الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
166 -
عَنْ أَبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1340)، كتاب: الزكاة، باب: ما أدي زكاته فليس بكنز، و (1378)، باب: زكاة الوَرِق، و (1390)، باب: ليس فيما دون خمس ذَوْد صدقة، و (1413)، باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ومسلم (979/ 1 - 5)، في أول كتاب: الزكاة، وأبو داود (1558، 1559)، كتاب: الزكاة، باب: ما تجب فيه الزكاة، والنسائي (2445، 2446)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الإبل، و (2473 - 2476)، باب: زكاة الورق، و (2483)، باب: زكاة التمر، و (2484)، باب: زكاة الحنطة، و (2485)، باب: زكاة الحبوب، و (2486 - 2487)، باب: القدر الذي تجب فيه الصدقة، والترمذي (626)، كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في صدقة الزرع والتمر والحبوب، وابن ماجه (1793)، كتاب: الزكاة، باب: ما تجب فيه الزكاة من الأموال، و (1799)، باب: صدقة الإبل. =
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: أَوَاقٍ في الحديث -بحذف الياء، مثل غَوَاشٍ-، كذا رويناه في هذا الكتاب، وفي بعض روايات مسلم (أَوَاقِيَّ) -بياء (1) مشددة-، وكلاهما صحيح.
قال أهل اللغة: الأُوقِيَّةُ -بضم الهمزة وتشديد الياء-، وجمعها أَوَاقِيّ -بتشديد الياء وتخفيفها-، وأواقٍ، بحذفها.
قال ابن السِّكِّيت: كلُّ ما كان من هذا النوع واحدُه مشدَّدٌ، جاء في جمعه التشديدُ، والتخفيفُ؛ كالأُوقية والأَواقِي، والسُّرِّيَّةِ والسَّرَارِي، والبُخْتِيَّة والبَخَاتي، والأُثْفِيَّة والأَثافي، ونظائرِها، وأنكر جمهورُهم أن
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (2/ 13)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 124)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 120)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 457)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 10)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 49)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 186)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 802)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 167)، و"التوضيح" لابن الملقن (10/ 248)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 310)، و"عمدة القاري" للعيني (8/ 256)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 11)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 411)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 120)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 199).
(1)
"بياء" ليس في "ت".
يقال في الواحدة: وَقْيَّة، وجمعُها (1) وَقايا؛ كضَحِيَّة وضَحايا (2).
قال أبو عبيد: هي اسمٌ لوزن مبلغُه أربعون درهمًا كَيْلًا، ودرهمُ الكيل زِنَتُه خمسون حَبَّةً، وخُمُسا حبةٍ، وسمي درهم الكيل؛ لأنه بتكييل عبد الملك بنِ مروان، أي: بتقديره وتحقيقه، وذلك أن الدراهم التي كان يتعامل الناس بها قديمًا نوعان: نوع عليه نقشُ فارس، والآخرُ عليه نقشُ الروم، أحدُ النوعين يقال لها: البَغْلِيَّة؛ وهي السود، الدرهمُ منها ثمانيةُ دوانقَ، والأخرى يقال لها: الطَّبَرِيَّة، وهي العتق، الدرهُم منها أربعةُ دوانق، فجاء الإسلام وهي كذلك، فكان الناس يتعاملون بها مجموعةً على النصف من هذه، والنصف من هذه عند الإطلاق، ما لم يعينوا أحدَ النوعين، وكذلك كانوا يؤدون الزكاة في أول الإسلام باعتبار مئة من هذه، ومئة من هذه في النصاب، ذكر هذا أبو عُبيد وغيره، فلما كان عبدُ الملك بن مروان، تحرَّجَ من نقوشها، وضرب الدرهمَ بنقش الإسلام بعد أن تَحَرَّى معاملَتهم الإطلاقية، فجمَع بين درهم بغليٍّ من ثمانية دوانق، وبين درهم طبريٍّ من أربعة دوانق، فكان اثني عشر دانقًا، فقسمها نصفين، فضرب الدرهم من نصفها، وهو ستة دوانق (3).
