الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن
136 -
عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في صَلَاةِ الفَجْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ: {الم (1) تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] السَّجْدَةَ، و:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} (1)[الإنسان: 1].
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (851)، كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة، و (1018)، كتاب: سجود القرآن، باب: سجدة {تَنْزِيِلُ} [السجدة: 2] السجدة، ومسلم (880/ 65)، واللفظ له، و (880/ 66)، كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في يوم الجمعة، والنسائي (955)، كتاب: الافتتاح، باب: القراءة في الصبح يوم الجمعة، وابن ماجة (823)، كتاب: الصلاة، باب: القراءة في صلاة الفجر يوم الجمعة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 284)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 516)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 167)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 119)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 692)، و"فتح الباري" لابن رجب (5/ 382)، و"التوضيح" لابن الملقن (7/ 426)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 378)، و"عمدة القاري" للعيني (6/ 184)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 134)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 177)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (3/ 341).
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قوله (1): "صلاة الفجر"، يعني: صلاة الصبح.
الثاني: قوله: "الم" السجدة: اعلمْ: أنه قد اختُلف في الحروف المتقطعة (2) في أوائل السور على قولين:
قال الشعبيُّ عامرُ بنُ شراحيل (3)، وسُفيانُ الثوريُّ، وجماعةٌ من المحدِّثين: هي سرُّ اللَّه في القرآن، وهي من المتشابِه الذي انفردَ اللَّه تعالى بعلمِه، ولا يجبُ أن يتكلم فيها، ولكن نؤمن بها، وتُمَرُّ كما جاءت.
وقال الجمهور من العلماء: بل (4) يجب أن نتكلم (5) فيها، ونلتمس (6) الفوائدَ التي تحتها، والمعاني التي تتخرج عليها.
واختلفوا في ذلك على اثني عشر قولًا (7):
فقال علي بنُ أبي طالب، وابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: الحروفُ المقطَّعة في القرآن (8) اسمُ اللَّه الأعظمُ، إِلا أنا لا نعرفُ تأليفَه منها.
(1)"قوله" ليس في "ت".
(2)
في "ت": "المُقَطَّعَةِ"، وفي "ق":"المنقطعة".
(3)
في "خ": "شراحبيل".
(4)
"بل" ليس في "ت".
(5)
في "ت": "يتكلم".
(6)
في "ت": "وتُلْتَمَسُ".
(7)
"قولًا" ليس في "ت".
(8)
"في القرآن" ليس في "ت".
وقال ابن عباس -أيضًا-: هي أسماءٌ أقسمَ اللَّه -تعالى- بها.
وقال زيدُ بنُ أسلمَ: هي أسماءٌ للسُّوَر (1).
وقال قَتادة: هي أسماءٌ للقرآن؛ كالفرقان، والذِّكْر.
وقال مجاهدٌ: هي فواتِحُ السُّوَر (2).
قال ابنُ عطية: كما يقولون في أوائل الإنشاد لشهير القصائد: بل، ولا بل، نحا هذا النحوَ أبو عبيدةَ، والأخفشُ.
وقال قومٌ: هي حسابُ أبي جاد؛ لتدلَّ على مدة ملَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ كما ورد في حديث حُيَيَّ بنِ أَخْطَبَ، وهو قولُ أبي العالية رفيعٍ، وغيرِه.
وقال قُطْرُبٌ وغيرُه: هي إشارة إلى حروف المعجم؛ كأنه يقول للعرب: إنما تَحَدَّيتكم (3) بنظمٍ من هذه الحروفِ التي (4) عرفتم، فقوله تعالى:{الم} بمنزلة قولك (5): اب ت ث؛ ليدل بها على التسعةِ (6) والعشرين (7) حرفًا.
وقال قوم: هي أَمارةٌ قد كان اللَّه -تعالى- جعلها لأهل الكتاب،
(1) في "ت" و"ق": "السُّور".
