الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
143 -
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا، وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (994)، كتاب: الكسوف، باب: الصلاة في كسوف الشمس، و (1008)، باب: لا تنكسف الشمس لموت أحد ولا لحياته، و (3032)، كتاب: بدء الخلق، باب: صفة الشمس والقمر، ومسلم (911/ 21)، كتاب: الكسوف، باب: ذكر النداء بصلاة الكسوف: "الصلاةَ جامعةً"، واللفظ له، والنسائي (1462)، كتاب: الكسوف، باب: الأمر بالصلاة عند كسوف القمر، وابن ماجه (1261)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الكسوف.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 353)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 549)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 200)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 137)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 722)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 147)، و"التوضيح" لابن الملقن (8/ 303)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 528)، و"عمدة القاري" للعيني (7/ 67)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 225).
* التعريف:
أبو مسعود: عُقْبَةُ بنُ عمرِو بنِ ثعلبةَ بنِ أُسَيرَة (1) بنِ عُسَيرةَ، بضم أولهما وفتح ثانيهما.
يكنى: أبا مسعود، وهو مشهور بكنيته، سكن بدرًا، فنسب إليها، واختُلف في شهوده بدرًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالجمهورُ على أنه لم يشهدْها، وذهب بعضهم إلى أنه شهدَها، وممن قال ذلك: البخاري، ومسلم، وذكره البخاري في البدريين الذين شهدوا، وشهد أبو مسعودٍ هذا العقبةَ مع (2) السبعين، وكان أصغرَهم، وقيل: إن جابرًا كان أصغرَهم، وشهد أبو مسعود أُحدًا وما بعدَها من المشاهد.
ونزل الكوفة، وابتنى بها دارًا، وتُوفي بالمدينة، وقيل: بالكوفة سنة إحدى، أو اثنتين وأربعين، وقيل: في آخر خلافة معاويةَ، وقيل: في خلافة عليٍّ رضي الله عنه، وقيل، توفي بعد الستين (3)، وقيل: سنة إحدى وثلاثين، والقولان الأخيران ضعيفان.
روي له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مئة حديث، وحديثان، له منها في
(1) في "ق": "أشيرة".
(2)
"مع" ليس في "ت".
(3)
في "ت" بياض بمقدار قوله: "الستين".
"الصحيحين"(1) سبعة عشر حديثًا (2)، اتفقا (3) على تسعة أحاديث، وللبخاري حديثٌ واحد (4)، ولمسلم سبعةٌ.
روى عنه: عبدُ اللَّه بنُ يزيدَ الخطميُّ، وأبو بكرِ بنُ عبدِ الرحمنِ ابنِ الحارثِ بنِ هشام، وعَلْقَمَةُ بنُ قَيْسٍ، وغيرُهم.
روى له الجماعة (5).
الشرح: (الآية): العلامة، وقد تقدم ذكرُ الخلاف في أصلها، ووزنها.
والخوف: غَمٌّ على ما سيكون، والحزن: غمٌّ على ما مضى.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "فإذا (6) رأيتم منها شيئًا": الضمير في (منها) عائد على الآيات من قوله: "من آياتِ اللَّه".
(1) في "ت": "الصحيح".
(2)
"حديثًا" ليس في "ت".
(3)
في "ت" زيادة: "منها".
(4)
"واحد" ليس في "ت".
(5)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (6/ 16)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (6/ 429)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1074)، و"تاريخ بغداد" للخطيب (1/ 157)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (40/ 507)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 55)، و"تهذيب الكمال" للمزي (20/ 215)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 493)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 524).
(6)
في "ت": "إذا".
ق: في الحديث ردٌّ على اعتقاد الجاهلية في (1) أن الشمس والقمر ينكسفان لموت العظماء.
