المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب صلاة الخوف ‌ ‌الحديث الأول 148 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كِتْابُ الْجَنَائِز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كِتْابُ الزَّكَاة

- ‌ باب:

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كِتْابُ الصِّيِامِ

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب الصوم في السفر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب ليلة القدر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كِتْابُ الْحَجِّ

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الفدية

- ‌باب حرمة مكة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يجوز قتله

الفصل: ‌ ‌باب صلاة الخوف ‌ ‌الحديث الأول 148 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

‌باب صلاة الخوف

‌الحديث الأول

148 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنهما، قَالَ: صَلَّى (1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الخَوْفِ (2) فِي بَعْض أَيَّامِهِ، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بالَّذِينَ مَعَهَ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبُوا، وَجَاءَ الآخَرُونَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَقَضَتِ الطَّائِفَتَانِ رَكْعَةً ركْعَةً (3).

(1) في "ق" زيادة: "بنا".

(2)

"صلاة الخوف" ليس في "ت".

(3)

* تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (900)، كتاب: صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف، و (901)، باب: صلاة الخوف رجالًا وركبانًا، و (3903، 3904)، كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع، و (4261)، كتاب: التفسير، باب:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]، ومسلم (839/ 306)، واللفظ له، و (839/ 305)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الخوف، وأبو داود (1243)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ثم يسلم، فيقوم كل صنف فيصلون لأنفسهم ركعة، والنسائي (1538 - 1542)، كتاب: صلاة الخوف، =

ص: 139

* الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: قد تقدم أن الخوف: غَمٌّ لما يُستقبل، والحزن: غَمٌّ لما مضى.

الثاني: الأصلُ في صلاة الخوف: الكتابُ، والسنَّةُ، والإجماع.

أما الكتاب: فقولُه تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء: 102] الآية.

قال ابنُ بزيزةَ: واتفق أهلُ العلم بالآثار على أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلِّي هذه الصلاةَ على هذه الهيئة قبلَ نزول هذه الآية، فلما نزلَتْ صلَّاها.

واختلفوا متى نزلت؟ فقيل: نزلت (1) بعسفان؛ حين هَمَّ المشركون

= والترمذي (564، 565)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الخوف، وابن ماجه (1258)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الخوف.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (1/ 270)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 403)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 42)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 218)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 468)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 124)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 151)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 749)، و"فتح الباري" لابن رجب (6/ 12)، و"التوضيح" لابن الملقن (8/ 7)، و"طرح التثريب" للعراقي (3/ 130)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 430)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 254)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 279)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 60)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 4).

(1)

"فقيل: نزلت" ليس في "ق".

ص: 140

أن يَثِبوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه في صلاة العصر، فنزل جبريلُ بهذه الآية على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بينَ الظهر والعصر، وكان أمرُه على ذلك في حال (1) الخوف إلى أن تُوفي صلى الله عليه وسلم.

وفي حديث ابن أبي حثمة (2)، وأبي هريرة، وجابر: أنه عليه الصلاة والسلام صلَّاها في غزوة ذاتِ الرقاعِ سنةَ خمسٍ من الهجرة.

وفي حديث جابر -أيضًا (3) -: أنه صلاها في غزوة جُهَينة.

وقيل: في غزوة (4) بني مُحارب ببطن نَخْل على قرب المدينة.

وقيل: صلاها في غزوة نَجْد، وغَطَفان، قاله غيرُ واحد من الرواة.

وأما السُّنَّةُ: فقد تواتر أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاها على هيئات مختلفة، صحح المحدِّثون منها سبعَ هيئات؛ لشهرتها وثبوتها، وصحح ابنُ حزم في صفتها عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعةَ عشرَ وجهًا (5)(6).

وذكر ابن القصار: أنه عليه الصلاة والسلام صلاها في عشرة مواطن، وذكر غيرُه: أنه صلاها أكثرَ من هذا العدد، وصحَّحها بعضُهم في ثلاثة مواطنَ فقط.

