الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قد أتينا على جُمَلٍ من هديه صلى الله عليه وسلم في المغازي والسِّيَر والبعوث والسرايا والرسل والكتب التي كتب بها إلى الملوك ونُوَّابهم. ونحن نُتبِع ذلك بذكر فصولٍ نافعةٍ في هديه في الطِّبِّ الذي تطبَّب به ووصَفه لغيره، ونبيِّن ما فيه من الحكمة الَّتي تعجز عقولُ أكثر الأطبَّاء عن الوصول إليها، وأنَّ نسبة طبِّهم إليها كنسبة طبِّ العجائز إلى طبِّهم؛ فنقول وبالله نستعين
(1)
ومنه نستمدُّ الحول والقوَّة:
المرض نوعان: مرض القلوب ومرض الأبدان
، وهما مذكوران في القرآن.
ومرض القلوب نوعان: مرض شبهةٍ
(2)
وشكٍّ، ومرض شهوةٍ وغيٍّ. وكلاهما في القرآن.
قال تعالى في مرض الشُّبهة: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10]. وقال تعالى: {الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ} [المدثر: 31]. وقال تعالى في حقِّ من دُعي إلى تحكيم القرآن والسُّنَّة، فأبى وأعرض:{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [النور: 48 - 50]. فهذا مرض الشُّبهات والشُّكوك.
وأمَّا مرض الشَّهوات، فقال تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]. فهذا
مرض شهوة الزِّنا
(1)
.
فصل
وأمَّا مرض الأبدان فقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: 61]. وذكر مرض البدن في الحجِّ والصَّوم والوضوء لسرٍّ بديعٍ يبيِّن لك عظمةَ القرآن والاستغناء به لمن فَهِمَه وعقَلَه عن سواه. وذلك أنَّ قواعد طبِّ الأبدان ثلاثةٌ: حفظ الصِّحَّة، والحِمْية عن المؤذي، واستفراغ الموادِّ الفاسدة. فذكر سبحانه هذه الأصول الثَّلاثة في هذه المواضع الثَّلاثة.
فقال في آية الصَّوم: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]. فأباح الفطرَ للمريض لعذر المرض، وللمسافر طلبًا لحفظ صحَّته وقوَّته لئلَّا يُذْهِبها الصَّوم في السَّفر، لاجتماع شدَّةِ الحركة وما توجبه
(2)
من التَّحليل، وعدمِ الغذاء الذي يخلُف ما تحلَّل، فتخور القوَّة وتضعف؛ فأباح للمسافر الفطرَ حفظًا لصحَّته وقوَّته عمَّا يُضْعِفها.
وقال في آية الحجِّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]. فأباح للمريض ومن به أذًى في
(3)
رأسه من قَمْلٍ أو حِكَّةٍ أو غيرها
(4)
أن يحلِق رأسَه في الإحرام استفراغًا لمادَّة الأبخِرة
(1)
في ن وحدها بعده: «والله أعلم» .
(2)
أهمل حرف المضارع في بعض النسخ، وفي بعضها:«يوجبه» ، والمثبت من ن.
(3)
ما عدا ف، ز، د:«من» .
(4)
ز: «وغيرها» . س: «غيرهما» .
الرَّديَّة
(1)
الَّتي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشَّعر، فإذا حلَق رأسه تفتَّحت المسامُّ، فخرجت تلك الأبخِرة منها. فهذا الاستفراغ يقاس عليه كلُّ استفراغٍ يؤذي انحباسُه.
والأشياء الَّتي يؤذي انحباسها ومدافعتها عشرةٌ: الدَّم إذا هاج، والمنيُّ إذا تبيَّغ
(2)
، والبول، والغائط، والرِّيح، والقيء، والعطاس، والنَّوم، والجوع، والعطش. وكلُّ واحدٍ من هذه العشرة يُوجِب حبسُه داءً من الأدواء بحسبه
(3)
. وقد نبَّه سبحانه باستفراغ أدناها ــ وهو البخار المحتقِن في الرَّأس ــ على استفراغ ما هو أصعب منه، كما هي طريقة القرآن: التَّنبيه بالأدنى على الأعلى.
وأمَّا الحِمية، فقال تعالى في آية الوضوء:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]. فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التُّراب حميةً له أن يصيب جسدَه ما يؤذيه، وهذا تنبيهٌ على الحمية عن كلِّ مؤذٍ له من داخلٍ أو خارجٍ.
