المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب ليلة القدر ‌ ‌الحديث الأول (1) 200 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٣

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب العيدين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كِتْابُ الْجَنَائِز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌كِتْابُ الزَّكَاة

- ‌ باب:

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كِتْابُ الصِّيِامِ

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب الصوم في السفر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب أفضل الصيام وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب ليلة القدر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كِتْابُ الْحَجِّ

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الفدية

- ‌باب حرمة مكة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يجوز قتله

الفصل: ‌ ‌باب ليلة القدر ‌ ‌الحديث الأول (1) 200 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

‌باب ليلة القدر

‌الحديث الأول

(1)

200 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنَامِ مِنَ السَّبع الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبع الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا، فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبع الأَوَاخِرِ"(2).

(1) قوله: "الحديث الأول" ليس في "ت".

(2)

* تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (1105)، كتاب: التهجد، باب: فضل من تعارَّ من الليل فصلى، و (1911)، كتاب: صلاة التراويح، باب: التماس ليلة القدر في السبع الأواخر، و (6590)، كتاب: التعبير، باب: التواطؤ على الرؤيا، ومسلم (1165/ 205، 206)، كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر، وأبو داود (1385)، كتاب: الصلاة، باب: من روى في السبع الأواخر.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 415)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 141)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 250)، و"شرح مسلم" للنووي (8/ 58)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق =

ص: 491

* الشرح:

اختلف العلماء (1) لم سُميت ليلةَ القدر؟

فقيل: المعنى: أنها ليلةُ الشرف والمنزلة والفضيلة، فسماها بهذا؛ لنزول القرآن جملة إلى سماء الدنيا، وثباتِ خيرها ودوامِه، وهو معنى البركة في قوله تعالى:{فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] في الآية الأخرى.

وقيل: لأنها ليلةُ تقديرِ الأمور وقضائِها؛ من قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4].

وقيل: المراد بهذه الآية: ليلةُ النصف من شعبان.

ع: ومعنى ذلك -واللَّه أعلم-: إظهارُ ما قَدَّره اللَّه -تعالى- في أَزَلهِ من ذلك لحَمَلةِ وحيه، وملائكةِ سمواته، ونفوذُ أمره بذلك لهم ووحيه، أو إظهارُ ما شاء (2) من أفعاله الدالة على ذلك عندهم، وإلا فقَدَرُ اللَّه وسابقُ علمِه بالآجال والأرزاق، وقضاؤه بما كان ويكونُ

= (2/ 248)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 913)، و"التوضيح" لابن الملقن (4/ 579)، و"طرح التثريب" للعراقي (4/ 147)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 256)، و"عمدة القاري" للعني (11/ 131)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 431)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 28)، و"سبل السلام" للصنعاني (2/ 175)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (4/ 371).

(1)

في "ت" زيادة: "في".

(2)

في "خ" و"ت": "ينشأ"، والصواب ما أثبت.

ص: 492

لا أولَ له (1).

وقيل: سماها ليلة القدر؛ لأنها يتنزل فيها من فضل اللَّه وخزائن مِنَنِهِ ما لا يُقدر قدرُه.

قلت: وفي هذا التعليل الأخير عندي نظر.

ثم اختلفوا في سر كونها خيرًا من ألف شهر، وتخصيصها بهذه المدة، فقيل: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رجلًا من بني إسرائيل حملَ السلاحَ في سبيل اللَّه ألفَ شهر، فعجب المؤمنون من ذلك، وتقاصَرَتْ إليهم أعمالُهم، فأُعْطُوا ليلة هي خيرٌ من مدة ذلك الغازي.

وقيل: إن الرجل كان فيما مضى ما كان يقال له عابدٌ حتى يعبد اللَّه ألفَ شهر، فأُعطوا ليلة إن أَحْيَوها، كانوا أحقَّ بأن (2) يسمَّوا عابدين من أولئك العباد (3).

وروى مالك في "موطئه": أن النبي صلى الله عليه وسلم أُري أعمالَ الناس قبله، أو ما شاء اللَّه من ذلك، فكأنه (4) تقاصرَ أعمارَ أمته أن لا يبلغوا من العمل مثلَ الذي بلغَ غيرُهم في طول العمر، فأعطاه اللَّه ليلةَ القدر خير من ألف شهر (5).

(1) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 141).

(2)

في "ت": "أنْ".

(3)

انظر: "الكشاف"(4/ 787).

