المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب ‌ ‌الحديث الأول 209 - عَنْ عَبْدِ - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كِتْابُ الْجَنَائِز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كِتْابُ الزَّكَاة

- ‌ باب:

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كِتْابُ الصِّيِامِ

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب الصوم في السفر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب ليلة القدر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كِتْابُ الْحَجِّ

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الفدية

- ‌باب حرمة مكة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يجوز قتله

الفصل: ‌ ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب ‌ ‌الحديث الأول 209 - عَنْ عَبْدِ

‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

‌الحديث الأول

209 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّراوِيلَاتِ، وَلَا البَرَانِسَ، وَلَا الخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ"(1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (134)، كتاب: العلم، باب: من أجاب السائل بأكثر مما يسأله، و (359)، كتاب: الصلاة في الثياب، باب: الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء، و (1468)، كتاب: الحج، باب: ما لا يلبس المحرم من الثياب، و (1745)، كتاب: الإحصار وجزاء الصيد، باب: لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين، و (5458)، كتاب: اللباس، باب: لبس القميص، و (5466)، باب: البرانس، و (5458)، كتاب: اللباس، باب: لبس القميص، و (5466)، باب: البرانس، و (5468)، باب: السراويل، و (5469)، باب:(العمائم)، و (5509)، باب: الثوب المزعفر، و (5514)، باب: النعال =

ص: 551

وَلِلْبُخَارِيِّ: "وَلَا تنتقِبُ المَرْأَةُ، وَلَا تَلْبَسُ القُفَّازينِ"(1).

= السبتية وغيرها، ومسلم (1177/ 1 - 3)، كتاب: الحج، باب: ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، وما لا يباح، وأبو داود (1823، 1824)، كتاب: المناسك، باب: ما يلبس المحرم، والنسائي (2666، 2667)، كتاب: الحج، باب: النهي عن لبس القميص للمحرم، و (2670)، باب: النهي عن لبس السراويل في الإحرام، و (2674)، باب: النهي عن لبس البرانس في الإحرام، وابن ماجه (2929)، كتاب: المناسك، باب: ما يلبس المحرم من الثياب.

(1)

رواه البخاري (1741)، كتاب: الحج، باب: ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، وأبو داود (1825، 1826)، كتاب: المناسك، باب: ما يلبس المحرم، والنسائي (2673)، كتاب: الحج، باب: النهي عن أن تنتقب المرأة، و (2681)، باب: النهي أن تلبس المحرمة القفازين، والترمذي (833)، كتاب: الحج، باب: ما جاء فيما لا يجوز للمحرم لبسه.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (2/ 176)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (4/ 13)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (4/ 53)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 160)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 255)، و"شرح مسلم" للنووي (8/ 73)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 10)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 946)، و"التوضيح" لابن الملقن (11/ 121)، و"طرح التثريب" للعراقي (5/ 40)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 401)، و"عمدة القاري" للعيني (4/ 74)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 108)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 108)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 190)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 66).

ص: 552

* الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: الأصلُ في الجواب المطابقةُ، والزيادةُ المفيدةُ عليها حسنةٌ، ومن ذلك قوله تعالى:{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ} [طه: 17 - 18]، فهذا الجواب المطابق، ثم زاد قوله:{أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} [طه: 18] الآيةَ، افتراضًا للخطاب، واستعذابًا للجواب، حتى لو أمكنه زيادةٌ، لزادَ، وكيف لا، وهو في مقامِ الاقتراب، مكالمٌ ربَّ الأرباب؟!

وكذلك قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24)} [الشعراء: 23 - 24]؛ فقوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء: 24] جاء بعدَ المطابقة مما تقدم، فجاءت الزيادةُ عليها في أعلى مقامات البلاغة؛ لأن المعنى: إن كان يرجى منكم الإيقانُ الذي يؤدي إليه النظرُ الصحيح، نفعكم هذا الجوابُ، وإلَّا، لم ينفع، أو إن كنتم موقنين بشيء قط، فهذا أولى ما توقنون به؛ لظهوره، وإنارة دليله، وأشباهُ ذلك كثيرة.

فأما إن عريتِ الزيادةُ عن الفائدة، كانت عِيًّا ورَكاكةً، وذلك نحو قولك (1) في جواب مَنْ قال: من جاءك؟ -مثلًا-: جاءني زيد، وانطلق عمرٌو، وسافر بكرٌ، وليس غرض السائل إلا معرفة من جاءك لا غير، فمثلُ هذا يَمُجُّه السمعُ، وينفِرُ عنه (2) الطبع.

