الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة (1) الاستسقاء
الحديث الأول
(2)
146 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ المازنِيِّ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَسْقِي، فتَوَجَّهَ إِلَى القِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ (3).
(1)"صلاة" ليس في "ت" و"خ".
(2)
قوله: "الحديث الأول" ليس في "ت".
(3)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (978)، كتاب: الاستسقاء، باب: الجهر بالقراءة في الاستسقاء، واللفظ له، ومسلم (894/ 4)، في أول كتاب: صلاة الاستسقاء، ولم يقل فيه: جهر فيهما بالقراءة، وأبو داود (1161)، كتاب: الصلاة، باب: جماع أبواب صلاة الاستسقاء، والنسائي (1509)، كتاب: الاستسقاء، باب: تحويل الإمام ظهره إلى الناس عند الدعاء في الاستسقاء، و (1522)، باب: الجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء، والترمذي (556)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الاستسقاء.
وَفي لَفْظٍ: إلَى المُصَلَّى (1).
(1) رواه البخاري (966)، كتاب: الاستسقاء، باب: تحوبل الرداء في الاستسقاء، و (982)، باب: استقبال القبلة في الاستسقاء، و (5983)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء مستقبل القبلة، ومسلم (894/ 1 - 3)، في أول كتاب: صلاة الاستسقاء، وأبو داود (1166، 1167)، كتاب: الصلاة، باب: في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى، والنسائي (1505)، كتاب: الاسستقاء، باب: خروج الإمام إلى المصلى للاستسقاء، وابن ماجه (1267)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الاستسقاء. ورواه -أيضًا-: البخاري (960)، كتاب: الاستسقاء، باب: الاستسقاء، وخروج النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، و (977)، باب: الدعاء في الاستسقاء قائمًا، وأبو داود (1162 - 1164)، كتاب: الصلاة، باب: جماع أبواب صلاة الاستسقاء، والنسائي (1507)، كتاب: الاستسقاء، باب: الحال التي يستحب للإمام أن يكون عليها إذا خرج، و (1510)، باب: تقليب الإمام الرداءَ عند الاستسقاء، و (1511)، باب: متى يحول الإمام رداءَه؟ و (1512)، باب: رفع الإمام يده، و (1519)، باب: الصلاة بعد الدعاء، و (1520)، باب: كم صلاة الاستسقاء؟
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (1/ 253)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 425)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 30)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 312)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 538)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 188)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 145)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 737)، و"فتح الباري" لابن رجب (6/ 283)، و"التوضيح" لابن الملقن (8/ 263)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 498)، و"عمدة القاري" للعيني (7/ 24)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 253)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 80)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 29).
* التعريف:
عبدُ اللَّهُ بنُ زيدِ بنِ عاصمِ بنِ كعبِ بنِ عمرَ بنِ عوفٍ، الأنصاريُّ، مَدَنِيٌّ (1) من بني غنمِ بنِ مازنِ بنِ النجار، وهو راوي حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث:"شُكي للنبيِّ (2) الرجلُ يُخَيَّلُ إليه أنه يجدُ الشيءَ"، الحديث (3)، وهو راوي حديث الاستسقاء -أيضًا-، وليس هو الذي رأى الأذانَ في المنام؛ فإن الذي رأى الأذانَ هو عبدُ اللَّه بنُ زيدِ ابنِ عبدِ ربِّه الأنصاريُّ، وهو -أيضًا- مدنيٌّ، وهو من بني الحارث (4) ابنِ الخزرج، يكنى: أبا محمد.
توفي سنة ثنتين وثلاثين، وشهد بدرًا، والعقبةَ مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معروف بصاحب الأذان.
مات وله أربع وستون سنة، وصلى عليه عثمانُ بنُ عفانَ.
قال البخاري: لا يُعرف لعبد اللَّه بن زيد (5) بنِ عبدِ ربِّه غيرُ حديث الأذان.
