الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
167 -
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ في عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ"(1).
وَفي لَفْظٍ: "إلا زَكَاةَ الفِطْرِ في الرَّقِيقِ"(2).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1394)، كتاب: الزكاة، باب: ليس على المسلم في فرسه صدقة، و (1395)، باب: ليس على المسلم في عبده صدقة، ومسلم (982/ 8، 9)، كتاب: الزكاة، باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، وأبو داود (1595)، كتاب: الزكاة، باب: صدقة الرقيق، والنسائي (2467 - 2470)، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الخيل، و (2471، 2472)، باب: زكاة الرقيق، والترمذي (628)، كتاب: الزكاة، باب: ما جاء: "ليس في الخيل والرقيق صدقة"، وابن ماجه (1812)، كتاب: الزكاة، باب: صدقة الخيل والرقيق.
(2)
رواه مسلم (982/ 10)، كتاب: الزكاة، باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، بلفظ:"ليس في العبد صدقة، إلا صدقة الفطر"، وأبو داود (1594)، كتاب: الزكاة، باب: صدقة الرقيق، باللفظ الذي ساقه المصنف. قال ابن دقيق العيد في "شرح عمدة الأحكام":(2/ 189): هذه الزيادة ليست متفقًا عليها، وإنما هي عند مسلم فيما أعلم. =
قال العلماء: هذا الحديث أصلٌ في عدم زكاة عين العُروض، وقلنا: عين العروض، تحرزًا عن قيمتها إذا كانت للتجارة، ونفى الزكاةَ في عين الخيل والرقيق، ولم يخالف في ذلك أحدٌ على ما نقله ح إلا أبو حنيفة، وشيخُه حَمَّادُ بْنُ سلمة، وزُفَرُ، فأوجبوا في الخيل إذا كانت إناثًا، أو ذكورًا وإناثًا (1)، في كل فرس دينارًا، وإن شاء قَوَّمَها، وأخرج عن كل مئتي درهم خمسةَ دراهم، وعنه روايةٌ بتخصيص الزكاة بالإناث المحض.
ح: وليس لهم حجة في ذلك، وهذا الحديث صريحٌ في الردِّ عليهم (2).
= وكذا قال ابن العطار في "العدة في شرح العمدة": (2/ 809) والزركشي في "النكت على العمدة": (ص: 168)، وابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام":(5/ 53). وسياتي تنبيه الشارح رحمه الله عليه.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 236)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 469)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 14)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 55)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 188)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 809)، و"التوضيح" لابن الملقن (10/ 446)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 327)، و"عمدة القاري" للعيني (9/ 35)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 52)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 419)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 126)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 196).
(1)
"وإناثًا" ليس في "ت".
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (7/ 55).
ق (1): وقد استدل بهذا الحديث الظاهريةُ على عدم وجوب زكاة التجارة، وقيل: إنه قول قديم للشافعي رحمه الله (2)، من حيث إن الحديث يقتضي عدمَ وجوب الزكاة في الخيل والعبيد مطلقًا.
ويجيب (3) الجمهور عن استدلالهم بوجهين:
أحدهما: القول بالموجب: فإن زكاة التجارة متعلقها القيمةُ لا العين، والحديث يدل على عدم التعلق بالعين، فإنها لو تعلقت بالعين من العبيد والخيل، لثبتت ما بقيت العينُ، وليس كذلك، فإنه لو نوى القُنية، لسقطت الزكاة، والعينُ باقيةٌ، وإنما الزكاة متعلقة بالقيمة؛ بشرط التجارة، وغير ذلك من الشروط.
والثاني: أن الحديث عام في العبيد والخيل، فإذا أقاموا الدليل على وجوب زكاة التجارة، كان هذا الدليل أخصَّ من ذلك العام، فيقدَّم عليه.
نعم، يحتاج إلى تحقيق إقامة الدليل على وجوب زكاة التجارة، وإنما المقصود هنا: بيانُ كيفية النظر بالنسبة إلى هذا الحديث، وقوله عليه الصلاة والسلام:"إِلَّا زَكَاةَ الفطرِ في الرقيق" ظاهرٌ في وجوب زكاة الفطر، وهو أشهرُ الروايتين عن مالك (4).