(1) في "ت": "قوله".

(2)

في "ت": "منه".

ص: 553

فأما إن كان السائلُ لم يحرر السؤال، ولم يُحْسِنْه، فللمجيب تغييرُ سؤاله معنى، وإجابتُه بجواب صالح للسؤال الذي كان ينبغي الإتيانُ به؛ كما في هذا الحديث، فإن وَجْهَ السؤال فيه: يا رسول اللَّه! مالذي لا يلبسه المحرم؟، فإن ما لا يلبسه المحرمُ منحصرٌ، وما يلبسه غيرُ منحصر؛ إذ الأصلُ (1) الإباحةُ، فأجابه عليه الصلاة والسلام بما يناسب السؤالَ المحرَّرَ الذي كان حقُّه أن يأتي به، فقال: لا يلبسُ كذا، ولا يلبس كذا، حتى كأن السائل قال: يا رسول اللَّه! ما الذي لا يلبسه المحرم؟ فتنبهْ لهذه القاعدة، تجدْ لها في كلِّ ما يَرِدُ عليك من مثل هذا أعظمَ فائدة، وأجزلَ عائدة، وباللَّه التوفيق والعصمة (2).

(1) في "ت": "الأصول".

(2)

جاء في هامش "ت": "أقول سأل بعض العلماء بعضًا عن هذا الحديث وما الحكمة في أن السائل، سأل النبي صلى الله عليه وسلم بحرف الإيجاب فأجابه بحرف السلب، وما يسمى هذا عند علماء البيان، فلم يأت بشيء، فذكرت ذلك لشيخي المرحوم عبد السلام البغدادي الحنفي تغمده اللَّه برحمته فأجاب في الحال: بما كتبته:

الحكمة في العدول عن الجواب بتعداد الملبوس، وذكره شيئًا فشيئًا؛ مخافة التكرير على السائل، والسآمة، وعدم الضبط لما يسمعه من المجيب الكامل العالم بمقامات الكلام ومقتضيات الأحوال مما تقتضيه صناعة البلاغة لدى فرسانها، ولما كان الأشياء التي تجتنب حالة الإحرام منضبطة بالنفي ذكرها متعاطفة؛ تسهيلًا على السائل ليحفظها، وهذا عندهم من خلاف المقتضى؛ تنبيهًا للسائل على أن الأولى بحاله واللائق به أن يسأل عما يجتنبه حالة الإحرام؛ إذ هو الأهم، ولا يخفى على أحد أن =

ص: 554

فائدة: اعلمْ: أن الإحرامَ يمنع من (1) عشرة أشياءَ: لبسِ المخيطِ كلِّه، وتغطيةِ رأسِه ووجهِه، ولبس الخفيْنِ وما في معناهما، والطيبِ كلِّه، وتقليمِ الأظفار، وحلقِ الشعر، وقتلِ القملِ وسائر الدوابِّ التي ليست بصيدٍ، إلا ما استثناه الحديثُ، وقتلِ الصيد، والنكاحِ، فلا يَعْقِدُ له، ولا لغيرِه، والوطءِ ودواعيه (2).

الثاني: الألفُ واللام في (المحرِم) للجنس، ولذلك جمع عليه الصلاة والسلام القُمُصَ وما بعدها، ولو أريد المحرمُ الواحد؛ لقيل: لا يلبس قميصًا، ولا عمامة، ونحو ذلك، فأفرد.

ع: أجمع المسلمون على أن ما ذُكر لا يلبسه المحرم، وأنه نبه بالقُمُص والسراويلات على كلِّ مخيط، وبالعمائم والبرانس على كلِّ ما يُغَطَّى به الرأسُ، مخيطًا، أو غيره، وبالخِفاف على كل ما ستر الرِّجْل، وأن لباس هذا جائز للرجال في غير الإحرام؛ لأن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لهم؛ ولأن النساء مأمورات بستر رؤوسهنَّ.

= المجيب أبلغ البشر وأكمله صلى الله عليه وسلم. هذا ما ظهر مع الاعتراف بالعجز والتقصير في إدراك ما صدر من الخبير البشير واللَّه أعلم، انتهى كلام شيخي، وفيه تقوية لما ذكره الشارح، تغمدهما اللَّه برحمته. كاتبه".