(1)"جمعها" ليس في "ت".
(2)
انظر: "إصلاح المنطق" لابن السكيت (ص: 178).
(3)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 463).
وقد تقدم أن الدانق ثمانُ حبات وثلثُ حبة وثلثُ خمس حبة من الشعير المطلق، واتفق المسلمون على اعتبار درهم الكيل المذكور؛ لموافقته ما كان معتبرًا من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى أن ضربت.
والجمهور على أن نصاب الزكاة مئتا درهم من دراهم الكيل؛ وهي الخمس الأواقي المذكورة في الحديث، ولم يخالف في ذلك إلا مَنْ زعم أن أهل كل بلد يعتبرون النصاب بما يجري (1) عندهم من الدراهم؛ صَغُرت أو كَبُرت، وهو مذهب ابن حبيب، والصحيحُ ما ذهب إليه الجمهور، ويعضده قولُه صلى الله عليه وسلم:"الوَزْنُ عَلَى وَزْنِ أَهْلِ مَكَّةَ"، وهو حديث صحيح (2)، وقد تقدم أن هذا المقدار المذكور هو الذي كان وزن أهل مكة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وَهِمَ من قال: إن (3) الدراهم كانت مجهولةَ القدر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمان عبد الملك، وكيف ذلك وهو عليه الصلاة والسلام يوجب الزكاةَ في أعدادها، وبها تقع البياعات، وتنعقد الأنكحة (4)، والإجارات، وغير ذلك من المعاملات، وإنما معناه: أنها لم يكن منها شيءٌ من ضرب الإسلام،
(1) في "ت": "يجزي".
(2)
رواه أبو داود (3340)، كتاب: البيوع، باب: في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المكيال مكيال المدينة"، والنسائي (2520)، كتاب: الزكاة، باب: كم الصاع، من حديث ابن عمر.
(3)
"إن" ليست في "ت".
(4)
"الأنكحة": بياض في "ت".
على ما تقدم تقريره.
تتميم: لا بد أن تكون الأوقية أربعين درهمًا، خالصةً غيرَ مشوبة بغيرها، فإن كانت مغشوشة، أو بعضُها، لم تجب الزكاة حتى تبلغ مئتي درهم خالصة، هذا هو المشهور من مذهبنا.
وقيل: يعتبر الأكثر، فيكون الأقلُّ تبعًا.
قال القاضي عبد الوهاب: إلا أن يكون ما لا حكم له؛ كما يقول (1) أهل الصنعة: إنه لا يتأتى الضرب إلا به؛ كالدانق في العشرة وما أشبهه.
قلت: ولو تصور أن يكون جودة، أو سِكَّة (2) تجبر ما نقصه الغشُّ، لم يعتبر باتفاق.
تنبيه (3): وما حكاه الغزالي رحمه الله عن مالك، من أن الزكاة تجب على مَنْ معه مئة وخمسون تساوي مئتين قراضة، ونقدُ البلد قراضة، فلا يعرفه أصحابه، ولا نقله أحدٌ منهم عنه، بل صرح المتأخرون منهم بنفيه، وقالوا: إنما رأوا في "الموطأ" أنها إذا نقصت، وكانت تجوز بجواز الوازنة، وجبت الزكاة، فظنوا النقصَ في المقدار، والجوازَ في الفضة؛ لأنها بارتفاع ثمنها تلحق بالوازنة، وهذا الذي ظنوه باطل قطعًا، وليس هو مراد أهل المذهب، وإنما مرادهم: أنها ناقصة نقصًا
(1) في "ت": "تقول".
(2)
في "ت": "جوَّزه للسكة" بدل "جودة أو سكة".
(3)
"تنبيه" ليس في "ت".
لا يتشاحُّ (1) الناس في مثله في العادة، واللَّه أعلم، فليعلمْ (2) ذلك.