(1) في "ت": "صلاة".

(2)

في "ق" و"ت": "خيثمة".

(3)

"أيضًا" ليس في "ت".

(4)

"جهينة. وقيل في غزوة" ليس في "ت".

(5)

في "ت": "أربع عشر وجهًا عن النبي صلى الله عليه وسلم".

(6)

انظر: "المحلى" لابن حزم (5/ 33).

ص: 141

وانعقد إجماعُ الأمة على أنها كانت مشروعةً للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما اختلفوا هل هي مشروعةٌ بعده، أم لا؟

والجمهور: على أنها مشروعة بعده.

وقال مكحول، وأبو يوسف، والحسن اللؤلئيُّ (1)، ومحمدُ ابنُ الحسن (2)، وبعض علماء الشاميين: إن صلاة الخوف مخصوصةٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ اعتمادًا منهم على قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء: 102] الآيةَ.

وعندنا: أنه خطابُ مواجهة (3)؛ لأنه المبلِّغُ عن اللَّه -تعالى- الخطابَ، لا خطابُ تخصيص بالحكم؛ لما صحَّ أن الصحابة صلَّوها بعد موته عليه الصلاة والسلام، وممن صلاها (4) بعد موته: عليُّ بنُ أبي طالب، وأبو هريرة، وأبو موسى الأشعري، وغيرُهم.

قال الإمام المازري: وقد قال صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي"(5)، وعمومُ هذا الخبر يردُّ على أبي يوسف (6).

ومن العلماء مَنْ رأى أن الصلاة تؤخَّرُ إلى وقت الأمن، ولا تُصلَّى

(1) في "ت": "اللؤلؤي".

(2)

في "ق": "الحسين" وهو خطأ.

(3)

في "ت": "مواجه".

(4)

في "ق": "وكان صلاها".

(5)

تقدم تخريجه.

(6)

انظر: "المعلم" للمازري (1/ 467).

ص: 142

في حال الخوف؛ كما فعل عليه الصلاة والسلام يومَ الخندق، وأجمعَ (1) أهلُ الآثار على أن فعلَه عليه الصلاة والسلام يومَ الخندق كان قبلَ نزول صلاة الخوف.

وإذا ثبت أنها مشروعة، فقد اختلف فقهاء الأمصار في المختار من الهيئات المختلفة باختلاف الأحاديث الواردة في ذلك.

فذكر ابن عمر رضي الله عنهما هذه الهيئةَ المذكورة هنا، وبها أخذ الشافعيُّ، والأوزاعيُّ، وأشهبُ.

وروى صالح بنُ خَوَّاتٍ غيرَها على ما سيأتي.

وبها أخذ مالك رضي الله عنه (2).

وروى جابر هيئةً أُخرى (3) غيرَها، وبها أخذ أبو حنيفة (4).

وقد ذكر المصنف هذه الأحاديث الثلاثة.

قال الإمام أبو عبد اللَّه المازري: وأحسنُ ما بنيت (5) عليه هذه الأحاديث المختلفة أن يحمل (6) على اختلاف أحوال أَدَّى (7) الاجتهادُ

(1) في "ت": "فأجمع".

(2)

"وروى صالح بن خوات غيرها على ما سيأتي، وبها أخذ مالك" ليس في "ق".

(3)

"هيئة أخرى" ليس في "ت"، و"أخرى" ليس في "خ".

(4)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 218).

(5)

في "ت": "ما ثبتت".

(6)

في "ت": "تحمل".

(7)

في "ت": "ذي".

ص: 143

في كل حالة إلى أنَّ (1) إيقاعَ الصلاة على تلك الهيئة أحصَنُ (2)، وأكثرُ تحرزًا وأَمْنًا من العدو، ولو وقعتْ على هيئة أخرى، لكان فيها تفريطٌ (3)، وإضاعةٌ للحزم (4).