(2)
في "ت": "للسُّورِ".
(3)
في "ت": "نحدثكم".
(4)
في "ت": "الذي".
(5)
"قولك" ليس في "ت".
(6)
في "ع": "السبعة".
(7)
في "ت": "السبعة وعشرين".
أنه (1) سَيُنَزِّلُ على محمد صلى الله عليه وسلم كتابًا في أولِ سُوَرٍ (2) منه حروفٌ مقطعة.
وقال ابن عباس -أيضًا-: هي حروف تدلُّ على: أنا اللَّه أعلم، أنا اللَّه أرى، أنا اللَّه أفصل.
وقال ابنُ جبير، عن ابن عباس: هي حروفٌ كلُّ واحد منها؛ إما أن يكونَ من اسم (3) من أسماء اللَّه -تعالى-، وإما من نعمةٍ من نعمه (4)، وإما من اسم مَلَكٍ من ملائكته، أو نبيٍّ من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.
وقال قوم: هي تنبيه؛ كـ: (يا)(5) في النداء.
وقال قوم: رُوي أن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكةَ، نزلت؛ ليستغربوها، فيفتحوا لها أسماعهم، فيستمعون (6) القرآن بعدها.
قال ابن عطية: والصوابُ ما قاله الجمهور: أن تفسَّر (7) هذه الحروف، ويُلتمس لها التّأويل؛ لأنا نجد العربَ قد تكلمت بالحروف المقطعة نَظْمًا لها، ووضعًا بدلَ الكلماتِ التي الحروفُ منها؛ كقول الشاعر:
(1) في "ت": "أن".
(2)
في "ت": "سورة".
(3)
"من اسم" ليس في "ت".
(4)
"تعالى، وإما من نعمة من نعمه" ليس في "ت".
(5)
في "ت": "كما".
(6)
في "ت": "فيسمعون".
(7)
في "ت": "تفسير".
قُلْتُ لَهَا قَفِي
…
قَالَتْ (1) قَافْ
أراد: وقفتُ.
وكقول الآخر:
بِالخَيْرِ خَيْراتٍ وَإِنْ شَرًّا فَا
…
وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَا
أراد: وإن شَرًّا، فَشَرًّا (2)، وأراد: إلا أن تشاء (3).
والشواهد في هذا كثيرة، فليس كونها (4) في القرآن مما تُنكره العرب في لغتها (5)، فينبغي إذا كان من معهود كلام العرب، أن يُطلب تأويله، ويُلتمس وجهه.
والوقفُ على هذه الحروف بالسكون، لنقصانها، إِلَّا إذا أخبرتَ عنها، أو عطفتَها، فإنك تُعْرِبها؛ لأنها حينئذ أسماءٌ لا حروف، وموضع {الم} من الإعراب رفعٌ، على أنه خبرُ مبتدأ محذوف، أو على أنه ابتداء، أو نصبٌ بإضمار فعل، أو خفضٌ بالقسم، وهذا (6) الإعراب يتجه الرفع فيه في بعض الأقوال المتقدمة، والنصبُ في بعض، والخفضُ
(1) في "ت": "فقالت".
(2)
"أراد: وإن شرًا، فشرًّا" ليس في "ق".
(3)
في "ت": "فَشَرٌ وإلَّا أن تشاء" بدل "فَشَرًّا، وأراد: إِلَّا أن تشاء".
(4)
في "ت": "كونه".
(5)
في "ت": "لغاتها".
(6)
في "ت": "وهو".
في قول ابن عباس: إنها أسماء اللَّه -تعالى- أقسَم بها (1).