ولا يغتر (3) بما نقله الغزالي فيه؛ فإنه باطل قطعًا، واللَّه الموفق.
ولم يذكر في هذا الحديث الذهب؛ لأن غالب تصرفهم كان بالوَرِق، وقد ذكر الذهب في غير هذا الحديث من غير "الصحيحين"، أو ما يدل عليه، وأظنه في "سنن أبي داود"(4)، واللَّه أعلم.
ودينارُه أربعة وعشرون قيراطًا، والقيراطُ ثلاثُ حبات من وسط الشعير، فمجموعه اثنان وسبعون حبة، وهو مجمَع عليه، فإذا كان معه عشرون دينارًا، أو مئتا درهم على ما وصفنا، وجبت الزكاةُ فيها إجماعًا، إلا ما رُوي عن الحسن البصري، والزهري، من أنهما قالا: إنها لا تجب في أقل من أربعين مثقالًا، والأشهرُ عنهما الوجوبُ في عشرين، كما قاله الجمهور.
ع: وعن بعض السلف: وجوبُ الزكاة في الذهب إذا بلغت قيمته (5) مئتي درهم، وإن كان دون عشرين مثقالًا، قال هذا
(1) في "ت": "لا يتسامح".
(2)
في "ت": "وليعلم".
(3)
في "ت": "ولا يعتبر".
(4)
رواه البخاري (1386)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الغنم، وأبو داود (1567)، كتاب: الزكاة، باب: في زكاة السائمة، من حديث أبي بكر رضي الله عنه الطويل، وفيه:"وفي السرقة ربع العشر".
(5)
في "ت": "قيمة".
القائل: ولا زكاة في العشرين حتى تكون قيمتها مئتي درهم (1)، واللَّه أعلم.
الثاني قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا فيما دونَ خمسِ ذَوْدٍ صدقةٌ": الرواية المشهورةُ: إضافةُ خمس إلى ذود، كقولهم: خمسة أبعرة، وخمسة جمال، وخمس نوق، وخمس نسوة (2).
قال سيبويه: تقول: ثلاثُ ذَوْد؛ لأن الذود مؤنثة، وليس باسم كُسِّر عليه مذكره.
وقال أبو عبيد: الذود: ما بين ثنتين إلى تسع، قال: وهو مختص بالإناث.
وقال الحربي (3): قال الأصمعي: الذود: ما بين الثلاث إلى العشر، والصُّبَّة: خمسٌ أو ستٌّ، والصَّرْمَة: ما بين العشر إلى العشرين، والعكرة: ما بين العشرين إلى الثلاثين، والهجمة: ما بين الستين إلى السبعين، والهُنَيْدَة (4): مئة، والخطر: نحو مئتين، والعرج: من خمس مئة إلى ألف (5).
وقال أبو عبيد وغيره: الصرمة: من العشر إلى الأربعين.
(1) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 460).
(2)
"وخمس نسوة" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "الجوني".
(4)
في "ت": "والهندة".
(5)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 462).
وقال غير الأصمعي: وهِنْدٌ -غير مصغر-: مئتان وإمامه ثلاث مئة.
وأنكر ابن قتيبة أن يقال: خمس ذود؛ كما لا يقال: خمس ثوب، وغلطه العلماء؛ فإن هذا الحديث شائع في الحديث الصحيح، ومسموع عن (1) العرب، معروف في كتب اللغة، وليس هو جمعًا لمفرد، بخلاف الأثواب.
قال أبو حاتم السجستاني: تركوا القياس في الجمع، فقالوا: خمسُ ذَوْدٍ لخمسِ من الإبل، وثلاثُ ذَوْدِ لثلاث من الإبل، وأربعُ ذود، وعشرُ ذود، على غير قياس، كما قالوا: ثلاثُ مئة، وأربعُ مئة، والقياس: مئين ومئات، ولا يكادون يقولونه.
