةَ جامعةً -بنصبهما-، الأولُ

(1) في "ت": "وقيل آخر إمارة".

(2)

في "ت": "وفقهائهم" بدل "ونقلهم".

(3)

في "ت": "بِرَدِّ".

(4)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 295).

(5)

في "ت": "سبب".

(6)

في "ت": "الأذان".

(7)

في "ت": "يميزانها" بدل "تمييزًا".

(8)

في "ت": "شرفها".

(9)

"إليها" ليس في "ت".

(10)

في "ق": "أحسن".

(11)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 129).

ص: 57

على الإغراء، والثاني على الحال (1).

الخامس: قوله: "متوكئًا على بلال": فيه: جوازُ اتكاء الإمام على بعض أتباعه، ولا يتعين القوسُ ولا العصا، كما قاله الفقهاء.

السادس: أصلُ التقوى: وَقْوَى (2)؛ لأنه من وَقَى يَقي، فأُبدلت الواو تاء (3)، كما أُبدلت في تُراث، وتُخَمَة، وتُكَأَة، والأصلُ: وُراث (4)، ووُخَمَة، ووُكَأة، فكأنَّ المتقي يجعل بينه وبين النار وقاية.

قالوا: وهي عبارة عن امتثال المأمورات، واجتناب المنهيات.

قال الغزالي رحمه الله: فكأَنَّ الخَيْرَ كلَّهُ جُمع وجُعِل تحتَ هذه الخصلة التي هي التقوى، وقد قال بعضُ المريدين لشيخه: أوصني، فقال: أُوصيك بما أوصى اللَّه به الأولين والآخرين، وهو قوله تعالى:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131]، وكتب على بعض القبور:

ليسَ زادٌ سِوَى التُّقَى

فَخُذِي مِنْهُ أو دَعِي

ومعنى حَثَّ: حَضَّ، وحَرَّضَ.

(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي (6/ 175).

(2)

في "ق": "وقيى".

(3)

في "ت": "ياء".

(4)

في "ت": "وارث".

ص: 58

والطاعة: الانقياد للأمر (1)، وأصلُها: طَوْعَة؛ لأنها من طاع يطوع: إذا انقادَ، فقلبت الواو ألفًا؛ لتحركِها، وانفتاحِ ما قبلها، وهي اسمٌ للمصدر، والمصدرُ إطاعَةٌ (2).

والوعظ: النُّصْح، والتذكير بالعواقب، وَعَظْتُه وَعْظًا، وعِظَةً، فاتَّعَظَ؛ أي: قَبِلَ الموعِظَةَ.

يقال: السعيدُ مَنْ وُعظ بغيره، والشقيُّ مَنِ اتَّعَظ (3) به غيره (4).

فكأن قوله: وذَكَّرهم: توكيدٌ لوعظ.

السابع (5): قوله: "ثم أتى النساء، فوعظهن": ظاهره (6): جوازُ نزول الإمام عن المنبر، وقطع خطبته لمصلحة الإسماع (7)؛ أعني: إسماعَ مَنْ لم يسمعْ الوعظَ، وهذا كأنه مخصوص بزمانه عليه الصلاة والسلام، تأكيدًا لبيعة الإسلام، وحرصًا على تعميم الجميع بذلك؛ أعني الرجالَ والنساء، واللَّه أعلم.

(1) في "ق": "للأمور".

(2)

في "ت": "الطاعة".

(3)

في "ت": "أيقظ".

(4)

انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 1181)، (مادة: وعظ).

(5)

في "ق": "الرابع".

(6)

"ظاهره" ليس في "ت".

(7)

في "ق": و"وقطع خطبته للاستماع".

ص: 59

ع (1): وأما نزولُ النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته إلى النساء إذ (2) رأى أنه لم يُسمِعْهن، فذكَّرَهن، فهذا كان أولَ الإسلام، وتأكيد لبيعة (3) الإسلام، وفي حقه عليه الصلاة والسلام في ابتداء (4) التعليم، وخاصٌّ له، وليس على الأئمة فعلُه، ولا يباحُ لهم قطعُ الخطبة بنزولٍ لوعظِ النساء، ومَنْ بَعُدَ (5) من الرجال.