فقد أرشد سبحانه عباده إلى أصول الطِّبِّ ومجامع قواعده
(4)
. ونحن نذكر هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ونبيِّن أنَّ هديه فيه أكمل هديٍ.
فأمَّا طبُّ القلوب، فمسلَّمٌ إلى الرُّسل صلوات الله عليهم وسلامه، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أيديهم، فإنَّ صلاح القلوب أن تكون
(1)
كذا بالتسهيل في جميع النسخ.
(2)
أي هاج ــ كما في حاشية ز، س ــ وغلب. ولم تحرر الكلمة في أكثر النسخ.
(3)
س، حط:«بحبسه» ، تصحيف.
(4)
بعده في س، ث، ل وفوق السطر في ز:«الثلاثة» .
عارفةً بربِّها وفاطرها وبأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه، وأن تكون مُؤْثِرةً لمرضاته ومحابِّه
(1)
، متجنِّبةً لمناهيه ومساخطه؛ ولا صحَّة لها ولا حياة البتَّة إلا بذلك، ولا سبيل إلى تلقِّيه إلا من جهة الرُّسل. وما يُظَنُّ من حصول صحَّة القلب بدون اتِّباعهم فغلطٌ ممَّن يظنُّ ذلك، وإنَّما ذلك حياة نفسه البهيميَّة الشَّهوانيَّة
(2)
وصحَّتها وقوَّتها؛ وحياةُ قلبه وصحَّتُه وقوَّتُه عن ذلك بمعزلٍ. ومن لم يميِّز بين هذا وهذا، فليبكِ على حياة قلبه فإنَّه من الأموات، وعلى نوره فإنَّه منغمسٌ في بحار الظُّلمات.
فصل
وأمَّا طبُّ الأبدان، فإنَّه
(3)
نوعان:
نوعٌ قد فطر الله عليه الحيوانَ ناطقَه وبهيمَه. فهذا لا يحتاج فيه إلى معالجة طبيبٍ، كطبِّ الجوع والعطش والبرد والتَّعب بأضدادها وما يزيلها.
والثَّاني: ما يحتاج إلى فكرٍ وتأمُّلٍ، كدفع الأمراض المتشابهة الحادثة في المزاج بحيث يخرج بها عن الاعتدال، إمَّا إلى حرارةٍ أو برودةٍ أو يبوسةٍ أو رطوبةٍ، أو ما يتركَّب من اثنين منها. وهي نوعان: إمَّا مادِّيَّةٌ وإمَّا كيفيَّةٌ، أعني: إمَّا أن يكون بانصباب مادَّةٍ أو بحدوث كيفيَّةٍ. والفرق بينهما أنَّ أمراض الكيفيَّة تكون بعد زوال الموادِّ الَّتي أوجبتها، فتزول موادُّها، ويبقى أثرها كيفيَّةً في المزاج. وأمراضُ المادَّة أسبابها معها تمدُّها. وإذا كان سبب المرض
(1)
ما عدا ف، حط، د:«ولمحابه» ، وهو ساقط من ن.
(2)
حط: «الشيطانية» ، تحريف.
(3)
ز: «فهو» .
معه، فالنَّظر في السَّبب ينبغي أن يقع أوَّلًا، ثمَّ في المرض ثانيًا، ثمَّ في الدَّواء ثالثًا.
أو الأمراضِ الآليَّةِ
(1)
، وهي الَّتي تُخرج العضوَ عن هيئته إمَّا في شكلٍ أو تجويفٍ أو مجرًى أو خشونةٍ أو ملاسةٍ أو عددٍ أو عِظَمٍ أو وضعٍ، فإنَّ هذه الأعضاء إذا تألَّفت وكان منها البدن سمِّي تألُّفها اتِّصالًا، والخروجُ عن الاعتدال فيه يسمَّى تفرُّقَ الاتِّصال.
أو الأمراضِ العامَّةِ
(2)
الَّتي تعُمُّ المتشابهةَ والآليَّةَ.
والأمراض المتشابهة: هي الَّتي يخرج بها المزاج عن الاعتدال. وهذا الخروج يسمَّى مرضًا بعد أن يُضِرَّ بالفعل إضرارًا محسوسًا. وهي على ثمانية أضربٍ: أربعة بسيطة، وأربعة مركَّبة. فالبسيطة: البارد، والحارُّ، والرَّطب، واليابس. والمركَّبة: الحارُّ الرَّطب، والحارُّ اليابس، والبارد الرَّطب، والبارد اليابس. وهي إمَّا أن تكون بانصباب مادَّةٍ أو بغير انصباب مادَّةٍ. وإن لم يُضِرَّ المرضُ بالفعل سُمِّي
(3)
خروجًا عن الاعتدال صِحِّيًّا
(4)
.
