الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس
177 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ (1).
* * *
الجمهورُ على صحة صومِ مَنْ أصبحَ جُنبًا، لهذا الحديث، ولقوله
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1825)، كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنبًا، واللفظ له، و (1830)، باب: اغتسال الصائم، ومسلم (1109/ 75، 78)، كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، والترمذي (779)، كتاب: الصيام، باب: في الجنب يدركه الفجر وهو يريد الصوم.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 210)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 847)، و"التوضيح" لابن الملقن (13/ 159)، وفتح الباري "لابن حجر"(4/ 143)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 2)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 366)، و"كشف اللثام" للسفاريني (3/ 507).
تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]؛ فإنه يقتضي جواز الوطء ما دام الليل إلى آخر جزء منه، ومن ضرورة من وطىءَ في آخر جزء منه أن يصبح جنبًا.
وقال عروةُ بنُ الزبير، والحسنُ البصريُّ، وطاوسٌ، وعطاءٌ، وسالمُ بنُ عبدِ اللَّه بنِ عمرَ بنِ الخطاب: إن صيام الجنب باطلٌ، وإنه إذا علم بجنابته، ثم لم يغتسل حتى أصبح، وجب عليه صومُ ذلك اليوم، وقضاءُ يومٍ مكانه.
وقال النخعي: أما التطوع، فلا يقضيه، وصومُ الجنب فيه صحيح، وأما الصوم المفروض، فيُمِمُّ صومَه، ويقضي يومًا مكانه.
وقال هشام بن عروة: من أدركه الصومُ جنبًا عامدًا لذلك (1)، فهو آثم، وليبدلْ يومًا مكانه، وإن كان غيرَ متعمد، صح صومُه، ولا قضاء عليه.
واختلف في ذلك عن أبي هريرة.
وكذلك اختلفوا في الحائض يدركُها الفجر قبلَ الغُسل، فقالت طائفة: إنها تقضي ذلك اليوم، وبه قال ابنُ الماجشون من أصحابنا، إذا قدرت على الغُسل قبل طلوع الفجر، وخرَّج النسائي عن أبي هريرة: أنه قال: لا وربِّ هذه! ما أنا قلتُ (2): من أدركه الصبحُ وهو جنبٌ فلا
(1) في "ت": "كذلك".
(2)
في "ت": "قلته".
يصوم، محمدٌ وربِّ الكعبة! قالَهُ (1).
وخرَّج النسائي -أيضًا- من حديث عبدِ اللَّه بنِ عبدِ اللَّه بنِ عمرَ: أنه احتلم ليلًا في رمضان، فاستيقظ قبلَ أن يطلع الفجرُ، ثم نام قبل أن يغتسل، فلم يستيقظ حتى أصبحَ، قال: فلقيتُ أبا هريرة حين أصبحتُ، فاستفتيتهُ في ذلك، فقال: أفطرْ؛ فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالفطر إذا أصبح الرجل جنبًا، قال عبدُ اللَّه بنُ عبدِ اللَّه بنِ عمرَ بنِ الخطاب: فجئت عبدَ اللَّه بنَ عمر، فذكرتُ له الذي أفتاني به أبو هريرة، فقال: أقسمُ عليكَ لئن أفطرتَ، لأُوجعَنَّك ضربًا، فإن بدا لك أن تصوم يومًا آخر، فافعل (2).
قال ابن عبد البر في "التمهيد": روي عن أبي هريرة: أنه رجع عن هذه الفتيا إلى ما كان عليه الصلاة والسلام من حديث عائشة، ومَنْ تابعها (3).
وقيل: إن ذلك كان في أول الإسلام، ثم نسخ، وكانوا إذا ناموا، حَرُمَ عليهم الجماعُ، فلما نسُخ ذلك، نُسخ ما تعلق به، واللَّه أعلم.
قال ابن المنذر: نسخ ذلك، ولم يعلَمْه (4) أبو هريرة، فكان يفتي بما
(1) رواه النسائي في "السنن الكبرى"(2924).
(2)
رواه النسائي في "السنن الكبرى"(2925).
(3)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (17/ 423).
(4)
في "ت": "ولم يعلم به".
علمَه، فلما بلغه الناسخُ، رجع إليه، وقال: هذا أحسنُ ما سمعتُ فيه (1).
وقولهما (2): من أهله؛ أي: من جماعِ أهله، فحُذف المضاف، وأُقيم المضاف إليه مقامه، وفي رواية:"مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ"(3).
قال بعض متأخري أصحابنا: ربما يُفهم منه: أنه كان يحتلم، وقد قيل: إنه لم يحتلم، ولم يتثاءب قَطُّ؛ لأن ذلك من الشيطان، وهو عليه الصلاة والسلام معصوم.
قال غيره: وقد اختُلف هل يجوز الاحتلامُ على الأنبياء، أم لا؟ والأشهرُ: امتناعه، وباللَّه التوفيق.
* * *
(1)"فيه": ليس في "ت".
(2)
في "ت": "وقوله".
(3)
رواه مسلم (1109/ 80)، كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، من حديث أم سلمة رضي الله عنها.