قلت: ثم اختلف الفقهاء في ترجيح بعضِها على بعض؛ فمنهم من رجَّح بعض الهيئات على غيرها (5)، ومنهم من خَيَّرَ (6) في العمل بما شاء منها؛ لأنها كلَّها قد عُمل بها، على أن أحاديث صلاة الخوف كلَّها ثابتة (7)، وسببُ الترجيح عند من يقول به: أنها (8) تارة تكون لموافقة ظاهر القرآن، وتارةً بكثرة الرواة، وتارةً يكون بعضُها موصولًا، وبعضُها موقوفًا، وتارة لموافقة الأصول في غير هذه الصلاة، وتارةً بالمعاني.

ق (9): وهذه الرواية التي اختارها أبو حنيفة توافق (10) الأصول في أن قضاء الطائفتين بعدَ سلامِ الإمام.

(1)"أن" ليس في "ق".

(2)

في "ت": "أحسن".

(3)

في "ت": "التفريط".

(4)

انظر: "المعلم" للمازري (1/ 466).

(5)

في "ق": "بعضها".

(6)

في "ت": "غير".

(7)

"على أن أحاديث صلاة الخوف كلها ثابتة" ليس في "ق".

(8)

في "خ" و"ق": "أنه".

(9)

"ق" ليس في "ت".

(10)

في "ت": "لموافقة".

ص: 144

وأما ما اختاره الشافعي: ففيه قضاءُ الطائفتين قبلَ سلام الإمام.

وأما ما اختاره مالك: ففيه قضاءُ إحدى الطائفتين قبلَ سلام الإمام (1)(2).

قلت: وبالجملة: فهذه (3) الصفاتُ الواردة في صلاة الخوف خارجةٌ عن الأصل (4) من كونِ العملِ في بعضِها، و (5) المشي والانصراف، وذلك غيرُ المعهودِ المألوف، وفي بعضِها القضاءُ، وهم في حكم الإمام، وذلك غيرُ معهود أصلًا، وقد تقدم سببُ اختلاف المختارين المرجِّحين بعض (6) الهيئات على بعض، وإذا بنينا على ما ذهب إليه الجمهور من المالكية؛ من (7) أنهم يُكملون لأنفسهم، فلا بد من التنبيه على مسائلَ وقع الاختلافُ فيها بين العلماء، رحمهم اللَّه تعالى.

المسألة الأولى: هل ينتظر الإمامُ الطائفةَ الثانية قائمًا، أو جالسًا إن كان موضعَ جلوس له؟ قولان في المذهب بناءً على اختلاف الأحاديث.

(1)"وأما ما اختاره مالك: ففيه قضاء إحدى الطائفتين قبل سلام الإمام" ليس في "ت".

(2)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 153).

(3)

في "ت": "فإن هذه".

(4)

في "ق": "أصل".

(5)

الواو ليست في "ت".

(6)

في "ق": "البعض".

(7)

"من" ليس في "ت".

ص: 145

وإن لم يكن موضعَ جلوس له، انتظرهم قائمًا؛ اتفاقًا، وإن كان قد حكى فيه بعضُ المتأخرين خلافًا مطلقًا.

وإذا قلنا: إنه يقوم، فهل يقرأ، أو يسبح، أو يسكت؟

ثلاثة أقوال، وزاد بعضهم رابعًا: التخيير.

وقال بعض المتأخرين (1): إن كانت القراءة بفاتحة الكتاب خاصةً، سَبَّحَ، ولم يقرأ؛ لأنه لو قرأ، لم تدرك الطائفةُ الأخرى قراءته، كان كانت بأم القرآن وسورة، قرأ؛ لإدراكهم بعضَ القراءة (2).