وللبدن ثلاثة أحوالٍ: حالٌ طبيعيَّةٌ، وحالٌ خارجةٌ عن الطَّبيعيَّة، وحالٌ متوسِّطةٌ بين الأمرين. فالأول
(5)
بها يكون البدن صحيحًا، والثَّانية بها يكون
(1)
معطوف على «الأمراض المتشابهة» .
(2)
معطوف على «الأمراض الآلية» .
(3)
حط: «يسمى» . وكذا في طبعة الرسالة خلافًا لأصلها.
(4)
في طبعة الرسالة: «صحة» خلافًا لأصلها.
(5)
كذا في جميع النسخ الخطية والطبعة الهندية. وفي ل غيَّره بعضهم إلى «الأولى» وكذا في طبعة عبد اللطيف وما بعدها.
مريضًا. والحال الثَّالثة هي متوسِّطةٌ بين الحالتين، فإنَّ الضِّدَّ لا ينتقل إلى ضدِّه إلا بمتوسِّطٍ.
وسبب خروج البدن عن طبيعته إمَّا من داخله لأنَّه مركَّب من الحارِّ والبارد والرَّطب واليابس، وإمَّا من خارجٍ فلأنَّ ما يلقاه قد يكون موافقًا وقد يكون غير موافقٍ.
والضَّرر الذي يلحق الإنسان قد يكون من سوء المزاج بخروجه عن الاعتدال، وقد يكون من فسادٍ في العضو، وقد يكون من ضعفٍ في القوى أو الأرواح الحاملة لها. ويرجع ذلك إلى زيادةِ ما الاعتدالُ في عدم زيادته، أو نقصانِ ما الاعتدالُ في عدم نقصانه، أو تفرُّقِ ما الاعتدالُ في اتِّصاله، أو اتِّصالِ ما الاعتدالُ في تفرُّقه، أو امتدادِ ما الاعتدالُ في انقباضه، أو خروجِ ذي وضعٍ وشكلٍ عن وضعه وشكله بحيث يُخرجه عن اعتداله.
فالطَّبيب: هو الذي يفرِّق ما يضرُّ بالإنسان جمعُه، أو يجمع فيه ما يضرُّه تفرُّقُه، أو ينقص منه ما يضرُّه زيادته
(1)
، أو يزيد فيه ما يضرُّه نقصُه؛ فيجلب الصِّحَّة المفقودة أو يحفظها بالمثل
(2)
والشِّبه، ويدفع العلَّة الموجودة بالضِّدِّ والنَّقيض، ويُخرجها أو يدفعها بما يمنع من حصولها بالحِمْية.
وسترى هذا كلَّه في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم شافيًا كافيًا بحول الله وقوَّته وفضله ومعونته.
(1)
د، ز:«نهايته» ، تصحيف. وقبله في س، د، ن:«تضرُّه» .
(2)
ز، ن:«بالشكل» . وفي هامش ز أن في نسخة: «بالمثل» . وفي حاشية س: «بالشكل صح» . وفي د: «بالشك والشبهة» ، تصحيف.
فصل
فكان
(1)
من هديه صلى الله عليه وسلم: فعلُ التَّداوي في نفسه، والأمرُ به لمن أصابه مرضٌ من أهله وأصحابه؛ ولكن لم يكن من هديه ولا هدي أصحابه استعمال هذه الأدوية المركَّبة الَّتي تسمَّى «أَقْراباذين»
(2)
، بل كان غالب أدويتهم بالمفردات، وربَّما أضافوا إلى المفرد ما يعاونه أو يكسر سَورته. وهذا غالب طبِّ الأمم على اختلاف أجناسها من العرب والتُّرك وأهل البوادي قاطبةً، وإنَّما عُنِي بالمركَّبات الرُّومُ واليونانيُّون. وأكثرُ طبِّ الهند بالمفردات.
وقد اتَّفق الأطبَّاء على أنَّه متى أمكن التَّداوي بالغذاء لا يُعدَل إلى الدَّواء، ومتى أمكن بالبسيط لا يُعدَل إلى المركَّب
(3)
.
