الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
144 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، فَأَطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ ركَعَ فَأَطَالَ الرّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَامَ (1)، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ في الرَّكْعَةِ الأُخْرَى (2) مِثْلَ مَا فَعَلَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى (3)، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ (4)، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا، وَتَصَدَّقُوا"، ثُمَّ قَالَ: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ
(1)"ثم قام" ليس في "ت".
(2)
في "ت": "الأولى".
(3)
في "ت": "الأخرى".
(4)
"فحمد اللَّه وأثنى عليه" ليس في "خ".
أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ (1)، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! واللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُم قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كثِيرًا" (2).
وَفِي لَفْظٍ: فَاسْتكْمَلَ أَرْبَعَ ركَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ (3).
(1)"يا أمة محمد! واللَّه ما من أَحَدٍ أغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أن يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ" ليس في "ت".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (997)، كتاب: الكسوف، باب: الصدقة في الكسوف، واللفظ له، و (4923)، كتاب: النكاح، باب: الغيرة، ومسلم (901/ 1)، كتاب: الكسوف، باب: صلاة الكسوف، والنسائي (1474)، كتاب: الكسوف، باب: نوع آخر من صلاة الكسوف، من طريق مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به. ورواه مسلم من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد اللَّه بن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.
(3)
رواه البخاري (999)، كتاب: الكسوف، باب: خطبة الإمام في الكسوف، ومسلم (901/ 3)، كتاب: الكسوف، باب: صلاة الكسوف، واللفظ له، وأبو داود (1180)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: أربع ركعات، والنسائي (1472)، كتاب: الكسوف، باب: نوع آخر من صلاة الكسوف، وابن ماجه (1263)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الكسوف، من طريق يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، به. وحديث عائشة رضي الله عنها رواه -أيضًا-: البخاري (1000)، كتاب: الكسوف، باب: هل يقول: كسفت الشمس، أو خسفت؟ و (1002)، باب: التعوذ من عذاب القبر في الكسوف، و (1007)، باب: صلاة الكسوف في المسجد، و (1009)، باب: لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته، و (1015)، باب: الركعة الأولى في الكسوف أطول، و (1154)، كتاب: العمل في الصلاة، باب: إذا =
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: فيه: المبادرة بالصلاة عند الكسوف؛ لقولها: "فصلَّى" بالفاء التعقيبية.
وفيه: التجميعُ لها؛ لقولها (1): "فصلَّى بالناس" على ما تقدم.
= انفلتت الدابة في الصلاة، و (3031)، كتاب: بدء الخلق، باب: صفة الشمس والقمر بحسبان. ورواه مسلم (901/ 2، 6، 7)، كتاب الكسوف، باب: صلاة الكسوف، والنسائي (1466)، كتاب: الكسوف، باب: الصفوف في صلاة الكسوف، و (1470، 1471، 1475)، باب: نوع آخر من صلاة الكسوف، و (1476، 1477)، باب: نوع آخر، و (1481)، باب: نوع آخر، و (1499)، باب: القعود على المنبر بعد صلاة الكسوف، و (1500)، باب: كيف الخطبة في الكسوف، والترمذي (561)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الكسوف، و (563)، باب: ما جاء في صفة القراءة في الكسوف، من طرق وألفاظ مختلفة، عن عائشة رضي الله عنها.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (1/ 256)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 410)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (3/ 35)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 329)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 551)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 200)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 138)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 726)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 148)، و"التوضيح" لابن الملقن (8/ 312)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 530)، و"عمدة القاري" للعيني (7/ 69)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 229).
(1)
في "خ": "لقوله".
الثاني: قولها: "فأطالَ القيام"، ولم تقدِّرْه، وقد جاء تقديرُه في حديث آخر، في الأول (1): بنحو سورة البقرة، والثاني (2): بنحو سورة آل عمران، والثالث: بنحو سورة النساء، والرابع: بنحو سورة المائدة، وفي تقدير الثالث بالنساء نظر؛ فإن المختار كونُ القيامِ الثالثِ أقصرَ من الثاني، والنساءُ أطولُ من آل عمران، وهذا التقدير يدل على سرية القراءة في صلاة الكسوف؛ إذ لو كانت جهرية، لما احتاجت إلى تقدير، بل كان يُقال: قرأ سورة كذا، وسورة كذا (3).
وقد اختلف العلماء في ذلك، فقالت جماعة: القراءة فيها جهر،
(1) في "ت": "الأولى".