وقولُ عطاءٍ في "الأم": إن ذلك لَحقٌّ (6) عليهم، ومالهم لا يفعلون (7)، غيرُ مُوافَقٍ عليه، وقد قال عليه الصلاة والسلام:"لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ"(8)، ولعلَّ فعلَه عليه الصلاة والسلام كان لتأكيد البيعة، كما قال حين تلا عليهم الآية:"أنتُنَّ عَلَى ذَلِكَ؟ "، الحديث (9).

(1)"ع" ليس في "ت".

(2)

في "ت": "إذا".

(3)

في "ت": "وتأكيده بيعة".

(4)

في "ت": "إبداء".

(5)

في "ت": "بعده".

(6)

في "ت": "يحق".

(7)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (918)، وعند مسلم برقم (885)، (2/ 603).

(8)

رواه البخاري (67)، كتاب: العلم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رب مبلغ أوعى من سامع"، ومسلم (1679)، كتاب: القسامة، باب: تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

(9)

رواه البخاري (4613)، كتاب: التفسير، باب:{إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12]، ومسلم (884) في أول كتاب: العيدين، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 60

وفيه: كونُ النساء بمعزِلٍ عن الرجالِ، وبُعْدٍ (1) منهم، وغيرَ مختلطاتٍ بهم (2).

وقوله: "تصدقن؛ فإنكن أكثرُ حطب جهنم" دليلٌ على أن الصدقة سببٌ لدفع العذاب، لاسيما السرية منها (3)، الخالصة من الشوائب المكدِّرَةِ للإخلاص فيها (4): من حبِّ مدحٍ، وثناءٍ، وغير ذلك.

وفيه: الإغلاظُ في النصح بما لعلَّه يبعث على إزالة العيب، أو الذنب اللذين يتصف بهما الإنسان.

وفيه: بذلُ النصيحة لمن يحتاج إليها.

الثامن (5): قوله: "فقامت امرأةٌ من سِطَة (6) النساء": هكذا هو (7) سِطَةِ -بكسر السين وفتح الطاء المخففة (8) -، وفي بعض نسخ "مسلم": واسطة، ومعناه: من خيارهن، والوسط: العدلُ والخيار، ومنه قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]، أي: خيارًا عُدولًا.

(1) في "ت": "وبعده".

(2)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 291).

(3)

في "ت": "منهم".

(4)

في "ق": "بها".

(5)

في "ق": "الخامس".

(6)

في "ت": "سط".

(7)

في "خ": "هو في".

(8)

في "ت": "هكذا هو بفتح السين والطاء المخففة".

ص: 61

ع: وزعم حُذَّاقُ شيوخنا: أن هذا الحرف مغير في كتاب "مسلم"، وأن صوابه:(من سفلة النساء)، وكذا رواه ابن أبي شيبة في "مسنده"، والنسائي في "سننه"(1)، وفي رواية لابن أبي شيبة:"امرأةٌ ليستْ من عِلْيَة النساء"(2)، وهذا ضد التفسير (3) الأول، ويعضده قولُه بعده:"سَفْعاء الخَدَّين"، وهو شحوبٌ وسوادٌ في الوجه (4).

قال الإمام (5) المازري: قال الهروي في تفسير قوله في الآخر: "أَنَا وَسَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ كَهَاتَيْنِ يَوْمَ القِيَامَةِ"(6): أرادَ بذلك (7): أنها بذلت تناصف (8) وجهها؛ أي محاسنَه: حتى اسودَّتْ، إقامةً على ولدها بعد وفاة زوجها، لئلَّا تضيعهم.

والأسفعُ: الثور الوحشيُّ الذي في خدِّه سوادٌ، وفي حديث النخعي: لقيتُ غلامًا أسفعَ أَحْوى (9).

(1) تقدم تخريجه عند النسائي برقم (1575).

(2)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(9805)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

(3)

في "ت": "للتفسير".

(4)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 294).

(5)

"الإمام" ليس في "ت".

(6)

رواه أبو داود (5149)، كتاب: الأدب، باب: في فضل من عال يتيمًا، والإمام أحمد في "المسند"(6/ 29)، من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه.

(7)

"بذلك" ليس في "ت".

(8)

في "ت" بياض بمقدار قوله: "تناصف".

(9)

رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(5/ 531)، وابن عساكر في "تاريخ =

ص: 62

قال القُتَبي: الأسفعُ: الذي (1) أصاب خده (2) لونٌ يخالف سائرَ لونه من سواد (3).