فائدة: قال ابنُ خطيب زملكا (2) في "برهانه": وسأوضح لكَ ذلك بشيء (3) من دقيق المسالك، يُشير إلى إعجاز القرآن، منه فواتحُ السُّور التي هي حروف هجاء، فإذا (4) نظرتها ببادي الرأي، وجدتَها مما يكاد يمجُّه السمعُ، ويقلُّ به النفعُ، مع أنها من (5) الحُسْنِ ترفُل في الحِبَر، ويقصرُ عنها دقيقُ النظر، وذلك من وجوه:
الأول: أنها كالمهيِّجَةِ لمن سمعَها من الفُصَحاء، والموقظة للهمم الراقدة من البُلَغاء، لطلب التساجل، والأخذ في التفاضل، ألا تراها بمنزلة زَمْجَرَةِ (6) الراعد قبلَ الماطِر في الإعلام؛ لتعيَ (7) الأرضُ فضلَ الغَمام، وتحفظ (8) ما أُفيض عليها من الإنعام، وتخاف مواقعَ الانتقام، مما فيه من العُجْمة التي لا تُؤْلَف (9) في الكلام، وما هذا شأنُه خليقٌ
(1) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (1/ 81).
(2)
في "ت" بياض بمقدار قوله: "زملكا".
(3)
في "ت" بياض بمقدار قوله: "بشيء".
(4)
في "ق": "وإذا".
(5)
في "ت": "في".
(6)
في "ت": "رعدة".
(7)
في "ت": "لسقي".
(8)
في "ت": "ويحفظ".
(9)
في "ق": "لا تولد".
بالنظرِ فيه، والوقوفِ على معانيهِ، بعدَ حفظ معانيه (1)، بل حكم الدواعي الجبلِّية أن تبعث (2) على ذلك اضطرارًا لا اختيارًا، لاسيما وهي صادرة (3) عن رجل عليه مَهَابةٌ وجلالة، قد قام مقامَ أُولي الرسالة، وكشفَ ما هم عليه من الجهالة والضلالة، وتوعَّدَهم بأن (4) المهلكات نازلة بهم لا محالة.
الثاني: التنبيهُ (5) على أن تعداد هذه الحروف، ممن لم يمارس الخَطَّ، ولم (6) يعانِ النظرَ فيه على ما قال تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] مُتَنَزِّلٌ (7) منزلةَ الأقاصيص عن الأمم السالفة، ممن ليس له اطلاعٌ على ذلك.
الثالث: انحصارُها في نصفِ حروفِ المعجمِ؛ لأنها أربعةَ عشرَ حرفًا، وهي الألف، واللام، والميم، والصاد، والراء، والكاف، والهاء، والياء، والعين، والطاء، والسين، والحاء، والقاف، والنون، وهذا واضح على من عدَّ حروفَ المعجم ثمانيةً وعشرين (8) حرفًا،
(1) في "ت": "مغانيه".
(2)
في "ت": "تبعث".
(3)
في "ق": "قد صدرت".
(4)
في "ت": "أن".
(5)
في "ق": "تنبيه".
(6)
في "ت": "ولا".
(7)
في "ت": "مُنَزَّلٌ".
(8)
في "ق": "وعشرون".
وقال (1): (لا) مركبة من اللام والألف، وإن كان بعيدًا من الصواب، مع أنه هو المشهور في التهجِّي، والصحيح: أنها تسعةٌ وعشرون، والنطق بلا في التهجِّي كالنطق بلا في: لا رجلَ في الدَّار، وذلك أن الواضع جعلَ كلَّ حرف من حروف التهجي صدر اسمه، إِلا الألف، فإنَّه لمَّا لم يمكن أن يُبتدأ به؛ لكونه مطبوعًا (2) على السكون، ولا يقبل (3) الحركةَ أصلًا، تُوُصِّلَ إليه باللام؛ لأنه يناسبُه في الامتداد والانتصاب، ولذلك يُكتب (4) على صورة الألف.
قلت: قوله: إن منشأ الخلاف راجعٌ إلى كلمة (لا) هل هي حرف، أو حرفان؟ خلاف ما قاله أهل العربية، فإن منشأ الخلاف عندهم في عدد حروف المعجم، هل الهمزةُ من قَبيل الحروف، فتُعَدُّ، أو من قَبيل الضبط، فلا (5) تُعَدُّ؟
وقد جُمعت هذه الحروفُ الأربعةَ عشرَ التي ذكرها في قولك: نص حكيم قاطع له سر.