(4)

في "ت": "وكأنه".

(5)

رواه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 321).

ص: 493

قلت: هذا أحدُ الأحاديث الأربعة الواقعة في "الموطأ" المطعونِ فيها، على ما نقله ابن بزيزة في "شرح الأحكام" لعبد الحق -رحمهما اللَّه-، وغيرُه.

والثاني: قوله: "إِذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً، ثُمَّ تَشَاءَمَتْ، فَتِلْكٌ عَيْنٌ غَدِيقَةٌ".

والثالث: قوله: "إِنِّي لأَنْسى، أَوْ أُنَسَّى لأِسُنَّ".

والرابع: قوله: أخبر معاذٌ، قال: آخرُ ما أَوصاني به رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حينَ وضعتُ رِجْلي في الغَرْزِ، الحديث.

وقد أُلحق بها: أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم دخلَ يومَ الفتح مكةَ وعلى رأسِه المِغْفَرُ.

وخالف في هذه الزيادة الأخيرة سائرُ أصحاب ابن شهاب.

وقال ابن عبد البر: حديثُ مالك هذا -يعني: حديث ليلة القدر- لا يُحفظ مسنَدًا، ولا مرسَلًا -فيما علمت-، إلا من "الموطأ"، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي لا توجد مسندة ولا مرسلة من إرسال تابعي ثقة (1).

قلت: قال الأفلنحي: والحديثُ وإن كان كما قاله أبو عمر، فينبغي أن يُعَوَّلَ عليه؛ لكونِ مالكٍ خَرَّجَه، وهو رئيسُ صناعة الحديث.

وأما ما روى الترمذي وغيرُه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُري في منامه بني أمية

(1) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 416).

ص: 494

يَنْزون على مِنبره نَزْوَ القِرَدَة (1)، فشقَّ ذلك عليه، فأَنزل اللَّهُ تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} [القدر: 1]، إلى قوله:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} [القدر: 3] مَلَكَها بنو أمية بعدَ ذلك، قال: فحسبناها، فوجدناها ألفَ شهر، لا تزيدُ يومًا، ولا تنقص يومًا (2). فقال القاضي أبو بكر بن العربي في "قبسه": وهذا لا يصح، قال: والذي روى مالكٌ من أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُري تقاصُرَ أعمارِ أمته، أصحُّ وأولى، ولذلك أدخله؛ ليبين بذلك الفائدةَ فيه، ويدلَّ على بطلان هذا الحديث (3).

ثم اختلفوا في ميقات (4) رجائها، فقيل: هو العام كله.

قال ابنُ مسعود: مَنْ يَقُمِ الحولَ يُصِبْ ليلة القدر.

والثاني: أنها في شهر رمضان؛ لقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، فجعله محلًا عامًا في لياليه وأيامه لنزول القرآن، ثم قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] فجعله خاصًا في ليلة القدر منه.

(1) في "ت": "المردة"، والذي في "الترمذي":"أري بني أمية على منبره فساءه، فنزلت. . . ". نعم رواه باللفظ الذي ساقه المؤلف رحمه الله: أبو يعلى في "مسنده"(6461)، وليس فيه ذكر نزول الآية، واللَّه أعلم.

(2)

رواه الترمذي (3350)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة القدر، من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما.

(3)

انظر: "القبس" لابن العربي (9/ 439 - 440).

(4)

في "ت": "مراتب"، وفي "خ":"مبرات"، والمثبت من المطبوع من "القبس".

ص: 495

فائدة: قال الزمخشري: قوله تعالى (1): {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] عظَّم اللَّهُ القرآنَ فيها من ثلاثة أوجه:

الأول: أنه أحالَ تنزيله إليه -تعالى- خصوصًا.

الثاني: أنه أتى به مضمَرًا، لا مُظْهَرًا؛ تنبيهًا على أنه أنبَهُ (2)، وقدرُه أعظمُ من أن يفتقرَ إلى إظهاره.

الثالث: أنه رفع من مقدار الوقت الذي نزَّلَه فيه بسبب كونِهِ ظرفًا لنزوله (3).

الثالث من الأقوال: أنها ليلةُ سبعَ عشرةَ من رمضان، قاله ابن الزبير، ورواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى ذلك إشارة من كتاب اللَّه تعالى، وهي قوله:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [الأنفال: 41]، وذلك ليلة سبعة عشر من رمضان؛ قاله القاضي أبو بكر بن العربي.