(2)
في "ت": "الثانية".
(3)
قال ابن الملقن في "الإعلام"(4/ 293): وادعى الفاكهي أنه ورد في حديث: أنه قرأ في الأول بنحو سورة البقرة، وفي الثاني بنحو سورة آل عمران، وفي الثالث بنحو سورة النساء، وفي الرابع بنحو سورة المائدة. قال ابن الملقن: وشرع -أي: الفاكهي- يستشكل تقدير الثالث بالنساء؛ لأن المختار كون القيام الثالث أقصر من الثاني، والنساء أطول من آل عمران. قال ابن الملقن: فليحرر ذلك، انتهى.
قلت: قال القسطلاني في "إرشاد الساري"(2/ 263): لكن الحديث الذي ذكره غير معروف، وإنما هو من قول الفقهاء. نعم قالوا: يطوِّل القيام الأول نحوًا من سورة البقرة؛ لحديث ابن عباس في باب: صلاة الكسوف جماعة، وأن الثاني دونه، وأن القيام الأول من الركعة الثانية نحو القيام الأول، وكذا الباقي. نعم في الدارقطني من حديث عائشة: أنه قرأ في الأولى بالعنكبوت والروم، وفي الثاني بـ {يس} .
وبه قال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأحمد، وإسحاق.
(1)
قال ابن بزيزة: ورواه معن (2)، والواقدي، عن مالك.
وقال الجمهور: القراءة فيها سِرٌّ؛ وهو قول الشافعي، وأبي حنيفة، والليث، وأصحاب الرأي، وهو المشهور عن مالك.
وقال الطبري، وغيرُه من فحول العلماء: بالتخيير في ذلك؛ جمعًا بين الأحاديث، وقد صحح أبو محمد بنُ حزم هذه الأحاديثَ المقتضيةَ للجهر؛ لأنه عليه الصلاة والسلام جهرَ فيها بالقراءة، ذكره الترمذي، وغيره، وصحح -أيضًا- ما يدلُّ على الإسرار، وفي حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جهرَ بالقراءة في كسوف الشمس (3).
وروى الوليدُ بنُ مسلم: أنه عليه الصلاة والسلام جهر في صلاة الكسوف -أيضًا (4) - (5)، وتأوله بعض العلماء على أن المراد: الكسوف القمري (6)، وهو وإن كان محتملًا، إلا أن حديث عائشة يقضي عليه، ويُبينه، وفي بعض طرق عائشة: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم جهرَ في
(1) في "ت" زيادة: "و".
(2)
في "ت" بياض بمقدار قوله: "معن".
(3)
رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 333) بهذا اللفظ. ورواه أبو داود (1188)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في صلاة الكسوف، نحوه.
(4)
"أيضًا" ليس في "ت".
(5)
رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(598).
(6)
في "ت": "القمر".
صلاة الكسوف بقراءته، فصلَّى أربعَ ركعاتٍ في ركعتين، وأربعَ سجداتٍ (1)، وقد صحح عروةُ بنُ الزبير، والزهري، والأوزاعي، حديثَها في الجهر في هذه الصلاة.
وقواه بعضُ علمائنا (2)، فقال: صلاةٌ مأمورٌ بها تُفعل في جماعة نهارًا، فحكمُها الجهر؛ قياسًا على صلاة العيدين.
وحديثُ سمرةَ بنِ جُندبٍ يقتضي الإسرارَ فيها، و (3) رواه النسائي، وغيره.
ومن أقوى الأدلة على أن حكمها الإسرارُ: ما تقدم من تقديرها بسورة البقرة، وبما بعدها من الطول، وقد قوي ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام (4) -:"صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ"، والحديث لَيِّنُ الإسناد (5).
وقولها: "فأطال الركوع" غيرُ محدود (6) -أيضًا-، وقد قال أصحابنا: يركع بطول قراءته.
(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1016)، ومسلم برقم (901)، (2/ 620).
(2)
في "ت": "العلماء".
(3)
الواو ليست في "ق".
(4)
في "ت": "وقد قَوَّى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم".
(5)
قال النووي في "الخلاصة"(1/ 394): باطل لا أصل له. وقال الحافظ في "الدراية"(1/ 160): لم أجده. وهو عند عبد الرزاق من قول مجاهد ومن قول أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود موقوفًا عليهما.
(6)
في "ت": "محذوف".