ثم قال:
(1)"وقال" ليس في "ق".
(2)
في "ت": "لأنه مطبوع".
(3)
في "ت": "تقبل".
(4)
في "ت": "تكتب".
(5)
في "ت": "لا".
الرابع: مجيئها في تسعٍ وعشرين سورةً (1) بعدد الحروف.
الخامس: كما رُوعي تنصيفُها باعتبار هجائها، روعي تنصيفُها باعتبار أجناسها (2).
قلت: يريد: أن كل جنس من أجناس الحروف؛ كالمجهورة، والمهموسة، والرخوة، والشديدة، وغير ذلك من أجناسها، قد نُصفت (3)، فاستُعمل (4) نصفُها في القرآن، وأُهمِلَ النِّصْفُ الآخر، وإذا تأملتَ ذلك، وجدته، ثم إن النصف المستعملَ في القرآن، هو الأخفُّ، والأكثرُ (5) استعمالًا من النصف الآخر (6) المهمَل.
ومن وقف على ذلك، علم أن هذا القرآن ليس من كلام البشر، وجزم بأنه كلام (7) خالقِ القُوى والقَدَر، فإن المتبحِّرَ في معرفة الحروف، وتصرُّفِ مخارجها الخفيف والثقيل، وغير ذلك من أجناسها، لا يهتدي إلى هذا النظر الدقيق، ومما يشد من عضد (8) ما ذكرناه: أن الألف واللام
(1)"سورة" ليس في "ت".
(2)
ذكر هذه الوجوه الخمسة: الزركشي في "البرهان في علوم القرآن"(1/ 176).
(3)
في "ت": "تنصفت".
(4)
في "ق": "صنف فاستعمل نصفها".
(5)
في "ت": "أخف وأكثر".
(6)
"النصف الآخر" ليس في "ت"، و"الآخر" ليس في "خ".
(7)
في "ق": "من كلام".
(8)
في "ق": "قصد".
والميم، يكثرْنَ (1) في الفواتح ما لم يكثر غيرُها من الحروف؛ لكثرتها في الكلام، ولأن الهمزة من الرئة، فهي (2) أعمق الحروف، واللام مخرجها من طرف اللسان ملصقة بصدر الغار الأعلى من الفم، فصوتها يملأ ما وراءها من هواء الفم، والميم مطبقة؛ لأن مخرجها من الشفتين إذا أطبقتا (3)، فرمز بهنَّ (4) إلى باقي الحروف؛ كما رمز صلى الله عليه وسلم بقوله:"أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" إلى الإتيان بالشهادتين، وغيرِهما مما هو من لوازمهما (5).
وكذلك لسائر الحروف الفواتح (6) شأنٌ ليس لغيرها، و (7) وراء ذلك من الأسرار الإلهية ما لا تستقلُّ بفهمه البشرية (8)، ولقد استخرج بعضُ أئمة المغرب (9) من قوله تعالى:{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} [الروم: 1 - 3]، فتوحَ بيتِ المقدس، واستنقاذَه من يد (10) العدوِّ
(1) في "ت": "يكثرون".
(2)
في "خ": "فهو".
(3)
في "ت": "فتُبين إذا أطبقتهما"، وفي "ق":"إذا انطبقتا".
(4)
في "ت": "فرمزهن" بدل "فرمز بهن".
(5)
في "ت": "لازمهما".
(6)
في "ق": "بالفواتح".
(7)
الواو ليست في "ق".
(8)
في "ت": "لا يستقل بفهمه البشر".
(9)
في "ق": "بعض العرب".
(10)
في "ق": "أيدي".
في سنةٍ معينة، وكان (1) كما قال، واللَّه تعالى أعلم.