ح: وهذا الذي ادَّعَوْه من تغيير الكلمة غيرُ مقبول، بل هي صحيحة، وليس المرادُ بها: من خيار النساء، كما فسره هو -يعني: ع-، بل المراد: امرأةٌ وسطَ النساء، (4) جالسة في وسطهن (5).

قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: يقال: وَسَطْتُ القومَ، أَسِطُهم، وَسْطًا، وسِطَةً، أي: تَوَسَّطْتُهم (6).

قلت: فالحاصل من تفسير هذه اللفظة ثلاثةُ أشياء: خيار النساء، وسِفْلَة النساء، وجالسة في وسطهن، والأظهرُ عندي ما قاله ع، واللَّه أعلم.

التاسع (7): قوله عليه الصلاة والسلام: "تُكثرْنَ الشَّكاةَ" هو

= دمشق" (46/ 13)، من حديث زرارة بن عمرو النخعي رضي الله عنه، وفيه: وما رأيت أتانًا تركتها في الحي كأنها ولدت جديًا أسفع أحوى.

(1)

"الذي" ليس في "ت".

(2)

في "خ" و"ت": "جلده".

(3)

انظر: "المعلم" للمازري (1/ 479).

(4)

في "ت" زيادة: "التي".

(5)

انظر: "شرح مسلم" للنووي (6/ 175).

(6)

انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 1167)، (مادة: وسط).

(7)

في "ق": "السادس".

ص: 63

بفتح الشين، وهي (1): الشكوى، وألفُها منقلبة عن واو؛ كالصلاة، والزكاة.

ق: وتعليلُه عليه الصلاة والسلام بالشَّكاة، وكُفران العشير دليلٌ على تحريم كُفران النعمة؛ لأنه جُعل سببًا لدخول النار، وهذا السبب في الشكاية (2) يجوز أن يكون راجعًا إلى ما يتعلق بالزوج، وجَحْدِ حقه، ويجوز أن يكون راجعًا إلى ما يتعلق باللَّه تعالى، وعدمِ شكرِه، والشكايةِ لقضائه (3).

قلت: والأولُ أظهر؛ لأن الشكاية لقضاء اللَّه -تعالى- غيرُ مختصَّة (4) بالنساء، واللَّه أعلم.

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد (5) ذكر ذلك في حق مَنْ هذا ذنبُه، فكيف بمن له ذنوبٌ أكثرُ من ذلك؛ كترك الصلاة، والقذف؟!

وأخذ الصوفيةُ من هذا الحديث الطلبَ للفقراء عند الحاجة من الأغنياء، وهذا حسن بهذا الشرط الذي ذكرناه.

وفي مبادرة النساء لذلك، والبذلِ لِما (6) لعلهنّ يحتجْنَ إليه مع

(1) في "ت": "وهو".

(2)

في "ت": "الشكاة".

(3)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 131).

(4)

في "ت": "مختص".

(5)

"قد" ليس في "ت".

(6)

"لما" ليس في "ت".

ص: 64

ضيق الحال في ذلك الزمان، ما يدل (1) على رفيع مقامهن في الدين، وامتثالِ أمرِ الرسول صلى الله عليه وسلم (2).

العاشر: المراد (بالعشير) هنا: المعاشرة والمخالطة عندَ أهل اللغة، وحمله الأكثرون هنا (3) على الزوج، وقال آخرون: هو كل مُخالِط.

وقد أحسن الحريري رحمه الله حيث قال: وَأَفِي (4) لِلْعَشيرِ، وَإِنْ لمْ يُكَافِىءْ بِالعَشِيرِ (5).

أراد بالأول: المعاشر، وبالثاني: العُشْر؛ فإنه يقال: عُشْر، وعَشير، ومِعْشار (6)، بمعنى.

قال الخليل رحمه اللَّه تعالى العَشير والشَّعير على القلب.

ومعنى الحديث: أنهن يجحدن الإحسانَ؛ لضعفِ عقولهنَّ، وقلَّةِ معرفتهنَّ، فيُستدل به على ذم مَنْ يجحد إحسانَ ذي (7) الإحسان (8).

الحادي عشر: (الأقرطة): جمع قُرْط.

(1) في "ت": "دليل".

(2)

المرجع السابق، الموضع نفسه.

(3)

"هنا" ليس في "ت".

(4)

في "ت": "أوافي".

(5)

انظر: "مقامات الحريري"(ص: 36).