وقدَّره أصحابُ الشافعي بنحو مئة آية، واختار بعضُهم عدمَ التحديد إلا بما لا يضرُّ بمن خلفَه (1)(2).
وقولها: "ثم قام فأطال القيام وهو دونَ القيام الأول": هذا كما تقدم من تقديره بنحو آل عمران، وهي دون البقرة، فهو على الأصل.
قيل (3): إن السبب في تقصير القيام الثاني في الكسوف وسائر الصلوات: أن النشاط يكون في الركعة الأولى أكثرَ، فيناسبُ التخفيف في الثانية خشيةَ الملال.
قلت: وشبيهٌ بهذا التعليل التعليلُ عندَ النُّحاة لاختصاص الفاعل بالرفع، والمفعول بالنصب، قالوا: لأن اللسان يتناول الفاعلَ أولًا بقوة، وجمامٍ (4)، ثم يتناول المفعولَ بعدُ بضعف (5) وكَلال، فأُعطي في الأول الأثقلُ، وهو الرفعُ، وأُعطي في الثاني الأخفُّ، وهو النصب وقد تقدم الخلاف في الحديث الذي قبل هذا، هل تُقرأ الفاتحةُ في القيام الثاني، أو لا، وأن المشهورَ قراءتها، ووجهُه (6): أنها قراءة
(1) في "ت": "للإمام لا لمن خلفه".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 139).
(3)
"قيل" ليس في "ت".
(4)
في "ق": "وجمار".
(5)
في "ت": "ضعف".
(6)
في "ت": "وجهه"، وفي "ق":"ووجهها".
يتعقبها ركوعٌ، فيقرأ بأم القرآن كسائر الصلوات، ولأنه قيام بعد ركوع، فأشبهَ القيامَ للثانية، ولأنها قراءةٌ لركعة، فتبدأ بالفاتحة كالأولى، ولأن الركوع قد حال بين القراءتين، فاقتضى الافتتاح بالفاتحة؛ كما لو حال بينهما ركوع وسجود، ولأنه في كل ركوع يستأنف القراءة.
ووجهُ الشاذِّ: أنه رآها ركعةً واحدة زِيدَ فيها ركوعٌ، والركعةُ الواحدة لا تثنَّى فيها الفاتحة (1).
الثالث: قولها: "فأطالَ السجُوْدَ": ظاهرُه: تطويلُ السجود؛ كالركوع، وهو قولُ ابنِ القاسم عندَنا.
وقال غيره: لا يُطيل، وهو قول الشافعي، ولبعض أصحابه (2) في ذلك خلافٌ ضعيف (3).
وظاهرُ هذا الحديث دليلٌ لابن القاسم ومَنْ وافقه.
وفي حديثٍ آخرَ عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: ما سجدْتُ سجودًا أطولَ منه (4)(5).
(1) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(2)
في "ق": "أصحابنا".
(3)
في "ت": "خلاف في ذلك ضعيف".
(4)
"منه" ليست في "ت".
(5)
رواه البخاري (1003)، كتاب: الكسوف، باب: طول السجود في الكسوف، ومسلم (910)، كتاب: الكسوف، باب: ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة.
وكذلك نُقل حَدُّ تطويله في حديث أبي موسى، وجابرِ بنِ عبد اللَّه.
وفي أبي داود: أنه صلى الله عليه وسلم سجَد، فلم يكدْ يرفعُ (1)(2).
وقياسًا على الركوع، لأنها أركان.
ووجهُ القول بعدم التطويل، وأظنه لمالك -واللَّه أعلم-: أن ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهما وصفا طولَ الركوع والقيام (3) دونَ السجود، ولأن الركوع والقراءة كُرِّرا، فطُوِّلا؛ لأنهما غُيِّرا، والسجودُ لم يتغير، فلا يطول، كالجلوس والتشهد، ولأن الفصل بينهما لم يطول إجماعًا، فلو طول السجود، لطول الفصل كالركوع.
الرابع: قولها: "ثم فعل في الركعة الثانية مثلَ ما فعلَ في الأولى":
لا إشكال في القيام الثاني والركوع الثاني من الركعة الأولى، ولا خلاف فيهما بين العلماء: أنهما أقصرُ مما قبلهما، وكذلك القيام الثاني والركوع الثاني من الركعة الثانية (4): أنهما (5) أقصر مما (6) قبلهما (7).
(1)"يكد يرفع" بياض في "ت".
(2)
رواه أبو داود (1194)، كتاب: الصلاة، باب: من قال: يركع ركعتين، من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
(3)
في "ت": "القيام والركوع".