قالوا: وكلُّ داءٍ قدر على دفعه بالأغذية والحِمْية لم يحاول دفعه بالأدوية.
قالوا: ولا ينبغي للطَّبيب أن يُولَع بسقي الأدوية، فإنَّ الدَّواء إذا لم يجد في البدن داءً يحلِّله، أو وجد داءً لا يوافقه، أو وجد ما يوافقه فزادت كمِّيَّته عليه أو كيفيَّته= تشبَّث بالصِّحَّة، وعبِث بها. وأرباب التَّجارب من الأطبَّاء طبُّهم بالمفردات غالبًا، وهم أحد فِرَق الطِّبِّ الثَّلاث.
(1)
ث، ل، حط، ن:«وكان» .
(2)
ويقال: «أَقْرباذين» تخفيفًا، كما في طبعة عبد اللطيف وما بعدها. وهي كلمة يونانية. انظر تفسيرها في «القول الأصيل فيما في العربية من الدخيل» للدكتور ف. عبد الرحيم (ص 28).
(3)
انظر: «لقط المنافع» لابن الجوزي (2/ 39).
والتَّحقيق في ذلك أنَّ الأدوية من جنس الأغذية، فالأمَّة والطَّائفة الَّتي غالبُ أغذيتها المفردات فأمراضها قليلةٌ جدًّا، وطبُّها بالمفردات. وأهلُ المدن الذين غلبت عليهم الأغذية المركَّبة يحتاجون إلى الأدوية المركَّبة. وسببُ ذلك أنَّ أمراضهم في الغالب مركَّبةٌ، فالأدوية المركَّبة أنفع لها. وأمراض أهل البوادي والصَّحاري مفردةٌ، فيكفي في مداواتها الأدوية المفردة. فهذا برهان بحسب الصِّناعة الطِّبِّيَّة.
ونحن نقول: إنَّ هاهنا أمرًا
(1)
آخر، نسبةُ طبِّ الأطبَّاء إليه كنسبة
(2)
طبِّ الطُّرُقيَّة
(3)
والعجائز إلى طبِّهم. وقد اعترف به حذَّاقهم وأئمَّتهم، فإنَّ ما عندهم من العلم بالطِّبِّ، منهم من يقول: هو قياسٌ. ومنهم من يقول: هو تجربةٌ. ومنهم من يقول: هو إلهامٌ
(4)
ومناماتٌ وحدسٌ صائبٌ. ومنهم من يقول: أُخِذَ كثيرٌ منه من الحيوانات البهيميَّة، كما يُشاهَد
(5)
السَّنانيرُ إذا أكلت ذواتِ السُّموم تعمد إلى السِّراج، فتَلِغُ في الزَّيت تتداوى به؛ وكما رُئيت الحيَّاتُ إذا خرجت من بطون الأرض، وقد عَشِيت أبصارها، تأتي إلى ورق الرَّازِيانَج
(6)
، فتُمِرُّ عيونها عليه؛ وكما عُهِد من الطَّير الذي يحتقن بماء البحر
(1)
ما عدا ف، حط:«أمر» وضبط في س بالرفع.
(2)
«طبّ الأطباء إليه كنسبة» ساقط من د.
(3)
هم الذين يبيعون في الطرقات غرائب العقاقير والحروز والتمائم وما إلى ذلك. وسيأتي في قول حبيش (ص 485): «أطبَّاء الطرقات» . وانظر: «تكملة دوزي» (7/ 45).
(4)
ن: «إلهامات» .
(5)
س، حط:«تشاهد» . ن: «نشاهد» . وقد أهمل حرف المضارع في ث، ل.
(6)
تصحف في د، ث، ل إلى «الداريانج» . وهي كلمة فارسية، والرازيانج هو الشَّمار أو الشَمَر.
عند انحباس طبعه، وأمثال ذلك ممَّا ذُكِر في مبادئ الطِّبِّ
(1)
.