الرابع: أنها ليلةُ إحدى وعشرين؛ لرؤيا النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، فكان ذلك فيها.

الخامس: أنها ليلةُ ثلاثٍ وعشرين، وهي رواية عبدِ اللَّه بنِ أُنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وقد روى أهل التزهُّد: أن جماعة منهم سافروا

(1)"قوله تعالى" ليس في "ت".

(2)

في "ت": "آيته".

(3)

انظر: "الكشاف" للزمخشري (4/ 786).

ص: 496

في البحر في رمضان، فلما كانت ليلة ثلاث وعشرين، سقط أحدُهم من السفينة في البحر، فجرجرَ الماءَ في حلقه، فإذا به حلوٌ، وكان ما ينزل من السماء في تلك الليلة من البركة والرحمة يقلب المِلْحَ الأُجاج عَذْبًا، فما ظنك إذا وجد ذنبًا؛ وذلك قوله:"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمانًا واحْتِسَابًا"، الحديثَ (1)، وإن قام الشهرَ كلَّه، فقد نالها، وإن اتفق أن يقوم فيه ليلةً، فصادَفَها، فقد نالَها.

السادس: أنها ليلةُ خمسٍ وعشرين، وفي ذلك أثر.

السابع: أنها ليلةُ سبع وعشرين، قاله أُبيٌّ، وقال: أخبرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بآية: أن الشمسَ تطلعُ في صبيحتها بيضاءَ لا شعاعَ لها (2)، كأن الأنوارَ المفاضة في (3) الخلق (4) تلك الليلةَ تغلبها.

وكان ابنُ عباس يحلف أنها ليلة سبعة وعشرين، وشرع في ذلك بإشارة عليها بنى الصوفية عَقْدَهم في كثير من الأدلة، فيقول: إذا

(1) رواه البخاري (37)، كتاب: الإيمان، باب: تطوع قيام رمضان من الإيمان، ومسلم (759)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الترغيب في قيام رمضان، وهو التراويح، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

رواه مسلم (762)، (2/ 828)، كتاب: الصيام، باب: فضل ليلة القدر.

(3)

في "ت": "على".

(4)

في "ت" زيادة: "في".

ص: 497

عددْتَ حروفَ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1] فقولُك: (هي) هو الحرف السابع والعشرون، ووافقه (1) في هذا الاستنباط أبيُّ بنُ كعب، وزاد -أيضًا- بأن قال: إن لفظة ليلة القدر تكررت في (2) السورة ثلاثَ مرات (3)، وهي تسعةُ أحرف، وتسعةٌ في ثلاثة سبعةً (4) وعشرين، وروي هذا القول -أيضًا- عن ابن عباس رضي الله عنهما.

الثامن: أنها ليلة تسع وعشرين.

التاسع: أنها في أشفاع هذه الأفراد، وادعت ذلك الأنصارُ في تفسير قوله عليه الصلاة والسلام:"في تَاسِعَةٍ تَبْقَى"، قالوا: هي ليلةُ عشرين، قالوا: نحن أعلمُ بالعدد منكم.

العاشر: أنها تختص بأوتار العشر.

الحادي عشر: أنها في ثلاث وعشرين، أو سبع وعشرين، وهو قول ابن عباس أيضًا.

الثاني عشر: أنها تُطلب في ليلة سبعَ عشرةَ، أو إحدى وعشرين، وهو قولٌ محكيٌّ عن بلالٍ، وابنِ عباس، والحسنِ، وقَتادةَ (5).

(1) في "ت": "وافقهم".

(2)

في "ت" زيادة: "هذه".

(3)

"ثلاث مرات" ليس في "ت".

(4)

في "ت": "بسبعة".

(5)

إلى هنا نقله المؤلف رحمه الله عن القاضي أبي بكر بن العربي في "القبس"(9/ 437 - 439).

ص: 498

الثالث عشر: أنها آخرُ ليلة من الشهر (1).

الرابع عشر: أنها تدور في السنة، وقيل: بل تدور في شهر رمضان من السنة، وقيل: لا تدور أصلًا، بل هي ليلة معينة عند اللَّه -تعالى- مخصوصة بالعشر الأواخر من رمضان، غير معينة عند الناس.

