الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: التفصيل في أسباب السجود وأحكامها:
ظهر من الأحاديث الواردة في سجود السهو أن أسباب السجود ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك بنوعيه (1)،وأحكام هذه الأسباب على النحو الآتي:
السبب الأول: الزيادة، وهي نوعان:
النوع الأول: زيادة الأفعال، وهي على ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: زيادة من جنس الصلاة، كزيادة قيام أو قعود، أو ركوع، أو ركعة، فهذه زيادة فعلية إن تعمدها المصلي بطلت صلاته، وإن كان سهوًا سجد له وصحت صلاته؛ وإن زاد ركعة سهوًا ولم يعلم حتى فرغ منها سجد للسهو، أما إن علم في أثناء الركعة الزائدة فإنه يجلس في الحال بغير تكبير، ثم يتشهد إن لم يكن تشهد ثم يسجد للسهو ويسلم.
ويجب على من علم بزيادة الإمام أو نقصه تنبيهه؛ لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرفعه وفيه: ((إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني)) (2).وتنبيه الرجال بالتسبيح، والنساء بالتصفيق؛ لحديث سهل بن
(1) انظر: المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 4/ 6 والكافي،1/ 365، والروض المربع، 2/ 137، وإرشاد أولي البصائر والألباب لنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب للسعدي، ص47.
(2)
متفق عليه: البخاري، برقم 401، ومسلم، برقم 572، وتقدم تخريجه.
سعد الساعدي رضي الله عنه يرفعه وفيه: ((إذا نابكم أمر فليسبح الرجال، وليصفق النساء)). وفي لفظ: ((من نابه (1) شيء في صلاته فليسبِحْ، فإنه إذا سبح التُفِتَ إليه، وإنما التصفيق للنساء)) (2). ويلزم الإمام الرجوع إلى تنبيههم إذا لم يجزم بصواب نفسه؛ لأنه رجوع إلى الصواب.
الحال الثانية: زيادة من غير جنس الصلاة، كالمشي، والحك، والتّروُّح، والحركة، فهذه الحركات لا سجود لها، وهي ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حركة مبطلة للصلاة، وهي الكثيرة عرفًا، المتوالية لغير ضرورة.
القسم الثاني: حركة مكروهة، وهي اليسيرة لغير حاجة.
القسم الثالث: حركة جائزة، وهي اليسيرة لحاجة؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي العاص إذا قام حملها، وإذا سجد وضعها)) (3)، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فتح الباب لعائشة رضي الله عنها وهو في الصلاة (4).
ولا فرق بين العمد والسهو في الحركات؛ لأنها من غير جنس الصلاة، ولا يشرع لها سجود سهو.
الحال الثالثة: الأكل والشرب، إن كان عمدًا أبطل الصلاة، وإن كان سهوًا لم يبطلها؛ لعموم حديث:((عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان)) (5).
(1) من نابه: أي أصابه شيء يحتاج فيه إلى إعلام غيره.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر، برقم 684، ورقم 7190،ومسلم، كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم 421.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، برقم 516، 5996، ومسلم، كتاب المساجد، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم محمولة على الطهارة حتى يتحقق نجاستها، وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة برقم 543.
(4)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، برقم 922، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما يجوز من المشي والعمل في صلاة التطوع، والنسائي، كتاب السهو، باب المشي أمام القبلة خطى يسيرة، وأحمد، 6/ 183، 234، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 173.
(5)
ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي، برقم 2045، وابن حبان، 9/ 174، والطبراني في الكبير،11/ 134،برقم 1274،والحاكم،2/ 198،وحسّنه النووي في الأربعين.