وأين يقع هذا وأمثاله من الوحي الذي يوحيه الله إلى رسوله بما ينفعه ويضرُّه! فنسبةُ ما عندهم من الطِّبِّ إلى هذا الوحي كنسبة ما عندهم من العلوم إلى ما جاءت به الأنبياء. بل هاهنا من الأدوية الَّتي تشفي من الأمراض ما لم يهتد إليها عقولُ أكابر الأطبَّاء، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم وأقيستهم، من الأدوية القلبيَّة والرُّوحانيَّة، وقوَّة القلب واعتماده على اللَّه، والتَّوكُّل عليه والالتجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتَّذلُّل له، والصَّدقة، والصلاة
(2)
والدُّعاء، والتَّوبة والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتَّفريج عن المكروب. فإنَّ هذه الأدوية قد جرَّبتها الأمم على اختلاف أديانها ومللها فوجدوا لها من التَّأثير في الشِّفاء ما لا يصل إليه علمُ أعلم الأطبَّاء ولا تجربتُه ولا قياسُه.
وقد جرَّبنا نحن وغيرنا من هذا أمورًا كثيرةً، ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسِّيَّة؛ بل تصير الأدوية الحسِّيَّة عندها بمنزلة أدوية الطُّرُقيَّة عند الأطبَّاء. وهذا جارٍ على قانون الحكمة الإلهيَّة، ليس خارجًا عنها. ولكنَّ الأسباب متنوِّعةٌ. فإنَّ القلب متى اتَّصل بربِّ العالمين، وخالق الدَّاء والدَّواء، ومدبِّر الطَّبيعة ومصرِّفها على ما يشاء= كانت له أدويةٌ أخرى غير الأدوية الَّتي يعانيها القلبُ البعيدُ منه، المعرِضُ عنه. وقد عُلِم أنَّ الأرواح متى قويت وقويت النَّفس والطَّبيعة تعاونا على دفع الدَّاء وقهره، فكيف ينكر
(1)
انظر: «لقط المنافع» (1/ 65 - 68) و «الأحكام النبوية في الصناعة الطبية» لابن طرخان الكحال الحموي (ص 211 - 214).
(2)
لفظ «والصلاة» لم يرد في ث، ل وهو مستدرك في ن.
لمن قويت طبيعته ونفسه، وفرحت بقربها من بارئها، وأنسها به، وحبِّها له، وتنعُّمها بذكره، وانصراف قواها كلِّها إليه، وجمعها عليه، واستعانتها به، وتوكُّلها عليه= أن يكون ذلك لها من أكبر الأدوية، وتُوجِبَ لها هذه القوَّةُ دفعَ الألم بالكلِّيَّة؟ ولا ينكر هذا إلا أجهلُ النَّاس، وأغلظُهم حجابًا، وأكثفُهم نفسًا، وأبعدُهم عن الله وعن حقيقة الإنسانيَّة. وسنذكر إن شاء الله السَّببَ الذي به أزالت قراءةُ الفاتحة داءَ اللَّدغة عن اللَّديغ الذي
(1)
رُقي بها، فقام حتَّى
(2)
كأنَّ ما به قَلَبةٌ
(3)
.
فهذان نوعان من الطِّبِّ النَّبويِّ، نحن بحول الله نتكلَّم عليهما بحسب الجهد والطَّاقة، ومبلغِ علومنا القاصرة ومعارفنا المتلاشية جدًّا، وبضاعتِنا المزجاة. ولكنَّا نستوهب مَن بيده الخيرُ كلُّه من فضله، فإنَّه العزيز الوهَّاب.
فصل
روى مسلم في «صحيحه»
(4)
: من حديث أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«لكلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أصيبَ دواءُ الدَّاء برَأ بإذن الله عز وجل» .
(1)
ن: «التي» ، وكذا في النسخ المطبوعة، وهو غلط.
(2)
«حتى» ساقط من س.
(3)
س، حط، ن:«ما كأنَّ به قلبة» . واسم كأنَّ فيما أثبت ضمير الشأن محذوف. «ما به قَلَبة» أي ليس به وجع ولا علَّة. لا يقال إلا في النفي. والقصة في «الصحيحين» من حديث أبي سعيد الخدري، وسيأتي بنصه.
(4)
برقم (2204).
وفي «الصَّحيحين»
(1)
: عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله من داءٍ إلا أنزل له شفاءً» .
(2)
من حديث زياد بن عِلاقة عن أسامة بن شريك قال: كنت عند النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وجاءت الأعراب، فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ فقال: «نعم يا عباد الله تداوَوا، فإنَّ الله عز وجل لم يضَع داءً إلا وضَع له شفاءً، غير داءٍ واحدٍ» . قالوا: ما هو؟ قال: «الهرم» .