(6)

في "ق": "معاشر".

(7)

"ذي" ليس في "ت".

(8)

انظر: "شرح مسلم" للنووي (6/ 175).

ص: 65

قال ابن دريد: كلُّ ما عُلِّق في شَحْمَة الأذن فهو قُرط، سواء كان من ذَهَب، أو خَرَز.

وأما الخُرْص، فهو الحلقةُ الصغيرة من الحلي.

ع (1): قيل: الصواب: قِرَطَتِهن -بحذف الألف-، وهو المعروف في جمع قُرْط؛ كخُرْج، وخِرَجَة، ويقال في جمعه: قِراط؛ كرُمْح ورِماح. (2) ولا يبعد صحةُ أَقْراط، ويكون جمعَ جمعٍ؛ أي: جمع قِراط، لاسيما وقد صح في الحديث (3).

وأما الخواتيم، فجمع خاتِمَ -بكسر التاء وفتحها- وخَيْتام، وخاتام، أربعُ لغات معروفة (4).

الثاني عشر: قال الإمام (5) المازري: تعلق بعضُ الناس بهذا الحديث في إجازة هبة المرأة مالَها من غير إذن الزوج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)"ع" ليس في "ت".

(2)

في "ت" زيادة: "قُلْتُ".

(3)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 292).

(4)

ذكر الحافظ في "الفتح"(10/ 315 - 316) في الخاتم عشر لغات، جمعها في نظم من قوله، وهي:

خُذْ نظمَ عدِّ لغاتِ الخاتمِ انتظمت

ثمانيًا ما حواها قَطُّ نَظَّامُ

خاتامُ خاتِمُ خَتْمٌ خَاتَمٌ وخِتا

مٌ خاتيامٌ وخيتومٌ وخَيتامُ

وهَمْزُ مفتوحِ تاءٍ تاسعٌ وإذا

ساغَ القياسُ أتمَّ العَشْرَ خَاتامُ

(5)

"الإمام" ليس في "ت".

ص: 66

لم يسألْ هل لهنَّ أزواج، أم لا؟ (1)

ع (2): (3) قد يقال: إنه لا حجة في هذا (4)؛ لأن الغالب من ذوات الأزواج حضورُ أزواجهن في ذلك المشهد، وتركُهم الإنكارَ لفعلهن (5) إذنٌ لهن، وتسويغٌ لفعلهن.

قلت: وفي هذا الجواب عندي (6) نظر، بل ضَعْف، فتأمله.

وقيل: فيه: وجوبُ الصدقة في الحلي، وجوازُ تقديم الزكاة؛ إذ لم يسألهن عن حلولها، وهذا لا حجة فيه، والظاهر أنها صدقةُ تطوع، ولذلك قال بعضهم: فيه حجة ألّا زكاةَ فيه؛ لقوله (7): "وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ" ولا يقال هذا في الواجب.

وقيل: فيه: حجةُ من يرى جوازَ فعلِ البِكْر، ولا حجة فيه -أيضًا-، إذ لم يات فيه عن بكر أنها تصدقت معهنَّ، ولا حضرت ذلك المشهدَ.

وفيه: أن المعاطاةَ في العقود تقوم مقامَ القول الصريح؛ لأن النساء أَلقينَ ما أَلقينَ إذ طلب منهن الصدقة، فكانت صدقةً، وإن لم

(1) انظر: "المعلم" للمازري (1/ 478).

(2)

"ع" ليس في "ت".

(3)

في "ت" زيادة: "و".

(4)

في "ت": "فيها".

(5)

في "ت": "عليهن".

(6)

"عندي" ليس في "ت".

(7)

في "ت": "وهو قوله".

ص: 67

يُسمِّينَها صدقةً (1).

الثالث عشر: هذه المقاصدُ التي ذكرها الراوي، من الأمر بتقوى اللَّه تعالى، والحث على طاعته، والموعظة والتذكير، هي مقاصد الخطبة، وقد عدَّ بعضُ الفقهاء (2) من أركان الخطبة الواجبة: الأمر بتقوى اللَّه -تعالى-، وبعضهم جعل الواجب ما يسمَّى خطبةً عند العرب. وقد تقدم استيعابُ ذلك في باب الجمعة بما يغني عن الإعادة، واللَّه الموفق، لا رب سواه.

* * *

(1) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 293).

(2)

في "ت": "الناس".

ص: 68