الثالث من الكلام على الحديث: {تَنْزِيِلُ} بضم اللام على الحكاية؛ كما تقدم تقريره في حديث عائشة: كانَ يفتتحُ الصلاةَ بالتكبير، والقراءةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2].
وفيه: دليل على أنه يجوز أن تقول: قرأت الفاتحة، وقرأت البقرة، من غير ذكر سورة؛ إذ لم يقل: كان يقرأ سورة {الم} [البقرة: 1]، ولا سورة {هَل أَتَىْ} [الإنسان: 1].
وفيه أيضًا: دليل على إبطال قول من قال: لا يقالُ: سورة كذا، وإنما يقال: السورة التي يُذكر فيها كذا.
الرابع: ظاهرُ الحديثِ: استحبابُ قراءة هاتين السورتين يومَ الجمعة في صلاة الصبح، وبه أخذ الشافعي رحمه اللَّه تعالى.
وكره مالكٌ للإمام قراءةَ السجدةِ في صلاة الفرض (2) مطلقًا؛ خشيةَ التخليط على مَنْ وراءه، وخصَّ بعضُ أصحابه (3) الكراهةَ بالسرِّيَّة، فعلى هذا لا يكون مخالفًا لمقتضى (4) هذا الحديث، وفي المواظبة على ذلك دائمًا (5) أمرٌ آخَرُ، وهو أنه ربما أَدَّى
(1) في "ق": "فكان".
(2)
في "ت": "الصلاة" بدل "صلاة الفرض".
(3)
في "ق": "أصحابنا".
(4)
في "ت": "بمقتضى".
(5)
"دائمًا" ليس في "ت" و"خ".
الجهالَ (1) إلى اعتقادِ أن ذلك فرضٌ في هذه الصلاة.
ومن مذهب مالك رحمه الله حمايةُ هذه الذريعة، فالذي ينبغي أن يقال: أما القول بالكراهة مطلقًا، فيأباه الحديث، وإذا انتهى الحال إلى أن تقع هذه المفسدة، فينبغي أن تُترك في بعض الأوقات؛ دفعًا لهذه المفسدة، وليس في (2) الحديث ما يقتضي فعلَ ذلك حينئذ اقتضاءً قويًا، لاسيما إذا كان بحضرة الجهال، ومن يُخاف منه وقوعُ هذا الاعتقاد الفاسد (3)(4).
وقد (5) بلغني: أن ذلك وقع، وأن بعض العلماء صلَّى الصبحَ يومَ الجمعة إمامًا، فلم يقرأ فيها السجدة، فأنكر عليه العوامُّ إنكارًا شديدًا، وأظنُّ أن ذلك كان بالقاهرة، وأن الإمام التارك للسجدة كان قاضيَ قضاةِ الشافعية حينئذ، فرحم اللَّه مالكًا، ما كان أشدَّ تيقُّظَهُ لمثل هذا!
وهذا كما كره صومَ ستةِ الأيام من شوال؛ خوفَ اعتقاد الجهال فرضيتَها (6)، وقد بلغني أن بعض بلاد العجم يتسحرون لها كما يتسحرون (7)
(1) في "ت": "الجاهل".
(2)
في "ت" زيادة: "هذا".
(3)
في "ت": "هذه المفسدة".
(4)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 119 - 120).
(5)
في "ت": "فقد".
(6)
في "ت": "فريضتها".
(7)
في "ت": "يتخذون لها كما يتخذون".
لرمضان، والفوانيسُ على حالها كما هي في رمضان، وأنهم يعملون في اليوم السابع عيدًا، ويسمونه: عيدَ الستة (1).
ومثله -أيضًا- كراهةُ البسملة في الفاتحة، خوفَ اعتقادِ كونها من الفاتحة، وباللَّه التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إِلا باللَّه العليِّ العظيم.
* * *
(1) جاء على هامش "ت": "أقول: وفي زماننا يسمونه عيد الأبرار".