المسألة الثانية: إذا تمت صلاةُ الإمام، هل يسلِّم، أو ينتظر فراغهم؟

في المذهب قولان منشؤهما اختلافُ الأحاديث، أما وجهُ الانتظار، فليحصُل (3) لهم من فَضْل السلامٍ ما حَصَل للأولين من فَضْل الإحرام، ومن لم يره، فلأنه (4) زيادةٌ مستغنًى عنها.

المسألة الثالثة: اختلف العلماء إذا وقع الخوف في صلاة المغرب.

فقال مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وجماعة العلماء: يصلِّي الإمامُ بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة.

وقال الحسن: يصلِّي بكل طائفة ثلاثَ ركعات، فيصير للإمام

(1) في "ت": "بعضهم" بدل "بعض المتأخرين".

(2)

انظر: "الكافي" لابن عبد البر (ص: 73).

(3)

في "ت": "فليجعل".

(4)

في "ت": "فإنه".

ص: 146

ستُّ ركعات، وللطائفتين ثلاثٌ، ثلاثٌ (1).

وذكر الدارقطني عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه فعلَ ذلك؛ كما قاله الحسن.

(2)

قال ابن بزيزة: وعليه عُوِّلَ.

وقال أبو حنيفة بمثل قولِ مالكٍ، والشافعيِّ، إلا أنه خالف في صفة القضاء، فزعم أن الإمام إذا سلم بالطائفة الآخرة، نهضت من غير سلام ولا قضاءٍ إلى موضع أصحابها، وجاءت الطائفة الأولى، فقامت مقامَ أصحابها، وقضت ما بقي عليها (3)، ثم سلَّمَتْ، ورجعت إلى مَصافِّها، وتنصرف الأخرى، فتقضي ما سبقَها به الإمام (4).

المسألة الرابعة: لو جهل الإمام، فصلى في الثلاثية أو الرباعية بكل طائفة ركعة، فصلاة الطائفة الأولى باطلة؛ لمخالفتهم سنةَ الصلاة.

وفي صلاة الطائفة الثانية خلاف، والصحيحُ صحتُها.

وجه الصحة: الشبه بالمسبوقين.

ووجه البطلان: خروجهم عن الهيئة المشروعة.

وأما الطائفة الثالثة، فالصحيح -أيضًا- صحتُها؛ لوقوعها على هيئتها.

(1) في "ت": "ولكل طائفة ثلاث".

(2)

في "ت" زيادة: "و".

(3)

في "ت": "عليهم".

(4)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 226).

ص: 147

المسألة الخامسة: اختُلف في المسبوق في صلاة الخوف، هل يبدأ بالبناء؟ وهو قول ابن القاسم، أو بالقضاء؟ وهو قول: سحنون، واللَّه أعلم.

المسألة السادسة: الصحيحُ: أن حكم السهو في صلاة الخوف كحكم (1) غيرها، وقد قيل غيرُ ذلك، ورُوي فيه حديث لا تقوم به حجة؛ لضعف سنده، وإذا بنينا على الصحيح، فهاهنا تفصيل (2): إن كان سجود الإمام قبليًا، تابعتْه (3) الطائفة الثانية فيه بلا خلاف. ويجري الخلاف في الطائفة الأولى، على ما تقدم؛ من تكميلهم لأنفسهم، وعدم تكميلهم، فإن قلنا: بالتكميل، سجدوا إذا كملوا، وإلا سجدوا، مع الإمام عند سجوده.

وإن كان السجود بعديًا، فالطائفة الثانية تتابعه (4) فيه أيضًا، وأما الأولى، فيجري الخلاف فيها، على ما تقدم، فعلى التكميل: يسجدون إذا سلَّموا، وعلى عدم التكميل: يسجد الجميع مع إمامهم بعد السلام، واللَّه أعلم.

المسألة السابعة: إذا صلى ركعةً من صلاة الخوف في السفر، ثم أحدث قبل قيامه إلى الثانية، قَدَّمَ مَنْ يقوم بهم (5)، ثم يثبت المستخلف،

(1) في "ق" و"ت": "حكم".

