الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
205 -
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيّهِ أَنْ أَعْتكِفَ لَيْلَةً، وَفِي رِوَايةٍ: فِي المَسْجدِ الحَرَامِ، قَالَ:"فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1927)، كتاب: الاعتكاف، باب: الاعتكاف ليلًا، و (1937)، باب: من لم ير عليه صومًا إذا اعتكف، و (1938)، باب: إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف، ثم أسلم، و (2975)، كتاب: الخمس، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، و (4065)، كتاب: المغازي، باب: قول اللَّه تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ} [التوبة: 25]، و (6319)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: إذا نذر أو حلف ألَّا يكلم إنسانًا في الجاهلية ثم أسلم، ومسلم (1656/ 27، 28)، كتاب: الأيمان، باب: نذر الكافر، وما يفعل فيه إذا أسلم، وأبو داود (3325)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من نذر في الجاهلية، ثم أدرك الإسلام، والترمذي (1539)، كتاب: النذور والأيمان، باب: ما جاء في وفاء النذر، وابن ماجه (2129)، كتاب: الكفارات، باب: الوفاء بالنذر.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 424)، =
وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُ الرُّوَاةِ: يَوْمًا، وَلَا لَيْلَةً.
* * *
فيه: دليل لمن يقول بصحة نذر الكافر، وهو قولٌ أو وجهٌ في مذهب الشافعي، والجمهورُ على عدم صحته؛ لأنه قربة، والكافرُ ليس من أهلها، وقد اختلف في الجواب عن هذا الإشكال:
فقال ابن العربي في "قبسه"؛ لما كان عمر رضي الله عنه نذره في الجاهلية، فأسلم، أراد أن يُكَفِّر ذلك بمثله في الإسلام، فلما أراده، ونواه، وسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، أعلمَهُ أنه لزمَه، وكلُّ عبادةٍ أو عملِ ينفرد به العبدُ عن غيره يلزمُه بمجرد النية العازمة الدائمة؛ كالنذر في العبادات، والطلاق في الأحكام، وإن لم يتلفظ بشيء من ذلك (1).
قلت: وفي هذا التعليل نظر؛ فإن ظاهرَ كلام عمر رضي الله عنه مجرَّدُ الإخبار بما وقعَ في حال الجاهلية، مع الاستخبار عن لزومِه وعدمِ
= و"المفهم" للقرطبي (4/ 644)، و"شرح مسلم" للنووي (1/ 124)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 258)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 927)، و"التوضيح" لابن الملقن (13/ 628)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 274)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 146)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 440)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 62)، و"سبل السلام" للصنعاني (4/ 115)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 359).
(1)
انظر: "القبس" لابن العربي (9/ 375).
لزومه، وليس فيه ما يدلُّ على نيةٍ في الإسلام، ولا إرادة ثَمَّ، ولو تنزلنا على أنه نواه، فلنا (1) أن نقول: بمجرد النية لا توجب اعتكافًا، ولا غيرَه من العبادات من غيرِ مقارنةِ فعلٍ لها، ألا ترى أنه لو نوى صلاة نافلة، أو صدقة، أو حجًا، أو عتقًا، أو غيرَ ذلك من القُرَب: أنه لا يلزمه شيء من ذلك بمجرد النية؟
وقد قال ابنُ بشير من أصحابنا: لم يختلف المذهبُ: أن العبادات لا تلزمُ (2) إلا بالقول، أو بالنية والدخولِ فيها، وهو الشروعُ.
فقد علمت أن هذا الجواب ليس فيه تحصيل، فلا تشغلْ ذهنَك به لحظة (3).
وقال ق: من يقول: إن الكافر لا تصح منه القُربة يحتاج إلى أن يؤوِّلَ الحديث بأنه أُمر بأن يأتي باعتكافِ يومٍ شبيهٍ بما نذرَ؛ لئلا يُخِلَّ بعبادة نوى فعلَها، فأطلق عليه أنه منذور، لشبهه بالمنذور، وقيامِه مقامَه في فعل ما نواه من الطاعة، وعلى هذا إنما يكون قوله عليه الصلاة والسلام:"أَوْفِ بنذرِكَ" من مجاز الحذف، أو من مجاز التشبيه، وظاهرُ الحديث خلافه (4).
(1) في "ت": "قلنا".
(2)
في "ت": "لا يلزم".
(3)
في "ت": "يشتغل به ذهنك لحظة".
(4)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 258).
قلت: ولا يكونُ التأويل إلا (1) خلاف الظاهر، فلا اختصاصَ لهذا الحديث بذلك، وهذا الجواب -أيضًا- ليس بواضح كلَّ الوضوح؛ كما ترى.
وقد تقدم أن الشافعيَّ احتجَّ بهذا الحديث على عدم اشتراط الصوم، وتقدم -أيضًا- الجواب عنه، واللَّه الموفق.
* * *
(1)"إلَّا" ليست في "ت".