(1)"ق": بياض في "ت".
(2)
"للشافعي" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "وبحث".
(4)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 188).
مسألة: لا خلافَ في أن السيد تجب عليه الزكاةُ عن عبده المسلم، وأما الكافر، فالجمهورُ على عدم وجوبها عليه عنه، وكذلك القريبُ الكافرُ ممن تلزم نفقتُه، أو الزوجةُ الكافرة.
وقال ابن المنذر: و [به قال] عطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه: تجب عن عبده وقريبه الذميِّ، ودليلنا: قولُه صلى الله عليه وسلم: "من المسلمين"، وهو في "الصحيحين"(1).
تفصيل: إذا ثبت هذا، فالعبدُ إما مسلم، أو كافر، فالكافرُ لا تجب فُطرته، والمسلم إما أن يكون كلُّه رقيقًا، أو بعضُه، فإن كان كلُّه رقيقًا؛ فإما أن يكون لمالكٍ واحد، أو أَزْيَدَ، فإن كان لمالكٍ واحد، فظاهر، وإن كان لأزيدَ، فالمشهورُ: أن الفطرة على قدر الأجر (2)، لا على العدد، وإن كان بعضُه رقيقًا، فثلاثة أقوال: مشهورها: على السيد بقدر حصته، ولا شيء على العبد، وقيل: عليهما ما (3) بقدر الحرية والرقِّ، وقيل: على السيد الجميع.
مسألة: لو اشترى يومَ الفطر عبدًا، فالمشهورُ الذي رجع إليه: أن زكاته على البائع، وأما المبيع بالخيار، والأمة تتواضع، فعلى البائع، والمبيع بيعًا فاسدًا، زكاتُه على المشتري، وأما العبد المخْدَمُ
(1) انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (6/ 95).
(2)
في "ت": "الأجزاء".
(3)
"ما" ليست في "ت".
يرجع إلى حرية على مخدَمه، بفتح الدال.
فإن كان يرجع إلى رق، ففي المذهب ثلاثة أقوال، يفرق (1) في الثالث بين طول الخدمة، فيكون على المخدَم أيضًا، أو لا يطول، فيكون (2) على المخدَم، وتجب على سيد المكاتَب على المشهور، وعلى الآبق المرجُوِّ، وعلى رب المال في عبيد القِراض، ولا يخرج من مال القراض.
وقال أشهب: إذا بيعوا، نُظر إلى الفضل (3)، فإن كان ربعَ المال أو ثلثَه، فقد صار للعامل ثُمُنُ المال، أو سُدُسُه، إن كان القراض على النصف، فعليه من الزكاة بقدر ما صار له من العبيد؛ لأنه قد كان شريكًا يومئذ.
قال ابن حبيب: فعلى قول أشهب تؤخذ الزكاةُ مما بِيَدِ المقارض، فإذا تفاصلا، نُظر إلى الربح، ثم تكون الزكاة على ما ذكر.
قال ابن المَوَّاز: قولُ ابن القاسم في ذلك هو الصواب؛ لأن الزكاة هاهنا على الأبدان، لا على الأموال، والزكاةُ تجب قبل تمييز العاملِ حقَّه، ولا يصير له حتى يقضيه، ومنشأ الخلاف: النظرُ إلى العامل، هل ملك قبل إنضاض المال، أم لا؟ وقد أشار إلى ذلك
(1) في "ت": "الفرق".
(2)
في "ت": "لا تطول، فتكون".
(3)
في "ت": "الفصل".
أشهب، وابن المواز، واللَّه أعلم (1).
وقول المصنف: وفي لفظ: "إلا زكاة الفطر في الرقيق" غيرُ متفق عليه، بل اختص به مسلم.
رويناه بخفض الزكاة، وهو بعيدٌ، أو باطل، والوجه فيه: الرفعُ، على البدل من: صدقةٌ، ويجوز نصبه على الاستثناء، والأولُ أولى، واللَّه أعلم.
* * *
(1) انظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 168)، و"الذخيرة" للقرافي (3/ 162).