الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن
158 -
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1): "أَسْرِعُوا بِالجَنَازَةِ؛ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً، فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونها إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَه عَنْ رِقَابِكُم"(2).
(1) في "ت": "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1252)، كتاب: الجنائز، باب: السرعة بالجنازة، واللفظ له، ومسلم (944/ 50، 51)، كتاب: الجنائز، باب: الإسراع بالجنازة، وأبو داود (3181)، كتاب: الجنائز، باب: الإسراع بالجنازة، والنسائي (1910، 1911)، كتاب: الجنائز، باب: السرعة بالجنازة، والترمذي (1015)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في الإسراع بالجنازة، وابن ماجه (1477)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في شهود الجنائز.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 122)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 401)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 602)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 12)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 169)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 778)، و"التوضيح" لابن الملقن (9/ 597)، و"طرح التثريب" للعراقي (3/ 288)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 183)، و"عمدة القاري" للعيني (8/ 113)، =
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قد (1) تقدم أنه يقال: جَنَازة، وجِنَازة -بالفتح وبالكسر- بمعنى (2)، وأما من قال بالفتح: للميت، وبالكسر: للنعش، فيتعين عنده هنا الفتحُ، فإن المقصودَ هنا بالإسراع: الميتُ، لا النعش.
الثاني: فيه: الأمرُ بالإسراع بالجنازة، وهو السنَّة المعمول بها، والحكمةُ في ذلك: ما ذُكر (3) في الحديث، لكن للإسراع شرطان:
أحدهما: القطعُ بموته، على ما تقدم.
والثاني: أن لا يُخاف من شدة (4) الإسراع حدوثُ مفسدة بالميت؛ من انفجار، ونحوه، وقد جعل اللَّه لكل شيء قَدْرًا، وهذا كلُّه إذا قلنا: إن الإسراع راجعٌ إلى المشي بالجنازة، وهو الذي عليه الجمهور، وإلا، فقد نقل ع عن بعضهم: أن المراد: الإسراع بتجهيزها إذا تحقق موتُها (5).
ح: وهذا قول باطل مردود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فشرٌّ تضعونَه عن رقابكم"(6).
= و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 351)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 105)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 114).
(1)
"قد" ليس في "ق".
(2)
في "خ": "معنى".
(3)
في "ت": "ما ذكره".
(4)
"شدة" ليس في "ت".
(5)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 401).
(6)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (7/ 13).
قلت: وهذا جمودٌ على ظاهر لفظ الحديث، وإلا، فيحتمل حملُه على المعنى؛ فإنه قد يعبر بالحمل، أو العنق عن المعاني دونَ الذوات، فيقال: حملَ فلانٌ على ظهره، أو على عُنقه دَيْنًا، و (1) نحو ذلك، [فيكون المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم:"فشر تضعونه عن رقابكم": أنكم تستريحون من نظر من لا خير فيه، أو من مجالسته، ونحو ذلك] (2)؛ فلا يكون في الحديث دليلٌ على رد قول هذا القائل، ويقوي هذا الاحتمال: أن كل حاضري (3) الميت لا يحملونه، إنما يحمله القليلُ منهم، لا سيما اليوم؛ فإنه يحمله -في الغالب- مَنْ (4) لا تعلُّقَ له به، واللَّه أعلم.
الثالث: قوله عليه الصلاة والسلام: "فإن تكُ" في الموضعين: هو بحذف النون الخفيفة؛ لكثرة الاستعمال، والأصل:(تَكونُ)، فدخل الجازم، فاسكن النون، فاجتمع ساكنان؛ الواو والنون، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، ثم حذفت النون لما ذكرناه من كثرة الاستعمال؛ كما قالوا: لا أدرِ، فحذفوا الياءَ لذلك، وقد تقدم نحوُ هذا.
الرابع: خَيْرٌ، وشَرٌّ: يجوز أن يكونا مبتدأين، والخبرُ محذوف؛ أي: فلها خير، ولها شر (5)، وساغ هنا الابتداء بالنكرة؛ لكون فاء الجزاء
(1) في "ت": "أو".
(2)
ما بين معكوفتين زيادة من "ت" و"ق".
(3)
في "ت": "حاضر في".
(4)
في "ت": "مرة ممن" بدل "مَنْ".
(5)
في "ت": "وأما" بدل "ولها شر".
وليْتهما (1)، فهما (2) من باب قول العرب: إن مضى عيرٌ، فعيرٌ (3) في الرباط.
ويجوز أن يكونا خبرين محذوفي المبتدأ (4)، والتقدير: فهي خيرٌ، وفهي شرٌّ؛ أي: ذاتُ خير، أو ذاتُ شر، وأما الجملتان اللتان بعدَهما، وهما:(تقدِّمونها) و (تضعونه)، فصفة لهما، واللَّه أعلم.
ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام (5) -: "فخيرٌ تقدِّمونها إليه"؛ أي: ما أعدَّ اللَّه لها من النعيم المقيم، وقوله صلى الله عليه وسلم:"فشرُّ تضعونَه عن رقابكم"، معناه: أنها بعيدة عن الرحمة، فلا مصلحةَ لكم في مصاحبتها وملابستها.
ويؤخذ منه: تجنبُ أهل البطالة، ومصاحبةُ من لا خير فيه، نسأل اللَّه العظيم أن يجعلنا من أهل الخير، ولا يجعلَنا من أهل الشر، بمنِّه وكرمه، آمين، بمحمد وآله أجمعين.
* * *
(1) في "ت" بياض بمقدار قوله: "وليتهما".
(2)
في "ت": "فهذا".
(3)
في "ت": "غيرٌ، فغيرٌ".
(4)
في "ق": "الابتداء".
(5)
قوله: "عليه الصلاة والسلام: "فخير تقدمونه إليها" أي: ما أعد اللَّه لها من النعيم المقيم وقوله" ليس في "ت".