(1)

"من": ساقط من "ت".

(2)

انظر: "الافصاح" لابن هبيرة (1/ 283).

ص: 555

قال: ومنع علماؤنا المحرم (1) من جميع (2) ما نهى عنه من لباس؛ ليبعدَ (3) عن الترفُّه، وليتَّسِمَ بسماتِ المتذللين الخاشعين الذي خروجُه لذلك الغرض؛ من تَذَلُّلِهِ لربه، وضراعته لغفر ذنبه، وكذلك امتناعه من الطيب والنساء من ذلك، ليبعدَ عن أعراض الدنيا (4) في سفره، وزينةِ حياتها ولذَّاتها (5) جهدَه، فتخلص نيتُه، وينفرد همُّه بما خرج له، فلعلَّ اللَّه أن يُنيله من عَوْنه ومن رحمته فيرحَمَهُ (6).

تنبيه: البرانِس هنا: قَلانِسُ طِوالٌ.

قال الجوهري: كان يلبسها النُسَّاك (7) -يعني: الزُّهَّادُ-، وليست على ما يفهمه الناسُ اليوم من حيثُ العُرف.

الثالث: قوله عليه الصلاة والسلام: "إلا أحدٌ لا يجد نعلين، فيقطعهما أسفلَ من الكعبين"، فإن لبسهما تامَّين (8)، فعليه الفديةُ.

وقال عطاءٌ: لا يقطعُهما؛ لأن في قطعهما فسادًا؛ وكذلك

(1) في "ت": "للمحرم".

(2)

في "خ": "جميع".

(3)

في "ت": "فيبعد".

(4)

"الدنيا": ساقط من "ت".

(5)

في "ت": "وإزائها".

(6)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 161).

(7)

انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 908)، (مادة: برنس).

(8)

في "ت": "تامتين".

ص: 556

قال أحمد بن حنبل، وبقول مالك قال الثوريُّ، والشافعيُّ، وإسحاق.

قال الخطابي: والعجبُ من أحمدَ في هذا، فإنه لا يكاد يخالف سنةً تبلُغه، وقلَّت سنةٌ لم تبلُغْه، ويشبه أن يكون إنما ذهب إلى حديث ابن عباس، وليست هذه الزيادة فيه، وإنما رواها ابن عمر، إلا أن الزيادات مقبولة.

وقول عطاء: إنَّ قطعها فسادٌ، يشبه أن يكون لم يبلُغْه حديثُ ابن عمر، وإنما الفساد أن يفعل ما نهت عنه الشريعةُ، وأما ما أَذِنَ فيه الرسولُ صلى الله عليه وسلم، فليس بفساد (1).

قلت: وما أحسنَ جوابَ من قيل [له]: لا خيرَ في السَّرَف، فقال: لا سَرَفَ في الخير.

الرابع: اللبسُ هنا محمول عند الفقهاء على اللبس المعتاد في القميص، لا الارتداء، فلو ارتدى بقميص، أو جبة، فلا بأس، وكذلك لو التحفَ بأحدهما.

ولو لبس القباء، لزمته الفديةُ، وإن لم يُدخل اليَدَ في الكُمِّ، ولا زَرَّه؛ هذا مذهبنا.

وقال بعض الناس: لا فديةَ عليه.

ووجه ما ذهبنا إليه: أن ذلك من المعتاد فيه أحيانًا، فاكتفي في التحريم بذلك (2).

(1) انظر: "معالم السنن" للخطابي (2/ 176).

(2)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 11).

ص: 557

الخامس: قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا يلبسُ من الثياب" إلى آخره، الزعفران: معروف، والوَرْسُ: نبتٌ باليمن (1) يُصْبَغ به، وقد قيس عليه ما في معناه من الطِّيب، وما اختلفوا فيه، فاختلافهم بناء على أنه من الطيب، أَوْ لا؟

ع: أجمعت الأمة أن المحرِمَ لا يلبس ما صُبغَ بزعفرانٍ، أو وَرْسٍ، وذلك لما فيها من الطيب الذي هو داعيةٌ للجِماع، ومن التجمُّل الذي يُنافي بذاذة الحاج.

والرجالُ والنساءُ في هذا سواء، وعلى لابسِ ذلك منهما الفديةُ عند مالك، وأبي حنيفة.

ولم ير الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأحمد عليه شيئًا إذا فعل ذلك ناسيًا.

