الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
154 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ يَمَانِيَةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1205)، كتاب: الجنائز، باب: الثياب البيض للكفن، و (1212، 1213)، باب: الكفن بغير قميص، و (1214)، باب: الكفن ولا عمامة، و (1321)، باب: موت يوم الاثنين، ومسلم (941/ 45 - 47)، كتاب: الجنائز، باب: في كفن الميت، وزاد بعد قوله:"بيض": "سحولية من كُرْسُف". ورواه أيضًا: أبو داود (3151)، كتاب: الجنائز، باب: في الكفن، والنسائي (1897 - 1899)، كتاب: الجنائز، باب: كفن النبي صلى الله عليه وسلم، والترمذي (996)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم، وابن ماجه (1469)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 15)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (4/ 215)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 391)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 599)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 7)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 162)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 769)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 158)، و"التوضيح" لابن الملقن (9/ 468)، و"طرح التثريب" للعراقي (3/ 270)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 135)، و"عمدة =
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: الثوبُ: معروفٌ، وبيضٌ، وزنُه في الأصل (1): فُعْلٌ -بضم الفاء-؛ مثل: حُمْر، ولكن أُبدل من ضمة الباء كسرة؛ كراهةَ انقلابِ الياءِ واوًا (2).
فائدة: قيل: إن أصول (3) الألوان أربعة: الابيضاض، والاحمرار، والاخضرار (4)، والاسوداد، وما عدا ذلك من الألوان متشعبٌ منها، واللَّه أعلم.
الثاني: فيه: أن تبييض الكفن من السنة، ولا أعلم في أفضليته خلافًا، وكره الأوزاعي الثياب المصبغة في الكفن، إلا العَصْبَ، وهو ضربٌ من بُرود اليمن؛ لأنها من ملابس الجمال والزينة، وليس موضعه.
الثالث: قولها: "يمانية": هو بتخفيف الياء، والأصل (يَمَنِيَّة)،
= القاري" للعيني (8/ 57)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 320)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 94)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 70).
(1)
"في الأصل" ليس في "ق".
(2)
في "خ": "كسرة فانقلبت الياء واوًا".
(3)
في "ت": "أصل".
(4)
جاء على هامش "ت": "قوله: والاخضرار؛ أي: من أصول الألوان الأربعة، ليس على القاعدة، بل الاخضرار فرع؛ لأنه يكون من الأصفر والأزرق، وإن الاصفرار من أحد الأصول الأربعة، وهو الصحيح عند كافة أرباب صناعة النقش، وليس ذلك بخاف على المؤلف رحمه الله، ولعل هذا التحريف من الكاتب. وكتبه الفقير الحقير عبد العزيز بن بدر الدين القرشي -عفا اللَّه عنه- آمين.
-بتشديد الياء-، لكنهم عوضوا عن الياء الألف، فلا يجتمعان.
قال سيبويه رحمه الله: وبعضهم يقول: (يَمَانِيَّ)، بالتشديد (1).
الرابع: قولها: "ليس فيها قميصٌ، ولا عِمامة": يحمله الشافعي على أنه ليس في الكفن بموجود (2).
ويحمله مالك على أنه ليس بمعدود، بل يحتمل أن يكون ثلاثةُ الأثواب (3) زيادةً على القميص والعمامة.
قلت: ومثلُه قوله تعالى: {رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2]؛ فإنه يحتمل أن يتناول النفيُ الموصوفَ وحدَه، وهو العَمَدُ، دونَ الصفة التي هي (4)(ترونها)، على أن (5) ثَمَّ عَمَدًا، إلا أنها غيرُ مرئية، والتقدير: بغير عَمَدٍ مرئيةٍ لكم، ويحتمل أن يتناول الصفةَ والموصوفَ جميعًا، ويكون من وادي (6):
علَى لَاحِبٍ (7) لَا يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ (8)
(1) انظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2219)، (مادة: يمن).
(2)
في "ت": "ليس بموجود في الكفن".
(3)
في "ت": "أثواب".
(4)
"هي" ليس في "ق".
(5)
في "ت": "لأن".
(6)
"وادي" ليست في "ت".
(7)
"على لاحب" ليس في "ت".
(8)
في "ق": "لمناره".
وَ:
لا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرْ
أي: لا مَنارَ هناك فيُهتدى به، ولا ضَبَّ هناك فينجَحِر (1)، واللَّه أعلم.