(4)
"الأولى، ولا خلاف فيهما بين العلماء: أنهما أقصر مما قبلهما وكذلك القيام الثاني والركوع الثاني من الركعة الثانية" ليس في "ت".
(5)
في "ق": "أنها".
(6)
في "ت": "كما".
(7)
في "ق": "قبلها".
واختلف العلماء في القيام الأول، والركوع الأول من الركعة الثانية، هل هو أقصر من القيام الثاني والركوع الثاني من الأولى، فإنه بمعنى قوله:"دون القيام الأول"، أو مساوٍ لذلك، وأقصر من أولِ قيام، وأولِ ركوع، وإن هذا معنى قوله (1): القيام الأول والركوع الأول من الركعة الثانية، هل هما أقصر من القيام الثاني والركوع (2)؟
والوجهُ الأولُ أظهرُ، وهو قول مالك: إن كل ركعة دون (3) التي قبلها، وهو مقتضى الحديث؛ لأنه كذلك قال في كل قيام وركعة: إنه (4) دون الأول، فدل أنه يريد الذي قبلَه، ويعضدُه قولُه في الحديث الآخر، عن جابر: ليسَ منها (5) ركعةٌ إلَّا التي قبلَها أطولُ مِنَ التي بعدَها (6).
الخامس: قولها: "فخطبَ الناسَ، فحَمِدَ اللَّه، وأثنى عليه" ظاهره: أن لصلاةِ كسوفِ الشمس خطبةً (7)، ولم ير ذلك مالكٌ، وأبو
(1) في "ت": "وأن معنى قولها".
(2)
"من الركعة الثانية هل هما أقصر من القيام الثاني والركوع؟ " ليس في "ت".
(3)
في "ت": "أقصر من".
(4)
"إنه" ليس في "ت".
(5)
في "ق": "منهما".
(6)
رواه مسلم (904)، كتاب: الكسوف، باب: ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار.
(7)
في "ت": "أن الصلاة للكسوف خطبة".
حنيفة، وأحمدُ -في المشهور عنهم (1) -، بل قالوا: يستقبل الناس، ويذكِّرُهم.
وقال الشافعي: يخطب لها خُطبتين بعد فعلِها، سواءٌ كان كسوفًا، أو خسوفًا.
ولأحمد نحوه، هكذا نقله عنه ابن هبيرة (2).
وبقول الشافعي قالُ إسحاق، والطبري، وفقهاءُ أصحاب الحديث.
حجةُ القائلين بعدم الخطبة (3): أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت لإعلام الناس أن الكسوف (4) آيةٌ، وليس على ما قالوه (5) من كسوفها لموتِ إبراهيم، أو لموتِ عظيم، على ما كانت تقولُه الجاهلية فيهما، وما يقوله أهلُ الحساب والنجوم من دليلهما على ما يحدث في العالم.
وقد تقدم كلامُ ق (6) على ما قاله أهلُ الحساب لصلاة الكسوف، وأيضًا: فلمَّا كان كثيرٌ من الكَفَرة يعتقد فيهما من (7) التعظيم؛ لأنهما
(1) في "ت": "عندهم".
(2)
انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (1/ 179).
(3)
"بعدم الخطبة" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "أنها" بدل "أن الكسوف".
(5)
في "ت": "قالوا".
(6)
"ق" ليس في "ت".
(7)
"من" ليس في "ق".
أعظمُ الأنوار الظاهرة، حتى ارتقى الحال ببعضهم إلى عبادتهما (1).
وقال جماعةٌ من الضُّلَّال بتأثيرهما في العالم، فأعلَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنهما آيتان على حدوثهما، ونقصِهما عن هذه المرتبة؛ لطروء التغيير (2) والنقصِ عليهما، وإزالةِ نورهما الذي به (3) عظم في النفوس عنهما، فلما (4) جاء: أن القيامة تقوم وهما مكسوفان، ولهذا -واللَّه أعلم- جاء في الحديث الآخر: فقامَ فَزِعًا، يَخْشَى أَنْ تكونَ الساعَةُ (5)، هذا معنى (6) كلام ع، وأكثر لفظه (7).
ق: وهذا خلافُ الظاهر من الحديث، لاسيما بعدما ثبتَ أنه ابتدَأَ بما تُبتدأ به الخطبةُ من حمدِ اللَّه، والثناءِ عليه.