وفي لفظٍ: «إنَّ الله لم يُنزِل داءً إلا أنزل له شفاءً. علِمَه مَن علِمَه، وجَهِله مَن جَهِله»
(3)
.
وفي «المسند»
(4)
من حديث ابن مسعودٍ يرفعه: «إنَّ الله لم يُنزِل داءً إلا
(1)
أخرجه البخاري (5678) فقط.
(2)
برقم (18454). وأخرجه أيضًا البخاري في «الأدب المفرد» (291)، وأبو داود (3855)، والتِّرمذي (2038)، والنَّسائي في «الكبرى» (7553، 7554)، وابن ماجه (3436). قال التِّرمذي:«هذا حديث حسن صحيح» ، وقال العُقيلي في «الضُّعفاء» (2/ 191):«إسناده جيِّد» ، وصحَّحه ابن خزيمة كما في «المحرَّر» (1287)، وابن حبَّان (486، 6061، 6064)، والحاكم (1/ 121، 4/ 198 - 199، 399 - 400)، والضِّياء في «المختارة» (1381 - 1390).
(3)
«مسند أحمد» (18456).
(4)
(3578، 3922، 4236، 4334). وأخرجه أيضًا ابن ماجه (3438) ــ شطرَه الأوَّل فقط ــ، والحُميديُّ (90)، وأبو يعلى (5183)، وغيرهم. واختُلف في إسناده؛ فرُوي أيضًا مَوقوفًا ومرسلًا، قال الدَّارقطني في «العلل» (5/ 334):«رفعُه صحيح» ، وصحَّحه ابن حبَّان (6062)، والحاكم (4/ 399)، والضِّياء المقدسيُّ في «الأمراض والكفَّارات» (31).
أنزل له شفاءً. علِمَه مَن علِمَه، وجَهِله مَن جَهِله».
وفي «المسند» و «السُّنن»
(1)
عن أبي خِزامة
(2)
قال: قلت: يا رسول الله أرأيتَ رقًى نسترقيها، ودواءً نتداوى به، وتُقاةً نتَّقيها= هل تردُّ من قدر الله شيئًا؟ فقال:«هي من قدر اللَّه» .
فقد تضمَّنت هذه الأحاديث إثباتَ الأسباب والمسبَّبات، وإبطال قول من أنكرها. ويجوز أن يكون قوله:«لكلِّ داءٍ دواءٌ» على عمومه حتَّى يتناول الأدواءَ القاتلة، والأدواءَ الَّتي لا يمكن طبيبًا
(3)
أن يُبرئها، ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدويةً تُبرئها، ولكن طوى علمَها عن البشر، ولم يجعل لهم إليه
(4)
سبيلًا؛ لأنَّه لا علم للخلق إلا ما علَّمهم اللَّه. ولهذا علَّق النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الشِّفاء على مصادفة الدَّواء للدَّاء
(5)
فإنَّه لا شيء من المخلوقات إلا له ضدٌّ، فكلُّ داءٍ له ضدٌّ من الدَّواء يعالَج بضدِّه؛ فعلَّق النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم البرءَ بموافقة الدَّاء
(1)
«مسند أحمد» (15472)، «سنن التِّرمذي» (2148)، «سنن ابن ماجه» (3437)، من طريق الزُّهري عن ابن أبي خزامة عن أبيه به، وهذا الإسنادُ خطأ، صوابه: الزُّهري عن أبي خزامة عن أبيه، كما نبَّه على ذلك الإمام أحمد (15475)، وأبو زرعة وأبو حاتم كما في «العلل» لابنه (6/ 293 - 294)، والتِّرمذي، والدَّارقطني في «العلل» (2/ 251). وقد أخرجه على الوجه الصَّواب أحمد (15473، 15474)، والتِّرمذيُّ (2065)، وقال:«هذا حديث حسن صحيح» ، وصحَّحه عبد الحقِّ في «الأحكام الصُّغرى» (2/ 841).
(2)
في جميع النسخ: «ابن خزامة» إلا ز التي تحتمل ما أثبت.
(3)
ل، س:«طبيب» وكذا في طبعتي الفقي والرسالة، وهو خطأ.
(4)
يعني: إلى علمها. وفي س، ث، ل، ن:«إليها» .
(5)
ز: «الداء للدواء» . ن: «الداءِ الدواءَ» .