واختلفوا في المُعَصْفَر، فرآه الثوريُّ، وأبو حنيفةَ طيبًا كالمزعفر، وفيه الفديةُ (2)، ولم يره مالك، والشافعيُّ طيبًا، وكره مالكٌ المفَدَّمَ (3) منه.

قلت: قال الجوهري: ثوبٌ مُفَدَّمٌ: إذا كان مصبوغًا بحُمرة مشبعًا (4).

(1) في "ت": "اليمن".

(2)

"وفيه الفدية": ساقط من "ت".

(3)

في "ت": "المقدم".

(4)

انظر: "الصحاح" للجوهري (5/ 2001)، (مادة: فدم). وضبطه (مُفْدَم) =

ص: 558

قال: واختُلف عنه (1) هل على لابسه فدية؟ واختلف [فيه] أصحابُه، وأجاز مالكٌ سائرَ الثيابِ المصبغةِ بغير هذا، وكرهها بعضُهم لمن يُقتدى به، فيظن (2) به جواز لباس كلِّ مصبوغ (3).

وقال الخطابي: إن المحرِم منهيٌّ عن الطيب في بدنه وفي لباسه، وفي معناه: الطيبُ في طعامه؛ لأن بغيةَ الناس في تطييب الطعام كبغيتهم في تطييب اللباس (4).

قلت: قال أصحابنا: لا شيء عليه في أكل الخبيص المزعْفَر، وقيل: إن صبغَ الفمَ، فعليه الفديةُ، وما خُلط بالطيب من غير طبخ، ففي إيجاب الفدية به روايتان.

قالوا: ولو بطلت رائحة الطيب، لم يُبح استعمالُه، ومعنى الاستعمال: إلصاقُ الطيب باليد، أو الثوب، فإن عبق به الريحُ دونَ العين؛ كجلوسه في حانوت عطار، أو في بيحت تَجَمَّرَ (5) ساكنوه، فلا فديةَ عليه، مع كراهة تماديه على ذلك.

= بضم الميم وسكون الفاء.

(1)

في "ت": "فيه".

(2)

في "ت": "يظن".

(3)

انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 162).

(4)

انظر: "معالم السنن" للخطابي (2/ 176).

(5)

في "ت": "تخمر".

ص: 559

ولو (1) مس جرمَ الطيب، فإن عبقت به رائحتُه، وأبقاه (2)، افتدى، وإن لم يعبق، أو عبقَ ومسحَه في الحال، ففي وجوب الفدية الخلاف المتقدم.

ولو حمل مسكًا في قارورة مصمَّمَةِ الرأس، فلا فدية عليه.

وما تجب به من ذلك الفديةُ تجبُ بفعلِه عمدًا أو سهوًا، أو اضطرارًا أو جهلًا، فإن ألقت الريح عليه طيبًا، فليبادرْ إلى غسله، فإن تراخى، لزمته الفدية، وكذلك إن كان نائمًا، فطيبه غيرُه، فليغسلْه عند الانتباه، فإن أَخَّر، افتدى، وعلى فاعلِه به الفديةُ بنسك، أو طعام، لا بصيام، فإن كان عديمًا، فليفتد المحرِمُ، ويرجع على الفاعل إن أيسر بالأول من ثمن الطعام، أو ثمن (3) النسك إن افتدى بأحدهما، وإن صامَ، فلا يرجع عليه بشيء، واللَّه أعلم (4).

السادس: القُفَّازان: بضم القاف وتشديد الفاء.

قال الجوهري: شيء يُعمل لليدين، يُحشى بقطن، ويكون عليه أزرارٌ تُزَرُّ على الساعدين من البرد، تلبسه المرأةُ في يديها (5).

واختلف أصحابنا إذا لبستهما المرأة في وجوب الفدية على

(1) في "ت": "فلو".

(2)

في "ت": "وأقام".

(3)

في "ت": "من".

(4)

انظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 203) وما بعدها.

(5)

انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 892)، (مادة: قفز).

ص: 560

قولين، والمعروفُ: وجوبها؛ لأن إحرام المرأة في وجهها وكَفَّيها، ولم يختلفوا في الرجل إن لبسهما أن عليه الفدية، وكذلك ليس لها لبس النقاب ولا البرقع ولا اللثام، فإن فعلت شيئًا، من ذلك افتدت (1)، واللَّه أعلم.

* * *

(1) انظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 205).

ص: 561