قال الحافظ أبو الحسن عليُّ بنُ الفضل (6) المقدسي: ولم يُخرج
(1) في "ت": "المدني".
(2)
في "ت": "إلى رسول اللَّه".
(3)
تقدم تخريجهما.
(4)
في "خ" و"ق": "بلحارث".
(5)
في "خ" و"ق": "لزيد بن عاصم" بدل "لعبد اللَّه بن زيد"، وهو خطأ.
(6)
في "ق" و"ت": "الفضل".
له البخاري، ولا مسلم شيئًا، واللَّه أعلم (1).
* ثم الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: الاستسقاءُ: طلبُ السُّقْيا، وهو استِفْعال من سَقَيْتُ، ويقال: سَقَى، وأَسْقَى، لغتان، وقيل: سَقاه: ناولَه ليشرب، وأَسْقاه: جعلَ له شربًا (2).
الثاني: صلاةُ الاستسقاء سُنَّةٌ عند الجمهور، وبذلك قال مالك، والشافعي، وأحمدُ، وصاحبا (3) أبي حنيفة: أبو يوسفَ، ومحمدٌ (4).
وقال أبو حنيفةَ، والنخعيُّ: لا تُسَنُّ لها الصلاةُ، بل يخرج الإمامُ، ويدعو، فإن صلَّى الناسُ (5) وحدانًا، جاز.
ومنشأ الخلاف في ذلك: أنه قد صحَّ: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استسقى، وصلَّى، وفي بعض الآثار: أنه دعا، ولم يذكر الصلاة، فهذا منشأ الخلاف.
والقائلون (6) بأن من سنَّة الاستسقاء الصلاةَ أجمعوا على أن
(1) قلت: وقد تقدم الكلام عن عبد اللَّه بن زيد بن عاصم راوي حديث الوضوء، وبين عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربِّه راوي حديث الأذان.
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (15/ 47)، وانظر:"الصحاح" للجوهري (6/ 2379)، (مادة: سقى).
(3)
في "ت": "وصاحب".
(4)
في "ت" زيادة: "بن الحسن".
(5)
"الناس" ليس في "ق".
(6)
"والقائلون" ليس في "ت".
المستحبَّ البروزُ إلى المصلَّى، وقد استسقى عليه الصلاة والسلام في المسجد، وهو على المنبر يومَ جمعة.
وأجمعوا -أيضًا- على أن فيها خطبة.
واختلفوا هل هي قبلَ الصلاة، أو بعدها؟ وأكثرُ الآثار على أنها بعدَ الصلاة.
وفي بعضها: أن الخطبةَ قبلَ الصلاة، قاله الليثُ بنُ سعد، وغيرُه، وبالأول قال مالك، والشافعي.
على أن في مذهب مالك في ذلك اختلافًا مشهورًا؛ فمن قاس هذه الصلاة على الجمعة، قَدَّمَ الخطبةَ، ومن قاسها على العيد، أَخَّرَ الخطبة.
واختلف العلماء هل تجوز صلاة الاستسقاء بعد الزوال، أم لا؟ فقيل: لا تجوز بعدَ الزوال قياسًا على العيدين.
وقيل: تجوز في كل وقت تجوز فيه النافلةُ (1)، وفي "كتاب (2) ابن شعبان": لا بأس أن (3) يستسقي بعدَ الصبح، ويعدَ العصر والمغرب.
وينبغي للإمام حثُّ الناس على التوبة، والاستغفار، والخروجِ من المظالم، وأن يأمرهم بالصدقة.
(1) في "ت": "القافلة".
(2)
في "ت": "كتب".
(3)
في "ت": "بأن".
واختلف المذهب في أمره إياهم قبلَ الاستسقاء بصوم ثلاثةِ أيام على قولين: الإباحة، والكراهة.
ووجهُ الكراهة: خوفُ التحديد.
