الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا يصرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا رخصة للمسلم في التخلف عن صلاة الجماعة إذا سمع النداء، ولو كان مخيراً بين أن يصلي وحده أو جماعة، لكان أولى الناس بهذا التخيير هذا الأعمى الذي قد اجتمع له ستة أعذار: كونه أعمى البصر، وبعيد الدار، والمدينة كثيرة الهوام والسباع، وليس له قائد يلائمه، وكبير السن، وكثرة النخل والشجر بينه وبين المسجد (1).
7 - بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له
؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهماعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من سمع النداء فلم يأته فلا صلاةَ له إلا من عُذرٍ)) (2). وهذا يدل على أن صلاة الجماعة فرض عين، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((معنى لا صلاة له: أي لا صلاة كاملة بل ناقصة، والجمهور على الإجزاء
…
)) (3).
8 - تركُ صلاة الجماعة من علامات المنافقين ومن أسباب الضلال
؛ لقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((لقد رأيتُنا وما يتخلَّف عن الصلاة إلا منافق قد عُلِم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهُدى، وإن من سنن الهُدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه)). وفي رواية: أن عبد الله قال: ((من سرَّه أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات،
(1) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص76، وصحيح الترغيب والترهيب، للألباني ص173.
(2)
ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم 793، والدارقطني في سننه، 1/ 420، برقم 4، وابن حبان ((الإحسان))، 5/ 415 برقم 2064، والحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، 1/ 245، وأخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 551، وصححه ابن القيم في كتاب الصلاة، ص76، والألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/ 132، وصحيح سنن أبي داود، 1/ 110، وفي إرواء الغليل، 2/ 327، وسمعت الإمام ابن باز أثناء تقريره على الحديث رقم 427 من بلوغ المرام يقول:((لا بأس به على شرط مسلم))، وهذا كما قال الحافظ ابن حجر في البلوغ:((وإسناده على شرط مسلم)).
(3)
سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 427.
حيثُ يُنادَى بهِنَّ؛ فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى (1)، وإنهنَّ من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم (2)، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين (3) حتى يقام في الصف)) (4).
وهذا يدل على أن التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم، وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب، ولا بفعل مكروه، ومعلوم أن من استقرأ علامات النفاق في السنة وجدها إما بترك فريضة، أو فعل محرم (5)،وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة، وتحمل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها (6).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للمنافقين علامات يُعرَفون بها: تحيتهم لعنةٌ، وطعامهم نُهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هَجْراً (7)، ولا يأتون الصلاة إلا دَبْراً (8) مستكبرين، لا يألفون ولا
(1) سنن الهدى، روي بضم السين وفتحها، وهما بمعنى متقارب، أي طرائق الهدى والصواب. شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 162.
(2)
وفي رواية أبي داود برقم 550 ((ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم)). قال الألباني في صحيح سنن أبي داود: ((لضللتم))، وهو المحفوظ، 1/ 110.
(3)
يهادَى: أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 162.
(4)
مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم 654.
(5)
انظر: كتاب الصلاة، لابن القيم، ص77.
(6)
شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 162.
(7)
لا يقربون المساجد إلا هجراً: يعني لا يقربون المساجد بل يهجرونها، انظر: شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/ 51.
(8)
دَبْراً: أي آخراً، حين كاد الإمام أن يفرغ. شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/ 61.