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: "يخوِّفُ بهما عبادَه"، إشارة إلى أنه ينبغي (2) الخوف عند وقوع التغيرات (3) العُلْوية، وقد ذكر أصحابُ الحساب لكسوف الشمس والقمر أسبابًا عادية (4)، وربما يعتقد معتقدٌ أن ذلك ينافي قولَه عليه الصلاة والسلام:"يخوِّفُ بهما عبادَه"، وهذا الاعتقاد فاسد؛ لأن للَّه -تعالى- أفعالًا على حسب الأسباب العادية (5)، وأفعالًا خارجة عن تلك الأسباب؛ فإن قدرته تعالى حكمُه على كل سبب، فيقتطع (6) ما شاء من الأسباب والمسببات بعضها من بعض، وإذا (7) كان ذلك كذلك، فأصحابُ المراقبة للَّه -تعالى- ولأفعاله الذين عقدوا أبصارَ قلوبهم بوحدانيته، وعمومِ قدرته على خرق العادة، واقتطاع المسببات عن أسبابها، إذا وقع شيء غريب، حدث عندهم الخوف؛ لقوة اعتقادهم في فعل اللَّه
(1)"في" ليس في "ت".
(2)
في "ق": "عباده إلى ينبغي".
(3)
في "ق": "التغييرات".
(4)
"عادية" ليس في "ت".
(5)
في "ت" بياض بمقدار قوله: "العادية".
(6)
في "ق": "حكمة على كل سبب، فينقطع".
(7)
في "ت": "فإذا".
-تعالى- ما يشاء، وذلك لا يمنع (1) أن يكون ثَمَّ أسبابٌ تجري عليها العادة إلى أن يشاء (2) اللَّه -تعالى- خَرْقَها (3)، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم عند اشتداد هُبوب الريح يتغير، فيدخل (4) ويخرج؛ خشية أن يكون (5) كريح عاد، وإن كان هبوب الريح موجودًا في العادة.
والمقصود بهذا (6) الكلام: أن يُعلم (7) أن ما ذكره أهلُ الحساب من سبب الكسوف، لا ينافي في (8) كون ذلك مُخَوِّفًا لعباد اللَّه، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام؛ لأن الكسوف كان عند موت ابنه إبراهيم، فقيل: إنها إنما (9) كسفت لموت إبراهيم، فردَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك.
وقد ذكروا (10): أنه إذا صُلِّيت صلاةُ الكسوف على الوجه المذكور، ولم تَنْجَلِ الشمسُ: أنها لا تُعاد على تلك الصفة (11)، وليس
(1) في "ت" زيادة: "من".
(2)
في "ت": "شاء".
(3)
في "ت": "خوفها".
(4)
في "ق" و"ت": "ويدخل".
(5)
في "ت": "تكون".
(6)
في "ق" و"ت": "من هذا".
(7)
في "ت": "تعلم".
(8)
"في" ليست في "ت".
(9)
"إنما" ليس في "ق".
(10)
في "ق": "وقد ذكرنا".
(11)
"تلك الصفة" ليس في "ت".
في قوله: "فصلُّوا وادْعوا حتى ينكشفَ ما بكم"(1)، ما يدل على خلاف هذا؛ لوجهين:
أحدهما (2): أنه أمر بمطلق الصلاة، لا بالصلاة على هذا الوجه المخصوص، ومطلقُ الصلاة سائغٌ (3) إلى حين الانجلاء.
الثاني: لو سلَّمنا أن المرادَ الصلاةُ الموصوفةُ بالوصف المذكور؛ لكان لنا أن نجعل هذه الغاية لمجموع الأمرين (4)؛ أعني: الصلاة، والدعاء، ولا يلزم من كونها غايةً لمجموع الأمرين أن تكون غايةً لكلِّ واحدٍ منهما على انفراده، فجاز أن يكون الدعاءُ ممتدًا إلى غاية الانجلاء بعدَ الصلاة على الوجه المخصوص مرةً واحدة، ويكون (5) غاية المجموع (6)، انتهى (7).
قلت: وكلامه في هذا الحديث حسن جدًا رحمه الله، ورضي عنه.
* * *
(1) في "ق": "تنكشف".
(2)
"أحدهما" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "مانع".
(4)
في "ت": "الأمور".
(5)
في "ت": "وتكون".
(6)
في "ق" و"ت": "للمجموع".
(7)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 137).