قال بعض المتأخرين من أصحابنا: وهذا صريح بأن الذود واحدٌ في لفظه.
وقد ضبطه الجمهور: خمس ذود، ورواه بعضهم خمسة ذود، وكلاهما لرواة مسلم، والأول أشهر، وكلاهما صحيح في اللغة، فإثبات الهاء لانطلاقه على المذكر والمؤنث، ومن حذفها قال الداوودي: أراد أن الواحد منه فريضة (2).
الثالث: قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة"، الأوسق جمع، وَسق -بفتح الواو، وهو المشهور-
(1) في "ت": "من".
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (7/ 50).
وكسرها، فعلى الأول يجمع على أفعل، كفلس وأفلس، وعلى الثاني يجمع على أفعال (1) كحمل وإحمال، قالوا: وأصله الحمل.
قال شمر: كل شيء حملته، فقد وَسَقْته، يقال: ما أفعلُ كذا ما وسقت عيني الماء، أي:[حملت. وقال](2) غيره: الوسقُ: ضَمُّكَ الشيء إلى الشيء، ومنه قوله تعالى:{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} [الانشقاق: 17]؛ أي: جمعَ وضَمَّ، وذلك أن الليل يضم كل شيء (3)؛ واستوسق (4) الشيء: إذا اجتمع وكمل (5).
وقيل: معنى وسق: علا، وذلك أن الليل يعلو كل شيء، وُيجلله (6)، ولا يمتنع منه شيء، ويقال للذي يجمع الإبل: واسِق، وللإبل نفسِها: وَسَقَة، وقد وسقتها فاستوسقتْ، أي: اجتمعتْ وانضمَّتْ.
وقال الخطابي: الوَسْقُ: تمامُ حمل الدواب النقالة، وهو ستون صاعًا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، والصاعُ خمسةُ أرطال وثلثٌ بالبغدادي (7).
(1) في "ت": "أوساق".
(2)
ما بين معكوفتين زيادة من "ت".
(3)
في "ت" زيادة: "إلى مأواه".
(4)
في "ت": "ويستوسق".
(5)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 7).
(6)
في "ت": "ويخلله".
(7)
انظر: "أعلام الحديث" للخطابي (1/ 750).
واختلف في الرطل البغدادي بعد الاتفاق على أنه اثنتا (1) عشرة أوقية، والأوقية هنا هي زنة عشرة دراهم، وثُلُثي درهم من دراهم الكيل، والأظهر: أنه مئة وثمانية وعشرون درهمًا، وأبيبعةُ أسباع درهم، وقيل: لا (2) أسباع، وقيل: مئة وثلاثون، فالأوسق: ألف وخمْس مئة رطل بالبغدادي.
وهل ذلك تحرير أو تقريب؟ للشافعية في ذلك وجهان:
أصحهما: أنه تقريب، فإن نقص عن ذلك يسيرًا، وجبت الزكاة.
والثاني: أنه تحرير، فمتى نقص شيئًا -وإن قل-، لم تجب (3).
وما أظنهم يختلفون في مثل الحبة والحبتين والحبات اليسيرة في الوجوب.
ولم أر في مذهبنا خلافًا أن (4) النقصان إذا كان يسيرًا، لم يُسقط (5) الزكاة.
واختُلف في اليسير، فقيل: ما لا يتسامح الناسُ (6) في العادة، ومنهم من فسره بالمقدار الذي تختلف فيه الموازين، وهذا عندهم
(1) في "ت": "اثني".
(2)
في "ت": "بلا".
(3)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (7/ 49).
(4)
في "ت": "لأن".
(5)
في "ت": "تسقط".
(6)
في "ت" زيادة: "فيه".
بشرط جوازها بجواز الوازنة.
قال الإمام أبو عبد اللَّه: فإن كثر النقص، وجرى مجرى الوازنة، ففي وجوب الزكاة فيه قولان:
فمن اتبع مقتضى اللفظ والتحديد، أسقطها.