ويُستسقى في العام الواحد مرارًا إذا احتيجَ إلى ذلك.
وقد قال (1) أصبغ: استُسقي للنيل بمصر (2) خمسةً وعشرين يومًا متوالية، وحضره ابنُ القاسم، وابنُ وهب، وغيرُهما.
واختلف المذهب هل يكبر الإمامُ والناسُ، إذا خرجوا إلى المصلى (3)؛ قياسًا على العيدين، أم لا يُكَبِّرون؛ لأن التكبير لم يردْ إلا في العيدين، وهو المشهور؟
وبالتكبير؛ قال ابنُ المسيب، وعمرُ بنُ عبد العزيز، ومكحولٌ، والشافعيُّ، والطبريُّ، وغيرُهم.
وكذلك اختلفوا في التكبير -أيضًا- في هذه الصلاة؛ فقال بالتكبير فيها جماعةٌ من العلماء، تمسكًا بما ورد في بعض الأحاديث الثابتة: أنه صلَّى فيها ركعتين، كما تصلَّى (4) في العيد.
(1) في "ق": "وقال".
(2)
في "ت": "وقد قيل: إن أصبغ استسقى للنيل" بدل "وقد قال أصبغ: استُسقي للنيل بمصر".
(3)
في "ق": "للمصلى".
(4)
في "ت": "يصلي".
وهل هو تشبه (1) في العدد، أو في العدد والجهر والتكبير؟ فيه احتمال.
وقالت جماعة بالتخيير بين التكبير وتركِه، وهو قول داود.
وخَرَّجَ الدارقطني: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى في الاستسقاء ركعتين؛ كَبَّرَ في الأولى سبعَ تكبيرات، وقرأ: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، وقرأ في الثانية:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1]، وكبر خمسَ تكبيرات (2)، يرويه محمدُ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ عمرَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوف (3). وذكر أبو محمد بنُ أبي حاتم (4): أنه ضعيف الحديث.
ولا أعلم عندنا خلافًا في أن صفتها ركعتان؛ كسائر النوافل، والتكبير المعهود، والجهر بالقراءة (5).
الثالث: قوله: "فتوجه إلى القبلة يدعو": ظاهره: تقديمُ الدعاء على الصلاة.
(1) في "ت": "تشبيهٌ".
(2)
رواه الدارقطني في "سننه"(2/ 66)، والحاكم في "المستدرك"(1217)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
"بن عوف" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "محمد بن حاتم".
(5)
انظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 132). وانظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (1/ 180)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 313).
الرابع: قوله: "وحوَّل رداءه": الجمهورُ على تحويل الرداء في الاستسقاء؛ لثبوته بالسنَّة المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصلُه التفاؤلُ بالانتقال من حالِ البؤس إلى حال الرخاء، ومن حال الضيق إلى حال السَّعَة.
قال ابن بزيزة؛ وقد أنكر التحويلَ أبو حنيفةَ، وضعَّفه ابنُ سلام من قدماء علماء الأندلس على مذهب الشاميين، ولعله لم يبلغهما، والسنةُ حجةٌ على جميع الخلق، ومَنْ عَلِمَ حُجَّةٌ على مَنْ لم يعلم.
وهاهنا مسائل:
الأولى: الجمهورُ على تحويل الناس أرديَتهم عندَ تحويل الإمام (1).
وقال الليثُ بنُ سعد، ومحمدُ بنُ يوسف، وابنُ عبدِ الحكم، وابنُ وَهْبٍ من أصحابنا: لا تحوَّلُ أرديتُهم (2).
وأَجمعوا على أن المرأة لا تحوِّلُ؛ لما في ذلك من تعريضها للانكشاف، ولم يُذْكَر في كثير من الأحاديث أن الصحابة حولوا أرديتَهم لمَّا حوَّلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم رداءه.