ومن أعجب الأقوال قولُ أبي حنيفة: أنها رفعت؛ تمسُّكًا منه بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: "فتلَاحَى رَجُلَانِ، فَرُفِعَتْ"، وإنما المقصود: رفعُ تعيينها (2)، لا وجودها، وهو مقتضى السياق؛ بدليل أمرِه عليه الصلاة والسلام بالتماسِها، والتماسُ المرتفع محالٌ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُم، الْتَمِسُوهَا في السَّبْعِ والتِّسْعِ"، هكذا هو في أول "صحيح البخاري"(3)، والذي عليه الجمهورُ من أهل العلم أنها مخصوصةٌ برمضانَ في كل سنة.

وقيل: إنها مخصوصةٌ برمضان بعينه، كان في ذلك الزمن، وهو باطل لا دليل عليه.

قال ابن بزيزة: والصحيح -واللَّه أعلم- أن هذه الليلة أُخفيت عن الخلق؛ ليجتهدوا في العشر.

(1) في "ت": "العشر".

(2)

في "ت": "تعينها".

(3)

رواه البخاري (49)، كتاب: الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

ص: 499

قلت: فهي كالساعة في يوم الجمعة، وكالصلاة الوسطى، وكاسم اللَّه الأعظم؛ على القول بذلك، وكما أخفى -تعالى- رضاه في طاعته، وغضبَه في معصيته، ووليَّه في خلقه؛ كما في الحديث.

وقوله عليه الصلاة والسلام: "أَرى رؤياكم قد تواطَأَتْ"؛ أي: توافَقَتْ، هو بهمزة بعد الطاء؛ من قوله -تعالى-:{لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37].

فيه: دليل على اعتبار الرؤيا، والاستناد إليها في الأمور الوجوديات، وما لا يخالف القواعد الكلية من غيرها.

ق: وقد تكلم الفقهاء فيما لو رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في الرؤيا، وأمره بأمر، هل يلزم ذلك؟

فقيل فيه: إن ذلك إما أن يكون مخالفًا لما ثبتَ عنه صلى الله عليه وسلم من الأحكام في اليقظة، أو لا، فإن كان مخالفًا، عملَ بما ثبتَ (1) في اليقظة؛ لأنا وإن قلنا: إن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه المنقول (2) من صفته، فرؤياه حَقٌّ، فهذا من قَبيل تعارُض الدليلين، والعملِ بأرجَحِهما، وما ثبتَ في اليقظة فهو أرجحُ.

قلت: لقائل أن يقول: ليس هذا من باب تعارضُ الدليلين؛ إذ النسخُ لا يُتصور بعدَه عليه الصلاة والسلام في منامٍ ولا يقظة، وإنما

(1) في "ت" زيادة: "عنه".

(2)

في "ت": "الذي نُقل".

ص: 500

يقال: تعارَضَ الدليلان: إذا تساويا في الأصل، ولا مساواة هاهنا، لما ذكرناه، فاعرفه (1).

ثم قال: فإن كان غيرَ مخالف لما ثبتَ في اليقظة، ففيه خلاف (2).

قلت: ولم أدرِ كيف يتصور الخلافُ مع ذلك مع عدم المخالفة، ألا ترى أنه لو قال عليه الصلاة والسلام لراءٍ رآه في منامه: حافظْ على الصلوات، وأَدِّ الزكاة، ونحو ذلك مما تقرر في الشريعة، هل يُتصور الخلافُ في ذلك، أو يعقل؟ إلا أن يريد: أنه عليه الصلاة والسلام أمره بشيء لم يتقرر له حكمُ الشرع، فهذا محتمل، واللَّه أعلم.

ثم قال: والاستنادُ إلى الرؤيا (3) هاهنا في أمر ثبتَ استحبابُه مطلقًا، وهو طلبُ ليلة القدر، وإنما ترجَّحَ السبعُ الأواخر بسبب المرائي الدالة على كونها في السبع الأواخر، وهو استدلال على أمر وجودي لزمَه استحبابٌ شرعيٌّ مخصوص بالتأكيد بالنسبة إلى هذه الليالي، مع كونه غيرَ منافٍ للقاعدة الكلية الثابتة من استحباب طلب ليلة القدر (4).

وقوله عليه الصلاة والسلام: "فليتحَرَّها"؛ أي: ليحرِصْ على طلبها، وليجتهدْ فيه، واللَّه أعلم.

(1) في "ت": "في عرفه" بدل "فاعرفه".

(2)

"ففيه خلاف" ليس في "ت".

(3)

"الرؤيا": بياض في "ت".

(4)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 248).

ص: 501