(2)

في "خ": "نفضل".

(3)

في "ق" و"ت": "تابعه".

(4)

في "ت": "يتابعه".

(5)

"بهم" ليس في "ت".

ص: 148

ويتم مَنْ خلفه، ثم تأتي الطائفة الأخرى (1)، فيصلي بهم ركعة، ويسلم.

ولو أحدث بعدَ قيامه إلى الثانية، لم يستخلفْ؛ لأن مَنْ معه قد خرج عن إمامته، حتى لو تعمَّدَ حينئذ الحدثَ، أو الكلامَ، لم تفسد عليهم صلاتُهم، فإذا أتم هؤلاء، أتت الطائفة الأخرى، فصلَّوا بإمام يقدِّمونه.

ولو أحدث بعدَ ركعةٍ من المغرب (2)، استخلف.

قال في "المجموعة": يقدم رجلًا، فيصلي بهم الركعة الثانية، ثم يثبت قائمًا، ويقضون، ثم تأتي الطائفة الأخرى، فيصلي بهم الركعة الثانية (3)، هذا هو المنصوص في المذهب.

وقال بعض متأخري أصحابنا: ومقتضى النظر عندنا: أنه يَستخلف؛ فإن حكم الطائفتين واحد من حيث إنها صلاة واحدة، فالإمامةُ (4) ثابتة له (5) على الطائفتين حكمًا.

قلت: ولا أستبعدُ ما قال، واللَّه أعلم بالصواب.

المسألة الثامنة: إذا طرأ الأمنُ: فأما بعد كمالها، فلا خلاف في

(1) في "ت": "الأولى".

(2)

"من المغرب" ليس في "ت".

(3)

في "ت": "الباقية".

(4)

في "ت": "والإمامة".

(5)

"له" ليس في "ت".

ص: 149

المذهب في عدم الإعادة، وإن طرأ في أثنائها مطلقًا تيقنًا، وجب (1) التكميلُ على حكم الأمن؛ كالمريض يصلي جالسًا، ثم يصحُّ في أثناء صلاته، فيجب عليه القيام.

واختلفوا (2) إذا انهزم العدو والحالةُ هذه، فهل يكمِلون على الهيئة الأصلية، أو الخوفية؟ قولان، والتحقيق: أنه إن تحقق عدمُ عودِهم، كَمَّلوا على حكم الأمن، وإلا، فعلى الهيئة الخوفية، على هذا خرج القولين بعضُ المتأخرين، وهو التحقيق، واللَّه أعلم.

المسألة التاسعة: إذا قلنا: إن الخوف مبيحٌ لتغيير هيئة (3) الصلاة، فهل هو خوفُ المطلوب من العدو، أو خوف المطلوب والطالب؟

أما المطلوبُ من قبل العدو، فلا خلاف أنه يصلي هذه الصلاة.

وأما الطالب، فهل هو كالمطلوب، أم (4) لا؟

اختلف العلماء في ذلك، فسوَّى مالكٌ وجماعةُ أصحابِه بينهما.

وقالَ الشافعيُّ، والأوزاعيُّ، وجماعة من (5) العلماء: لا يصلي الطالبُ هذه الصلاة، ولا يصلّي إلا بالأرض، وهو قول ابنِ عبدِ الحكم من أصحابنا.

(1) في "ت": "ووجب".

(2)

في "ق" و"ت": "واختلف".

(3)

في "ت": "لهيئة" بدل "لتغيير هيئة".

(4)

في "ت": "أو".

(5)

"من" ليست في "ت".

ص: 150

وقال الأوزاعي: إن كان الطالب قربَ المطلوب، صلَّى إيماءً، وإلا، لم يجز له الإيماءُ.

وقال الشافعي -أيضًا-: إن خاف الطالبُ انقطاعَه عن أصحابه، وكثرةَ المطلوبين، واجتماعَهم عليه، صلى إيماء، وإلا فلا، هكذا نقله ابن بزيزة في "شرح الأحكام" لعبد الحق.

