الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس
197 -
عَنْ أَبي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ (1)، وَاسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: هَذَانِ يَوْمَانِ نهى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صِيَامِهِمَا؛ يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، واليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ (2).
(1) في "ت": "زهر".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1889)، كتاب: الصوم، باب: صوم يوم الفطر، و (5251)، كتاب: الأضاحي، باب: ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يُتزود منها، ومسلم (1137)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، وأبو داود (2416)، كتاب: الصوم، باب: في صوم العيدين، وابن ماجه (1722)، كتاب: الصيام، باب: في النهي عن صيام يوم الفطر والأضحى.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (2/ 127)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 380)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 92)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 198)، و"شرح مسلم" للنووي (8/ 15)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 244)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 905)، و"النكت على العمدة" للزركشي =
* التعريف:
سَعْدُ بنُ عُبَيدٍ الزُّهْرِيُّ، القرشيُّ، المدنيُّ، أبو عبيدٍ التابعيُّ مولى عبدِ الرحمنِ بنِ أزهرَ، وهو منتسب إلى عبدِ الرحمن بنِ عوف -أيضًا-؛ لأنهما ابنا عم.
كان سعد هذا من فقهاء أهل المدينة ومفتيهم.
روى عن عمرَ بنِ الخطاب، وعثمانَ بنِ عفان، وعليِّ بنِ أبي طالبٍ، وأبي هريرة رضي الله عنهم.
روى عنه: الزهري.
مات سنة ثمان وتسعين. أخرج له في "الصحيحين"(1).
* الشرح:
صيامُ هذين اليومين حرامٌ اتفاقًا، فلا يجزئان مَنْ صامهما عن فرض، ولا نذر، ولا قضاء، ولا كفارة، ولا تطوُّع.
وقال ابن هبيرة: قال أبو حنيفة: إنْ نذر صومَ يوم العيد، فالأَولى
= (ص: 187)، و"التوضيح" لابن الملقن (13/ 503)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 239)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 110)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 416)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 7).
(1)
وانظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 60)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (4/ 90)، و"الثقات" لابن حبان (4/ 295)، و"تهذيب الكمال" للمزي (10/ 288)، "تهذيب التهذيب" لابن حجر (3/ 414).
أن يُفطره، ويصومَ غيره، فإن لم يفعل، وصامه، أجزأه عن النذر (1).
قلت: وأيامُ التشريق عنده كذلك.
ق (2): فطريقُ (3) الحنفية في ذلك: أن الصوم له جهةُ عموم، وجهةُ خصوص، فهو من حيث إنه صوم يقع الامتثالُ به، ومن حيث إنه صومُ يوم (4) عيدٍ يتعلق به النهيُ، فالخروجُ عن العهدة يحصل بالجهة الأولى -أعني: كونه صومًا-، والمختار عند غيرهم خلافُ ذلك، وبطلانُ النذر، وعدمُ صحة الصوم، والذي يدَّعى من الجهتين (5) بينهما تلازم هاهنا، ولا انفكاك، فيتمكن (6) النهي من هذا الصوم، فلا يصح أن تكون قربة، فلا يصح نذره.
بيانه (7): أن النهيَ وردَ عن صوم يوم العيد، والناذرُ له معلَّقٌ لنذره بما تعلَّقَ به النهيُ، وهذا بخلاف الصلاة في الدار المغصوبة عندَ من يقول بصحتها؛ فإنه لم يحصل التلازم بين جهة العموم -أعني: كونها صلاة-، وبين جهة الخصوص -أعني: كونها حصولًا في مكان
(1) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (1/ 248).
(2)
"ق" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "وطريق".
(4)
"يوم" زيادة من "ت".
(5)
في "خ": "الجهة".
(6)
في "ت": "فيمكن".
(7)
في "ت": "وبيانه".
مغصوب-، وأعني بعدم التلازم هاهنا: عدَمه في الشرعية؛ فإن الشرع وَجَّهَ الأمرَ إلى مطلق الصلاة، والنهيَ إلى مطلق الغصب، وتلازُمهما واجتماعُهما إنما هو من فعل المكلَّف، لا في الشرعية، فلم يتعلق النهيُ شرعًا بهذا الخصوص، بخلاف صوم العيد، فإن النهي ورد عن خصوصه، فتلازمت جهةُ العموم وجهة الخصوص، وتعلق النهيُ بعين ما وقع في النذر، فلا يكون قربةً.
وتكلم الأصوليون في قاعدة تقتضي النظر في هذه المسألة، وهو أن النهي عند الأكثرين لا يدل على صحة المنهيِّ عنه، وقد نقلوا عن محمد بن الحسن رحمه الله: أنه يدل على صحة المنهيِّ عنه، لأن النهي لابد فيه من إمكان المنهيِّ عنه (1)، إذ لا يقال للأعمى: لا تبصر، ولا للإنسان: لا تنظر، فإذًا المنهي عنه -أعني: صومَ يوم العيد- ممكنٌ، وإذا أمكن، ثبتت الصحةُ، وهذا (2) ضعيف؛ لأن الصحة إنما تعتمد التصور والإمكان العقلي والعادي، والنهي يمنع التصور الشرعي، فلا يتعارضان، وكأن محمدَ بنَ الحسن يصرف اللفظ في المنهيِّ عنه إلى المعنى الشرعي (3)، واللَّه أعلم.
فيه: استحبابُ ذكرِ الخطيبِ ما يتعلق بوقته من الأحكام.
(1)"وقد نقلوا عن محمد بن الحسن رحمه الله أنه يدل على صحة المنهي عنه؛ لأن النهي لا بد فيه من إمكان المنهي عنه" ليس في "ت".
(2)
في "ت": "وهذان".
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 244).
وفيه: الإشارة إلى علة تحريم صوم يوم النحر، وهو الأكلُ من النسك، فلذلك لم يقل: يوم النحر؛ فإن قوله: "تأكلون فيه من نُسُكِكم" يستلزمه، ويزيد فائدةَ التنبيه على التعليل.
وقوله: "هذان يومان" تغليبٌ للحاضر على (1) الغائب، واللَّه أعلم.
* * *
(1)"على" ليس في "ت".