واستضعف الشيخُ (8) ما قاله ع بأن الخطبة لا تنحصر مقاصدُها في شيء معين بعدَ الإتيان بما هو المطلوبُ منهما؛ من الحمدِ والثناءِ والوعِظ، وقد يكون بعضُ هذه الأمور داخلًا في مقاصدِها؛ مثل: ذكر
(1) في "ق": "عبادتها بتأثيرها".
(2)
في "ق": "التغير".
(3)
"به" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "عينهما، ولما" بدل "عنهما، فلما".
(5)
سيأتي تخريجه، من حديث أبي موسى رضي الله عنه قريبًا.
(6)
"معنى" ليس في "ت".
(7)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 331) وما بعدها.
(8)
"الشيخ" ليس في "ت".
الجنة والنار، وكونهما من آيات اللَّه، قال: بل هو كذلك جزمًا (1).
قال ابن بزيزة: إنما خطب؛ لأن الخطبة من سنة هذه الصلاة.
السادس: قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتم ذلك، فادعوا اللَّه، وكَبِّروا، وصَلُّوا، وتصدَّقوا" ظاهره: عدمُ تقييدِ الصلاةِ بوقتٍ من النهار، وقد تقدم ذكرُ الاختلاف في وقت صلاة الكسوف.
و (2) في الحديث: دلالة على استدفاع البلايا والمحن بالدعاء، وما ذُكر معه، وقد أمر اللَّه -تعالى- بالدعاء في كتابه في غير ما موضع، كما أمر بالصلاة وغيرها من العبادات، فقال تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186] الآيةَ، وقال تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وقال تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]، وغير ذلك من الآي، وقال ربُّنا:"هَلْ مِنْ داعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ "(3)، ولأن الباري -تعالى- يحبُّ السؤال، ويعطي عليه جزيلَ الثواب، وفي الحديث:"الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ"(4)،
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 141).
(2)
الواو ليست في "ت".
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
رواه الترمذي (3371)، كتاب: الدعوات، باب: ما جاء في فضل الدعاء، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وقال: غريب. ورواه أيضًا (3372)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما بلفظ:"الدعاء هو العبادة" وقال: حسن صحيح.
وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ السُّؤَالُ مِنَ اللَّهِ، وهذا يردُّ قولَ (1) مَنْ قال من الصوفية بعدم الدعاء، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه المأثورُ عنه صلى الله عليه وسلم، لكان (2) كافيًا في فضيلة الدعاء، فكيف وقد أمر اللَّه عز وجل به، وحض عليه؟!
وقولُهم (3): إن في الدعاء تحكُّمًا، فإنما يكون كذلك (4) لو كان أَمْرًا، وإنما هو سؤالٌ وتضرُّعٌ، وإظهارٌ لذلِّ العبودية، وعزِّ الربوبية.
وأما حديث: "مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي"، الحديث (5)، فقال القاضي (6) أبو بكر بنُ العربي: معناه: أن العبدَ ليس في كل حال يدعو، بل تارة يدعو، وتارة يذكر، وإذا (7) دعاه، استجاب له، وإذا ذكره، أعطاه أفضلَ ما سأله، فهو الكريمُ في الحالين.
وما أحسنَ قولَ الشاعر:
(1) في "ق": "على قول".
(2)
في "ت": "كان".
(3)
في "ت": "وقوله".
(4)
في "ت": "ذلك".
(5)
رواه الترمذي (2926)، كتاب: فضائل القرآن، باب:(25)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وقال: حسن غريب.
(6)
"القاضي" ليس في "ت".
(7)
في "ق": "فإذا".
اللَّهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ (1)
…
وَبُنيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
السابع: قوله: " [ما] من أحدٍ أغيرُ من اللَّه"، الغيرة: مشتقةٌ من تَغَيُّرِ حالِ الغَيْران؛ لما رآه من قبيح فعلِ مَنْ غارَ عليه، وهيجانِ غضبِه بسبب هَتْكِ مَنْ يَذُبُّ عنه، واللَّهُ -تعالى- المقدَّسُ المنزه (2) عن تغير الذاتِ والصفات، فمعناه: ما من أحدٍ أمنعُ للفواحشِ من اللَّه، والغيورُ يمنعُ حريمَهُ، وكلَّما زادتْ غيرته، زاد منعهُ (3)، فاستعير لمنع الباري -تعالى- عن معاصيه اسمُ الغيرة مجازًا، و (4) اتساعًا، وخاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم على ما (5) يفهمونه، ونعني بالمنع: التحريم، لا عدمَ التمكين؛ فإن ذلك يُحيل المعنى المذكور (6).