المسألة العاشرة: الجمهورُ على جواز عمل كلِّ ما يُحتاج إليه في صلاة الخوف؛ من قول، أو فعلٍ من أمر القتال؛ قلَّ أو كثرَ.

وقال الشافعي، ومحمد بن الحسن: إنما يُباح له من ذلك الشيءُ (1) اليسير، والطعنةُ، والضربةُ (2)، فأما (3) العمل الكثير يفعله في صلاته، فلا تجزئه الصلاةُ معه، وهذه تسمى: صلاةَ المسايفة (4).

المسألة الحادية عشرة: قال مالك: يصلي المسايفُ (5) مستقبلَ القبلة، وغيرَ مستقبلها، وبه قال الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأهلُ الظاهر، وعامةُ العلماء.

وقال أبو حنيفة، وابن أبي ليلى: لا يصلي الخائف إلا إلى القبلة.

(1) في "ت": "العمل" بدل "الشيء".

(2)

"والطعنة والضربة" ليس في "ت".

(3)

في "ت": "وأما".

(4)

في "ت": "المسابقة".

(5)

في "ت": "المسابق".

ص: 151

المسألة الثانية عشرة: إذا صلوا صلاة الخوف ظانين الخوفَ، ثم كشف الغيب الأمنَ، فالمنصوصُ في المذهب: صحةُ الصلاة، وسقوطُ الإعادة (1)، واستحب ابن المواز الإعادةَ في الوقت، ولم يقل أحد من أصحابنا بالإعادة بعدَ الوقت، وخرَّجه بعض المتاخرين على القول: بأن (2) الاجتهاد لا يرفع الخطأ، وفيه عندي نظر؛ إذ لو كان كذلك، لوجبت الإعادةُ بعد الوقت على القول: بأن المصيب واحد، واللَّه أعلم.

المسألة الثالثة عشرة: إذا صلَّوا صلاةَ الأمن، فحدث الخوفُ الشديد في أثناء الصلاة، قطعوا، وعادوا إلى صلاة الخوف، وسواء كان ذلك قبلَ عقد ركعة من الصلاة (3)، أو بعدَ عقدها، واللَّه أعلم (4).

الثالث: الطائفة من الشيء: القطعةُ منه، ومنه قوله تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]، قال ابن عباس: الواحدُ فما فوقَه (5).

(1) في "ت": "وسقوطها بلا إعادة".

(2)

في "ت": "أن".

(3)

"من الصلاة" ليس في "ت".

(4)

انظر المسائل التي سردها المؤلف في مذهب المالكية: "المدونة"(1/ 160)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 401)، و"التفريع" لابن الجلاب (1/ 237)، و"جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 126)، و"الذخيرة" للقرافي (2/ 437)، و"مواهب الجليل" للحطاب (2/ 185). وانظر في غيره:"الحاوي" للماوردي (2/ 458)، و"الإفصاح" لابن هبيرة (1/ 174)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 226)، وغيرها.

(5)

انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1397)، (مادة: طوف).

ص: 152

قلت: وقوعُها على الواحد غيرُ المتبادر إلى الذهن (1)، وأرجحُ من هذا قولُ من قال: إنها تقع (2) على أربعة، وقيل: على (3) أربعين.

وقوله: "بإزاء العدو"؛ أي: قبالته، والعدوُّ يقع على الواحد، والاثنين، والجماعة، والمؤنث، والمذكر، قال اللَّه تعالى:{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} [الشعراء: 77]، ومثله: ضَيْف، وصَديق، واللَّه أعلم (4).

* * *

(1) في "ت": "للذهن".

(2)

في "خ" و"ق": "إنه يقع".

(3)

"على" ليس في "ت".

(4)

المرجع السابق، (6/ 2419)، (مادة: ع د ا).

ص: 153