ع: ورجح الشافعي تأويلَه بقول الراوي: وأما الحلة، فشُبِّه على الناس فيها: أنها اشتُريت له ليكفَّنَ فيها، فتركت الحلةُ، فكُفِّن في سواها.
واحتج -أيضًا- من جهة القياس: بأنها لِبْسَةٌ (2) في حالةٍ، المقصودُ بها التقرُّب والخضوع، فشابهت لبسةَ المحرِم.
واحتج أصحابنا: بإعطائه عليه الصلاة والسلام القميصَ لأُبيِّ ابن سلول (3)، وانفصلوا عن هذا الحديث: بأنه قد قيل: إنما أعطاه ذلك عوضًا عن القميصِ الذي كساه للعباس رضي الله عنه (4).
قلت: وذلك أن العباسَ بنَ عبد المطلب رضي الله عنه كان بالمدينة، فطلبتْ (5) له الأنصارُ ثوبًا يكسونه إياه، فلم يجدوا قميصًا يصلُح عليه
(1)"أي: لا منار هناك فيُهتدى به، ولا ضب هناك فينحجر، " ليس في "ت".
(2)
في "ت": "ليست".
(3)
كذا في النسخ الثلاث، والصواب:"عبد اللَّه بن أُبي ابن سلول"، واللَّه أعلم.
(4)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 394).
(5)
في "ت": "فطلب".
إلا قميصَ عبدِ اللَّهِ بنِ أُبي، فكسوه إياه (1)، هكذا ذكره أبو سليمان الخطابي في "شرح السنن".
ع: وحكى ابن القصار: أن القميص والعمامة غيرُ مستحب عند مالك، ونحوه عن ابن القاسم (2)؛ كقول الشافعي، وهذا خلافُ ما حكاه متقدمو (3) أصحابنا: ابن القاسم وغيرُه عن مالك من أنه يُقَمَّص ويُعَمَّم، وعلى قوله: يُقَمَّص ويُعَمَّم يُدْرَج في ثلاثة أثواب، فيكون خمسةً على ما قاله بعضُ شيوخنا.
وقد جاء عنه -أيضًا-: لا بأس بالقميص في الكفن، ويُكَفَّن معه بثوبين فوقَه، فهذا على قوله ثلاثة أثواب (4).
قلت: فإن كانت خمسةً، فعمامة، وقميصٌ، ومئزر، ولفافتان (5).
وإن كُفنت المرأة في خمسة، فإزار، وخمار، ودرع (6)، ولفافتان.
واستحب أن (7) يُشد المئزرُ بعصائبَ من حَقْوَيْها إلى ركبتيها، وإن
(1) رواه النسائي (1902)، كتاب: الجنائز، باب: القميص في الكفن. وروى البخاري (2846) نحوه.
(2)
"ع: وحكى ابن القصار: أن القميص والعمامة غير مستحب عند مالك، ونحوه عن ابن القاسم" ليس في "ت".
(3)
في "خ" و"ق": "مقدمو".
(4)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (3/ 394).
(5)
في "ت" زيادة: "واستحب أن يشد المئزر".
(6)
"ودرع" ليس في "ق".
(7)
في "ت": "وأن" بدل "واستحب أن".
كُفنت في ثلاثة؛ فكالرَّجُل.
ويُستحب في الكفنِ الوترُ، وأقلُّه ثلاثة، وأكثرُه سبعة.
قال اللخمي: ولا يجاوز السبعةَ؛ فإنه (1) سرف.
والاثنان خيرٌ من الواحد؛ لأنه أَسْتر، والثلاثةُ خيرٌ من الأربعةِ، والخمسةُ خيرٌ من الستة.
قال اللخمي: فإن كان (2) السبعةُ مدارجَ من غير قميص ولا عِمامة، فحسن.
قال مالك في "المدونة": من شَأنِ الميتِ أن يُعَمَّم.
قلت: قال (3) أصحابنا: و (4) عمامةُ الميتِ على حسب عمامةِ الحيِّ، رواه مُطرِّفٌ، عن مالك، يُجعل منها تحتَ لَحْييه، ويُترك منها قدرُ الذراع ذؤابةً تُطرح على وجهه، وكذلك من خمار المرأة؛ لأنه بمنزلة العمامة للرجل، واللَّه أعلم (5).
* * *
(1) في "ت": "لأنها".
(2)
في "ت": "كانت".
(3)
في "ت": "وقال".
(4)
الواو ليست في "ت".
(5)
وانظر: "الذخيرة" للقرافي (2/ 453)، و"مواهب الجليل" للحطاب (2/ 224).