ومن اتبع المقصودَ الذي هو الانتفاعُ بها، كالانتفاع بالوازنة، أوجب الزكاة (1).
وحكي عن عمر بن عبد العزيز: أن نصاب الدراهم إن نقص ثلاثة دراهم، ونصاب الذهب إن نقص ثُلُثَ دينار، لم تسقط الزكاة، واللَّه أعلم.
الرابع (2): ولقد أبعدَ غايةَ الأبعاد من قال: إن "دونَ" في هذا الحديث ونحوه، بمعنى: غير، وإنما معناه: أَقَلّ، وإلا، لزم أن لا تجب الزكاة فما زاد على الخمسة، ولم أعلم من يقول ذلك غيرُه، وهو باطل قطعًا، واللَّه الموفق.
فائدة (3): قال الإمام أبو عبد اللَّه: قال بعض العلماء: إنه ظهر من حُسن ترتيب الشريعة التدريجُ في المأخوذ من المال يزكَّى بالجزء على حساب التعب فيه، فأعلى ما يؤخذ الخمسُ، فما وجد من أموال الجاهلية
(1) انظر: "المعلم" للمازري (2/ 6).
(2)
"الرابع" ليس في "ت".
(3)
"فائدة" ليس في "ت".
ولا تعبَ في ذلك، ثم ما فيه التعبُ من طرف واحد يؤخذ فيه نصف الخمس، وهو العُشْر فيما سَقَت السماءُ والعيون، وما سُقي بالنَّضْح، فكان (1) فيه التعبُ من الطرفين، يؤخذ فيه ربعُ الخمس، وهو نصفُ العُشر، وما فيه التعبُ في جميع الحول، كالعَيْن، يؤخذ فيه ثُمُنُ ذلك، وهو ربعُ العشر، فالمأخوذ إذًا: الخمسُ، ونصفُه، وربعُه، وثمنُه (2).
قلت: ولا خلاف أن ما دون النُّصُب المحدودة بحدِّ الشارع لا زكاةَ فيه -على ما تقدم من الخلاف في النقصان اليسير-؛ كما يدل عليه نص الحديث، إلا ما نُقل عن أبي حنيفة: من (3) أنه يوجب في زكاة الحرث الزكاة مطلقًا، قليلًا كان أو كثيرًا، واحتج له بعموم قوله عليه الصلاة والسلام:"فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِنَضْحٍ أَوْ دَالِيَةٍ فَفِيهِ نِصْفُ العُشْرِ"(4)، وهذا عامٌّ في القليل والكثير.
وأجيب عن هذا: بأن المراد: بيانُ قدر المخرَج منه، وكأنه -واللَّه أعلم- نزعة ظاهرية.
(1) في "ت": "وكان".
(2)
المرجع السابق، (2/ 7).
(3)
في "ت": "في".
(4)
رواه البخاري (1412)، كتاب: الزكاة، باب: العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري، من حديث ابن عمر.
ع: وقال داود: كلُّ ما يدخله (1) الكيل، فيراعى فيه خمسة الأوسق، وما عداه؛ مما لا يوسق، ففي قليله وكثيره الزكاة.
قلت: وعكسُ هذا ما نقل عن الحسن، والزهري: أن لا صدقةَ في أقلَّ من أربعين دينارًا، وإن كان الأشهرُ عنهما مذهب الجماعةَ، على (2) ما تقدم.
ع: ورُوي عن بعض السلف: أن الذهبَ إذا كانت قيمتها مئتي درهم كان فيها الزكاة، وإن لم تبلغ عشرين دينارًا، وكذلك (3) لا زكاة في العشرين إلا أن تكون قيمتها مئتي درهم (4)، واللَّه أعلم.
* * *
(1) في "ت": "يدخل".
(2)
في "ت": "كما".
(3)
في "خ": "ولذلك".
(4)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 460).