للدَّواء. وهذا قدرٌ زائدٌ على مجرَّد وجوده، فإنَّ الدَّواء متى جاوز درجةَ الدَّاء في الكيفيَّة، أو زاد في الكمِّيَّة على ما ينبغي، نَقَله إلى داءٍ آخر، ومتى قصَر عنها لم يَفِ بمقاومته وكان العلاج قاصرًا
(1)
. ومتى لم يقع المداوي على الدَّواء
(2)
لم يحصل الشِّفاء. ومتى لم يكن الزَّمان صالحًا لذلك الدَّواء
(3)
لم ينفع. ومتى كان البدنُ غيرَ قابلٍ له، أو القوَّةُ عاجزةً عن حمله، أو ثمَّ مانعٌ يمنع من تأثيره= لم يحصل البرء لعدم المصادفة. ومتى تمَّت المصادفة حصل البرء، ولا بدَّ. وهذا أحسن المحملين في الحديث.
والثَّاني: أن يكون من العامِّ المراد به الخاصُّ، لا سيَّما والدَّاخلُ في اللَّفظ أضعافُ أضعافِ الخارج منه. وهذا يستعمل في كلِّ لسانٍ، ويكون المراد أنَّ الله لم يضع داءً يقبل الدَّواء إلا وضع له دواءً، فلا يدخل في هذا
(4)
الأدواءُ الَّتي لا تقبل الدَّواء. وهذا كقوله تعالى في الرِّيح الَّتي سلَّطها على قوم عادٍ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] أي: كلَّ شيءٍ يقبل التَّدميرَ، ومن شأن الرِّيح أن تدمِّره. ونظائره كثيرةٌ.
ومن تأمَّل خَلْقَ الأضداد في هذا العالم، ومقاومةَ بعضها لبعضٍ، ودفعَ بعضها ببعضٍ
(5)
، وتسليط بعضها على بعضٍ= تبيَّن له كمالُ قدرة الرَّبِّ تعالى وحكمته، وإتقانه ما صنعه، وتفرُّده بالرُّبوبيَّة والوحدانيَّة والقهر، وأنَّ
(1)
انظر: كتاب الحموي (ص 60).
(2)
بعده في طبعتي الفقي والرسالة زيادة: «أو لم يقع الدواء على الداء» .
(3)
«الدواء» ساقط من س.
(4)
ن: «هذه» .
(5)
س، ث:«لبعض» .
كلَّ ما سواه فله ما يضادُّه ويمانعه، كما أنَّه الغنيُّ بذاته وكلُّ ما سواه محتاجٌ
(1)
بذاته.
وفي هذه الأحاديث الصَّحيحة الأمرُ بالتَّداوي، وأنَّه لا ينافي التَّوكُّلَ كما لا ينافيه دفعُ داء الجوع والعطش والحرِّ والبرد بأضدادها. بل لا تتمُّ حقيقةُ التَّوحيد إلا بمباشرة الأسباب الَّتي نصَبها الله مقتضِياتٍ لمسبَّباتها قدرًا وشرعًا. وإنَّ تعطيلها يقدح في نفس التَّوكُّل ــ كما يقدح في الأمر والحكمة ــ ويُضْعِفه من حيث يظنُّ معطِّلها أنَّ تركها أقوى من التَّوكُّل، فإنَّ تركها عجزٌ
(2)
ينافي التَّوكُّل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفعُ ما يضرُّه في دينه ودنياه؛ ولا بدَّ مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلَّا كان معطِّلًا للحكمة والشَّرع؛ فلا يجعل العبد عجزَه توكُّلًا ولا توكُّلَه عجزًا.
وفيها ردٌّ على من أنكر التَّداوي وقال: إن كان الشِّفاء قد قُدِّر فالتَّداوي لا يفيد، وإن لم يكن قدِّر فكذلك. وأيضًا فإنَّ المرض حصل بقدر اللَّه، وقدرُ الله لا يُدفَع ولا يُرَدُّ. وهذا السُّؤال هو الذي أورده الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمَّا أفاضل الصِّحابة فأعلَمُ بالله وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا. وقد أجابهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بما شفى وكفى، فقال: هذه الأدوية والرُّقى والتُّقاة
(3)
هي من قدر الله، فما خرج شيءٌ عن قدره، بل يُرَدُّ قدرُه بقدره، وهذا الرَّدُّ من قدره، فلا سبيل إلى الخروج عن قدره بوجهٍ ما. وهذا كردِّ قدر
(1)
بعده في ز: «إليه» ، وهو سهو من الناسخ.