(1)"سؤاله" زيادة من "ت".
(2)
في "ت": "المنزه المقدس".
(3)
"منعه" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "أو".
(5)
في "ت": "بما" بدل "على ما".
(6)
قال السفاريني في "كشف اللثام"(3/ 237): إطلاق الغيرة على اللَّه سبحانه وتعالى جاء في عدة أحاديث، وأهل الإثبات من المحدثين، ومذهب السلف من أئمة الدين يؤمنون بكل ما جاء في الكتاب والسنة، مع اعتقادهم أن ليس كمثل اللَّه شيء، فهم يثبتون الآثار بلا تمثيل، وينزهون الباري -جل وعز- عن سمت الحوادث بلا تعطيل؛ فعندهم المشبِّه يعبد صنمًا، والمعطِّل يعبد عدمًا، والمؤمن يعبد رب الأرض والسماء، فيقولون: نؤمن كما أخبر، وكما جاء في الأثر، لا كما يخطر للبشر. =
الثامن: قوله: "لو تعلمون مما أعلمُ" إلى آخره، معناه: لو تعلمون من عِظَمِ انتقام اللَّه -تعالى- من أهلِ الجرائم، وشدةِ عقابه، وأهوالِ يوم القيامة، وما بعدَها؛ كما علمتُ، وترون النارَ؛ كما رأيتُ في مقامي هذا، وفي غيرِه، لبكيتم كثيرًا، ولقلَّ ضحككُم، لفكْرِكم فيما علمتموه، وكلُّ ذلك مما نشأ (1) عن مطالعة جلالِ اللَّه (2)، وعظمته، وقهره، وسرعة بطشه، والمقصودُ (3) منه: التخويفُ لأمته صلى الله عليه وسلم (4).
قال ابن بزيزة: ويحتمل أن يكون المعنى: إنكم لو علمتم من رحمة اللَّه -سبحانه-، وحلمِه، وعفوِه عن ذنوب خلقه، ومعاني كرمِه ما أعلمُ، لبكيتم كثيراَ، ولضحكتم قليلًا، فبكاؤكم إذ لم تفهموا من ذلك ما فهمتُ، ولم تعلموا منه (5) ما علمتُ، ونشأ هذا عن مطالعة
= وأما علماء الخلف من المؤولين فيقولون: يراد من الغيرة غايتها، وهو شدة المنع والحماية من الشيء؛ لأن الغائر على الشيء مانع له، وحامِ منه، فالمنع والحماية من لوازم الغيرة. وهذا في جانب المخلوق، وأما في الخالق، فليست هي كذلك، كما أن قدرة المخلوق وإرادته ليست كقدرة الخالق وإرادته.
والحاصل: أن علماء السلف يسلمون، وعلماء الخلف يؤولون، ولا ريب أن السلامة في التسليم، واللَّه أعلم.
(1)
في "ت": "ينشأ".
(2)
في "ت": "جلاله".
(3)
في "ت": "والتعوُّد".
(4)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (6/ 201).
(5)
"منه" ليس في "ت".
جمالِ (1) اللَّه -تعالى- ونعوتِ أفضاله، ومشاهدةِ الرحمة الواسعة (2) التي لا تقصر عن شيء.
فيه: دليلٌ على غلبة الخوف، وشديد الموعظة، وترجيحِ ذلك على إشاعة الرُّخَص؛ لما يؤدّي ذلك من التسبُّب (3) إلى تسامح النفوس؛ لما جُبلت عليه من الإخلاد إلى الشهوات، والميلِ إلى اللذات، وذلك من (4) مرضها الخطر، والطبيبُ الحاذقُ يقابل العلَّة بضدِّها، لا بما يزيدُها (5).
التاسع: قوله (6): و (7) في لفظ: "فاستكملَ (8) أربعَ ركعاتٍ، وأربعَ سَجَداتٍ": المرادُ بالركعات هنا: عددُ الركوع، لا الركعاتُ المعهودة (9)، وجاء في موضع آخر: في ركعتين، واللَّه أعلم.
* * *
(1) في "ت": "جلال".
(2)
"الواسعة" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "السبب".
(4)
في "ت": "في".
(5)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 141 - 142).
(6)
"قوله" ليس في "ت".
(7)
الواو ليست في "خ".
(8)
في "ت": "استكمل".
(9)
في "ق": "المعهودات".