المسألة الثانية: اختلف العلماء في كيفية التحويل، فعامَّتُهم أنه يردُّ ما على اليمين على الشمال، وقيل: يقلب أعلاه أسفلَه، وأن يجعل ما يلي الأرضَ على رأسه، وما على رأسه يلي الأرضَ، وهو
(1)"الإمام" ليس في "ت".
(2)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 314 - 315).
قول الشافعي بمصر، وكان بالعراق يقول كقول (1) الجماعة (2).
ومن العلماء من جَوَّزَ كلا الأمرين، وفي بعض طرق الحديث (3):"وقلبَ رداءَه"(4).
و (5) قال علماؤنا: وإن كان طَيْلَسانًا مُدَوَّرًا، قلَبه، ولم ينكِّسْه إلا بعد القلب؛ إذ لا يتأتَّى غيرُ ذلك.
فائدة: ذكر أهلُ الآثار: أن رداءه عليه الصلاة والسلام كان طولُه أربعَ أَذْرُعٍ وشِبْر، في عرض ذراعين وشبر، كان يلبسه يومَ الجمعة والعيد.
قال الواقدي: كان بُرْدُه طولَ (6) ستة أذرع في ثلاثة وشبر، وإزارُه من نسجِ عُمان، طولُه أربعُ أذرع وشبر، في عرض ذراعين وشبر، كان يلبسهما يومَ الجمعة والعيد، ثم يُطْوَيان (7).
المسألة الثالثة: اختلف العلماء في وقت التحويل، فقيل: بين
(1) في "ق": "قول".
(2)
المرجع السابق، (3/ 314).
(3)
في "ت": "الأحاديث" بدل "طرق الحديث".
(4)
رواه ابن ماجه (1268)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الاستسقاء، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 326)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
الواو ليست في "ت".
(6)
في "ت": "طوله".
(7)
وذكره ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 250).
الخطبتين، وقيل: في أثناء الخطبة الثانية، وقيل: بعد انقضاء الخطبتين؛ وكلُّ ذلك واقع في المذهب، وفي بعض الأحاديث: أنه كان يحوِّلُ رداءه إذا استقبلَ القبلةَ (1).
المسألة الرابعة: قال مالك: إذا فرغ، استقبل القبلَةَ قائمًا، فحوَّلَ (2)، وحول الناسُ، وهم جلوس، ثم ينصرف.
وقال مالك -أيضًا-: إن شاء انصرفَ، وإن شاء حولَ وجهَه، فكلَّمَ الناسَ، ورغَّبَهم في الصدقة والتقرُّب (3) إلى اللَّه عز وجل.
وقد روي عنه: أنه يحول قبلَ استقبال القبلة (4).
المسألة الخامسة: اختلف قولُ مالك؛ هل يجلسُ في أول الخطبة الأولى، أم لا؟ على قولين.
ولم يختلفوا أنه يجلس في أثناء الخطبة، وكذلك جاء في الآثار (5).
الوجه الخامس: من الكلام على الحديث: لم يصرح في هذا الحديث بذكر الخطبة، وقد تقدم نقلُنا (6) الإجماعَ على أن فيها خطبة.
(1) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 315).
(2)
في "ت" زيادة: "رِدَاءَهُ".
(3)
في "ت": "الترغب".
(4)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(5)
المرجع السابق، (3/ 313).
(6)
في "ت": "نقل".
وقد اختلف الفقهاء، هل هي خطبةٌ واحدة، وهو قولُ أبي يوسفَ، ومحمدِ بنِ الحسن، وعبدِ الرحمن بن مهدي.
أو خطبتان؟ وهو قول مالك، والشافعيِّ، وجماعة.
وبالتخيير في ذلك قال الطبريُّ، وغيره (1).
وقوله: "وفي لفظ (2): إلى المصلَّى" دليلٌ على أن سُنَّتها المصلَّى؛ كما هو مذهب الجمهور، واللَّه أعلم.
* * *
(1) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(2)
في "ق": "في اللفظ".