(2)
حط، ن:«عجزًا» .
(3)
حط، ن:«التقى» .
الجوع والعطش والبرد والحرِّ
(1)
بأضدادها، وكردِّ قدر العدوِّ بالجهاد. وكلٌّ من قدر الله: الدَّافعُ والمدفوعُ والدَّفعُ.
ويقال لمُورِد هذا السُّؤال: هذا يوجب عليك أن لا تباشر شيئًا من الأسباب الَّتي تجلب بها منفعةً أو تدفع بها مضرَّةً، لأنَّ المنفعة والمضرَّة إن قدِّرتا لم يكن بدٌّ من وقوعهما، وإن لم تقدَّرا
(2)
لم يكن سبيلٌ إلى وقوعهما. وفي ذلك خراب الدِّين والدُّنيا وفساد العالم. وهذا لا يقوله إلا دافعٌ للحقِّ معاندٌ
(3)
له فيذكر القدرَ ليدفع حجَّة المُحِقِّ عليه، كالمشركين الذين قالوا:{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148]، و {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا} [النحل: 35]. فهذا قالوه دفعًا لحجَّة الله عليهم بالرُّسل.
وجواب هذا السَّائل أن يقال: بقي قسمٌ ثالثٌ لم تذكره، وهو أنَّ الله قدَّر كذا وكذا بهذا السَّبب، فإن أتيت بالسَّبب حصل المسبَّب، وإلَّا فلا.
فإن قال: إن كان قدَّر
(4)
لي السَّبب فعلته، وإن لم يقدِّره
(5)
لي لم أتمكَّن من فعله.
قيل: فهل تقبل هذا الاحتجاج من عبدك وولدك وأجيرك إذا احتجَّ به
(1)
ن: «الحر والبرد» .
(2)
في معظم النسخ: «يقدَّرا» بالياء.
(3)
د: «معاندًا» .
(4)
س، ل:«قد قدر» .
(5)
ث، ل:«يُقدَّر» .
عليك فيما أمرته به ونهيته عنه، فخالفك؟ فإن قبلتَه فلا تلُم من عصاك، وأخذ مالك، وقذف عرضك، وضيَّع حقوقك. وإن لم تقبله فكيف يكون مقبولًا منك في دفع حقِّ الله
(1)
عليك؟ وقد روي في أثرٍ إسرائيليٍّ أنَّ إبراهيم الخليل قال: يا ربِّ ممَّن الدَّاء؟ قال: منِّي. قال: فممَّن الدَّواء؟ قال: منِّي. قال: فما بال الطَّبيب؟ قال: رجلٌ أُرسِلَ الدَّواءُ على يديه
(2)
.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «لكلِّ داءٍ دواءٌ» تقويةٌ لنفس المريض والطَّبيب، وحثٌّ على طلب ذلك الدَّواء والتَّفتيش عليه؛ فإنَّ المريض إذا استشعرت نفسُه أنَّ لدائه دواءً يزيله، تعلَّق قلبه برَوح الرَّجاء، وبرَد من حرارة اليأس
(3)
، وانفتح له باب الرَّجاء. ومتى قويت نفسه انبعثت حرارته الغريزيَّة، وكان ذلك سببًا لقوَّة الأرواح الحيوانيَّة والنَّفسانيَّة والطَّبيعيَّة، ومتى قويت هذه الأرواح قويت القوى الَّتي هي حاملةٌ لها، فقهرت المرضَ ودفعته
(4)
.
وكذلك الطَّبيب إذا علم أنَّ لهذا الدَّاء دواءً أمكنه طلبُه والتَّفتيشُ عليه. وأمراضُ الأبدان على وِزانِ
(5)
أمراض القلوب، وما جعل الله للقلب مرضًا إلا جعل له شفاءً بضدِّه، فإن علِمَه صاحبُ الدَّاء، واستعمله، وصادف داءَ قلبه= أبرأه بإذن الله.
(1)
ن: «حقوق الله» .
(2)
ينظر: «مختصر في الطِّبِّ» (ص 10) لعبد الملك بن حبيب. وفي كتاب الحموي (ص 59 - 60) أنه روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
غيَّره الفقي إلى «وبردت عنده حرارة اليأس» ، وكذا في طبعة الرسالة خلافًا لأصلها.
(4)
انظر: كتاب الحموي (ص 60).
(5)
د، حط، ل:«وزن» . س، ن:«أوزان» .